Date: Nov 30, 2017
Source: جريدة الحياة
وفد النظام السوري يرفض اقتراح دي ميستورا تمديد جنيف والمعارضة تريد حلاً سياسياً خلال 6 أشهر
لندن، جنيف، نيويورك - «الحياة»، رويترز 
قال رئيس وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف نصر الحريري أمس، إن المعارضة تريد من روسيا ودول أخرى أن تمارس ضغوطاً حقيقية على الرئيس بشار الأسد للمشاركة في المحادثات من أجل التوصل إلى حل سياسي خلال ستة أشهر. وأفاد مصدر في وفد الحكومة السورية بأن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا اقترح تمديد أجل المفاوضات حتى 15 كانون الأول (ديسمبر)، لكن دمشق رفضت التمديد وأكدت التزام الفترة المحددة في الدعوة الرسمية التي تنتهي غداً.

والتقى دي ميستورا وفد الحكومة السورية الذي وصل جنيف صباح أمس، وقال للصحافيين في أعقاب اللقاء: «أجرينا حديثاً طويلاً ومفيداً مع وفد الحكومة، والأجواء كانت بناءة»، مشيراً إلى أنه اتفق مع الوفد على مواصلة الحديث مساء أمس، خلال أول لقاء رسمي مع الوفد الحكومي في الأمم المتحدة.

وقال الحريري أمس في مقابلة مع وكالة «رويترز»، إن المعارضة ليس لديها شروط مسبقة للمحادثات «لكنها تعتزم الحديث عن كل تفاصيل الانتقال السياسي، بما في ذلك مصير الأسد». وأضاف أن المعارضة طلبت من روسيا ودول أخرى ممارسة ضغوط حقيقية على دمشق للتوصل إلى حل سياسي خلال 6 أشهر. وتابع: «نريد مزيداً من الضغط على النظام لينخرط في المفاوضات للوصول إلى حل سياسي خلال ستة أشهر وفقاً لنص (قرار مجلس الأمن الدولي) 2254».

ورأى الحريري أن «الحديث فقط عن انتقال سياسي من دون أي تقدم سيفقدنا ثقتنا في العملية وشعبنا سيفقد ثقته فينا وفي العملية نفسها»، وأضاف: «إذا كنا سنتحدث عن الدستور أو الانتخابات في ظل الظروف الراهنة داخل سورية مع نظام كهذا، فإنني أعتقد أن ذلك سيكون مستحيلاً»، مضيفاً أن «حكومة الأسد تحتجز 200 ألف شخص حالياً، ويجب أن تحقق المفاوضات أولاً تقدماً في شأن القضايا الإنسانية».

وانطلقت أعمال الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف أول من أمس باجتماع المبعوث الدولي مع ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، والتقى وفد المعارضة السورية.

وفي نيويورك، بدأت نذر معركة ديبلوماسية روسية- غربية في مجلس الأمن أمس مع تلويح روسيا بضرورة تعديل آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود التركية والأردنية، في مسعى لحصر العمليات الإنسانية بالسلطات السورية، ما فسره ديبلوماسيون بأنه محاولة روسية لتمكين دمشق من السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية.

وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أمس، إن الآلية الحالية لإيصال المساعدات تشكل انتهاكاً للسيادة السورية، مؤكداً أن تجديدها المقرر في ١٨ الشهر المقبل، «لا يمكن أن يتم وفق الآلية الحالية التي تحتاج إلى تعديل». واعتبر أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة «سيؤدي إلى تقسيم سورية لأنه يعطي سلطات الحكم الذاتي للمناطق» التي يحررها من تنظيم «داعش».

وجاء كلام نيبينزيا رداً على الانتقادات الغربية التي وجهها مندوبو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا للانتهاكات التي تشهدها مناطق خفض التصعيد والقصف والغارات الجوية المكثفة على الغوطة الشرقية.

وقالت نائبة السفيرة الأميركية ميشال سيسون إن روسيا تغطي انتهاكات نظام الأسد لا سيما القصف والغارات على الغوطة الشرقية وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية. وشددت على ضرورة تجديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية وفق صيغتها الحالية.

كذلك كرر المندوبان البريطاني ماثيو ريكروفت والفرنسي فرنسوا ديلاتر الموقف الأميركي، مشددين على ضرورة تجديد آلية إيصال المساعدات.

وحذرت الأمم المتحدة من خطورة الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية لدمشق بسبب تصاعد الهجمات ضد المدنيين في وقت دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن إلى تجديد آلية إرسال المساعدات الإنسانية عبر الحدود الشمالية والجنوبية إلى سورية التي تنتهي الولاية الممنوحة لها من المجلس في ٢١ الشهر المقبل.

وأكد غوتيريش في تقرير إلى مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سورية أنه على رغم إعلان مناطق خفض التصعيد إلا أن الانتهاكات في سورية مستمرة على نطاق واسع وتستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنية في جميع أنحاء البلاد.

وشدد على ضرورة وقف العراقيل التي تضعها الأطراف أمام وصول المساعدات، لا سيما الإجراءات الإدارية من جانب السلطات السورية «التي تعيق قدرة الأمم المتحدة وشركائها على تقديم المساعدة إلى من يحتاجونها» من السوريين.

وجدد غوتيريش دعوة مجلس الأمن إلى إحالة الحالة في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، داعياً كل الأطراف والمجتمع الدولي إلى التعاون مع آليات التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان «في شأن الأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة بموجب القانون الدولي وملاحقتهم قضائياً».

وفد النظام يرفض اقتراح دي ميستورا تمديد جنيف
جنيف - أ ف ب 
وصل وفد الحكومة السورية الأربعاء إلى جنيف للمشاركة في مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، بعدما أرجأ قدومه يوماً واحداً احتجاجاً على تمسك وفد المعارضة «بشروط مسبقة»، في إشارة إلى مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد.

والتقى المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا وفد الحكومة واقترح تمديد المفاوضات حتى 15 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لكن وفد الحكومة رفض التمديد وأكد التزامه بالفترة المحددة في الدعوة الرسمية التي تنتهي يوم 1 كانون الأول.

وتأتي جولة المفاوضات الراهنة بعد سلسلة انتصارات سياسية وميدانية حققتها القوات الحكومية بدعم مباشر من حليفتها روسيا التي تقود ديبلوماسية نشطة لتسوية النزاع المستمر منذ أكثر من ست سنوات.

واستهل دي ميستورا الجولة الثلثاء بلقاء المعارضة السورية التي تشارك للمرة الأولى بوفد موحد يضم مختلف أطيافها.

وتصطدم جولة المفاوضات الحالية على غرار الجولات الماضية بمصير الرئيس السوري، مع تأكيد رئيس وفد المعارضة نصر الحريري فور وصوله الاثنين إلى جنيف أن «الانتقال السياسي الذي يحقق رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية هو هدفنا».

إثر ذلك، أبلغ الوفد الحكومي دي ميستورا قراره إرجاء موعد وصوله، قبل أن تثمر اتصالات أجرتها الأمم المتحدة وروسيا مع دمشق تحديد موعد وصوله أمس إلى جنيف.

وأوضح مصدر سوري مطلع أن قرار المجيء إلى جنيف جاء بعدما تعهد دي ميستورا للوفد الحكومي «ألا تتضمن هذه الجولة أي لقاء مباشر مع وفد الرياض (أي المعارضة)، وعدم التطرق بأي شكل من الأشكال إلى بيان الرياض والشروط التي تضمنها».

وعقدت قوى المعارضة السورية الأسبوع الماضي اجتماعاً في الرياض شكلت خلاله وفداً موحداً إلى المفاوضات، وأكدت في بيان ختامي مطلبها برحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة قبل المضي قدماً في أي مرحلة انتقال سياسي.

ودشَّن ناشطون وإعلاميون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي أمس وسم «الهيئة العليا للمفاوضات لا تمثلني» ضمن حملة إعلامية واسعة تهدف إلى نزع الشرعية عن وفد المعارضة السورية في جنيف والذي تم تشكيله أخيراً في مؤتمر «الرياض2».

ورأى الناشطون أن وفد التفاوض «لا يمثل تطلعات الشعب السوري الذي يعانى الويلات والقتل الممنهج والتشريد من نظام الأسد وحلفائه»، واعتبروا أن مفاوضات جنيف أصبحت فعليّاً بين الأسد ونفسه.

وقال الإعلامي السوري أحمد موفق زيدان‏ عبر الوسم: «بعد انضمام منصتي الأسد القاهرة وموسكو إلى هيئة التفاوض... أصبح فعلياً (الأسد يفاوض الأسد)، فقد حصلت منصتا الأسد على الربع المعطل».

وتبدو مهمة دي ميستورا الذي كان يأمل بإمكانية تحقيق تقدم حقيقي في هذه الجولة أكثر صعوبة مع تبادل طرفي النزاع الاتهامات بمحاولة عرقلة الجهود السياسية لوقف الحرب السورية.

وتتوقع مصادر ديبلوماسية في جنيف أن تخفض المعارضة السورية سقف شروطها لإعطاء دفع للمحادثات الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للنزاع الذي أودى بحياة أكثر من 340 ألف شخص منذ عام 2011.

وقال مصدر ديبلوماسي أوروبي رفض الكشف عن اسمه لصحافيين الثلثاء: «ننتظر أن يكونوا (المعارضة) واقعيين ومرنين».

وسبق أن دعا دي ميستورا المعارضة السورية في أيلول (سبتمبر) إلى التحلي «بالواقعية» وإلى أن تدرك أنها «لم تربح الحرب».

وينفي قياديون في وفد المعارضة تعرضهم لأي ضغوط، وقال قيادي في وفد المعارضة لوكالة «فرانس برس» الأربعاء، «الكلام عن ضغوط للتخلي عن رحيل الأسد ليس صحيحاً على الإطلاق ومناقشاتنا مع دي ميستورا تناولت تحديداً عملية صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات» نيابية.

وتتهم المعارضة السورية موسكو الداعمة لدمشق بمحاولة «الالتفاف على مسار جنيف» وممارسة الضغوط للتوصل إلى تسوية تستثني مصير الأسد.

وقال المصدر الديبلوماسي الأوروبي: «أعتقد أن لديهم (الروس) فعلاً بعض الأوراق القوية، لكنهم لا يمسكون بجميع الأوراق».

وأضاف: «لهذا السبب أعتقد أن عملية جنيف مهمة للغاية كونها الوحيدة التي تحظى بشرعية وقادرة على أن تجمع معاً كل هذه المكونات... وعلى أن تفتح الطريق أمام المساعدات الدولية الضخمة اللازمة لتمكين سورية من الوقوف مجدداً على قدميها».

وتنشط قوى غربية عدة لإعادة الزخم إلى مسار التفاوض في جنيف، بعدما نجحت موسكو مع طهران حليفة دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة، في تنظيم سبع جولات من المحادثات في آستانة أثمرت التوصل إلى اتفاق على إقامة أربع مناطق خفض توتر تراجعت فيها وتيرة القتال إلى حد كبير.

وأعلن دي ميستورا الثلثاء أن الحكومة السورية وافقت على إعلان وقف للنار في الغوطة الشرقية، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق والمشمولة باتفاق خفض التوتر. وقال إثر لقاء مع وفد المعارضة السورية إنه تبلغ بهذه الموافقة من موسكو.

وكان الجيش السوري يقصف بانتظام وبعنف الغوطة الشرقية على رغم شمولها في اتفاق خفض التوتر، لا سيما منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، فيما تعاني المنطقة من حصار منذ سنوات ومن نقص فادح في الأدوية والمواد الغذائية.

واتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إثر قمة عقدت قبل أسبوع في سوتشي مع نظيريه الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان، على عقد مؤتمر للحكومة والمعارضة السوريتين في روسيا، متحدثاً عن «فرصة حقيقية» لإنهاء النزاع، في مبادرة أثارت شكوكاً حيال توقيتها وخشية غربية من أن تطيح بعملية جنيف.

ولم يعلن عن أي موعد رسمي لهذا المؤتمر الذي رفضت المعارضة المشاركة فيه.

ويأتي الحراك الروسي بعد تراجع اهتمام الإدارة الأميركية منذ وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة بالملف السوري. لكن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أعلن ليل الثلثاء في واشنطن أن محادثات جنيف «تشكل القاعدة الوحيدة الممكنة لإعادة بناء البلاد وبدء تطبيق حل سياسي لا يتضمن أي دور لنظام الأسد أو لعائلته في الحكومة السورية».