القاهرة - أحمد مصطفى عاشت الساحة السياسية في مصر على صفيح ساخن خلال الأيام الماضية، ليس على صعيد البحث في ملفات «الحرب على الإرهاب» و «الأوضاع المعيشية» و «سعر العملة» و «الارتفاعات القياسية لمعدلات التضخم»، أو حتى الاستعدادات للاستحقاق المحلي غير المعلوم مصيره، وكلها قضايا تتوارى بين الحين والآخر لمصلحة قضايا هامشية. تصدّر المشهد هذه المرة السجال الشرعي والاجتماعي حول ارتداء الفتيات «الراجد» أو «بنطلون الجينز الممزق» الذي ظهر موضة في الكثير من دول العالم ووصل حديثاً إلى مصر، وتسبب في سجال بين نواب وأزهريين من جهة ورئيس جامعة القاهرة من جهة أخرى. وتسابقت وسائل إعلام مصرية على «سكب الزيت على النار»، ليلحق المتعاملون والمتابعون لوسائل التواصل الاجتماعي بالجدل المتصاعد.
بدأت الأزمة اجتماعية، لكنها اتخذت أبعاداً سياسية، عندما طالبت أستاذة الفلسفة والعقيدة في جامعة الأزهر النائب في البرلمان آمنة نصير رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار بحظر ارتداء الطلاب، لا سيما الطالبات «البناطيل الممزقة» داخل الجامعة، أسوة بقراره منع ارتداء النقاب. ودخل لاحقاً على خط الجدل علماء في الأزهر وإسلاميون تباروا في الدفاع عن وجهة نظر نصير من الجانب الشرعي والديني. ووفقاً لنصير، فإن تلك الملابس «المشوّهة لا تنسجم مع قدسية الحرم الجامعي». وهي أطلقت حملة مجتمعية لحظر ارتداء تلك البناطيل التي «تخدش الحياء ولا تتوافق مع التقاليد المصرية»، ورأت أن دعوتها لا تتعارض مع الحرية الشخصية التي «لها حدود ولها ضوابط يجب احترامها». ونبّهت إلى أن «الحفاظ على الأخلاق العامة وتقاليد المجتمع وتعاليم الإسلام، مطلب مهم يحمي الأسرة المصرية».
لكن رئيس جامعة القاهرة رفض دعوة نصير، معتبراً إياها «مصادرة للحرية الشخصية»، وأحالها على البرلمان، إذ رأى أن حظر ارتداء ملابس معيّنة «يحتاج إلى تشريع (قانون) يصدر من البرلمان، وليس بقرار إداري قد يتعرض إلى الطعن أمام القضاء». وأوضح أن «جامعة القاهرة لم تمنع النقاب داخلها، وإنما منعت ارتداء أعضاء هيئة التدريس النقاب خلال إلقاء المحاضرات... والقضاء المصري أقر حظر النقاب في المحاضرات... يحق لأعضاء هيئة التدريس وكذلك الطالبات في الجامعة ارتداء النقاب داخل الحرم الجامعي ولا يحق لأحد مصادرة حريتهن»، لافتاً إلى أن «التدخل في تحديد حرية الإنسان في الملبس يستدعي قانوناً، وعلى المطالبين بذلك استصدار قانون من البرلمان والجامعة ستلتزم به».
وعلى الفور، سارع عضو اللجنة الدينية في البرلمان النائب عبدالكريم زكريا إلى إعلان اعتزامه التقدم بمشروع قانون يلزم الجامعات والمدارس بتحديد زي موحد لارتدائه، لمواجهة ظاهرة الملابس غير اللائقة بالجامعات، ومنها «البناطيل الممزقة». وأشار في بيان إلى أن «المدارس الدولية ومدارس الراهبات وكليات الشرطة والحربية تلتزم بزي موحد يجعل من طلابها نموذجاً للالتزام والذوق المنضبط»، مضيفاً أن مشروع قانونه «سيعمم فكرة الزي الموحد في مصر، لا سيما في المؤسسات التعليمية، بهدف معالجة التشوهات التي أصابت كل المدارس والجماعات، بما فيها الأزهرية».
|