Date: Nov 13, 2015
Source: جريدة النهار اللبنانية
سقوط ريف حلب الجنوبي وتشاؤم يسبق اجتماع "فيينا 2"
واشنطن - هشام ملحم جنيف - موسى عاصي
قبل 24 ساعة من موعد اللقاء الموسع الثاني في فيينا حول الملف السوري، لا توحي التسريبات والتحضيرات بالكثير من التفاؤل، ان لم نقل ان التشاؤم باحراز تقدم أو البدء بترجمة بيان فيينا هو سيد الموقف حتى الآن. وتفيد معلومات "النهار"، ان ما سرب عن اللقاءات التحضيرية التي يشارك فيها ممثلون لمعظم الدول التي شاركت في "فيينا 1" باستثناء ايران وروسيا، يؤكد أن احتمالات الفشل كبيرة جداً.

ومع التحضير لاجتماع "فيينا 2"، تتسارع التطورات الميدانية ، إذ أحرز الجيش السوري النظامي تقدما كبيراً في ريف حلب الجنوبي، بسيطرته على بلدة الحاضر التي تعتبر معقلاً رئيسياً للفصائل الاسلامية وخصوصاً "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة". وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له في اتصال مع "النهار" ان ريف حلب الجنوبي سقط نهائيا في يد الجيش السوري و"حزب الله"، وانه بعد السيطرة على بلدة العيس الاستراتيجية، المشرفة على اوتوستراد حلب - دمشق، بات الطريق الى القريتين الشيعيتين كفريا والفوعة شبه مفتوح وبات خط النار بين مواقع قوات النظام وحلفائه وهاتين القريتين اقل من 30 كيلومتراً. أما في محافظة حماه، فان الوضع مختلف تماما، فقد ارتفعت خسائر القوات النظامية بعد سقوط الكثير من الحواجز التابعة له في هذه المنطقة.

وعن الاستعدادات لاجتماع فيينا، تقول المعلومات ان المحور الدولي المعارض للنظام السوري سيقدم غداً اقتراحات عدة لاضافتها الى بيان فيينا الذي صدر في 30 تشرين الاول الماضي، منها:

- التزامن بين محاربة الارهاب ووضع جدول زمني لخروج الرئيس السوري بشار الاسد من السلطة وتشكيل هيئة حكم انتقالي تتسلم الصلاحيات التنفيذية من الرئاسة السورية بشكل متدرج الى حين خروج الاسد.

- بالنسبة الى الوفد الذي سيمثل المعارضة في الحوار مع وفد النظام، يرى هذا المحور أن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" يجب أن يكون اساس الوفد وان يكون له دور في عملية اختيار الشخصيات والرموز من القوى الأخرى وأن الوفد العام سيكون تحت مظلة "الائتلاف"، وهذا ما رفضته بعض الدول التي حضرت اللقاءات خلال الساعات الأخيرة ومنها مصر التي رأت "ان هذا الاقتراح لم يعد يلائم الخريطة السياسية للمعارضة السورية، وهو يجرد القوى الأخرى من حقوقها". ومعلوم أن مصر تصر على أن يكون "لقاء القاهرة" الذي تشكل برعاية ودعم مصريين جزءاً اساسياً من الفريق المعارض الى جانب التشكيلات الأخرى.

- خفض عدد الدول (اقتراح قدمته قطر وتركيا) الواجب مشاركتها في لقاءات فيينا، والفصل بين دول اساسية تشارك في لقاءات الحل والربط، ودول ثانوية تدعى للمشاركة في الجلسات العامة.
وعلى هذا الاساس، فإن الامور تبقى ضبابية بالنسبة الى البندين الاساسيين اللذين وضعا لهذه الجولة وهما: وضع لوائح بالاطراف السوريين من أجل المشاركة في الحوار السوري - السوري في موازاة الحوار بين المجموعة الدولية، واللائحة التي يصر الجانب الروسي على وضعها لتحديد من هي المجموعات الارهابية الواجب مواجهتها والمجموعات المسلحة غير الارهابية.

وقالت مصادر الجانب الايراني التي وجهت انتقادات قوية خلال اليومين الاخيرين الى "اجتماعات التنسيق التي تجري بين الولايات المتحدة وحلفائها"، لـ"النهار" ان ديبلوماسيين ايرانيين موجودون في فيينا لكنهم لم يشاركوا في هذه اللقاءات، وأن ما يجري في فيينا (اللقاءات التحضيرية) "هو محاولة التفاف على بيان فيينا وبنوده التسعة وعلى هذه الدول ان تتخلى عن أي تصور حول تشكيل هيئة حكم انتقالية".

ولم يكن الجانب الروسي بعيدا من موقف طهران، فأجواء العاصمة الروسية بدت خلال الساعات الاخيرة متشائمة بلقاء السبت، وان هناك شعوراً بأن الولايات المتحدة تحاول افراغ بيان فيينا من مضمونه من خلال ادخال تعديلات او بنود اضافية أو السير باقتراحات من خارج البنود التسعة. وقالت اوساط مطلعة على اجواء الجانب الروسي ان المسؤولين الروس ممتعضون من الموقف الاميركي، وخصوصا مع معلومات (غير مؤكدة) مصدرها فيينا مفادها أن الجانب الاميركي دعا ثلاث دول جديدة للمشاركة في لقاءات فيينا هي هولندا وفنلندا واليابان.

وأكدت موسكو أن واشنطن لم تنسق معها قبل بدء عمل اللجان الفرعية في فيينا حول سوريا، معتبرة الخطوة الأميركية "فاشلة"، معلنة رفضها تقسيم المشاركين في مفاوضات فيينا إلى أساسيين وفرعيين.

وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بان روسيا لا تقبل بفرض حلول للأزمة السورية وخطوات أحادية الجانب في عملية التسوية. ووصفت خطوات واشنطن الخاصة بتشكيل لجان العمل الفرعية حول سوريا بأنها "تجربة فاشلة"، مشيرة إلى أن هذه اللجان لم تفترض مشاركة كل من إيران والعراق ولبنان وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.

كيري
وعشية اجتماع فيينا ، قال وزير الخارجية جون كيري في كلمة ألقاها امام"المعهد الاميركي للسلام"، ان الخلاف بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا وايران من جهة اخرى على مستقبل الرئيس الاسد لا يزال دون حل. ورأى ان مطالبة المعارضة السورية بان "تثق بالاسد او ان تقبل بقيادته ليست ببساطة طلبا منطقيا، وتالياً لا يمكن ان نبدأ من هذه النقطة". وأضاف ان "السوريين في حاجة الى دعم دولي يساعدهم على التخلص من خطر داعش ومن النظام السوري الذي كان الجاذب الرئيسي له". ولاحظ ان قادة الفصائل السورية المعارضة "المسؤولة لا يركزون على الثأر، لكنهم لن يقبلوا بالعودة الى الوضع السابق بعد مرور اكثر من اربعين سنة من الطغيان"، في اشارة الى حكم الاسد الوالد والابن. وشدد على ضرورة مشاركة السوريين في بناء مستقبلهم وانه لن يفرض أي حل سياسي على أي طرف.الى ان قال: "اريد ان اكون واضحا: الشعب السوري هو الذي سيقرر شرعية هذه الجهود (الديبلوماسية)". وبعدما أشار الى الخلاف على مستقبل الاسد، خلص الى ان "الجهود مستمرة للعمل على حل هذه المعضلة التي لا يجب ان تمنع استمرار البحث عن عملية تفاوضية تشمل جميع الاطراف الذين ينبذون التطرف".

الائتلاف
وصرح عضو الائتلاف السوري احمد رمضان لـ"(النهار" ان "تحديد من يمثل قوى الثورة والمعارضة من مسؤولية الائتلاف الوطني وليس من صلاحيات أي طرف آخر، وفكرة تقديم اسماء من ممثلي الدول عمل غير مقبول لدى الشعب السوري وقواه السياسية والعسكرية والمدنية".

مئة قتيل في معركة كويرس 

سيطر الجيش السوري والمجموعات المسلحة المتحالفة معه أمس على بلدة الحاضر، ابرز معاقل الفصائل المقاتلة في ريف حلب الجنوبي، في تقدم هو الثاني من نوعه منذ مطلع الاسبوع في هذه المحافظة الواقعة في شمال البلاد.

قال مصدر عسكري سوري: "سيطر الجيش السوري وحلفاؤه بشكل كامل على بلدة الحاضر" التي تبعد نحو عشرة كيلومترات عن مدينة حلب، مركز المحافظة.
وكانت البلدة الاستراتيجية خاضعة لسيطرة فصائل اسلامية ومقاتلة أبرزها "جبهة النصرة"، ذراع تنظيم "القاعدة" في سوريا. وأشار التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل نقلاً عن مصدر عسكري الى السيطرة على البلدة "وتكبيد الارهابيين خسائر جسيمة".

وأكد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له سيطرة قوات النظام ومقاتلي "حزب الله" على "أجزاء كبيرة من البلدة"، موضحاً أن "معارك عنيفة" مستمرة بين الطرفين داخل البلدة.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن الحاضر "تعد المعقل الابرز للفصائل المقاتلة في ريف حلب الجنوبي"، وإن "سيطرة قوات النظام على البلدة تجعلها قريبة من طريق دمشق - حلب الدولي" الذي تسيطر الفصائل على اجزاء كبيرة منه منذ عام 2012.

وتزامنت الاشتباكات في الحاضر، استناداً إلى المرصد، مع "تنفيذ الطائرات الحربية الروسية والسورية ضربات جوية استهدفت مواقع مقاتلي الفصائل والنصرة"، مما أوقع خسائر في صفوف الطرفين.

وبدأت قوات النظام عمليات برية في 17 تشرين الاول في ريف حلب الجنوبي بغطاء جوي روسي وتمكنت من السيطرة على بلدات عدة وصولاً الى الحاضر على مسافة نحو 25 كيلومتراً من مدينة حلب.

وتشن موسكو منذ 30 أيلول غارات جوية في سوريا تقول إنها تستهدف "المجموعات الارهابية" وتتهمها دول الغرب والفصائل المقاتلة باستهداف المجموعات المعارضة أكثر من تركيزها على الجهاديين.

وتمّت سيطرة قوات النظام على بلدة الحاضر بعد 48 ساعة من فكها الحصار عن مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي، والذي كان يحاصره تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) منذ ربيع 2014.
ويعد فك الحصار عن المطار الاختراق الاهم الذي سجلته قوات النظام منذ بدء عملياتها البرية باسناد جوي روسي الشهر الماضي.

واحصى المرصد الخميس مقتل "60 مقاتلاً من تنظيم الدولة الاسلامية مقابل مقتل 20 مقاتلاً على الاقل من قوات النظام السوري و13 مقاتلا ايرانيا وثمانية من حزب الله اللبناني" في معركة فك الحصار عن المطار.

وأفاد عبد الرحمن أن "النظام يعمل في الوقت الراهن على توسيع سيطرته على المطار وابعاد التنظيم عن محيطه تمهيداً لاستخدامه كقاعدة في عملياته الجوية المقبلة في شمال البلاد". وقال إن الجبهة الغربية والجنوبية الشرقية لمطار كويرس تشهد "اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وتنظيم الدولة الاسلامية الذي يتركز وجوده بشكل أساسي في الريف الشرقي لحلب، ولا سيما منه في مدن الباب ومنبج ودير حافر".

وتعتبر قوات النظام ان السيطرة على المطار تشكل تحولاً في مسار العمليات العسكرية في محافظة حلب. وقال مصدر عسكري سوري إن السيطرة على المطار "تحقق نقلة فعلية في العمليات العسكرية في محيط حلب، حيث باتت القوات السورية على بعد كيلومترات عدة من المحطة الحرارية التي تمد مدينة حلب بالكهرباء". وأشار الى ان "مطار كويرس ليس قاعدة جوية فحسب، بل قاعدة عسكرية متكاملة، والسيطرة عليه ستوفر للقوات الروسية والسورية نقطة متقدمة للانطلاق منها في عمليات أخرى". وأضاف: "يستعد الجيش السوري لبدء عمليات عسكرية في منطقة لم تحدث فيها اشتباكات منذ أكثر من ثلاث سنوات"، في اشارة الى مناطق مجاورة خاضعة لسيطرة الجهاديين.

وبات الجيش، استناداً إلى المصدر نفسه، على مسافة كيلومترات عدة من دير حافر، أحد أهم معاقل "داعش" شرق المطار، ومن مدينة الباب الحدودية مع تركيا التي يسيطر عليها الجهاديون ايضاً.

"داعش" يهدد روسيا
على صعيد آخر، أورد موقع "سايت" الاميركي الذي يتابع المتشددين على الانترنت أن "داعش" بث شريط فيديو هدد فيه بشن هجمات في روسيا "قريباً جداً".
وقال إن مركز الحياة للإعلام، وهو القسم الإعلامي باللغات الأجنبية التابع للتنظيم المتشدد، بث فيديو بالروسية يتضمن هتافات "قريباً... قريباً جداً... ستسيل الدماء أنهاراً".
ودعا تنظيم "الدولة الإسلامية" في السابق إلى شن هجمات على روسيا والولايات المتحدة ردا على الغارات الجوية على مقاتليها في سوريا.
ويشتبه مسؤولو استخبارات غربيون في أن التنظيم المتشدد زرع قنبلة في طائرة ركاب روسية تحطمت في شبه جزيرة سيناء في مصر قبل نحو أسبوعين.

نواب فرنسيون
في غضون ذلك، أشاد خمسة نواب فرنسيين يقومون بزيارة لدمشق بـ"فاعلية" التدخل العسكري الروسي، في موقف يخالف تماماً مواقف الحكومة الفرنسية.
وصرح نيكولا دويك من حزب الجمهوريين الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي اثر لقاء مع رئيس مجلس النواب السوري جهاد اللحام بأن "روسيا تقود سياسة خارجية واقعية وهي تعمل لما فيه مصلحة السلام". واعرب عن "تأييده" للغارات الروسية التي بدأت في 30 ايلول، قائلاً إنه يتمنى تشكيل "ائتلاف كبير يعيد السلام" الى هذا البلد.
وشدد رئيس الوفد تييري مارياني على "فاعلية" التدخل العسكري الروسي قائلاً: "نرحب بكل ما يمكن ان يساهم في مكافحة الارهاب".
وأعلن ان الوفد سيلتقي الرئيس بشار الاسد وشخصيات دينية خلال هذه الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام.
وأواخر تشرين الاول، التقى ثلاثة نواب فرنسيين مسيحيين يمينيين الاسد في دمشق مما أثار تنديداً في الاوساط السياسية في باريس.