Date: Oct 29, 2015
Source: جريدة النهار اللبنانية
بيروت تعوم على "وعد" اللحظة الأخيرة! رواتب العسكريّين تصعّد الأزمة إلى ذروتها
بيروت وضواحيها ترزح تحت وطأة السيول التي تحول الشوارع بحيرات عائمة بالمياه والنفايات، وخطة النفايات لا تزال تجرجر ذيولها هبوطاً وصعوداً ووعوداً ومهلاً ومواعيد بلا طائل. وإذا كان وزير الزراعة أكرم شهيب اختصر حصيلة مساعي "اللحظة الاخيرة" لبت مصير خطة النفايات العالقة عند المطمر البقاعي بقوله إنه "لم يرفع العشر بعد" في مؤشر لبلوغ هذه المساعي "الانقاذية" للخطة عنق الزجاجة، فإن الساعات المقبلة تبدو حاسمة فعلاً ليس في تقرير مصير الخطة فحسب وإنما انعكاس نجاحها أو فشلها على الوضع الحكومي كلاً.

ذلك ان "طبقة" جديدة من التأزيم برزت أمس وأضافت الى أزمة النفايات تعقيداً كبيراً تمثل في أزمة رواتب القطاع العام التي اشتعلت أولى شراراتها المبكرة مع عدم دفع رواتب الأسلاك العسكرية والأمنية عن شهر تشرين الثاني، الأمر الذي دق جرس تداعيات بالغة السلبية وبات يضغط بالحاح أشد من أجل انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لإصدار قرار التغطية القانونية لصرف الرواتب والذي لا يمكن وزارة المال صرفها من دونه. وبحلول الـ28 من الشهر الجاري (أمس)، وهو الموعد المعتاد لصرف الرواتب للعسكريين، وقع المحظور الذي سبق لوزير المال علي حسن خليل ان حذر منه سابقاً، إذ لم تدفع الرواتب لأكثر من 103 آلاف عسكري في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الأخرى، مع بروز تخوّف من تمدّد الأزمة الى ما تبقى من السنة ما لم ينعقد مجلس الوزراء لإصدار قرار التغطية القانونية للرواتب في القطاع العام. وأكد وزير المال أن رواتب موظفي القطاع العام مؤمّنة حتى نهاية السنة وكل ما تحتاج اليه مجرد قرار في مجلس الوزراء يسمح بنقل الأموال من الاحتياط الى بند الرواتب، علماً ان الوزير كان أرسل مشروع قانون الى مجلس النواب لاقرار سلفة إضافية بقيمة 850 مليار ليرة لتأمين الرواتب حتى نهاية السنة، لكن الخلافات السياسية على تشريع الضرورة أدت الى عدم انعقاد المجلس لاقرارها، فلجأ الوزير الى مجلس الوزراء من أجل توفير الغطاء القانوني.
والحال أن تداخل ازمة النفايات مع بوادر أزمة الرواتب أدى الى قيام ما يشبه خلية أزمة بين السرايا وعين التينة طوال ساعات النهار وامتداداً الى ساعات الليل.

مطمر البقاع
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ليل امس ان اللقاءات والاتصالات التي جرت أمس في شأن ملف النفايات انتهت الى وعد من "حزب الله" بتسهيل إنشاء مطمر للنفايات في البقاع الشمالي، لكن جواباً نهائياً سيتبلغه صباح اليوم رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام في شأن هذا المطمر، بما يسمح بدعوة مجلس الوزراء الى جلسة طارئة تبت فيها أيضاً قضية الرواتب. وأوضحت المصادر جانباً من هذه الاتصالات التي جرت بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سلام، ودارت حول تمنٍ من بري أن يدعو سلام الى عقد جلسة للحكومة متعهداً توفير مستلزمات نجاحها ومنها اقتراحات في شأن مطمر البقاع. غير أن رئيس الوزراء، انطلاقاً من تجربته وحرصه على عدم القيام بخطوة غير مكلّلة بالنجاح، أبدى استجابة لدعوة رئيس المجلس شرط أن يسبق انعقادها تعهد من سائر القوى السياسية ولا سيما منها "حزب الله" في شأن المطمر. وفي هذه الاثناء كان بري مجتمعا مع الوزيرين أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور، فحمّلهما إقتراحاً من الحزب في شأن المطمر فتوليا نقله الى السرايا مساء.

وخلال الاجتماع الذي رأسه مساء الرئيس سلام في حضور الوزراء شهيب وأبو فاعور ونهاد المشنوق، استدعي وزير المال ليس بصفته وزيراً من حركة "أمل"، بل بصفته وسيطاً متابعاً مع "حزب الله" في شأن المطمر البقاعي للبحث معه في ضمانات عملانية لم تكن متوافرة حتى المساء. وقد حمل خليل ملاحظات السرايا على أن يأتي صباح اليوم بأجوبة عنها الى الرئيس سلام كي يتضح مسار الأمور. وسيعقد سلام اجتماعاً مع الوزير شهيب في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم يعتقد انه سيكون حاسماً، علماً ان شهيّب بدا متريثاً حتى ليل امس في الموقف الذي سيتخذه اليوم في انتظار "مساعي اللحظة الاخيرة". وأكد ليلاً أن ثمّة موقعاً في البقاع جرى تحديده من خلال الاتصالات مع "حزب الله" وحركة "أمل" وستتبلور الأمور خلال الساعات الـ24 المقبلة، ولكنه تحفظ عن كشف مكانه، مشيرا الى أن المطمر مدروس. وإذ أكد أنه سيرفع تقريره اليوم الى الرئيس سلام، لفت الى أن الأمر يحتاج الى جلسة لمجلس الوزراء لادخال بعض التعديلات على الخطة.

وعلمت "النهار" أن الرئيس سلام أكد في اجتماع السرايا مساء أنه لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء إلاّ إذا اكتملت عناصر الحل لأزمة النفايات، ولا حل لأزمة النفايات ما لم يوجد مطمر آخر الى جانب مطمر سرار في عكار "ولا يحدّثني أحد عن فرض مطمر سرار بالقوة فهذا غير وارد ان نتسبب باصطدام الناس مع القوى الأمنية".

وفيما ترددت معلومات عن إمكان اتجاه الرئيس سلام الى الاعتكاف او الاستقالة اذا اصطدمت المساعي الحثيثة الجارية بحائط مسدود، علم ان سلام تلقى أمس العديد من الاتصالات من مرجعيات داخلية وخارجية تتمنى عليه عدم الاستقالة نظراً الى دقة الظروف التي يجتازها لبنان، وأبرز تمن جاء من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي العائد من الفاتيكان والذي استبعد اقدام الرئيس سلام على هذه الخطوة بما أوحى أن موقفه يعبّر عن الفاتيكان أيضاً.

مجلس النواب
وعلى المسار النيابي، علمت "النهار" من مصادر هيئة مكتب مجلس النواب التي اجتمعت أول من أمس في عين التينة برئاسة الرئيس بري أن قراراً نهائياً اتخذ بتوجيه الدعوة الأسبوع المقبل الى جلسة تشريعية. واعتبرت أن هذا القرار يمثل استقلال المجلس في السير قدماً لإنجاز التشريعات الضرورية للبلاد. وأضافت ان المطلوب أيضاً الافراج عن مجلس الوزراء ليكتمل المساران التشريعي والتنفيذي.

بيروت العائمة !
في غضون ذلك، تكرّر مشهد الطوفان في بيروت وضواحيها على غرار ما حصل الأحد الماضي مع هطول الامطار الغزيرة بعد ظهر أمس، التي سرعان ما تحولت معها معظم مناطق العاصمة وضواحيها بحيرات عائمة. وطوال أكثر من خمس ساعات أقفلت معظم مداخل بيروت واحتجز المواطنون في سياراتهم كما اقفلت الأمطار ما تبقى من اقنية ومجار نجت من الحامولة السابقة. كذلك تسببت الأمطار بإقفال نفق المطار وطاف نهر بيروت بالنفايات المتراكمة على ضفتيه واجتاح نهر الغدير منازل وأكواخاً لجهة حي السلم.

رئيسة المحكمة الدولية في أول لقاء إعلامي: بطء الإجراءات وَجَع لكن العدالة ستكون منصفة


كلوديت سركيس
في اول لقاء لرئيسة المحكمة الخاصة بلبنان ايفانا هرلديشكوفا مع الاعلاميين اللبنانيين والاجانب، تحدثت القاضية في حضور نائب رئيس المحكمة القاضي رالف رياشي، ووجد رمضان المسؤولة عن قسم التواصل الخارجي واولغا كافران الناطقة باسم المحكمة التي اعطت لمحة عن الحقبة المهنية لرئيسة المحكمة في القضاء التشيكي فهي حائزة دكتوراه ومتخصصة في الشريعة الاسلامية. والقاضية التي استهلت كلمتها بالعربية، اعربت عن فخرها بزيارة لبنان، مشيرة الى ان زيارتها للمسؤولين اللبنانيين تأتي في اطار التعاون مع المحكمة.

واذ عرضت المراحل التي اجتازها الادعاء في المحاكمة، توقعت ان ينتهي من عرض أدلته سنة 2016 ليأتي دور الدفاع في عرض ادلته. واحصت حتى الآن مثول 87 شاهدا بينهم 26 يتمتعون بتدابير حماية، الى 216 قرارا اصدرتها غرفة الدرجة الاولى التي تجري المحاكمة امامها في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فضلا عن ان عدد المستندات بلغ 1041، فيما اودع 1700 مستند. واضافت ان مكتب المدعي العام يواصل التحقيق في الملفات الثلاثة المتلازمة، محاولة اغتيال النائب مروان حماده والوزير السابق الياس المر واغتيال جورج حاوي، ويتوقع ان توضع القرارات الاتهامية في صددها مستقبلا. كما ان المحكمة بلغت مرحلة الاستئناف في الدعوى على "الجديد" وكرمى خياط، وفي المرحلة الابتدائية في الدعوى على جريدة "الاخبار".

واذ اشارت الى لقائها مسؤولين سياسيين وديبلوماسيين ونقيبي المحامين، قالت: "قد ينظر اللبنانيون الى المحكمة على أنها مؤسسة سياسية. إن الواقع مختلف، فهي مؤسسة قضائية صرف وتعمل بعيدا من اي اجندة سياسية، ومن المهم ان يستفيد اللبنانيون من عملها، وأشجّع المحترفين على الانضمام اليها ليروا كيف تعمل".

وعن نتائج لقاءاتها بالمسؤولين قالت: "حصلت على دعم كبير جدا من المسؤولين اللبنانيين ولمسنا تعاونا وثيقا وتحدثنا عن القضايا الادارية، وانتقاد عمل المحكمة البطيء. هذه مشكلة، ولكن لطبيعة عمل المحاكم الدولية احكاما، فضلا عن ان العمل هو في قضية غيابية تطرح للمرة الاولى امام المحكمة الدولية".

وردا على سؤال، توقعت ان "يستمر عمل المحكمة الذي هو مهم وكذلك السرعة، لكن العدالة يجب ان تكون منصفة. ان ولاية المحكمة تمتد الى شباط 2018 ويتوقع ان يدلي الدفاع بأدلته. ولا وقت محددا، ونحن نبذل كل جهدنا لتستكمل عملها ضمن المهلة المعطاة لنا".

وهل تناولت مع المسؤولين مسألة توقيف المتهمين، أجابت: "بحثنا في كل المستجدات القضائية والمعلومات العامة. لدينا عمل على خمسة متهمين غيابيا. في حال تمكنت الدولة اللبنانية من الاتيان بهم". واضافت: "عليها ان تتعاون مع المحكمة، ومن واجبها هذا التعاون. فهي تقدّم المعلومات التي في حوزتها وهي التي نعتمد عليها".

وهل يمكن ان تمتد المحاكمات الى أكثر من سنة 2018؟ أجابت: "ذكرت ان قضية الحريري هي الأكثر تعقيدا، نحاول ان نسعى جاهدين للانتهاء منها قبل انتهاء ولاية المحكمة سنة 2018. وهناك ايضا (مرحلة) الاستئناف، وان قدم المدعي العام القضايا المتلازمة تتغير الامور. نعلم ان العدالة يجب ان تكون سريعة، ولكن عليها ان تكون منصفة وتوفق بين الانصاف والسرعة".

وكيف يمكن المحكمة ان تستدعي شهودا من سوريا نظرا الى التطورات العسكرية؟ قالت: "ثمة تدابير حماية متخذة من المحكمة بمعالجة الصوت والصورة ونقلهم الى مكان آخر، وثمة آلية تعتمدها المحكمة على صعيد الشهود لا يمكن الاعلان عنها. وهذا الامر يتعلق حصرا بعمل المدعي العام".

وبسؤال عن بطء عمل المحكمة في مقابل تمويلها من دول أخرى قالت: "للأسف، هذا وجع، اذا امكن التعبير في ما يتعلق ببطء الاجراءات. انما المحاكم الدولية تعمل وفق اسس قانونية، ولكن من المهم ان نحقق الانصاف والعدالة، والمحكمة الخاصة بلبنان هي المحكمة الاولى بين المحاكم الدولية التي تحاكم غيابيا. نعمل على تحقيق الانصاف والسرعة، ونعمل بكد. ونعلم ان هناك مسؤولية امام الشعب اللبناني، ولكن نعرف مدى اهمية تحقيق الانصاف والعدالة، وهما مهمان جدا ولا بد من توافرهما، ونعمل على التعجيل في العمل قدر المستطاع".

ولماذا من المهم الاستمرار في العمل والملاحقة في قضايا التحقير؟ اجابت: "ان صديق المحكمة للادعاء هو جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية لمحكمتنا. فجرم التحقير معروف في كل الانظمة وانتهينا من المرحلة الاولى وسنبدأ بالمرحلة الثانية في الاستئناف، وستكون منصفة. وهي اساسية لعملنا ونعمل على اي عوامل تعرقل عمل المحكمة. وشددت على ان عمل المحكمة قضائي صرف ومستقل، وقراراتها تصدر من دون أي تأثير سياسي للمشاركة في ثقافة المحاسبة وفهم للفصل بين السياسة والقضاء. وهو فصل مهم جدا بعيدا عن اي تأثير سياسي"، مشيرة الى ان التمويل تطوعي من الدول التي تشارك في تمويل المحكمة، وهي تنفق عليها لانها تريد ان ترى نتيجة.