Date: Oct 13, 2015
Source: جريدة النهار اللبنانية
النظام السوري يتقدّم وأسلحة أميركية للمعارضة والسعودية حذّرت موسكو من "عواقب وخيمة"
أميركا أسقطت أسلحة لتحالف كردي - عربي تمهيداً لهجوم في الرقة
تصاعدت الضغوط الدولية على روسيا لوقف تدخلها العسكري الى جانب القوات السورية النظامية في سوريا، إذ ابلغت الرياض موسكو خلال لقاء ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي الاحد، ان التدخل العسكري الروسي في سوريا ستكون له "عواقب وخيمة" وسيؤدي إلى تصعيد الحرب هناك ويدفع متطرفين من أنحاء العالم الى المشاركة فيها. ودعا وزراء الخارجية للاتحاد الاوروبي خلال اجتماع في لوكسمبور روسيا الى وقف فوري لغاراتها الجوية على المعارضة المعتدلة المدعومة من الغرب. واتهم الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس شتولتنبيرغ روسيا بالاسهام في اطالة أمد النزاع في سوريا بدعمها الرئيس بشار الاسد ضد المعارضة المعتدلة.

بيد ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سعى الى تخفيف حدة الخلافات مع واشنطن او مع الرياض، إذ صرح بان المحادثات مع مسؤولين اميركيين وسعوديين في شأن الصراع سجلت تقدما على رغم أن موسكو وواشنطن والرياض لم تتفق تماما "حتى الآن".

العمليات العسكرية
وتحت غطاء جوي روسي، خاضت القوات السورية يدعمها مقاتلون من "حزب الله" اللبناني في حماه واللاذقية، أشرس المعارك منذ بدء الهجوم واحرزت تقدما في منطقة ذات أهمية استراتيجية قرب الطريق السريع الذي يصل الشمال والجنوب عبر مدن سوريا الرئيسية.
وشنت الطائرات الحربية الروسية 30 غارة جوية على الأقل على بلدة كفرنبودة بريف حماه الشمالي وضربت المنطقة بمئات القذائف.
وقالت موسكو إنها نفذت 55 غارة جوية على ما وصفته بانه أهداف لـ"الدولة الإسلامية" (داعش) خلال الساعات الأربع والعشرين الاخيرة.

وأعلن الجيش السوري في بيان استعادة كفرنبودة وأربع قرى أخرى في محافظة حماه. كما قال إنه سيطر على جب الأحمر، وهي منطقة مرتفعة في محافظة اللاذقية، في تطور من شأنه أن يجعل المزيد من مواقع المعارضة في سهل الغاب القريب في مرمى مدفعية الجيش. واكد ان "النجاحات التي حققتها قواتنا المسلحة منذ بدء العملية والضربات المركزة لسلاحي الجو والمدفعية ادت الى خسائر كبيرة فى صفوف التنظيمات الارهابية وانهيار الروح المعنوية للارهابيين وفرار اعداد كبيرة منهم باتجاه الحدود التركية".

لكن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتخذ لندن مقراً له قال إن اشتباكات ضارية دارت في كفرنبودة وفي جب الأحمر.
وصرح مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن الجيش وقوات موالية له سيطرت على جزء من كفرنبودة وإنها تقاتل مسلحين سعيا الى السيطرة الكاملة على البلدة. واضاف انه "اذا تمكنت قوات النظام من السيطرة تماماً على كفرنبودة، يصير في امكانها التقدم للسيطرة على مدينة خان شيخون التي تعد خزانا بشريا لجبهة النصرة (فرع القاعدة في بلاد الشام) في محافظة ادلب وتقع على طريق حلب - دمشق الدولية".

وفي شمال البلاد، سيطرت قوات النظام على المدينة الحرة الواقعة على اطراف مدينة حلب بتغطية جوية روسية بعد اشتباكات مع الفصائل المقاتلة.

وقبل أيام أوقفت واشنطن برنامجا لتدريب وتسليح معارضين "معتدلين" للأسد. وكان البرنامج يهدف الى انضمام هؤلاء للقتال ضد "داعش". والمجموعة الوحيدة التي حققت نجاحا على الأرض في مواجهة "الدولة الإسلامية" بالتعاون مع الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن هي "وحدات حماية الشعب" الكردية التي أنشأت منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا وتقدمت في العمق في اتجاه محافظة الرقة معقل التنظيم المتشدد.

وأمس، أعلنت هذه الوحدات الكردية عن تحالف جديد مع مجموعات صغيرة من مقاتلين عرب قد يساعد في الحد من انتقادات توجه اليها بأنها تقاتل فقط نيابة عن الأكراد. وبدأت واشنطن انزال اسلحة جوا للتحالف الجديد وسط توقعات لشن هجوم على الرقة.

الجولاني
وتوعد زعيم "جبهة النصرة" ابو محمد الجولاني موسكو قائلاً ان "الغزو الروسي الجديد" لسوريا سينسيهم "أهوال ما لاقوه" في أفغانستان. ودعا المقاتلين لتصعيد الهجمات على المناطق العلوية في سوريا رداً على التدخل الروسي.

دو ميستورا الى موسكو
في غضون ذلك، اعلن المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا في مؤتمر صحافي بجنيف انه سيسافر الاثنين الى موسكو قبل ان يتوجه الى واشنطن. وقال: "اغادر هذا المساء الى موسكو... ساتوجه الى واشنطن فورا بعد موسكو". واضاف: "من الواضح ان التدخل العسكري الروسي (في سوريا) احدث ديناميات جديدة". واشار ايضا الى ان التصدي للمجموعات الارهابية الواردة في قرارات مجلس الامن يشكل "اولوية"، ولكن "صحيح ايضا ان التغلب على الارهاب غير ممكن الا عبر عملية سياسية موازية... في اطار بيان جنيف".
وسئل عن تشكيل مجموعات اتصال، فاجاب: "فلنبدأ بتنسيق بين روسيا والولايات المتحدة، اعتقد انه امر ملح". وحذر من ان اسوأ سيناريو سيكون "تقسيم" البلاد.

أوروبا تدعو روسيا لوقف القصف في سوريا وتنقسم حيال الأسد 

دعا الاتحاد الأوروبي روسيا أمس الى وقف حملة القصف الجوي التي تشنها في سوريا وسط انقسام حيال ما اذا كان الرئيس بشار الأسد سيكون له أي دور في إنهاء الأزمة، فيما انضم فصيل كردي مسلح يحارب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا بمساعدة غارات جوية تقودها الولايات المتحدة إلى جماعات عربية في تحالف عسكري جديد أعلن عنه أمس قد يكون تمهيداً للهجوم على قاعدة عمليات المتشددين في الرقة.

سعياً الى تشكيل جبهة موحدة لانتقاد التدخل العسكري الروسي في سوريا، حذر وزراء الخارجية لدول الاتحاد الاوروبي الذين اجتمعوا في لوكسمبور، من أن تعقد الغارات الجوية الروسية الرامية إلى دعم الأسد الحرب.

واتفق الوزراء الأوروبيون، من أجل زيادة الضغوط على الأسد، على توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية لتشمل أشخاصاً يستفيدون من حكومته في خطوة تهدف على نحو رئيسي إلى تجميد أصول زوجات أو أزواج شخصيات بارزة، ولكن لم تضف أي أسماء الى قائمة الاتحاد.

وقال الوزراء في أقوى بيان يصدرونه في شأن التدخل الروسي في سوريا "إن الهجمات العسكرية الروسية الأخيرة... تثير قلقاً عميقاً ويجب أن تتوقف فوراً". وأضافوا: "هذا التصعيد العسكري الروسي في سوريا: ينذر بإطالة أمد الصراع وتقويض العملية السياسية ويزيد الوضع الانساني تفاقماً ويساعد على تأجيج التطرف".
وتوقع مسؤولون في الاتحاد أن ينتقد زعماؤه روسيا خلال قمة تنعقد في بروكسيل الخميس.

ورأى الديبلوماسيون أن الانتهاكات الروسية للمجال الجوي التركي والغارات الجوية الموجهة الى مجموعات المعارضة السورية المسلحة المعتدلة نسبيا وليس الى مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أبعدت الغرب بينما أصابت الجهود الديبلوماسية للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالارتباك.

ولا يزال موقف الاتحاد الأوروبي من الأسد غير واضح في غياب اتفاق على ما إذا كان يمكن أن يضطلع بدور في التوصل الى وقف النار وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات أم يجب أن يذهب إلى المنفى أو الى السجن فوراً.

واقترحت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني أن يكون الاتصال بالأسد عبر الامم المتحدة، في حين كرر وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا - مارغالو وجهة نظر بلاده القائلة بأن الغرب سيحتاج إلى التفاوض مع الأسد لتحقيق الاستقرار في سوريا. وقال: "المفاوضات تتم بين عدوين".

غير أن فرنسا التي تحقق في مزاعم عن ارتكاب الأسد جرائم حرب تصر على أنه يجب أن تكون مشاركة الرئيس السوري في عملية الانتقال السياسي رمزية وأنه يجب أن يكون واضحاً منذ بداية أي مفاوضات أنه لن يكون موجودا في نهاية المطاف. وقال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية الفرنسي هارلم ديزير: "نحتاج إلى انتقال سياسي من أجل السلام في سوريا. يجب أن يتم هذا من دون الأسد".

وتقول بريطانيا إنه لا يمكن السماح للأسد بأن يظل رئيساً لسوريا، لكنها مستعدة لمناقشة طريقة رحيله وتوقيته.

الأطلسي
وبعد أيام من انتهاك طائرات روسية تشن غارات في سوريا المجال الجوي التركي، صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبرغ بأن الحلف سيساعد تركيا العضو فيه إذا لزم الأمر.
وسئل هل يكون الحلف مستعداً للدفاع عن تركيا ضد روسيا، فأجاب: "تركيا عضو قوي في الحلف ولديها ثاني أكبر جيش ... لديها قوات جوية تتمتع بالكفاية... لذلك فإن القوات المسلحة التركية هي المستجيب الأول... لكن الحلف موجود لدعمها ومساعدتها إذا احتاجت الى ذلك".

وأمس، أصدر الجيش التركي بياناً جاء فيه أن أنظمة صواريخ مقرها سوريا تعرضت لأربع مقاتلات تركية "ف-16" قرب الحدود بين البلدين الاحد وأن وحداته ردت "الرد اللازم".
ولم يحدد الجيش ماهية الرد ولكن هذه المرة الأولى يشير إلى "الرد" بعد تعرض مقاتلاته لمثل هذا التحرك طوال أسبوع تقريباً.

تحالف عسكري جديد
وفي تطور ميداني لافت، انضمت "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية إلى جماعات عربية في تحالف عسكري جديد أعلن عنه امس وقد يكون تمهيداً للهجوم على قاعدة عمليات المتشددين في الرقة.
والى "وحدات حماية الشعب" الكردية يضم التحالف الذي يطلق على نفسه "قوات سوريا الديموقراطية"، جماعات سورية عربية قاتل بعضها فعلاً مع الاكراد في حملة نجحت في طرد مقاتلي التنظيم المتشدد من مناطق واسعة بشمال سوريا هذه السنة. وتعمل الجماعات السورية العربية تحت اسم "التحالف العربي السوري".

أميركا أسقطت أسلحة لتحالف كردي - عربي تمهيداً لهجوم في الرقة
وبعد أيام على اعلان واشنطن انهاء برنامج كان مخصصا لتدريب الفصائل المعتدلة، صرّح الناطق باسم قيادة القوات الاميركية في الشرق الاوسط "سنتكوم" الكولونيل باتريك رايدر بأن الولايات المتحدة ألقت جواً ذخائر في شمال سوريا لمساندة التحالف العسكري الجديد في سوريا. وقال ان هذه العملية الجوية "الناجحة" باسم الائتلاف الدولي "وفّرت ذخائر لمجموعات عربية سورية خضع المسؤولون عنها لعمليات تدقيق ملائمة من الولايات المتحدة".

موسكو
وفي موسكو قالت أجهزة أمن روسية إن مجموعة من الروس اعتقلوا وفي حوزتهم قنبلة كانوا يعدون لمهاجمة شبكة النقل العام في موسكو وإن بينهم أشخاصاً دربهم "داعش" في سوريا.
وقالت اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب الأحد إنها اعتقلت نحو عشرة أشخاص في حوزتهم معدات لصنع القنابل وعبوة ناسفة بدائية.
ونقلت وكالة "انترفاكس" الروسية للأنباء عن جهاز الأمن الاتحادي ان "بعض هؤلاء الأشخاص تلقوا تدريبات في معسكرات الدولة الإسلامية في سوريا". وأضاف: "عملية استجواب اثنين من المعتقلين أظهرت أنهم كانوا يخططون لتنفيذ هجوم إرهابي على النقل العام في موسكو".

وتعزز روسيا الإجراءات الأمنية الى الخوف من تهديدات المتشددين الإسلاميين وخصوصاً من منطقة شمال القوقاز المضطربة بعد عودتهم إلى بلدانهم من الشرق الأوسط أو أفغانستان واحتمال سعيهم الى الانتقام من التدخل العسكري الروسي ضد الجماعات المعارضة السورية.

السعودية أبلغت موسكو أن تدخّلها في سوريا سيدفع المتطرّفين من العالم إلى المشاركة فيها

أفاد مصدر سعودي أن مسؤولين سعوديين كباراً أبلغوا الزعماء الروس الأحد أن التدخل العسكري الروسي في سوريا ستكون له "عواقب وخيمة" وسيؤدي إلى تصعيد الحرب هناك ويدفع متطرفين من أنحاء العالم الى المشاركة فيها.

وتشير الرسالة التي صاحبها تعهد لدعم جماعات المعارضة المعتدلة التي تحارب الرئيس بشار الأسد حليف روسيا الى تشكيك المملكة العربية السعودية في دوافع موسكو للمشاركة في الحرب.

وقال المصدر السعودي: "التدخل الروسي في سوريا سيدخلهم في حرب طائفية"، وأن المملكة "تحذر من العواقب الوخيمة للتدخل الروسي". وأضاف: "سيواصل السعوديون تعزيز المعارضة المعتدلة في سوريا ودعمها".

وأوضح أنه يتحدث استنادا الى المواقف التي عبر عنها ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية عادل الجبير خلال الاجتماعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف الأحد في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود.

وأغضب التدخل الروسي المملكة وغيرها من خصوم الأسد الذين يقولون إن الغارات الجوية الروسية تستهدف جماعات معارضة للأسد وليس تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) كما تقول موسكو. وتشتبه دول الخليج العربية في أن الدافع الرئيسي للكرملين هو إنقاذ الأسد.

ورأى المصدر السعودي أن "التصعيد الأخير سيسهم في اجتذاب متطرفين وجهاديين للحرب في سوريا"، وأن تصرفات الكرملين ستنفر المسلمين السنة العاديين في أنحاء العالم. وأشار الى أن السعوديين حضوا روسيا على المساعدة في محاربة الإرهاب في سوريا بالانضمام إلى الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يحارب "داعش" ويضم أكثر من 20 دولة.

وكرر أن الأسد يجب أن يرحل في إطار عملية تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر جنيف للسلام الذي انعقد في حزيران 2012 وحدد مساراً للسلام والانتقال السياسي.

وفي تصريحات للصحافيين الأحد عن الغارات الروسية، قال الجبير إنه أبدى قلق المملكة من أن تعتبر هذه العمليات تحالفا بين ايران وروسيا، ناقلاً عن روسيا أن هدفها الرئيسي هو مكافحة الإرهاب.