Date: Sep 26, 2015
Source: جريدة الحياة
«وديعة» الأسد في جيب بوتين... حكومة وحدة وانتخابات برلمانية مبكرة
لندن - ابراهيم حميدي 
تبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما الاثنين وإلقائه خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، من دمشق موافقة الرئيس بشار الأسد على تشكيل «حكومة وحدة وطنية» من الراغبين من المعارضة للتمهيد لانتخابات برلمانية قبل شهرين من موعد انعقادها في أيار (مايو) المقبل، في وقت ذكر أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا طلب مشاركة ٢٥ ممثلاً للفصائل المسلحة في وفد المعارضة في اجتماعات مجموعات العمل الأربع، الذي يضم حوالى ٦٠ شخصاً.

وكان الأسد استبعد في ظهورين إعلاميين في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) الماضيين أي حل سياسي قبل القضاء على «داعش»، غير أن بوتين أعلن من جهته استعداد دمشق لـ «تقاسم السلطة من المعارضة البناءة» إضافة إلى إجراء «انتخابات برلمانية مبكرة».

وأوضحت المصادر أن الاتصالات الأخيرة بين دمشق وموسكو ووصول التعزيزات العسكرية والمعدات المتطورة من ناقلات جنود ومقاتلات وطائرات استطلاع إلى الساحل السوري وإقامة قاعدة عسكرية كي تبقى لفترة طويلة جداً، أظهرت موافقة الأسد على الفكرة الروسية، حيث أبلغ كبار مساعديه في الأيام الماضية نية الاتجاه إلى «الحسم العسكري» (...) بالتوازي مع تشكيل «حكومة وحدة وطنية» الشهر المقبل، إضافة إلى إجراء «انتخابات برلمانية مبكرة». وعلم أن هذه الأفكار أرسلت إلى موسكو وباتت بمثابة «وديعة في جيب بوتين، تتضمن برنامجاً سياسياً وزمنياً يمكن أن يضمنه الرئيس الروسي، كما حصل مع اتفاق نزع السلاح الكيماوي» في خريف العام ٢٠١٣.

وسيجري التأكيد على هذه الأفكار خلال لقاء وزير الخارجية وليد المعلم بالرئيس بوتين في نيويورك، علماً أن المعلم سيلتقي أيضاً رئيس تشيكيا ميلوش زيمان في أول لقاء مع رئيس أوروبي منذ بداية العام ٢٠١١.

وقلل معارضون سوريون ومسؤولون دوليون من أهمية اقتراح تنظيم «الانتخابات المبكرة»، باعتبار أن موعد إجرائها هو أيار أو حزيران (يونيو) المقبلين، غير أن اقتراح الأسد هو لإجرائها في آذار (مارس) أو نيسان (أبريل).

ولم يعرف ما إذا كانت دمشق وافقت على رقابة دولية على هذه الانتخابات، علماً أن مسؤولين سوريين احتجوا لدى طهران لأن مبادرتها المعدلة تضمنت «رقابة دولية» على الانتخابات، إضافة إلى تحفظ آخر يتعلق بـ «الاعتراف بمكونات الشعب» السوري في الدستور الجديد.

وتضمنت المبادرة الإيرانية المعدلة أربع نقاط، هي: وقف إطلاق نار، وحكومة وحدة وطنية، وتعديل الدستور بما يضمن حقوق الأقليات والمكونات وإجراء انتخابات برقابة دولية. وأبلغ مسؤول إيراني مسؤولين غربيين أخيراً، أن طهران ترفض مبدأ «الحكومة الانتقالية» وتقترح «حكومة وحدة وطنية» بمثابة حكومة تسيير أعمال تعد لـ «عملية سياسية» تتضمن مراجعة الدستور وتعديله «بما في ذلك صلاحيات الحكومة وصلاحيات الرئيس بموجب رغبة الشعب السوري» وصولاً إلى إجراء انتخابات بـ «رقابة دولية»، الأمر الذي لا تزال دمشق ترفضه إذ إنه «أقصى ما يمكن أن تقبله رقابة ممثلين من دول «بريكس» التي تضم روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل. ولم يتضح أيضاً الموقف النهائي من مشاركة السوريين في مناطق اللجوء والنزوح بهذه الانتخابات.

ولم يعرف ما إذا كان اقتراحا «حكومة الوحدة» و «الانتخابات المبكرة» يرميان إلى شراء الوقت قبل احتمال حصول تفاهم أميركي - روسي أو انه بمثابة ورقة تفاوضية قبل المفاوضات بين واشنطن وموسكو. اذ يتوقع أن تكون هذه العناصر ضمن الأمور التي يمكن أن تبحث لدى تشكيل «مجموعة الاتصال» من أميركا وروسيا ودول إقليمية فاعلة في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) باعتبار أن دولاً غربية وإقليمية لا تزال تصر على تأسيس «هيئة حكم انتقالية بصلاحيات واسعة» بموجب «بيان جنيف» مع مرونة بعض الدول في موضوع بقاء الأسد في بداية «المرحلة الانتقالية»، إضافة إلى تمسك دول بـ «رحيل» الأسد.

وكان دي ميستورا اقترح بعد لقاءاته مع دول كبرى وأخرى إقليمية خريطة طريق لتنفيذ «بيان جنيف» عبر تشكيل ثلاثة مجالس: مجلس عسكري مشترك، حكومة انتقالية، المؤتمر الوطني السوري، إضافة إلى احتمال «صلاحيات بروتوكولية» للرئيس السوري.

وستكون هذه الخريطة إحدى الأوراق المرجعية للجان الأربع التي اقترحها دي ميستورا ووافق عليها بيان مجلس الأمن الأخير. وتأكدت أمس مشاركة النظام في هذه اللجان، حيث بدأ باختيار حوالى ٦٠ اسماً لهذه اللجان، بعد موافقة دمشق على اقتراح المبعوث الدولي أن يكون عمل اللجان «متزامناً» و «غير ملزم» مع ترك الخطوط الهاتفية مفتوحة بين جنيف ودمشق خلال «جلسات العصف الفكري» بين أوائل تشرين الأول (أكتوبر) ومنتصف تشرين الثاني، موعد إرسال دي ميستورا تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

وعلمت «الحياة» أن دي ميستورا طلب من «الائتلاف الوطني السوري» المعارض اختيار ٢٥ شخصية من فصائل المعارضة المسلحة ضمن قائمة الـ ٦٠ التي ستمثل المعارضة على أن يكون «الائتلاف» رئيساً لوفد المعارضة الذي يضم فصائل سياسية أخرى، ما أدى إلى أن يطلب النظام أن تعقد أعمال اللجنة المتعلقة بشؤون الأمن والعسكر في غرفتين، على أن يقوم مديرو وميسرو العمل بالاتصال بين الجانبين.

إلى ذلك، تأكدت أيضاً زيارة رئيس مجلس الأمن الوطني اللواء علي مملوك القاهرة في آب (أغسطس) الماضي واتفاقه مع الجانب المصري على تعزيز التعاون الأمني بين الجانبين، إضافة إلى قيام مسؤولين أمنيين سوريين آخرين بزيارات إلى القاهرة والجزائر.

ويعمل بوتين على تشكيل تحالف دولي - إقليمي لمحاربة تنظيم «داعش» مع اقتراح دمشق أن يضم هذا التحالف دول «بريكس»، مع خلاف بين أن يتشكل التحالف بعد أو بالتوازي مع العملية السياسية في سورية مقابل تمسك النظام بتشكيل التحالف لـ «القضاء على داعش» قبل بدء هذه العملية السياسية.