Date: Aug 25, 2015
Source: جريدة النهار اللبنانية
اليمن: سباق بين مشاورات الحل السياسي وترتيبات للانفصال
خلافات وضغوط خارجية تؤخر فك الارتباط بين الشمال والجنوب
صنعاء - أبو بكر عبدالله
في موازاة مشاورات سياسية يقودها في العاصمة العمانية مسقط، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ أحمد لحل سياسي للأزمة اليمنية، تشهد المحافظات الجنوبية ترتيبات لإعلان فك الارتباط بين شمال اليمن وجنوبه تقودها أكثر فصائل الحراك الجنوبي وقوى سياسية اخرى اضطرتها الحرب الى التعامل مع هذا الملف وفقاً لشروط الامر الواقع، ناهيك بتعامل الاطراف السياسيين المشاركين في مشاورات مسقط مع انفصال الجنوب على أنه حقيقة لا مفر منها.

وتحدثت مصادر سياسية عن مشاورات تجرى في شأن آلية تقترح خطوات ميدانية على الصعيد العسكري تفضي الى انسحاب الحوثيين من المحافظات الجنوبية وبعض المحافظات الشمالية التي تشهد مواجهات مسلحة مع المقاومة الشعبية. ويتزامن ذلك مع خطوات لتحوّل اليمن دولة فيديرالية من اقليمين شمالي وجنوبي، وتنظيم استفتاء شعبي لتحديد مصير الجنوب بعد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وهي الرؤية التي كانت سابقا موضع خلاف في اطار الحلول المقترحة لحل القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار اليمني.

وأدت الحملة التي شنتها قوات التحالف على عدن ومحافظات جنوبية اخرى ببروز مواقف اجتماعية وسياسية مساندة لمطالب الجنوبيين بفك الارتباط مع الشمال، وخصوصاً بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها الجيش واللجان الشعبية الموالية للحوثيين.

مؤشرات صراع
لكن الواقع على الأرض لا يزال يشير الى عراقيل قد تحول دون تنفيذ هذه التسويات. فقد ظهرت على الارض أخيرا مؤشرات صراع بين الاطراف الذين يقول سياسيون جنوبيون إنهم شاركوا في تحرير المحافظات الجنوبية باسناد من قوات التحالف، وتتصدرها فصائل الحراك الجنوبي والجماعات القبلية المسلحة الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي وجماعة "الاخوان المسلمين" والجماعات السلفية وجماعة "انصار الشريعة" وكذلك تنظيم "القاعدة" الذي باشر أخيراً إجراءات خلطت الأوراق بعد سيطرة مسلحيه على بعض المناطق في محافظات عدن وابين وحضرموت.

وفي ظل الانقسام في هذه المجموعة التي كانت متحالفة تحت مظلة "السهم الذهبي" لتحرير مدن الجنوب، يقلل سياسيون جنوبيون فرص نجاح التسويات الجديدة في حل الصراع، خصوصا أن الجنوب لا يزال مرشحا لأن يكون مسرحا لمعركة اثبات وجود بين هذه القوى مجتمعة والحراك الجنوبي الذي ينظر اليه باعتباره القوة الأبرز، نظرا الى ما يحظى به من مساندة شعبية كبيرة مؤيدة لمطالب فك الارتباط.

تضاف إلى ذلك المواقف التي أعلنتها قوات التحالف والعواصم العربية المشاركة وكذلك الرئيس هادي والتي بدت رافضة تماماً لمشروع الانفصال ومشددة على ضرورة المضي بخطة الانتقال إلى الدولة الفيديرالية. وتزامنت هذه المواقف مع قرارات اتخذها هادي لدمج أبرز قادة فصائل الحراك الجنوبي ضمن الحكومة الشرعية المقيمة في الرياض، إلى تعيينه قادة عسكريين من الحراك في مواقع رفيعة في الجيش والأمن.

وتطورت التباينات بين هذه القوى إلى مواجهات مسلحة بين افرادها في محيط القصر الرئاسي ومناطق عدة من محافظة عدن واتجاه بعضها إلى فرض السيطرة على مناطق مرافق حيوية في مدينة عدن، وشن هجمات مسلحة على مرافق حكومية كما حصل في مبنى الأمن السياسي ومبنى شرطة خفر السواحل وأجزاء من الميناء في منطقة التواهي بعدن والتي خضعت لسيطرة مسلحي "القاعدة" بالتوازي مع فرض مسلحي الحراك الجنوبي سيطرته على مناطق أخرى.

تبادل الاتهامات
ويتبادل هؤلاء الاطراف الاتهامات.
ويأخذ عدد من قادة فصائل الحراك الجنوبي على هادي سعيه إلى ابتلاع الجنوب والزج به في خندق خلافات واسعة بعد قراره تعيين بعض من قادة فصائل الحراك الجنوبي مستشارين للرئيس. فيما يرى آخرون ان "المؤامرات لإجهاض القضية الجنوبية مستمرة وأن سائر القوى الوطنية في الجنوب تناضل في سبيل احقاق الحق وعودة الجنوب دولة مستقلة". وثمة فريق ثالث يرى أن اندماج الحراك الجنوبي مع قوات التحالف والحكومة الشرعية حصل فقط "في اطار المهمة الرئيسية للحراك الجنوبي وهي استكمال تحرير الجنوب" وان "خطوة إعلان الاستقلال وترتيب الدولة الجنوبية تجري بوتيرة عالية بالتعاون مع قوات التحالف".