Date: Aug 16, 2015
Source: جريدة الحياة
خلافات تعرقل خفض نصف حكومة العبادي
عطّلت خلافات حادة بين الكتل السياسية العراقية أمس إصدار «حزمة إصلاحات حكومية جديدة» تشمل تقليص عدد الحقائب الوزارية إلى النصف، عبر دمج بعضها وإلغاء أخرى واستبدال وزراء «فاشلين».

وعلمت «الحياة» من مصادر موثوق بها أن تقسيم الوزارات بين القوى وفق نظام النقاط المعتمد على الأصوات الانتخابية، ومخاوف الكتل من خسارة تمثيلها في الحكومة، تعرقل تمرير حزمة الإصلاحات.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية اعتقال عدد من «المندسّين» اعتدوا على ناشطين مدنيين في التظاهرة التي نُظّمت في ساحة التحرير وسط بغداد مساء أول من أمس، وشهدت حضور مئات الآلاف من المحتجّين على الفساد الحكومي، واستمرت حتى ساعة متقدّمة ليلاً.

وقالت لـ «الحياة» مصادر مقرّبة من الحكومة إن رئيس الوزراء حيدر العبادي يجري مفاوضات صعبة مع قادة الكتل السياسية لتمرير الحزمة الثانية من الإصلاحات التي تستهدف «ترشيق» الحكومة، مشيرة إلى أنه كان مفترضاً أن يقرر مجلس الوزراء الخميس الماضي تفاصيل هذه الحزمة المتعلقة بالوزارات، لكن خلافات حادة حالت دون ذلك. ولفتت المصادر إلى أن قضية «الترشيق» تحتاج وقتاً ومفاوضات حساسة، لأن الكتل السياسية أبدت خشيتها من خسارة تمثيلها في الحكومة.

وأكدت المصادر أن توزيع الحقائب الوزارية على الكتل بعد الانتخابات، وفق نظام النقاط في احتساب المناصب وتوزيعها، تم وفق معادلة دقيقة ومعقّدة، ما يجعل إلغاء وزارات أو دمج بعضها مهمة صعبة، لأنه سيؤدي إلى إخراج بعض الكتل من الحكومة.

وأوضحت أن «ترشيق» الوزارات يتضمن دمج وزارتي النفط والكهرباء، والتجارة والصناعة، والصحة والبيئة، والتربية والتعليم العالي، والزراعة والموارد المائية، وإلغاء وزارتي حقوق الإنسان والمرأة نظراً إلى وجود هيئات مستقلة بهذه الاختصاصات، إضافة إلى استبدال عدد من الوزراء.

وأعلن محافظ كربلاء، عقيل الطريحي، وضع استقالته بتصرف العبادي، وقرر إلغاء مناصب نوابه ومستشاريه، فيما تعهّد محافظ ذي قار يحيى الناصري الذي حاصر المتظاهرون منزله، ملاحقة المديرين المقالين الذين يثبت تورطهم بالفساد.

وأعلن حزب «الدعوة» أمس تأييده نهج الإصلاح الذي أطلقه العبادي، موضحاً في بيان أن «ليست لديه أية مشاركة في أية لجنة حكومية للإصلاح». وقال النائب عن كتلة «دولة القانون» هشام السهيل لـ «الحياة» إن الحزمة الثانية من الإصلاحات «لن تكون سهلة»، ولكن «على رئيس الوزراء اتخاذ قرارات حاسمة وخطوات نحو تحييد قيادات سياسية فاسدة تعرقل الإصلاح».

كتلٌ سياسية تخشى خروجها من حكومة العبادي

أعلن رئيس اللجنة النيابية المكلفة في شأن تحقيق سقوط الموصل، حاكم الزاملي، أمس عن إنجاز تقرير سقوط المدينة، وأشار الى أن اللجنة ستصوت اليوم على الأسماء التي وردت فيه، وسط معلومات عن تورط مسؤولين وقادة عسكريين كبار. وقال الزاملي خلال مؤتمر صحافي أمس إن «تقرير سقوط الموصل وكذلك التقرير الموجز بشأن السقوط أنجز»، وأضاف أن «التقرير سيرفع بعد ذلك إلى مجلس النواب والادعاء العام».

من جهة أخرى، صوّت البرلمان أمس على مشروع قانون العمل، والقراءة الأولى لعدد من مشاريع القوانين وهي قانون تعويض متضرري مخيمات اللجوء من أبناء الانتفاضة الشعبانية، وقانون البرلمان وقانون نقابة الأكاديميين العراقيين، والقراءة الثانية لمشروعي قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي وقانون إصلاح النزلاء والمودعين.

وفي غضون ذلك، يواجه رئيس الوزراء حيدر العبادي اختباراً صعباً أمام إقناع الكتل السياسية بتقليص الوزارات ضمن حزمة إصلاح جديدة يسعى العبادي لإطلاقها خلال أيام، فيما تبدي الكتل خشيتها من خسارة تمثيلها في مجلس الوزراء مع إلغاء ودمج العديد من الحقائب الوزارية.

وأعلنت وزارة الداخلية اعتقال عدد من «المندسين» اعتدوا على متظاهرين من ناشطين مدنيين في التظاهرة التي جرت في ساحة التحرير وسط بغداد مساء أول من أمس وشهدت حضور مئات الآف من المحتجين واستمرت حتى ساعة متأخرة من ليل أول من أمس.

وقالت مصادر مقربة من الحكومة لـ «الحياة» ان رئيس الوزراء حيدر العبادي يجري مفاوضات صعبة مع قادة الكتل السياسية لتمرير الحزمة الثانية من الإصلاحات التي تستهدف ترشيق الحكومة عبر إلغاء وزارات ودمج اخرى وإقالة وزراء ثبت «فشلهم» وطالب المتظاهرون بإقالتهم. وأكدت المصادر أن توزيع الحقائب الوزارية على الكتل السياسية بعد الانتخابات وفق نظام النقاط في احتساب المناصب وتوزيعها على الكتل تم وفق معادلة دقيقة ومعقدة، وهو ما يصعب مهمة إلغاء وزارات او دمج بعضها مع بعض لأنه سيؤدي الى خسارة كتل تمثيلها مقابل تصاعد قوة تمثيل قوى أخرى.

وقال النائب عن كتلة «دولة القانون» هشام السهيل لـ «الحياة» أن على الحكومة استثمار الدعم الجماهيري ولكن هذا الدعم لن يكون مستمراً، وأشار إلى أن الحكومة ستجد نفسها تحت طائلة المساءلة والاستبدال بشكل كامل إذا ما فشلت في تنفيذ وعود الإصلاح. وتصاعدت موجة الاحتجاجات الشعبية في محافظات الجنوب والوسط وطالب المتظاهرون بإقالة المحافظين ورؤساء المجالس المحلية، وهو ما دفع السلطات المحلية فيها إلى اتخاذ إجراءات لبحث إقالة المسؤولين الكبار في المحافظة.

وكان العبادي طالب الجمعة السلطة القضائية باتخاذ «اجراءات جذرية» تؤكد استقلاليتها وتتيح للحكومة المضي في الإصلاح، بعد ساعات من تشديد المرجعية الشيعية العليا على ضرورة تأهيل القضاء. وأتت هذه الخطوات على وقع تواصل التظاهرات المستمرة في العراق منذ أسابيع للمطالبة بمكافحة الفساد وتحسين الخدمات، حيث نزل الآلاف أول من أمس إلى شوارع مدن عدة أبرزها بغداد، في استكمال لتحركات مطلبية تلقت الأسبوع الماضي دعم المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني.

وفي سيناريو مشابه لما جرى قبل أيام، بدا العبادي متسلحاً بغطاء المرجعية للاقدام على خطوات إصلاحية. فبعدما قدم العبادي حزمة الاصلاحات بعد يومين من دعوة السيستاني اياه ليكون أكثر جرأة ضد الفساد، طلب رئيس الوزراء من السلطة القضائية، المستقلة دستورياً، اتخاذ خطوات إصلاحية بعد ساعات من دعوة مماثلة من المرجعية.

ودعا العبادي «السلطة القضائية إلى القيام بسلسلة إجراءات جذرية لتأكيد هيبة القضاء واستقلاله وتمكينه من محاربة الفساد وتكريس مبدأ العدالة بين المواطنين»، وفق بيان لمكتبه تلقت وكالة «فرانس برس» نسخة منه. وأكد ان «الإصلاحات الواسعة التي دعا إليها تتطلب قضاء عادلاً ونزيهاً ومحترماً لدعم هذه الاصلاحات والوقوف في وجه مافيات الفساد وابعاد القضاء عن المحاصصة الحزبية والفئوية والطائفية»، مشدداً على احترامه والتزامه بالقضاء العادل والنزيه.

ووفق الدستور، يعد القضاء العراقي سلطة مستقلة، ولا يحق للمسؤولين التدخل في إجراءاته. ويعتبر مجلس القضاء الأعلى أعلى هيئة قضائية، ويقتصر دور وزارة العدل على إدارة السجون وتنفيذ الأحكام القضائية. ووفق تصريحات السياسيين العراقيين، يتوقع أن تشمل الاجراءات إقالة بعض المسؤولين، وإحالة متهمين بالفساد على التحقيق والمحاكمة، ما يجعل من دور السلطة القضائية محورياً في الاصلاحات المتوقعة.

وقبل ساعات من بيان العبادي، أعلن السيستاني تأييده للاصلاحات مؤكداً ضرورة إقرانها بخطوات اضافية أبرزها في المجال القضائي. وقال وكيل السيستاني الشيخ عبدالمهدي الكربلائي في خطبة الجمعة «قد أعلن في الأيام الأخيرة اتخاذ عدة قرارات في سبيل إصلاح المؤسسات الحكومية ومكافحة الفساد فيها وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية». وأضاف «ونحن، اذ نقدر ذلك، ونأمل ان تجد تلك القرارات طريقها الى التنفيذ في وقت قريب، نود الإشارة إلى أن من أهم متطلبات العملية الاصلاحية اولاً اصلاح الجهاز القضائي، فإنه يشكل ركناً مهماً في استكمال حزم الاصلاح، ولا يمكن أن يتم الاصلاح الحقيقي من دونه».

واعتبر اصلاح القضاء «المرتكز الأساس لاصلاح باقي مؤسسات الدولة».