Date: May 25, 2015
Source: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: احتدام المعارك السياسية عند تخوم عرسال وملتقى نيابي رافض للشغور غداً في بكركي
حجبت المواقف السياسية التصعيدية الجانب المظلم من الذكرى السنوية الاولى للشغور في سدة الرئاسة الاولى، فرسمت مشهداً أكثر سواداً من الفراغ، ومن ذكرى تحرير ضاعت معالمه سواء في الحروب الداخلية أم بالتورط في حروب الآخرين. واذ نفى الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله اعلان التعبئة العامة في صفوف حزبه لمواصلة معارك القلمون، أعلن بوضوح تمدد الحرب الى جرود عرسال، داعياً الى الفصل بين البلدة ومحيطها. ووجه رسائل تخويف الى "تيار المستقبل" أولاً، كما الى المسيحيين عموماً، وبالطبع أعلنها معركة دفاع وجودية عن الشيعة.

وسأل نصرالله المسيحيين: "هل ان مواقفَ الرابع عشر من آذار ستحميكم من الذبحِ والسبي وتضمنُ سلامة كنائسِكم؟". واذ اعطى "الضمانةَ والأمانَ إذا انتصر النظام في سوريا"، سأل: "هل اذا انتصرت داعش والنصرة تشكلون الضمانة لأنفسكم قبل ان تشكلوا ضمانة لبقية اللبنانيين؟". وأضاف: "لن نقبل ببقاء ارهابي واحد في جرود عرسال، وهذا القرار سيحمي أهل عرسال أنفسهم". ورأى أنه "بعد بكير ع اعلان التعبئة ولكن إذا اعلن حزب الله ذلك ستجدوننا في كل الميادين".

في المقابل، كان حليفه العماد ميشال عون يطلق مواقف اتسمت بنبرة متوترة السبت، فقال: "لسنا في موقع ضعف وسنواجه كل من يريد المس بكرامتنا. نحن الأوصياء على الوطن ولن نسمح لأحد بـأن يفرض علينا رئيساً للجمهورية ولا أحد يعين لنا رئيسنا وقائد جيشنا، بل نحن من يعينهما ومن لا يعجبه الامر يضرب راْسه بالحيط. الشعب هو سيعيّن رئيس الجمهورية ولا احد سيمنعكم. لا أريد دمكم وأموالكم بل أريد فقط اقدامكم".

الحريري
وسارع الرئيس سعد الحريري الى الرد على نصر الله، فقال باسم "تيار المستقبل" إن "الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية هي ضماننا وخيارنا وملاذنا، وأي كلام على ضمانات أخرى أمر موهوم ومرفوض وخوض عبثي في مشاريع انتحارية. وإن الدفاع عن الارض والسيادة والكرامة ليس مسؤولية حزب الله لا في عرسال ولا في جرودها ولا في أي مكان آخر، وموقفنا من داعش وقوى الضلال والارهاب لا يحتاج إلى شهادة حسن سلوك من أحد".

أضاف: "لا معادلة ذهبية لحماية لبنان سوى معادلة الإجماع الوطني والتوقف عن سياسات التهديد والوعيد والتلويح بالقبضات. وأن معادلة الحشد الشعبي لا مكان لها في لبنان، ولن نغطي اي دعوة لذلك تحت أي ظرف من الظروف.(...) منذ سنوات ونحن ننادي بوضع استراتيجية وطنية تحمي لبنان من الاٍرهاب والحرائق المحيطة، وتعترف للجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية بالحقوق الحصرية في حماية الأمن الوطني. ولكنهم كل مرة يبذلون الجهد تلو الجهد لتعطيل هذه المهمة الوطنية، ويخرجون على اللبنانيين بأن جيشهم عاجز وقاصر، وان جيش الحزب وحرسه الثوري هو الوحيد القادر على درء الاخطار".

الرئاسة
وفي الذكرى السنوية الاولى للفراغ الرئاسي، علمت "النهار" أن النواب المسيحيين الذين يشاركون في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية سيلتقون قبل ظهر غد الثلثاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للاعراب عن موقف يشدد على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي. وينتمي هؤلاء النواب الى كتل قوى 14 آذار والوسطيين والمستقلين، وسيدلي ممثلوهم بمواقف في هذه المناسبة.

وفي الاطار نفسه، يجتمع أعضاء "اللقاء التشاوري" الذي يضم وزراء الكتائب الثلاثة، ووزراء الرئيس ميشال سليمان الثلاثة، والوزيرين بطرس حرب وميشال فرعون، قبل ظهر اليوم في منزل الرئيس أمين الجميّل في حرج تابت. وسيصدر عن المجتمعين بيان علمت "النهار" أنه سيركز على "مرور عام على الشغور الرئاسي وتداعياته الدستورية والوطنية "، كما سيتطرق الى "الوضع العام على المستوى الامني وضرورة تحصين حدود لبنان الشرقية".

برّي
من جهته، ردد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره انه مضى على الشغور 14 شهراً وليس 12 شهراً "لانه كان علينا ان ننتخب رئيساً للبلاد بدءاً من 24 آذار 2014 عند بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس".

وسئل من يتحمل المسؤولية، فأجاب: "إن ما حصل هو فشل لجميع القوى السياسية والكتل النيابية. والجميع يتحملون المسؤولية من دون استثناء. والمفارقة أننا عندما بدأت المهلة الدستورية للانتخاب، كنا في وضع افضل بكثير مما هي الحال اليوم، اذ كانت الحكومة تتحمل مسؤولياتها وقامت بدفعة من التعيينات الكبيرة. كذلك كان مجلس النواب يشرّع في شكل افضل، على عكس الوضع الذي يمر به اليوم، وبعد خمسة أيام ينتهي العقد العادي للبرلمان وتنتظره ثلاثة أشهر من الموت، اضافة الى ان الحكومة لا تعمل في الشكل المطلوب أيضاً حيث تتناول في جلساتها الاخيرة بنوداً عادية".

مجلس الوزراء
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن الجلسة العادية لمجلس الوزراء الخميس المقبل صارت أمام واقع الدخول في نقاش حول موضوع عرسال بعد تأجيله في جلسات سابقة. وقالت إن مقاربة هذا الموضوع تشمل بلدة عرسال وتلالها ومصير العسكريين المخطوفين وأمن بلدات البقاع الشمالي. وفي هذا الاطار صرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بأنه "لايجوز ترك هذا الأمر في يد 8 آذار وسنسأل: هل قام الجيش بواجباته أم أن غيره قام بغير واجباته مما أدى الى توريط لبنان وتحويل تلال عرسال بؤراً أمنية؟".

وعلم أن جدول أعمال الجلسة حافل بالبنود الخلافية ومنها ما يتعلّق بمخصصات المستشفيات الحكومية والخاصة وتعيين مجالس إدارات للمستشفيات الحكومية في الكرنتينا وبعبدا والضنية وعدد من مناطق الجنوب وتحويل 30 جمعية تابعة لفريق واحد جمعيات ذات منفعة عامة.

نصرالله 

عباس الصباغ
حدّد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله توجهات حزبه عسكرياً وسياسياً للمرحلة المقبلة في خطاب يمكن وصفه بأنه مفصلي أمس.

تحدث نصرالله عبر شاشة في احتفال حاشد في الذكرى الـ15 لـ"الانتصار والتحرير" بمشاركة رسمية وحزبية وديبلوماسية وجموع من المناصرين ولفت حضور ممثل لرئيس الحكومة تمام سلام الذي اوفد اول من امس ممثلاً الى احتفال مماثل لحركة "امل" في بنت جبيل. كذلك لفت ظهور عسكري كان الحزب قد تخلى عنه منذ سنوات خلال احتفالاته العلنية.
نصرالله استهل كلمته بتوجيه "العزاء والمؤاساة إلى أهلنا في بلدة القديح في القطيف على ما اصابهم في التفجير الإرهابي". سائلاً الله "أن يعينهم على مواجهة الخطر المحدق ويحميهم".

وشكر "كل الذين ساهموا في المقاومة وبأشكال مختلفة". واعاد التذكير بمرحلة الاجتياح الاسرائيلي وما رافقها وذكر "من رحبّوا بالاحتلال" من دون ان يسميهم ووصفهم بـ"الجزء المكمل للاحتلال"، واضاف: "بعض اللبنانيين كان لهم فهم واضح وتشخيص صحيح لأهداف الاجتياح وللخطر الإسرائيلي ولم يصدقوا ما كان يقال، ومع الأسف كان هناك آخرون على موجات مختلفة، بعضهم كان يراهن على الاجتياح ويعلق عليه الآمال ويدخل معه مناطق لاحتلالها ويشارك في المجازر وبعض هؤلاء أكمل هذه المساعدة حتى إلى يوم 25 أيار في العام 2000، والبعض الآخر لم ير في الاجتياح مشكلة لكنه لم يتعاون، وهناك صنف آخر كان على الحياد في المطلق لا يعنيه أي شيء بل يبحث في مشاكله الشخصية ليحلها، لكن كان هناك صنف لديه فهم صحيح لهذا الخطر ورتب على هذا الفهم موقفا وكانت له ارادة (...) وفي ضوء الفهم والتشخيص وتوافر الارادة والعزم، انطلقت المقاومة المسلحة، اللبنانية والإسلامية والفلسطينية، هذه المقاومة بمختلف قواها وفصائلها نجحت خلال 3 سنوات فقط في إلحاق الهزيمة بالاسرائيلي وفرضت عليه من دون قيد أو شرط الانسحاب من بيروت ومناطق اخرى وصولا إلى الشريط الحدودي المعروف وثبتت من خلال هذه الوقائع جدواها ومع ذلك استمر النهج السياسي والإعلامي الطاعن (...)".

وخلص الى ان "التاريخ يعيد نفسه اليوم بعناوين جديدة. والمشروع الذي يتهدد دول المنطقة ومجتمعاتها وجيوشها هو هذا المشروع التكفيري المتوحش. نموذج هذا المشروع هي داعش، ونحن الآن أمام مشروع يتحرك على الأرض ولا نتحدث عن نيات مشروع يسفك ويقتل ويذبح وينهب ويعبر عن وحشية تجاه كل ما هو حضاري أو انساني. داعش ليس مجموعة صغيرة بل هو يمتد، هو موجود على مساحة من سوريا والعراق وفي سيناء وفي اليمن وأفغانستان وباكستان وليبيا وشمال افريقيا ونيجيريا، وأول من أمس عبر عن وجوده الميداني في السعودية، ويمكن أن يعبر عن وجوده في كل مكان(...)".

ووصف خطر المشروع التكفيري بأن لا مثيل له في التاريخ. ويطاول الجميع من دون تفرقة، وتطرق الى الخلافات بين "داعش" و"النصرة" وتابع: "نصيحتي للمراهنين والساكتين راجعوا حساباتكم، لأنكم ستكونون أولى ضحايا داعش والنصرة، وأولى الضحايا قادة ونواب "تيار المستقبل". الكل سيكون ضحايا داعش والنصرة، أريد أن اسأل المسيحيين: هل موقف قيادات 14 آذار يحميكم من القتل والدمار ويحمي كنائسكم؟(...)".

وقلل نصرالله اهمية الغارات الاميركية على "داعش" وقال ان "جحافلهم تتنقل تحت اعين الاميركيين"، وخلص الى ان "الخيار هو اعتماد العراقيين والسوريين واليمنيين واللبنانيين على انفسهم لمحاربة داعش والنصرة"، واصفاً المعركة بأنها "معركة الوجود"، داعياً الجميع في لبنان والمنطقة الى تحمل مسؤولياتهم في مواجهة هذا الخطر والخروج من الصمت والحياد"، معتبراً ان "المقاومة ستشكل الضمان للبنان في حال انتصار النظام السوري على داعش والنصرة".

وكرر دعوته الحكومة الى تحمل مسؤوليتها في جرود عرسال قائلاً ان "معركة جرود القلمون متواصلة حتى يتمكن الجيش السوري ولجان الدفاع الشعبي وعناصر المقاومة من تأمين على الحدود اللبنانية السورية". وأضاف متحدثاً عن عرسال: "عندما كان لحمنا ودمنا يمزق في الهرمل والنبي عثمان والضاحية وقفنا وقلنا ان اهل عرسال اهلنا ولا نرضى ان يمسهم احد بسوء(...)"، وتحدث عن طريقة تعاطي اهل بعلبك - الهرمل مع اهالي عرسال"، مذكّراً بأن وزير الداخلية (نهاد المشنوق) قال ان عرسال ارض محتلة، فتفضلوا وتحملوا المسؤولية ولا تتهربوا من مناقشة هذا الامر في مجلس الوزراء وأثبتوا أنكم دولة. وأنا أعرف أن الأغلبية من أهل عرسال باتوا يشعرون بهذا العبء، ونحن يا أهل عرسال جاهزون لتقديم المساعدة لكم لكن على الدولة تحمل مسؤوليتها".

وقال: "ان اهلنا الشرفاء في بعلبك - الهرمل لن يقبلوا ببقاء ارهابي او تكفيري واحد في جرود عرسال. وهذا القرار يحمي أهل عرسال أولاً ليتمكنوا من الذهاب الى مقالعهم وبساتينهم". وكرر إعلانه التمسك بـ"المعادلة الذهبية، اي الجيش والشعب والمقاومة"، وضرورة تعميمها على العالم العربي.

وللمرة الاولى كشف ان "حزب الله يقاتل في المحافظات السورية كافة وان قتالنا هناك لحماية لبنان"، وكرر انتقاداته للسعودية داعياً الى "وقف العدوان على اليمن والدخول في حوار"، واعاد انتقاد حكومة البحرين.

وختم متوجهاً الى اسرائيل: "نحن لا نغفل عيوننا عن العدو (...) واعلموا يا اهلنا في الجنوب وحاصبيا ولبنان ان المقاومة في اعلى جهوزيتها والعدو يعرف اكثر من اللبنانيين"، ثم الى "بعض اللبنانيين": "عيب عليكم تعداد شهدائنا لاننا فخورون بهم".
وأوضح انه لم يدع الى التعبئة العامة "حتى اليوم" وقال: "اقسم بالله العظيم لم يمر زمان على هذه المقاومة كما هو اليوم(...)".