Date: Apr 23, 2015
Source: جريدة الحياة
السجن 20 عاماً لمرسي و12 من «الإخوان»
أصدرت محكمة جنايات القاهرة أمس الأول حكماً بحق الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وقضت بسجنه و12 آخرين من مساعديه وقيادات «الإخوان المسلمين» 20 عاماً، بعد إدانته في قضية «أحداث الاتحادية» التي شهدت مقتل متظاهرين معارضين له.

وكان أعضاء في جماعة «الإخوان» هاجموا اعتصاماً أمام قصر الاتحادية الرئاسي نظمه متظاهرون رافضون إعلاناً دستورياً أصدره مرسي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 إبان توليه الرئاسة، ما أدى إلى مقتل متظاهرين أحدهم صحافي وجرح آخرين بينهم أشخاص احتجزهم مناصرو مرسي في القصر الرئاسي وعذبوهم.

وتضمنت قائمة المحكومين بالسجن المشدد لمدة 20 عاماً، كلاً من مرسي ومدير مكتبه السابق أحمد عبدالعاطي ونائب رئيس ديوان الرئيس السابق أسعد الشيخة والمستشار الأمني للرئيس السابق أيمن عبدالرؤوف هدهد والقياديين في «الإخوان» عصام العريان ومحمد البلتاجي، إضافة إلى العضوين في الجماعة علاء حمزة ورضا الصاوي، وكلهم موقوفون.

كما عاقبت المحكمة الداعية المحسوب على «الإخوان» وجدي غنيم والعضوين الشابين في الجماعة عبدالرحمن عز وأحمد المغير، إضافة إلى لملوم مكاوي وهاني توفيق، وكلهم فارون، بالسجن المشدد 20 عاماً.

وقالت المحكمة أن الحكم الصادر بالإدانة بحق مرسي ورفاقه يأتي في ضوء إدانتهم بـ «عرض القوة والعنف، والقبض والاحتجاز المقترن بالتعذيب البدني للمتظاهرين المجني عليهم». وأمرت بوضع المحكومين تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات عقب انتهاء فترة العقوبة.

كما قضت المحكمة بمعاقبة القيادي السلفي جمال صابر والمتهم عبدالحكيم إسماعيل بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات لكل منهما، عن جرائم «عرض القوة والعنف والقبض والاحتجاز المقترن بالتعذيب البدني للمتظاهرين المجني عليهم». وقررت وضعهما تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات عقب انتهاء فترة العقوبة.

وتضمن منطوق الحكم براءة جميع المتهمين في القضية من اتهامات «القتل العمد وإحراز أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص». كما رفضت المحكمة كل طلبات المحامين الذين دفعوا بعدم اختصاصها بالنظر في القضية، استناداً إلى إجراءات محاكمة الرئيس في الدستور السابق.

وحضر المتهمون الموقوفون أمس جلسة النطق بالحكم، ونُقل مرسي من محبسه بطائرة إلى مقر المحاكمة في أكاديمية الشرطة في ضاحية التجمع الخامس التي شهدت إجراءات أمنية مكثفة.

ولم يُسمح لأي من المتهمين بالحديث، إذ تلا رئيس المحكمة الأحكام وغادر قاعة المحكمة، وشوهد مرسي يلوح من خلف القفص الزجاجي بيديه، في ما بدا أنه تحية للحاضرين في قاعة المحكمة بعد النطق بالأحكام، وأبدى عدم اكتراث بها.

ويُنتظر أن تصدر أحكام أخرى ضد مرسي الشهر المقبل في قضيتي الفرار من السجن إبان الثورة و «التخابر» لمصلحة قطر.

ولوّح محكومون من داخل القفص بإشارات أظهرت عدم اهتمامهم بتلك الأحكام، ولم تُسمع كلماتهم، إذ أغلقت قوة تأمين قاعة المحكمة مكبرات الصوت التي تسمح بتواصل الموقوفين داخل القفص مع الحضور في القاعة. وللمحكومين الحق في الطعن على الأحكام الصادرة ضدهم.

وقال لـ «الحياة» محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود أن هيئة الدفاع عن قيادات الجماعة ستنتظر إصدار المحكمة حيثيات الحكم خلال 30 يوماً، وبعد ذلك سنتخذ إجراءات الطعن بالنقض، على الأحكام الصادرة ضد جميع المحكومين، باستثناء مرسي. وأضاف: «سنعود إليه أولاً قبل اتخاذ أي قرار قانوني في شأنه».

ورفض مرسي طوال جلسات المحاكمة توكيل محامٍ عنه، معتبراً أنه ما زال رئيساً، ما دفع المحكمة إلى مخاطبة نقابة المحامين لتكليف محام منها للدفاع عنه، وفقاً لمقتضيات القانون. لكن إجراءات الطعن بالنقض تتطلب موافقة المُدان شخصياً، ومن ثم لن يجوز الطعن على الحكم الصادر ضد مرسي نيابة عنه قبل موافقته.

وأوضح عبدالمقصود أنه «لا بد لأي محكوم في أي قضية من أن يُعلم بالحكم في محبسه، ثم يقرر الطعن شخصياً. وعدا ذلك لا يمكن المضي في إجراءات الطعن، ومن ثم لن نستطيع التحرك قبل أن يتخذ الدكتور مرسي قراره»، لافتاً إلى أنه في حال قرّر عدم الطعن خلال 60 يوماً سيصبح الحكم «نهائياً وباتاً»، ولا يمكن إلغاؤه في أي شكل من أشكال التقاضي.

وفي محاولة للالتفاف على هذه المقاطعة، ميّز عبدالمقصود بين رفض التعامل مع محكمة الجنايات وبين التعامل مع محكمة النقض، معتبراً أن الطعن على الحكم «لا يعني الاعتراف بشرعية المحاكمة». وقال: «سنعرض الأمر على الدكتور مرسي. هو ليس معترفاً بشرعية المحاكمة، وبالتالي يجوز له الطعن على الإجراءات الخاطئة التي اتخذت بحقه في محكمة الجنايات».

لكن، لا يُتوقع أن تقبل محكمة النقض طعن مرسي على الإجراءات بدعوى «ما زال رئيساً». غير أن عبدالمقصود قال أن «محكمة النقض ليست لها علاقة بموضوع القضية. يمكن أن نضع أسباباً عدة للطعن في حال وافق الدكتور مرسي، ولمحكمة النقض أن تأخذ ولو حتى بسبب واحد من بين تلك الأسباب».

وبدأت محكمة الجنايات أولى جلسات محاكمة مرسي في القضية في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، وعقدت جلسات مطولة على مدى شهور استمعت خلالها لطلبات هيئة الدفاع وشاهدت الأدلة المصورة وناقشت الشهود واستمعت إلى مرافعة النيابة العامة ومرافعات هيئة الدفاع عن المتهمين، إلى أن انتهت إلى إصدار قرارها في 8 كانون الثاني (يناير) الماضي بحجز الدعوى للنطق بالحكم أمس.

وكانت أحداث قصر الاتحادية التي وقعت في كانون الأول (ديسمبر) 2012، شهدت اعتداء أعضاء جماعة «الإخوان» على متظاهرين رافضين إعلاناً دستورياً مكملاً أصدره مرسي وتضمن عزلاً للنائب العام السابق عبدالمجيد محمود من منصبه، وتحصين القرارات الرئاسية كافة من الطعن عليها أمام القضاء، وتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور اللذين تهيمن عليهما جماعة «الإخوان» من الطعن عليهما أمام المحكمة الدستورية العليا أو أية جهة قضائية.

واحتشدت قوى المعارضة أمام قصر الاتحادية للتعبير عن رفضها الإعلان الدستوري وأعلنت اعتصامها. وذكرت التحقيقات أن مرسي طلب من قائد الحرس الجمهوري اللواء محمد زكي ووزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين مرات عدة فض الاعتصام، غير أنهما رفضا تنفيذ ذلك «حفاظاً على أرواح المعتصمين»، ما دعا مساعدي الرئيس السابق إلى استدعاء أنصارهم، وحشدهم في محيط قصر الاتحادية لفض الاعتصام بالقوة، وخطفوا 54 شخصاً واحتجزوهم إلى جوار سور قصر الاتحادية وعذبوهم. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل وجرح عشرات.

واعتبرت جماعة «الإخوان» في بيان أمس أن الأحكام بحق مرسي ورفاقه «باطلة تريد بها سلطة باطلة أن تفرض واقع الجبروت، وسينقلب عليها هذا الظلم باستمرار الثورة والغضب الشعبي، ولن يدفع هذا الحكم ثبات الرئيس محمد مرسي والثوار قيد أنملة إلى الخلف».

ورأت أن «كل هذه الأحكام الزائفة ستسقط كما سيسقط الانقلاب». وتوقعت أن «يؤجج» الحكم «الغضب الشعبي». وتوعدت السلطات المصرية بـ «أيام سوداء ننقذ فيها مصر». وقالت أنها «في طريقها الثوري لن تتراجع، ولن تسمح لعنف الانقلاب وتفجيراته وجبروته بأن يستمر».

ووصف «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان»، الحكم بأنه «هزلي». وأكد «رفضها مبدأ محاكمة الرئيس الشرعي المنتخب». ورأى أن الأحكام «هي والعدم سواء»، وأنها «صادرة من غير ذي صفة». وقال أن «شغله الشاغل هو تفعيل الحراك الثوري لإسقاط الانقلاب... وهو ما يسقط بالتبعية كل عمليات الاعتقال والتنكيل».

ونقلت وكالة «رويترز» عن ابن مرسي أسامة أن حكم السجن لن يكسر تصميم والده على العودة إلى الحكم. وقال: «إنه يعرف جيداً أنه رجل صاحب مهمة. المهمة هي طريق الديموقراطية التي كسبناها في الثورة... سنستردها. الرئيس مرسي يعرف هذا جيداً. لا تقلقوا على معنوياته... إنه بخير تماماً بدنياً ونفسياً». واعتبر أن الدعاوى ضد والده «ذات دوافع سياسية وتهدف إلى محو فترة حكمه من التاريخ. إنها إحدى الخطوات التي يقوم بها النظام الحاكم لإضفاء الطابع الدستوري والشرعي عليه».

ودعت منظمة «العفو الدولية» أمس إلى إعادة محاكمة مرسي أو الإفراج عنه. ورأت في بيان أن الحكم «عدالة صورية تبدد أي أوهام متبقية عن استقلال النظام القضائي ونزاهته في مصر»، متحدثة عن خلل في الإجراءات.