هبطت طائرتان تحملان مساعدات طبية، الاولى للجنة الدولية للصليب الاحمر والثانية لصندوق الامم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" في صنعاء الجمعة، فيما استمرت الغارات الجوية التي يشنها تحالف "عاصفة الحزم" على المتمردين الحوثيين وخصوصا في الجنوب، وأقر البرلمان الباكستاني مشروع قانون يحض إسلام اباد على التزام الحياد في الصراع الدائر في اليمن، ويعبر عن الدعم للسعودية ويدعو الفصائل كافة الى حل خلافاتها سلميا.
طلبت الامم المتحدة أمس "هدنة انسانية فورية لبضع ساعات" على الاقل يوميا في اليمن للسماح بنقل مزيد من المساعدات الى البلاد. وصرحت الناطقة باسم الصليب الاحمر في اليمن ماري كلير فغالي التي كانت في مطار صنعاء اثناء هبوط الطائرة: "انها الطائرة الاولى للجنة الدولية للصليب الاحمر تهبط في صنعاء، وهي محملة بـ16 طنا من المساعدات الطبية" تشمل "ادوية ومعدات جراحية"، و"غدا (السبت)، من المفترض ان تصل طائرة ثانية تحمل 32 طنا من المساعدات الطبية، ومولدات كهربائية ومعدات لتنقية المياه مخصصة لمستشفيات صنعاء".
وبعد ذلك بساعات قليلة، وصلت طائرة تابعة لـ"اليونيسيف" الى مطار صنعاء حاملة 16 طناً من المساعدات الطبية. وقال الناطق باسم الصندوق محمد الاسعدي إن الشحنة تتضمن "ادوية ومضادات حيوية ومستلزمات الاسعافات الاولية".
وقال ممثل "اليونيسيف" في اليمن جوليان هارنييس خلال زيارته جنيف الخميس: "سنشهد تفاقما لسوء التغذية خلال الاسابيع المقبلة، هذا مؤكد ويا للاسف. صعوبة الوصول الى المياه وزيادة اسعار الاغذية وصعوبة التجول ونقص مياه الشرب كلها مجتمعة مع تراجع خدمات الدولة ستؤدي الى تراجع عدد الاطفال الذين يتوجهون الى المدارس وزيادة في سوء التغذية".
ويزيد صعوبة الوضع ان اليمن من الدول الاكثر فقرا ومعاناة لسوء التغذية المزمنة التي طاولت نحو 48 في المئة من السكان في 2014. ونجحت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الاربعاء في ايصال سفينة الى مدينة عدن في جنوب اليمن محملة مساعدات طبية. وأوضحت مسؤولة المنظمة في اليمن ماري- اليزابيث اينغرس أن فريقاً طبياً من خمسة عاملين في منظمة "اطباء بلا حدود" وصلوا على متن السفينة.
وفي اليوم نفسه، نقلت منظمة "اطباء بلا حدود" طنين ونصف طن من المعدات الطبية الى عدن، في خطوة هي الاولى من نوعها منذ بدء الغارات الجوية بقيادة السعودية على الحوثيين في اليمن في 26 آذار الماضي.
الغارات في غضون ذلك، استمرت غارات التحالف على انحاء اليمن، وخصوصاً على مواقع الحوثيين وحلفائهم في الجنوب، كما استمر القتال بين المتمردين والمقاتلين الموالين للرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي. وروى سكان ومسؤولون محليون أن التحالف استهدف ليل الخميس - الجمعة مواقع للمتمردين الحوثيين في الجنوب بغارات "هي الاعنف" منذ بداية العملية العسكرية. وقال احد سكان الضاحية الشمالية لعدن كبرى مدن جنوب اليمن ان "الغارات بدأت في عدن قرابة العاشرة مساء (19:00 بتوقيت غرينيتش) وكانت الاعنف منذ بدء عملية عاصفة الحزم".
واكد سكان آخرون ان الغارات استمرت فترة طويلة من الليل، واستهدفت خصوصا مقر بلدية دار سعد عند المدخل الشمالي لمدينة عدن، بعد ساعات من وصول تعزيزات من المقاتلين الحوثيين وقوات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح الى المبنى وتوابعه. كذلك استهدفت مواقع اخرى، وخصوصا محيط الملعب الرياضي في وسط المدينة، ونقاط مراقبة يسيطر عليها المتمردون.
وفي عتق، كبرى مدن محافظة شبوة شرق عدن، التي سيطرت عليها القوات الموالية لعلي صالح الخميس، أفاد مسؤول محلي ان الغارات كانت "بالغة العنف". وقال مسؤول آخر في المحافظة ان قاعدة عسكرية قريبة من المدينة استهدفت، الى مستودع للاسلحة في قاعدة مرة غرب عتق. واستهدفت ايضا مواقع للمتمردين في محيط مدينة لحج الواقعة شمال عدن.
الى ذلك، تحدث شهود عيان عن شن المقاتلات غارات على مواقع القوات الموالية لعلي صالح في محيط صنعاء، وخصوصاً في قاعدة الديلمي الجوية، وفي محافظة عمران شمال صنعاء، الى محافظة ابين الجنوبية.
وفي جنوب اليمن حيث تتركز المعارك بين انصار هادي ومعارضيه، قتل 19 من المتمردين الحوثيين في هجومين أمس، هم 12 قتلوا في مكمن نصبه المقاتلون الموالون لهادي في الضالع وسبعة في تفجير انتحاري بسيارة في مركز استولى عليه الحوثيون في منطقة بيحان بمحافظة شبوة الجنوبية.
وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون جدد مساء الخميس دعوته الى الحوار لحل النزاع في اليمن، محذرا من "تداعيات اقليمية". وقال: "تجب العودة الى المفاوضات السياسية... وعلى جميع الاطراف المشاركين بحسن نية. لا حل آخر".
التصويت الباكستاني واخيرا صوّت البرلمان الباكستاني بالاجماع الجمعة على التزام الحياد في النزاع الدائر في اليمن، رافضا طلب السعودية من اسلام آباد المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده ضد الحوثيين. واكد المشروع الذي أقر خلال جلسة استثنائية لمجلسي الجمعية الوطنية الباكستانية دعم التزام الحكومة حماية اراضي السعودية التي لم تواجه حتى الآن اي تهديد في النزاع. وكانت السعودية قد دعت باكستان للانضمام الى التحالف الذي تقوده في اليمن، وطلبت من إسلام اباد سفنا وطائرات وقوات. وعبر أعضاء البرلمان الباكستاني عن رفضهم المشاركة العسكرية في اليمن. ومن المرجح أن يسبب هذا القرار شعوراً بخيبة الأمل لدى السعوديين.
وجاء النص: "يعبر برلمان باكستان عن قلقه الشديد لتدهور الوضع الأمني والإنساني في اليمن وتداعيات ذلك على السلام والاستقرار في المنطقة"، و"يود أن تلتزم باكستان الحياد في الصراع في اليمن كي تتمكن من الاضطلاع بدور ديبلوماسي وقائي لإنهاء الأزمة".
وكان الجيش الباكستاني الذي حكم البلاد أكثر من نصف تاريخها، قال إنه سيحترم قرار الحكومة المدنية. ولم يتضح على الفور ما سيحصل لاحقا بالنسبة الى القرار، لكن الحكومة أشادت بشفافية العملية.
وصرح وزير الإعلام الباكستاني برويز رشيد لوسائل الإعلام: "هذه المرة الأولى تصنع السياسة الخارجية الباكستانية خلف الأبواب المغلقة... في الخفاء... هذه المرة الأولى تصنع السياسة من خلال البرلمان وممثليه الذين اختارهم 180 مليونا من سكان البلاد. كل كلمة في مشروع القرار لها قدسية". |