Date: May 12, 2011
Source: جريدة كل الأردن
نحن والخليج: أسئلة المستقبل - محمد ابو رمان

لا جدال حقيقيا بأنّ ترحيب مجلس التعاون الخليجي بانضمام الأردن إليه يمثل اختراقاً استراتيجياً للدبلوماسية الأردنية، ويدفع بنسبة كبيرة من الرأي العام المحلي إلى رفع "سقف التوقعات" من هذه الخطوة، وتحديداً في مجال حل المعضلات الاقتصادية الوطنية، وفي مقدمتها توفير فرص عمل لفئات متنوعة في الجوار الخليجي والدعم المتوقع لمواجهة الأزمة المالية.
إلاّ أنّ المسألة لم تحسم تماماً بعد. فالترحيب هو بادرة "حسن نية"، لكن لا توجد إلى الآن تصورات على الطاولة حول "صيغة" هذا الانضمام، فالإعلان الأولي خلق تساؤلات حول المدى الزمني، وفيما إذا كانت عضوية مساوية وموازية تماماً لباقي دول مجلس التعاون، بما فيها حرية الانتقال والعمل وباقي الامتيازات الكبيرة للمواطنين، أم أنّنا سندخل في عملية من مراحل متعددة وسنوات طويلة.


مهما كانت "الصيغة" المطروحة، فإنّنا أمام "منافع اقتصادية" متوقعة، ستساهم غالباً في دعم الاقتصاد الوطني. لكن هنالك في المقابل على الكفّة الأخرى من المعادلة، هواجس سياسية واجتماعية-ثقافية، تترتب على انخراط الأردن بصورة أكبر في المنظومة الخليجية.
سياسياً، هنالك خشية أن يؤثّر هذا الانضمام على مشروع الإصلاح السياسي في البلاد، من زوايا مختلفة، يتعلق أولها بمخرجات العملية الديمقراطية ومن زاوية ثانية، فإنّ أحد الشروط الرئيسة التي خلقت مناخ الترحيب الخليجي بالأردن يكمن في البيئة الأمنية الإقليمية الجديدة في المنطقة، مع الثورات الديمقراطية العربية، وهو ما يدفع إلى "القلق" من عودة القوة للمتغير الأمني في السياسة الخارجية، ومنحه ذرائع جديدة (أو إعادة إنتاج مبرراته) في اللعبة الداخلية.


ومن زاوية ثالثة، وبرغم أنّ الدبلوماسية الأردنية استطاعت أن تكرّس لأول مرة معادلة جديدة مع دول الخليج تقوم على تبادل الأمن والمصالح، وهو تطوّر جيد يضع الدور الإقليمي الأردني في موقع القوة وليس الضعف، إلاّ أنّ "الدور الأمني" لن يكون بالضرورة محل توافق سياسي داخلي ولا رضى شعبي، وهو ما يخلق قلقاً من اصطدامه بالرأي العام لاحقاً في حالات متعددة.
اجتماعياً وثقافياً، فإنّ هنالك اشتباكاً أكبر سيكون بين "الثقافة الشامية" لشريحة واسعة من سكان المملكة مع الثقافة الخليجية، وهو ما يطرح تساؤلات فيما إذا كان الأردن قادراً على تسويق وتقوية نموذجه الثقافي-الاجتماعي، أم أنّه سيرتبك ثقافياً واجتماعياً أمام النموذج الخليجي.


في الإطار نفسه، فإنّ الدخول إلى المنظومة الخليجية سيؤدي إلى تقارب أكبر بين المجتمع الأردني والمجتمعات الشقيقة التي تمتلك إمكانات مالية أكبر، تنعكس على الأنماط الاستهلاكية، والفجوة المتسعة التي تعاني منها البلاد، أصلاً، بين الطبقتين الغنية والفقيرة.
هذه التحرّزات والتساؤلات لا تقلل أو تحدّ من أهمية الخطوة الجديدة، ومدى المنافع التي يمكن أن تترتب للأردن عليها، لكن المطلوب في الوقت نفسه أن تكون لدينا رؤية وطنية- حضارية/ ثقافية لما يمكن أن ينتج عن هذا التزاوج مع الخليج من إيجابيات وتحديات وأسئلة متعددة الأبعاد!

الغد