Date: Apr 9, 2019
Source: جريدة النهار اللبنانية
تحليل: "الحرس الثوري منظّمة إرهابيّة"... تداعيات لإيران و"حزب الله" ومصالح أميركا وإسرائيل
موناليزا فريحة 
يزيد الرئيس الاميركي دونالد ترامب الضغط على طهران بتصنيفه "الحرس الثوري الايراني" (الباسدران) منظمة ارهابية أجنبية، في خطوة لا سابق لها تؤكد عزمه على المضي في سياسته المتشددة حيال طهران، على رغم التداعيات الواسعة المحتملة بالنسبة إلى القوات والسياسة الاميركية في المنطقة.

يمثل دور "الحرس" في المنطقة محوراً رئيسياً من محاور التوتر المتزايد بين ادارة ترامب والجمهورية الاسلامية، ومن شأن ادراج هذه القوة شبه العسكرية في اللائحة الاميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية أن يزيد التوتر بين الجانبين تفاقماً، خصوصاً أن القرار الاميركي المرتقب يرمي الى التضييق على الموارد المالية لـ"الحرس" وتقليص حضوره العسكري في المنطقة.

ليست المرة الاولى تطرح واشنطن فكرة تصنيف "الحرس الثوري" منظمة ارهابية، فالفكرة مطروحة منذ عقد تقريباً، لكن وزارة الدفاع "البنتاغون" ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي" كانتا تثيران دوماً مخاوف من تأُثير هذا القرار في حال حظره لقاء مسؤولين أجانب التقوا أفراد التنظيم أو تواصلوا معهم. ومثل هذه المخاوف منعت جزئياً إدارات سابقة من اتخاذ تلك الخطوة.

ومنذ توليه منصبه، تحرك الرئيس الاميركي دونالد ترامب لكبح التمدد العسكري الايراني في الشرق الأوسط، وسحب بلاده من الاتفاق النووي وأعاد فرض عقوبات صارمة على إيران لتشديد الضغط على اقتصادها الضعيف. وفي تموز الماضي، بثت شبكة "سي أن أن" الاميركية للتلفزيون للمرة الاولى أن ادارة ترامب تفكر جدياً في تصنيف "الحرس الثوري" منظمة إرهابيّة. وتصنف وزارة الخارجية الاميركية 60 مجموعة، بينها "القاعدة" و"داعش" وفروعهما، و"حزب الله" وبعض الفصائل الفلسطينية، منظمات ارهابية، الا أن أياً منها ليس قوة عسكرية تابعة لدولة، على نقيض"الحرس الثوري".

ويتبع "الحرس الثوري" المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الذي يتولى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، ويُعتقد أنه يسيطر على نحو ثلث الاقتصاد الإيراني، من طريق العديد من المؤسسات والصناديق الخيرية والشركات التي تعمل في مختلف المجالات.

كذلك، يعتبر التنظيم ثالث أغنى مؤسسة في إيران، بعد "مؤسسة النفط الايرانية"، و"وقف الإمام الرضا". ويُقدَّر عديده بنحو 125 ألفاً، ولديه قوات برية، ووحدات بحرية وجوية، ويملك سلطة الإشراف على أسلحة إيران الاستراتيجية، بما فيها برنامجها النووي وبرنامجها الصاروخي. ومع أن عديده أقل من قوات الجيش النظامي، إلا أنه يُعتبر القوة العسكرية المهيمنة في إيران، ويتولى عدداً من المهمات العسكرية الكبيرة في البلاد وخارجها.

وينشط قادته في سوريا والعراق، وهو ما يضعهم في ساحات قتالية قريبة من قوات اميركية. ونادراً ما سجلت اشتباكات بين الجانبين، لكن واشنطن تحمل ميليشيات تدعمها طهران مسؤولية مقتل 608 جنود أميركيين في العراق بين 2003 و2011، استناداً إلى الممثل الخاص للبيت الابيض لايران بريان هوك.

ويعدّ مستشار الامن القومي للبيت الابيض جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو من المناصرين لسياسة متشددة حيال إيران، تشمل تصنيف "الحرس"، بينما يحذر مسؤولون عسكريون من تداعيات الأمر على القوات الاميركية المنتشرة في المنطقة. ويُعتقد أيضاً أن "الحرس الثوري" يحتفظ بعناصر له في السفارات الإيرانية عبر العالم، واتهمت الحكومات الاوروبية أخيراً طهران بالتخطيط لاغتيال منشقين ايرانيين على أراض أوروبية. وقبل صدور القرار رسمياً، ردت طهران بعنف عليه. وقال قائد الحرس اللواء محمد جعفري إن "الجيش الأميركي لن ينعم بالهدوء في المنطقة"، إذا صنّف "الحرس الثوري" منظمة إرهابية.

نظرياً، يؤدي تصنيف هذه القوة شبه العسكرية منظمة ارهابية الى تجميد الأصول التي قد تمتلكها في الولايات المتحدة وفرض حظر على الأميركيين الذين يتعاملون معها أو يقدمون الدعم المادي لنشاطاتها، اضافة الى تضييق الخناق على شركاتها وأعمالها في أوروبا وغيرها، وفرض حظر للسفر على قادتها. كذلك، يمكن بموجب القرار منع القوات والديبلوماسيين الأميركيين من الاتصال بأي جهة تتفاعل مع مسؤولي الحرس أو وكلائه.

تداعيات

ويتوقع محللون أن يلحق القرار ضرراً كبيراً بالاقتصاد الايراني الذي يئن أصلاً تحت تأثير الدفعات المتتالية من العقوبات الأميركية. ويقول الخبير في الشأن الايراني في معهد دراسات الامن الوطني في تل أبيب راز زيميت إن مثل هذا القرار "قد يلحق ضرراً كبيراً" بايران، وإن يكن شكك في أن يكون استراتيجية فعالة، موضحاً أنه "سيكون صعباً جداً، إن لم يكن مستحيلاً، تعقب جميع الافراد والشركات المنخرطين في نشاطات اقتصادية مرتبطة بالحرس الثوري".

وفي المقابل، صرح الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فيليب سميث لـ"النهار": "صحيح أنه من الصعب تعقب الشركات التي تعمل مع مجموعات ارهابية، الا أن الامر ليس مستحيلاً تماماً". ولفت خصوصاً إلى أن "خرق عقوبات أميركية شيء ودعم منظمة ارهابية شيء آخر"، لذلك، توقع أن يؤدي هذا التصنيف الى زيادة المخاوف من التعامل مع ايران...فمن يريد التعامل مع ايران، عليه المرور بالحرس الثوري الذي يسيطر على كل شيء". وكانت المخاوف من ردود ايرانية محتملة على مصالح وقوات اميركية في الخارج منعت ادارات سابقة من المضي في قرار كهذا. الا أن سميث قال: "يملك الايرانيون بعض القدرات الفاعلة، ويمكنهم استهداف المصالح الاسرائيلية والاميركية في الخارج، لكن طهران أطلقت تهديدات قوية في السابق بقي الكثير منها مجرد كلام".

الى ذلك، يتوقع البعض أن يعقد القرار الاميركي التحرك العسكري والديبلوماسي الاميركي، خصوصاً في العراق، حيث تقيم ميليشيات شيعية وأحزاب سياسية عراقية علاقات وثيقة مع "الحرس الثوري".

أما في لبنان، فيستبعد أن يغير القرار كثيراً في اتصالات المسؤولين الاميركيين الذين يتجنبون أصلاً "حزب الله" المرتبط بعلاقات وثيقة مع "الحرس"، فيما يواصلون تعاملهم مع السلطات اللبنانية.

وذكّر سميث بأن "حزب الله" مصنف منظمة ارهابية أصلاً، لكن القرار قد يكون له بعض التداعيات المالية عليه. أما عسكرياً، فقالت صحيفة "الوول ستريت جورنال" إن إيران قد تستخدم "حزب الله" المنتشر في جنوب سوريا ولبنان لضرب اسرائيل.

ويشار الى أنه بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي قرار التصنيف بالتنسيق مع وزير الخزانة، أمام الكونغرس مهلة سبعة أيام لمراجعته، وفي حال عدم وجود اعتراضات عليه يدخل حيز التنفيذ.

وتوقع مسؤولان أميركيان الاسبوع الماضي صدور تحذير من وزارة الخارجية من احتمال قيام إيران بأعمال انتقامية ضد المصالح الأميركية، بما في ذلك السفارات والقنصليات، إضافة إلى التظاهرات المناهضة للولايات المتحدة.