| | Date: Mar 1, 2019 | Source: جريدة النهار اللبنانية | | تحليل: موسكو وطهران تعرضان مواطن قوتهما في سوريا | موناليزا فريحة
ليست المرة الاولى يلتقي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فلقاؤهما في موسكو أمس هو الحادي عشر منذ أيلول 2015، تاريخ بدء التدخل الروسي المباشر في سوريا. لكن هذا اللقاء المؤجل من الاسبوع الماضي، اكتسب دلالات اضافية بعد الزيارة السرية التي قام بها الرئيس السوري بشار الاسد لطهران الاثنين، والحفاوة التي لقيها خصوصاً من المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي.
قبل يومين من الزيارة الخاطفة للأسد لطهران، صرح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني بأن سوريا ستشهد تحولاً مهماً قريباً في قدرة الردع مقابل إسرائيل، وأن إيران حققت %90 من أهدافها في سوريا، وهي باقية في هذا البلد ولا نية لها للانسحاب منه.
الكلام العلني لشمخاني أعقبه تصريح منسوب الى المرشد الاعلى لدى استقباله الاسد، إذ نقلت عنه وكالة "رجا" للانباء القريبة من قائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني أن "مفاجأة كبيرة" متوقعة في سوريا بعدما طلب خامنئي من الاسد الاستعداد لخطوات عسكرية جديدة بمساعدة من ايران.
على هذه الخلفية، أجرى نتنياهو محادثات في موسكو مع بوتين في لقاء هو الاول للمسؤولين منذ التوتر بين بلديهما على خلفية اسقاط المضادات الارضية السورية من طريق الخطأ طائرة "ايليوشين" روسية خلال غارات اسرائيلية على مواقع يعتقد أنها ايرانية قرب اللاذقية في 17 أيلول من العام الماضي. ووصل نتنياهو الى موسكو في ذورة حملته الانتخابية ووسط تهديدات باحالته على المحاكمة بتهم الفساد، وهو ما يجعل قضايا السياسة الخارجية والأمن أوراقاً رابحة في يده. ورافقه الى العاصمة الروسية رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات ورئيس الاستخبارات العسكرية تامير هيمان.
وأفادت وسائل اعلام اسرائيلية، أن نتنياهو حمل خريطة لمواقع إيران وحلفائها، ولا سيما منهم "حزب الله"، في سوريا. فمع أنه يدعي الفضل في المساعدة الروسية على إبعاد القوات الموالية لإيران عن الخط الفاصل بين سوريا وإسرائيل، تقول تقارير اسرائيلية إن هذه القوات، بما فيها "حزب الله"، لا تزال في جنوب سوريا. وهو يؤكد أن ايران تواصل نقل أسلحة الى سوريا والحزب، وصولاً الى حديثه أخيراً عن نقل أنظمة تحديد المواقع GPS لتحديث الصواريخ وجعلها أكثر دقة. وبعد الزيارة، أوردت صحيفة "الجيروزاليم بوست" نقلاً عن نتنياهو أنه قدم معلومات استخبارية لبوتين، يعتقد أنها تتعلق بالمواقع الايرانية في سوريا.
إلى ذلك، أوضح نتنياهو أن منظومة صواريخ "أس - 300" التي سلمتها موسكو لسوريا بعد حادث الطائرة الروسية، كانت موضع بحث مطول ومن كل زاوية ممكنة، وأن "إسرائيل ستواصل التحرك في ظل حاجتها الى حماية نفسها من عدوان ايراني في سوريا"، مشيراً الى أن اسرائيل ستفعل ذلك بالتنسيق التام مع روسيا لمنع احتكاكات غير ضرورية وحوادث.
الى ذلك، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي إن إخراج القوات الايرانية ليس هدفاً إسرائيلياً فحسب، مقترحاً انشاء فريق للدفع في اتجاه اخراج كل القوات الاجنبية من سوريا، واعادة الوضع الى ما كان قبل بدء الحرب السورية، وموضحاً أن فريقاً أنشئ للتعامل مع هذه المسألة في مجلس الامن. وسبق لروسيا أن دعت الى خروج كل القوات الاجنبية من سوريا، بما فيها القوات الايرانية، الامر الذي أثار تساؤلات عن مستقبل العلاقة بين موسكو وطهران وخصوصاً في سوريا.
وفي رأي مديرة برنامج حل النزاعات في معهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، رندا سليم أن الشركة الروسية - الإيرانية في سوريا تلتقي على مصلحة منع سقوط نظام الاسد. وثمة اختلافات كثيرة في هذه الشركة، خصوصاً في ما يتعلق بالمصالح الاقتصادية المتضاربة للبلدين في سوريا، وتحديد أولوية سوريا بالنسبة الى الدولتين مقارنة بشركائهما وحلفائهما في المنطقة.
بالنسبة الى موسكو، تأتي علاقتها بأنقرة في مرتبة ثانية بعد علاقتها بدمشق. وتعتبر علاقتها القوية مع اسرائيل والتي تتمحور خصوصاً على العلاقة الشخصية القوية بين بوتين ونتنياهو، مهمة بالنسبة الى رؤية بوتين لدور بارز لبلاده في الشرق الأوسط.
أما طهران، فتتمحور علاقتها بسوريا على الاسد، والاسد وحده، وهذه العلاقة هي حجر زاوية في سياساتها في المنطقة.
من هذا المنطلق، لا ترى سليم انتظاماً جديداً في المنطقة، بعد زيارة نتنياهو لموسكو والأسد لطهران. وتقول: "أفضل تفسير لهاتين الزيارتين أن كلاً من الدولتين، روسيا وايران، تلعب على موطن قوتها. روسيا كوسيط تربطه علاقة جيدة بجميع اللاعبين النافذين في سوريا، وايران كدولة ذات نفوذ هو الاكبر على دمشق".
وعن توقيت الزيارة السرية للأسد لايران قبل يومين من الزيارة المؤجلة لبوتين لروسيا، لا تتوقف كثيراً عند التزامن، خصوصاً أن زيارة نتنياهو كانت قيد الاعداد منذ فترة طويلة، وهي تأتي بعد فترة من التوتر بين موسكو وتل أبيب، والرسالة الواضحة من تل أبيب بأن روسيا لن تتساهل بعد اليوم بأعمال لاسرائيل مثل التسبب باسقاط "الايليوشن".
وأما زيارة الاسد، فالى كونها رسالة الى المجتمع الدولي، تقول سليم إنها تتعلق بسياسات داخلية ايرانية وقت تتزايد المعارضة للسياسات الاقليمية لطهران والتكاليف التي يتكبدها الايرانيون ثمناً لها. | |
|