Date: Jan 17, 2019
Source: جريدة النهار اللبنانية
لماذا يبقي ترامب محادثاته مع بوتين سريّة؟ - هشام ملحم
عادت اشكالية العلاقات الغريبة بين الرئيس ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الى البروز بشكل نافر أكثر من أي وقت مضى، وذلك مع بدء اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ النظر في تعيين وليم بار وزيراً للعدل إذ أكد الثلثاء انه سيصون استقلالية المحقق روبرت مولر الذي يحقق في التدخل الروسي بالانتخابات، ومع تحدّي 11 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ الرئيس ترامب وتصويته على ابقاء العقوبات على رجل أعمال روسي مقرب من الرئيس بوتين، على رغم أن ترامب ووزير المالية ستيفن منوشن حاولا الغاءها.

ومنذ ان كشفت صحيفة "النيويورك تايمس" قبل أيام ان مكتب التحقيقات الفيديرالي "الاف بي آي" قد فتح تحقيقاً في احتمال تواطؤ ترامب مع روسيا لخدمة مصالحها، بعد اقالته مدير "الاف بي آي" جيمس كومي العام الماضي، ولحقتها صحيفة "الواشنطن بوست" التي كشفت ان ترامب كان يبذل جهوداً كبيرة لابقاء محادثاته المنفردة مع بوتين سرية، إلى درجة انه أخذ ملاحظات مترجمه ومنعه من مناقشة مضمون أول لقاء بينه وبين بوتين مع أي مسؤول آخر، اثارت علاقات ترامب وبوتين اسئلة جديدة عن هوس ترامب بابقاء مضمون لقاءاته المنفردة الخمسة – عدا مكالماته الهاتفية التسعة المعروفة - سرية وعدم البحث في مضمونها مع أي مسؤول سياسي أو أمني اميركي.

ويوم الثلثاء، كشفت "النيويورك تايمس" ان ترامب كان قد أثار في العام الماضي وفي أكثر من مناسبة مع كبار مستشاريه رغبته في سحب الولايات المتحدة من حلف شمال الاطلسي "الناتو" الامر الذي سيقوض الحلف الذي أوجدته الولايات المتحدة لاحتواء الاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية، وروسيا في العقود الاخيرة.

وكان مدير البيت الابيض السابق جون كيلي قد قال إنه كان أحد المستشارين الذين اقنعوا ترامب بعدم اتخاذ مثل هذه الخطوة الجذرية.

وهناك اجماع في اوساط السياسيين من الحزبين والمحللين العسكريين على ان انسحاب واشنطن من "الناتو"، سيقوض ليس فقط العلاقات الاستراتيجية بين أميركا وأوروبا وكندا، بل سيعمق الاستقطابات السياسية والاقتصادية الخطيرة التي يعمل بوتين على تأجيجها بمختلف الوسائل، ومنها تشجيع انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ومساعدة الاحزاب اليمينية "القومية" في أوروبا بما في ذلك تمويل بعضها (فرنسا)، وكذلك التدخل في الانتخابات الرئاسية الاميركية.

وهناك مخاوف عميقة في الاوساط الحكومية من ان يؤدي رحيل "الجنرالات" أمثال كيلي ووزير الدفاع السابق جيمس ماتيس الى تشجيع ترامب على الانسحاب من الحلف.

واصبح من المألوف والمتوقع ان يطرح الاميركيون، من الخبراء الى الناس العاديين، أسئلة من نوع "ما هو سر العلاقة بين ترامب وبوتين"؟ و"هل يعمل الرئيس ترامب لحساب روسيا؟".

أسئلة مقلقة وسوريالية لم تطرح عن رئيس آخر في تاريخ أميركا.