الأثنين ٦ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٥, ٢٠١١
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
مصر
ميدان التحرير نبض بالبشر والحناجر بحّت "ارحل"... والتظاهرات عمّت المحافظات
رجال مبارك يسعون الى "خروج مشرف له" وشفيق يستبعد تفويض صلاحياته الى نائبه

... وفي "جمعة الرحيل", نبض ميدان التحرير والشوارع المحيطة به بشراً, وبحت الحناجر هتافاً "ارحل ارحل ارحل" , في يوم جديد وصاخب من التظاهرات التي خرجت في القاهرة والمحافظات والتي تكتسب زخماً يوماً بعد يوم ويزداد تصميم شبابها الثائر على رفض القمع والفقر والفساد التي عانوها سنوات, غير عابئين بـ"بلطجية" النظام وزجاجاته الحارقة, ولا بخيول رجاله وجماله, ومصرين على المضي بثورتهم حتى تحقيق هدفها المعلن الوحيد, وهو رحيل الرئيس حسني مبارك.


ومع بدء توالي سيناريوات انتقال السلطة بعد 30 سنة من حكم مبارك, بدا أن رجال الرئيس يسعون الى تأمين "خروج مشرف" له, مع تصريح رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق لقناة "العربية" انه "يستبعد" أن يقبل مبارك بتفويض صلاحياته الى نائبه.


وفي اليوم الحادي عشر للانتفاضة الشعبية, تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين في ميدان التحرير، أدوا صلاة الجمعة، بكوا شهداءهم، ثم انطلقوا بحماسة يدورون في الميدان وهم يصبون جام غضبهم وهتافاتهم على شخص واحد هو مبارك.


وغص القسم القريب من الميدان بالمصلين الذين أحضر بعضهم سجادة صلاته، بينما اكتفى الاخرون بورقة صحيفة يسجدون عليها في هذا المكان الذي يلازمه عدد منهم منذ اسبوع. وأمَّ الشيخ خالد المراكبي المصلين بصوت جهوري وكلمات مدروسة تتلاءم مع توجهات الشرائح المتنوعة التي تشارك في الاعتصامات المفتوحة منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي.


وقال هذا الشيخ الذي ينتمي الى أنصار السنة المحمدية، وهي جماعة دينية اصلاحية معتدلة ليست لها اي اتجاهات سياسية: "نحن حركة مصرية، ليس لنا اي حزب يعبر عنا او عن مطالبنا، الكل جاؤوا الى الميدان مسلمين ومسيحيين (...) ومن يريد أن يفاوض عليه أن يأتي الى هنا ويتكلم معنا". ودعا ايضاً الى "الثبات حتى النصر" مضيفاً: "نطالب بتغيير النظام وتعديل الدستور والافراج عن المعتقلين والغاء قانون الطوارئ الذي هو نقطة سوداء في تاريخنا".  بعدها أدى المتظاهرون صلاة الغائب على ارواح "شهداء الانتفاضة" الذين قدرتهم الامم المتحدة بـ 300 تقريباً، وبعضهم في حال تأثر شديد وقد اغرورقت اعينهم بالدموع.


وكان انتهاء الصلاة النقطة الصفر لاطلاق هتافات حماسية, مع لازمة "ارحل ارحل ارحل" تتكرر بين هتاف وآخر.
وكان المتظاهرون بدأوا يتوافدون منذ الثامنة صباحاً الى ميدان التحرير, حيث اقام الجيش حواجز لتفتيش الداخلين الى الساحة تفتيشا دقيقا.واستمر تدفق الحشود طوال النهار, أولادا وشبابا وكهولا, فقراء وعمالا وميسورين, شبانا متأنقين وفتيات بملابس عصرية, انضموا الى آخرين أتعبتهم الايام العشرة من الاعتصام من غير أن تخفف عزمهم على المضي في الانتفاضة.
وفرضت قوات الجيش طوقاً امنياً مشددا استثنائياً حول الميدان. وتعيّن السير اكثر من كيلومتر للوصول الى مدخل الميدان من جهة كوبري قصر النيل.


اما "الجبهة الساخنة" في ميدان التحرير وهي المنطقة الفاصلة بين ميدان التحرير وميدان عبد المنعم رياض في محاذاة المتحف المصري, فقد كانت هادئة للمرة الاولى منذ ايام, بعدما أقام الجيش منطقة فاصلة بين الجانبين يصل عرضها الى نحو 150 متراً, مما بدد فرص التراشق بالحجار مجدداً.


كذلك, شكل المتظاهرون لجانا اقامت نحو ستة أو سبعة حواجز لمنع دخول اي "متسللين مسلحين". وتمركز الجيش ايضا في ميدان الجلاء الذي يبعد اكثر من كيلومتر عن ميدان التحرير, واقفل الطريق امام حركة السيارات سامحاً فقط بعبور المشاة.


وفي ميدان التحرير, رفع يسري وهو موظف في منظمة اغاثة لافتة كتب فيها:"من يصنع نصف ثورة يحفر قبره بنفسه. ومن يتراجع في نصف الطريق، لن يرحمه النظام وسنواصل التحرك حتى يرحل فورا".

وحمل سعيد عبد الرحيم امام (55 سنة) كفنا كتب عليه: "هذا كفني... مواطن مصري... انني مستعد ان اموت كي يرحل هذا النظام".وشكك في وعود مبارك بالاصلاح, قائلا انه "اذا بقي في السلطة سيعود بعد بضعة اشهر لاستخدام البلطجية ضدنا".

"يوم الوفاء"
وفي المقابل، اطلق انصار الرئيس مبارك شعار "يوم الوفاء" على الجمعة، في اشارة الى تمسكهم بالرئيس المصري حتى نهاية ولايته الخريف المقبل، الا ان تحركهم اقتصر على اعتصام نظمه بضع مئات في منطقة المهندسين. ولم يشاهد سوى عشرات من مؤيدي مبارك في منطقة قريبة من ميدان التحرير عند "كوبري 6 اكتوبر".   كذلك، تظاهر عشرات الآلاف للمطالبة باسقاط مبارك في الاسكندرية وفي معظم المدن المصرية.

وقام وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي بزيارة قصيرة لميدان التحرير قبيل الظهر لتفقد الاوضاع في الساحة، وهتف المتظاهرون مرحبين به: "يا مشير يا مشير احنا ولادك في التحرير".
وتبادل الوزير حديثاً قصيرا مع المتظاهرين، ساعياً الى تهدئتهم، وخاطب بعضهم قائلاً: "يا جماعة الرجل قال لكم انه لن يرشح نفسه مرة ثانية"، في اشارة الى قول الرئيس المصري الثلثاء انه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة. وأضاف: "قولوا للمرشد ان يقعد معهم"، في اشارة على ما يبدو الى محمد بديع المرشد العام لجماعة "الاخوان المسلمين" التي رفضت الحوار مع السلطة، الا بعد تنحي مبارك.

مرشحان محتملان
وأكد مكتب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ان الاخير قام بزيارة للمتظاهرين في ميدان التحرير سعيا الى "التهدئة" بعدما اعلن في تصريح لقناة "اوروبا 1 " صباحا ان ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة امر وارد.
وأبلغ المعارض البارز محمد البرادعي قناة " الجزيرة" انه "يمكن ان يترشح للرئاسة اذا طلب الشعب" منه ذلك.
ولكن عندما سألته صحيفة "در ستاندارد" النمسوية هل يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية، أجاب: "لا لن اشارك. افضل شيء يمكن ان افعله هو ان أضطلع بدور من اجل التغيير... من الطبيعي انني أريد ان أضطلع بدور في المستقبل، ولكن من يترشح للانتخابات... ليس مهماً جداً في الوقت الحاضر".


وصرح مرشد "الاخوان المسلمين" محمد بديع لـ "الجزيرة" بأن الجماعة على "استعداد للحوار" مع نائب الرئيس المصري اللواء عمر سليمان "بعد رحيل مبارك".
 وقال: "نحن مع كل القوى السياسية نتحاور مع من يريد اصلاحاً لهذا البلد بعد زوال هذا الظالم الفاسد المستبد...مطلب واحد يتحقق ونجلس بعدها ليتم الحوار... مطلب واحد لكل الشعب اليوم، وليس بعد اليوم بساعة".

لجنة الحكماء
وكانت لجنة تضم شخصيات عامة اطلق عليها اسم "لجنة الحكماء" التقت اللواء سليمان صباح أمس واقترحت عليه ان يعرض الرئيس المصري صلاحياته اليه لإدارة مرحلة انتقالية تنتهي بانتهاء ولاية مبارك، كمخرج للازمة المستمرة في البلاد.
وطالبت اللجنة في بيان بأن يتعهد سليمان حل مجلسي الشعب والشورى وتأليف لجنة قانونية من عدد من الخبراء الدستوريين ورجال القضاء المستقلين تتولى الإعداد للتعديلات الدستورية المطلوبة.
لكن المادة 82 من الدستور المصري تنص على انه "لا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو إقالة الوزارة".
وشكلت لجنة الحكماء بناء على دعوة من العالم المصري الحائز جائزة نوبل أحمد زويل، للتفاوض مع النظام المصري في شأن سبل انتقال السلطة في مصر، وهي تضم 18 من المفكرين ورجال الأعمال، بينهم عمرو موسى، والفقيه في القانون الدستوري يحيى الجمل.

"صمام الامان"
وفي رد على مطالب اللجنة، قال رئيس الوزراء انه "يستبعد قبول الاقتراح...لا داعي لتنحي الرئيس، اننا نحتاج الى بقاء الرئيس لاسباب تشريعية ووجوده نوع من صمام الامان".
وفي تصريحات لقناة "الحرة"، رد بان مبارك يجب ان يكمل ولايته من أجل "تحقيق خروج مشرف" له، مؤكداً أن الكثير من المصريين يؤيدون ذلك. وقال أن "الغالبية ترى ان تنتهي الامور بتكريم طبيعي لرئيس ادى مدة سلطة طويلة"، وان يتم ذلك "باسلوب متحضر يتناسب مع طبيعة الشعب المصري".وأضاف: "يمكن أن يكون هناك اضعاف عدد المحتجين لا يريدون تنحي الرئيس مبارك اليوم ويرفضون الخروج غير المحترم للرئيس". وردَّ على الدعوات الخارجية الى تنحي مبارك بأن "هناك شيء اسمه الكرامة، للخارج ان يعبر عن رأيه لكن عندما يطالبون بتنحي مبارك الان، فهذا غير مقبول". وشدد على أنه "تمت الاستجابة للمطالب بنسبة 95 في المئة... حصل التزام كامل ان الرئيس لن يعود ثانية للترشيح وان نجله لن يترشح ايضا".

منع من السفر
الى ذلك، أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" إن النائب العام أصدر قرارا بمنع وزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد من السفر إلي خارج البلاد وتجميد أرصدته فى المصارف، وذلك بعدما أصدر الخميس قرارا بمنع سفر وزيرين سابقين آخرين ومسؤول كبير سابق في الحزب الديموقراطي الوطني وتجميد أرصدتهم.
وفي مقابلة مع قناة "العربية" الفضائية، قال رشيد: "انا رجل أديت مهمتي وكنت داخل الوزارة... وعرض علي منصب في الوزارة الجديدة وأعتذرت وسافرت بموافقة وعلم السلطات".

حماية الصحافيين
وبعد الاعتداءات التي تعرض لها صحافيون يغطون الانتفاضة المصرية ونددت بها حكومات أجنبية، قالت الحكومة المصرية إن الجيش تلقى تعليمات بمساعدة وسائل الاعلام الاجنبية والعمل على حمايتها من مجموعات هاجمت صحافيين وضربتهم بعد انفلات الامن في شوارع القاهرة بسبب احتجاجات على حكم مبارك.
وصرح الناطق باسمها مجدي راضي بأن رئيس الوزراء المصري اتصل بالقوات المسلحة وطلب منها تسهيل عمل وسائل الاعلام الاجنبية ومنع أي تدخل في عملها. وأكد أن الجيش سيساعدالصحافيين وسيحميهم من مجموعات ترتدي اللباس المدني وتضايق المتظاهرين.
 (و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ)

 



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة