الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ٨, ٢٠٢٠
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
السودان/جنوب السودان
جمع السلاح في السودان... ملف قابل للانفجار
الخرطوم: «الشرق الأوسط أونلاين»
يشكل جمع السلاح من الأفراد والمجموعات المسلحة في السودان أصعب ملف في اتفاق السلام الموقع، السبت الماضي، بين الحكومة والمتمردين بعد نحو 20 عاماً من الحرب الأهلية.

وقال جبريل إبراهيم، قائد «حركة العدل والمساواة» وهي واحدة من المجموعات المتمردة الموقعة على الاتفاق، إن «جمع السلاح مسألة صعبة وتتطلب جهداً جماعياً... الناس لن تسلم السلاح إلا في اللحظة التي تقتنع فيها بأن الحكومة يمكن أن تحقق لهم الأمن»، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

ولبلوغ هذا الهدف؛ ينبغي، وفق إبراهيم، «تحقيق سلام اجتماعي». وقال: «إذا كانت لدينا حكومة ديمقراطية تستمع إلى صوت الشعب، فإن الناس سيخلصون إلى أنهم ليسوا بحاجة إلى سلاح لحماية أنفسهم».

في الخرطوم، ما زالت السلطة الانتقالية حتى الآن كياناً مختلطاً يضم عسكريين ومدنيين. وقد تولت مقاليد السلطة عقب ثورة شعبية أنهت في 2019 حكم عمر البشير الذي استمر نحو 30 عاماً. وكانت أولوية هذه السلطة الجديدة هي إبرام السلام مع المتمردين.

تحت حكم البشير، كان المتمردون الذين ينتمون إلى أقليات إثنية يكافحون من أجل توزيع أكثر عدلاً للموارد ومزيد من الحكم الذاتي لأقاليمهم. وسرى وقف إطلاق نار فعلي بين السلطة والمتمردين بعد سقوط البشير وتوقيفه وإحالته إلى المحاكمة في الخرطوم.

وذكر قائد سابق لمجموعة مسلحة أن عدد المتمردين يبلغ 50 ألفاً؛ ينتمي 15 ألفاً منهم إلى مجموعتين رفضتا الانضمام إلى اتفاق السلام الموقع في 3 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي نهاية سبتمبر (أيلول)، أعلن الجيش تدمير 300 ألف قطعة سلاح تم تسليمها «طواعية» من قبل مدنيين.

ولكن التوجس يظل كبيراً بين سكان دافور (غرب) وجنوب كردفان والنيل الأزرق (جنوب) حيث أوقعت الحرب مئات الآلاف من القتلى.

يقول جوناس هورنر، الخبير المختص في السودان، إن «الثقة هي مفتاح جمع السلاح... إلا إن العسكريين، وثيقي الصلة بالانتهاكات التي ارتكبها نظام البشير، لم يظهروا بعد رغبة في التصدي للعنف لإقناع سكان المناطق الريفية بأن بإمكانهم البقاء بلا سلاح».

ولا يعتقد هورنر، وهو نائب مدير «إدارة القرن الأفريقي» في «مجموعة الأزمات الدولية»، أن المتمردين الموقعين الاتفاق سيسلمون كل سلاحهم. ويشير إلى أن حركتي تمرد كبيرتين لم توقعا الاتفاق.

ويتابع: «لن يلقوا السلاح ما لم تصبح السلطة مدنية تماماً، عبر إبعاد الأشخاص المرتبطين» بنظام البشير.

ويقول ياسر عرمان، الرجل الثاني في «حركة تحرير شمال السودان»، (متمردة)، الموقعة على الاتفاق، إنه «ينبغي تسليم الأسلحة إلى القوات النظامية» ولكن «يتيعن علينا بناء جيش محترف لا يتدخل في السياسة».

ومنذ استقلاله عام 1956، ظل السودان طوال نحو 6 عقود تحت حكم ديكتاتوريات عسكرية.

في جوبا، تعامل الموقعون على الاتفاق مع ملف جمع السلاح كخبراء نزع ألغام، لإدراكهم أنه قضية قابلة للانفجار؛ إذ أعدوا بروتوكولاً ينبغي احترام كل حرف فيه من أجل تطبيق الاتفاق وتجنب حرب جديدة، بحسب المفاوضين.

يقضي البروتوكول بإصلاح الجيش من خلال تشكيل «مجلس أعلى» في الأقاليم الثلاثة (دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق) خلال الأيام الـ45 المقبلة، يكلف تنفيذ الإجراءات الخاصة بنزع سلاح المتمردين ودمجهم في الجيش السوداني.

في دارفور، ينبغي أن تستغرق عملية الدمج 15 شهراً. وفي الإقليمين الآخرين؛ فإن الأمر سيجري على 3 مراحل تستغرق 39 شهراً.

وذكر الموقع الإلكتروني «غانبوليسي.أورغ» التابع لجامعة سيدني، أنه كان هناك 2.76 مليون قطعة سلاح ناري في 2017 في يد المتمردين في السودان؛ من بينها 6724 فقط مسجلة.

ويقر محمد حسن التعايشي، المتحدث باسم وفد التفاوض الحكومي، بأن «الملف الأمني في الاتفاق هو الأكثر تعقيداً». وأضاف: «يتعين علينا دمج المتمردين في الجيش الذي ينبغي إصلاحه، وجمع السلاح سيجري في الوقت الذي ينضم فيه المتمردون إلى معسكرات تدريب» القوات النظامية.

غير أن الخبير جوناس هورنر يشكك في ذلك. ويقول إن «نزع سلاح المدنيين ليس هدفاً واقعياً... ما دام ليس هناك ما يشبه سلاماً دائماً مع سلطة تحظى بالثقة، فلن يكون هناك ما يشجع المتمردين على الالتزام ببرامج الحكومة لنزع السلاح».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يبحث «الانتقال الديمقراطي» في الخرطوم
ملاحظات سودانية على مسودة الحلو في مفاوضات جوبا
«الجنائية الدولية» تتعهد مواصلة مطالبة السودان بتسليم البشير
تعيين مناوي حاكماً لدارفور قبل اعتماد نظام الحكم الإقليمي
مقتل سيدة وإصابة 8 أشخاص في فض اعتصام جنوب دارفور
مقالات ذات صلة
وزير داخلية السودان يتوعد «المخربين» بـ«عقوبات رادعة»
تلخيص السودان في لاءات ثلاث! - حازم صاغية
"ربيع السودان".. قراءة سياسية مقارنة - عادل يازجي
"سَودَنة" السودان - محمد سيد رصاص
تعقيدات الأزمة السودانية - محمد سيد رصاص
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة