الخميس ٢٨ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ٢٨, ٢٠١٩
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
مقاربة أميركية من 5 نقاط تخرج ترامب من ورطة إيران
موناليزا فريحة
شارفت ايران من انتهاك الاتفاق النووي لعام 2015 والذي انسحبت منه الادارة الاميركية عام 2018، الأمر الذي سيضيف بعداً نووياً إلى الأزمة بين الجانبين ويزيد ورطة واشنطن تفاقماً.

يقول ديبلوماسيون إن أياماً تفصل إيران عن تخصيب ما يكفي من الاورانيوم لانتهاك الاتفاق النووي لعام 2015، بعدما كانت حددت يوم أمس الخميس موعداً أقصى للوفاء بالجدول الزمني، الأمر الذي يتيح للدول الأوروبية مزيداً من الوقت لإنقاذ الاتفاق. وتعقد طهران اجتماعاً مع أطراف آخرين موقعين لخطة العمل الشامل المشتركة، سعياً الى إنقاذ الاتفاق. إلا أن التوقعات ليست كبيرة من هذا الاجتماع مع اصرار الجانب الاميركي على لائحة مطالب ترفض طهران استجابتها وبعد سلسلة العقوبات الاخيرة التي فرضتها واشنطن على المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، وهو ما اعتبرته طهران اقفالاً لباب الديبلوماسية.

وتعول الادارة الاميركية على خنق ايران اقتصادياً لجلبها الى طاولة المفاوضات، لكن هذه الاستراتيجية زادت عدوانية طهران التي تحدت واشنطن مباشرة للمرة الأولى باسقاط الطائرة المسيرة فوق مضيق هرمز، فيما كثف الحوثيون ضرباتهم لأهداف في السعودية.

إزاء هذا التصعيد من الجانبين، تتزايد مخاطر مواجهة تبدو واشنطن غير مستعدة لها، نظراً الى تداعياتها الخطيرة على المنطقة. ومن هذا المنطلق، يقترح المبعوث الأميركي السابق الى التحالف الدولي بريت ماكغورك مقاربة شاملة من خمس نقاط لحماية المصالح الاميركية في المنطقة مع استمرار الضغط على ايران من دون زيادة الاخطار التي قد تؤدي الى مواجهة. وتشمل هذه المقاربة، التي من شأنها في رأي ماكغورك ان تخرج ترامب من ورطة إيران، خمسة عناصر:

¶ أولاً، تشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة:

يقول مسؤولون أميركيون إن اللجوء إلى القوة العسكرية يمكن أن يكون ضرورياً "لاعادة الردع" لإيران، لكن الهدف ليس واضحاً تماماً هنا. فقد اعتبرت إيران تصرفاتها الأخيرة رد فعل دفاعياً على الضغط الأميركي، ومن شأن ضربات عسكرية لأراضيها أن تزيد الوضع سوءًا. ففي غياب تواصل بين الجانبين، يعتقد كل منهما أنه يتصرف على نحو دفاعي. والنتيجة النهائية هي أخطار عالية لسوء التقدير: إذا ضرب ترامب، ترد إيران، وعندها سيتعين على ترامب الضرب مجدداً، وهكذا يتخذ التصعيد منحى تصاعدياً. لذلك، يمكن استخداماً أفضل للقوة العسكرية أن يركز على حماية الملاحة الدولية عبر مضيق هرمز من طريق تحالف بحري واسع يشمل شركاء عسكريين مثل بريطانيا وفرنسا ودول من الخليج وآسيا واليابان وكوريا الجنوبية، نظراً إلى اعتمادها على نفط الشرق الأوسط. ومن شأن تحالف دولي كهذا أن يعزل إيران ويظهر أن أميركا لا تتحرك وحدها، ويساعد في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي. ويمكن الولايات المتحدة بالطبع أن تتحرك أيضاً اذا هاجمت طهران قواتها.

¶ ثانياً، تحديد مسار واقعي لميثاق نووي أقوى:

ليست خطة العمل الشامل المشتركة التي وافقت عليها مجموعة 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، وإيران، كاملة، لكنها تبقى أفضل من اللاشيء الذي يقدمه ترامب. لقد قلصت الخطة قدرة إيران على "الوصول" إلى قنبلة، وقيدت برنامجها النووي على الأقل حتى سنة 2031. فمع أن الموعد النهائي يبقى قابلاً للنقاش، فإنه بعيد أكثر من عقد.

على ترامب أن يحدد بوضوح العناصر التي يريد تحسينها في الخطة، ثم يضع استراتيجية واقعية لإقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات. فالعقوبات القاسية وحدها لن تنجح على الأرجح، واستعادة الديبلوماسية ستتطلب مزيجاً من الضغط والحوافز، مثل مطالبة إيران الموافقة على التزام القيود المحددة في الاتفاق النووي وإطلاق الاميركيين المعتقلين من سجونها. وفي المقابل، توافق واشنطن على تجميد العقوبات الاخيرة. هذا هو نوع الرزمة المتبادلة المحتملة المطلوبة لإطلاق محادثات يريدها ترامب.

¶ ثالثاً، طمأنة الشعب الإيراني:

على الولايات المتحدة معاملة الشعب الإيراني بوصفه شريكاً. يعيش الايرانيون حالياً تحت حكم قمعي وفي ظل مرشد أعلى ثمانيني. وعلى غرار الاتحاد السوفياتي، يتوقع لهذا النظام أن ينهار نتيجة تناقضاته، ولكن وفقاً لجدول زمني خاص به. ولا يمكن الولايات المتحدة التحريض على تحول كهذا من الخارج، لكنها قادرة على دعم الشعب الإيراني. وقد يكون رفع الحظر على سفر الايرانيين خطوة أولى. كذلك، يفترض أن تحرص الادارة على ألا توقف العقوبات التجارة الانسانية والأدوية والمبادلات الثقافية.

¶ رابعاً، الديبلوماسية الإقليمية:

افتقرت سياسة ترامب إلى أي جهد جدي لاقامة تحالفات أو إنهاء الحروب الإقليمية بالوكالة. والى وقت قريب لم يكن هناك سفراء أميركيون لا في البحرين وفي مصر والأردن والسعودية وتركيا وقطر والامارات. وغابت واشنطن عن العملية الأممية لإنهاء الحرب في اليمن، ووفرت لمبعوثيها إلى النزاع السوري موارد قليلة جداً، وأخفقت في إنهاء الخلاف الخليجي - الخليجي، الأمر الذي دفع قطر، التي تضم قاعدة العديد الأميركية، الى التقرب من إيران. وقد استفادت طهران من هذا الوضع.

لذلك، على ترامب التفكير في تعيين مبعوث الى الشرق الأوسط تكون مهمته الحدّ من التصعيد وفي النهاية إنهاء النزاعات، بما فيها الحرب في اليمن التي تشكل وقوداً للسلوك الخبيث لإيران في المنطقة.

¶ خامساً، التركيز على "داعش":

على واشنطن الحفاظ على تركيزها على تنظيم "داعش"، لأنه إذا حولت تركيزها الى إيران، قد ينهار التحالف الدولي ضد التنظيم الإرهابي الذي يتمتع بشرعية دولية واسعة، ويشتت موارد عسكرية كبيرة، مما يتيح للتنظيم الإرهابي والميليشيات التي تدعمها ايران اعادة رص صفوفها.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
من "ثورة الياسمين" إلى "الخلافة الإسلامية"... محطّات بارزة من الربيع العربي
لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة
نظرة سوداوية من صندوق النقد لاقتصادات الشرق الأوسط: الخليج الأكثر ضغوطاً... ولبنان ‏الأعلى خطراً
دراسة للإسكوا: 31 مليارديرًا عربيًا يملكون ما يعادل ثروة النصف الأفقر من سكان المنطقة
الوباء يهدد بحرمان 15 مليون طفل شرق أوسطي من الحصول على لقاحات
مقالات ذات صلة
المشرق العربي المتروك من أوباما إلى بايدن - سام منسى
جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأمريكيين
إردوغان بوصفه هديّة ثمينة للقضيّة الأرمنيّة
إيران أو تحويل القضيّة فخّاً لصاحبها - حازم صاغية
عن تسامح الأوروبيين ودساتيرهم العلمانية الضامنة للحريات - عمرو حمزاوي
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة