الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون ثاني ١٦, ٢٠١٩
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
"المنطقة الآمنة" في سوريا...تركيا تريدها على شكل جرابلس-عفرين
موناليزا فريحة
أخذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تغريدة الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن "منطقة آمنة" في سوريا وبنى عليها حلمه الموعود بشريط حدودي سوريا خال من "وحدات حماية الشعب الكردية". ورسم الناطق باسمه ابرهيم كالين ملامح تلك المنطقة في شمال غرب سوريا، قائلاً إنها ستكون "مشابهة جداً لما هو حاصل الان من جرابلس الى عفرين"، المنطقة التي تسيطر عليها أنقرة في سوريا.

وسيطرت تركيا على المنطقةالممتدة بين عفرين وجرابلس في عمليتين عسكريتين واسعتين أطلق عليهما "درع الفرات" في 2016 و"غصن الزيتون" في 2018 لمواجهة المقاتلين الأكراد السوريين وعناصر "داعش"، وشاركت فيهما فصائل سورية كانت تقاتل سابقا تحت راية "الجيش السوري الحر".

ونتيجة العمليتين، باتت أنقرة تسيطر ما مساحته نحو 400 كيلو متر مربع، تتحدث تقارير عن صبغها بسمات تركية على المستويات العسكرية والأمنية والمدنية.

ومع أن أردوغان يعتبر أن مقارنة الوجود التركي في سوريا بوجود أي دولة أو قوة أخرى يشكل إهانة للتاريخ، يثير نشر جنود أتراك مع القوات المتحالفة معها في مناطق بشمال غرب تركيا اتهامات لأنقرة باحتلال عسكري.

ويرصد "مركز تسجيل الانتهاكات في شكال سوريا" إنشاء تركيا مؤسسات عسكرية وأمنية وإدارية، ومشاريع استثمارية لتوفير فرص العمل للتجار الأتراك. وتشكل هذه الاستثمارات ايضاً مصدر رزق للسكان الذين يحميهم جهاز شرطة مدنية، وتدير أمورهم مجالس محلية بإشراف ودعم مادي تركي، ويدرس أبناؤهم اللغة التركية في المدارس ويشترون منتجات تركية.

ويروي سكان أن بطاقات مدنية توزع على السكان في مناطق عدة من ريف حلب الشمالي، تحمل معلومات عن الشخص وترتبط بنظام النفوس في تركيا.

وفي التنظيم العسكري للمنطقة الواقعة في ريف حلب الشمال، ضغطت تركيا لانشاء "الجيش الوطني" من خلال دمج أكثر الفصائل التي كانت تقاتل تحت راية "الجيش الحر". وأضافت إليه لاحقاً جهاز "الشرطة الوطنية" الذي يفترض أنه يركز على فرض الأمن داخل المدن.

وعلى الصعيد القضائي، شكلت محكمة عسكرية في مدينة الباب، وضابطة عدلية في مناطق أعزاز والباب وجرابلس.

أما اقتصادياً، فقد دشنت تركيا مشاريع تنموية واهتمت بالبنى التحتية وفتحت باب الاستثمار. كل ذلك ربط المنطقة بأنقرة ارتباطاً وثيقاً. ويقول سكان المنطقة إنهم تأثروا بتراجع العملة التركية مقابل الدولار، إثر الأزمة بين أنقرة وواشنطن.

ودخلت شركات تركية المنطقة وبات المناهج التعليمية برعاية أنقرة ورواتب العاملين في المشاريع الجديدة والموظفين في المجالس المحلية والمدرسين والمؤسسات العسكرية، بالليرة التركية.

مزيد من المكاسب

وتعطي "المنطقة الآمنة" التي تحدث عنها ترامب بعرض 20 ميلاً (32 كيلومتراً) في شمال سوريا، مزيداً من المكاسب على الحدود مع سوريا.

فبحسب التقديرات الاولية تشمل المنطقة مدناً وبدات تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" و"قوات سوريا الديمقراطية".وأظهر  مسح  أجرته  وكالة أنباء "الاناضول" التركيو أن المنطقة ستضم مدناً وبلدات من 3 محافظات سورية هي حلب والرقة والحسكة، موضحاً أن أبرز المناطق المشمولة هي تلك الواقعة شمالي الخط الواصل بين قرتي صرين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة).

كما تضم المنطقة الآمنة مدينة القامشلي وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)، وكذلك ستضم المنطقة كلاً من عين العرب (محافظة حلب)، وتل أبيض (الرقة).

وعندما سئل الرئيس التركي هل تشارك "وحدات الحماية" في مشروع هذه المنطقة، أجاب: "إنهم ارهابيون.هل يمكننا ترك هذه المنطقة لارهابيين؟ بالنسبة الينا لا".

ليست واضحة بعد آليات إنشاء المنطقة الآمنة.ولكن يبدو أن أردوغان يملك خططاً جاهزة لما بعد انشائها، إذ قال إن هيئة ادارة المساكن العامة في تركيا قادرة على المساعدة في بناء تجمعات سكنية جديدة "إذا وفرت لنا قوات التحالف دعماً مادياً".

موقف الأكراد

وفيما يبجث رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جون دانفورد في تركيا تفاصيل الخطة، برزت أصوات كردية معارضة لمنطقة آمنة بادارة تركيا.

ورأى مسؤول العلاقات الخارجية لحركة المجتمع الديمقراطي ألدار خليل أن تركيا تحاول تطبيق "ميثاق ملي" للوصول من حلب إلى الموصل وكركوك التي تعتبرها من الأراضي التركية. وقال إن "تركيا احتلت إدلب وعفرين وتحاول الآن احتلال منبج وشمال سوريا لعزلها عن الأراضي السورية وتقسم سوريا بذلك". وأكد أن الأكراد لن يقبلوا بمنطقة آمنة برعاية تركيا، وإنما يجب أن تكون هذه المنطقة برعاية الأمم المتحدة.

بدوره، قال المنسق الإعلامي لـ"مجلس سورية الديموقراطية": "إذا كانت المنطقة العازلة ستضمن حياة ومستقبل ملايين السوريين في شمال سوريا فحكماً سنتعاون مع المشروع ، ولا سيما أن هذه المنطقة باتت مهددة من عدة جهات محلية واقليمية"، ولكنه أبرز أهمية اصدار قرار دولي لوقف أردوغان وكتائبه الاسلامية المتطرفة عن تهديداتهم لمكونات الشمال السوري. وأكد أن ما يجري في عفرين جحيم و تجاوز ممارسات تنظيم داعش، ومن المؤكد أنه إذا سيطر أردوغان على المنطقة ستحصل كارثة.

دمشق تندد

نددت السلطات السورية الثلثاء "بالعدوان" التركي اثر تصريحات للرئيس رجب طيب أردوغان حول استعداد بلاده لإقامة "منطقة آمنة" في شمال سوريا.

ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية ان تصريحات أردوغان "تؤكد مرة جديدة أن هذا النظام راعي الإرهابيين (...) لا يتعامل إلا بلغة الاحتلال والعدوان ولا يمكن إلا أن يكون نظاما مارقا متهورا غير مسؤول".


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة