السبت ٢٠ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٣, ٢٠١٨
المصدر : جريدة الحياة
لبنان
موسكو لمسعى يسرع الحكومة برئاسة الحريري وباسيل يعمل لمخرج بعدما ضبط بري التوتر
بيروت - وليد شقير
نجح رئيس البرلمان نبيه بري أمس في خفض مستوى التوتر السياسي في لبنان بعد الخطاب الناري للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله الذي اشترط تمثيل ستة نواب سنة حلفاء له بوزير في الحكومة الجديدة، ما ترك انطباعا بأن ولادتها ستطول أكثر من المتوقع في ظل دخول تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفها والذي يرفض هذا المطلب، شهره السادس. وتتخوف الأوساط السياسية والديبلوماسية من احتمال غرق لبنان في أزمة سياسية عميقة تتجاوز تعثر تشكيل الحكومة، بحيث ترتبط نهايتها بتعقيدات الوضع الإقليمي المتلاحقة.

وعلمت "الحياة" أن الأوساط السياسية تترقب أن يبذل المسؤولين الروس جهداً للمساعدة على حلحلة عقد تأليف الحكومة، ولا سيما العقدة الأخيرة المتصلة بشرط "حزب الله" تمثيل النواب السنة حلفاءه. وقالت مصادر مطلعة إن موسكو أعربت عن استعدادها لبذل هذا الجهد خلال لقاء نائب وزير الخارجية وموفد الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف مع رئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط في موسكو الخميس الماضي. وقال مصدر في "اللقاء الديموقراطي" لـ"الحياة" إنه فُهم أن موسكو ستجري اتصالات مع فرقاء محليين وإقليميين، من دون أن يستبعد أن يشمل ذلك المسؤولين الإيرانيين. وذكر المصدر ل"الحياة" أن المسؤولين الروس يهتمون بوجوب تسريع إنهاء الأزمة الحكومية في لبنان، من باب إصرارهم على حفظ الاستقرار فيه، ويعتبرون أنها يجب أن تكون برئاسة الحريري تحديداً.

وقال مصدر نيابي ل"الحياة" عن تحرك بري إنه أجرى منذ ليل أول من أمس الأحد اتصالات مع سائر قادة الكتل النيابية دعاهم فيها إلى تهدئة المواقف السياسية إفساح المجال لجهود لإيجاد حلول بعيدا من التشنجات.

وانعكست جهود بري على مداخلات النواب خلال الجلسة النيابية التشريعية التي ترأسها اليوم فامتنع معظمهم عن التطرق إلى الأزمة السياسية الحكومية بناء لطلبه، لكن آثار إطالة أمد هذه الأزمة على الوضعين الاقتصادي والمالي تجلى في الموقف الذي أعلنه وزير المال علي حسن خليل حين أقر البرلمان قانون صرف 75 بليون ليرة لبنانية (500 ألف دولار أميركي) لتغطية وزارة الصحة أدوية الأمراض المستعصية بما فيها السرطان، إذ سأل من أين سنؤمن هذا المبلغ ففي الخزينة ليس هناك ليرة واحدة؟

وجاء ذلك فيما التحذيرات من تأثير تأخير الحكومة الجديدة على الوضع الاقتصادي والمالي الهش في لبنان، تتوالى من الخبراء الاقتصاديين والهيئات الدولية، في ظل تأخر لبنان في تنفيذ الإصلاحات المالية المطلوبة منه كي يستفيد من المبالغ الاستثمارية التي أقرها مؤتمر "سيدر" في نيسان (أبريل) الماضي للنهوض باقتصاده وبنيته التحتية.

وأطلقت مبادرة بري بتهدئة السجال السياسي بعدما هاجم نصر الله الحريري ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط وحزب "القوات اللبنانية" من باب الإصرار على تمثيل حلفائه السنة، تحركاً لمحاولة إحداث خرق في جدار الجمود الحكومي، بعد أن أخذ السجال بعدا طائفيا ومذهبيا تحول توترا في خطاب نصر الله.

واجتمع بري قبيل الجلسة النيابية إلى الحريري، الذي يترقب الوسط السياسي مؤتمره الصحفي اليوم للتعليق على شروط نصر الله، ثم التقى رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، الذي كلفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التحرك لإيجاد مخرج من الأزمة بعدما كان تضامن مع الحريري في رفض توزير أي من النواب السنة الستة المعارضين له، وهو ما أزعج "حزب الله".

وأوضح مصدر في "التيار الحر" ل"الحياة" أنه "مهما كان تفسير الأزمة سواء إقليميا أو محليا، فإننا وصلنا إليها ويجب العمل على حلها. والمطلوب فتح الباب على تدوير الزوايا. ويمكن البدء من واقعة أن "حزب الله" رد الاعتبار لحلفائه وسنستكشف إمكانية التوصل إلى مخرج".

وقبل أن يعود باسيل ويجتمع إلى الحريري مساءا قال إثر اجتماعه مع بري: "نحن نحل مشكلة ليست عندنا كفريق سياسي، بل هي عند فريقين او ثلاثة، لكن نحن معنيون بها على قاعدة ان المُصلح عليه ان يجد حلا، وكل الناس ستساهم به. هناك 3 أفرقاء معنيون بها: تيار المستقبل، حزب الله، واللقاء التشاوري (النواب السنة الستة) كل فريق عليه ان يساهم بالثلث عندها تحل المشكلة. والعقدة مهما كانت طبيعتها وتسميتها سنية - سنية، أو سنية - شيعية، هي عقدة وطنية تمنع تأليف حكومة وحدة وطنية. وبالتالي تعني كل اللبنانيين. وكلنا مسؤولون عن حلها".

ورأى أن "المطلوب تخفيف أي احتقان مهما كانت طبيعته مذهبي أو فئوي، والمطلوب الا نحرض لزيادة هذه المشكلة. وليس الوقت مناسبا لنمس بوحدتنا الوطنية ونسجل نقاطا سياسية. فهذه ليست لمصلحة احد في الداخل".

واعتبر أن "لا مصلحة لأحد في أن يختلق أسبابا طائفية أو دستورية لهذه المشكلة، من أجل التجييش او حشد التأييد كالقول مثلا ثمة مس بصلاحيات رئيس الحكومة. بكل بساطة ثمة تمثيل لفريق سياسي، وكل المسألة: هل ثمة حق في التمثيل"؟ وتحدث عن الحل وفقا لمعيار أننا حكومة وحدة وطنية. فلا احتكار لتمثيل اي مكون، بل ثمة أكثرية وأقلية في كل مكون. وفي حكومة الوحدة الوطنية يتمثل الاثنان".

ولفت إلى أن "الإشكالية نجمت عن أن الاقلية عند الطائفة السنية ليست مجسدة بنائب واحد أو بفريق واحد أو بكتلة واحدة والكتلة المعلن عنها، لم يتم التكلم عنها قبل الانتخابات أو بعدها، ولا قبل الاستشارات أو بعدها. وهذا اعتلال بالشكل وليس بالمضمون، فاللقاء التشاوري لديه مضمونه السياسي وحثيته الشعبية". وأوضح أن الحل لن يكون باقصاء أقلية ولا بمنع تشكيل الحكومة".

وختم باسيل: "أي حل باعتذار رئيس الحكومة المكلف لن يصح، لأننا نريد أن يقوم الرئيس الحريري بهذه المهمة، وأن يكون قويا، لتكون الحكومة قوية. فرئيس الحكومة إذا كان ضعيفا الحكومة ستكون ضعيفة، والعهد سيكون ضعيفا ولبلد كله".

وليلاً التقى باسيل بعد اجتماعه بالحريري عضو "اللقاء التشاوري" النائب فيصل كرامي.

جنبلاط: بالأمس انتهى الطائف

اختار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أن يعلق على التطورات السياسية في لبنان وتعطيل ولادة الحكومة الجديدة على طريقته، بالتلميح والإيحاء عبر تغريدة على حسابه على "تويتر"، فاستخدم صورة للزعيم الراحل ريمون إده الذي كان أحد رموز الديموقراطية اللبنانية في ستينات وسبعينات القرن الماضي، الذي انتقل إلى العيش في فرنسا بعد السنة الثانية من الحرب الأهلية اللبنانية إثر محاولة لاغتياله وتهديدات بالقتل تلقاها.

وكتب جنبلاط شارحا ما يقصده من ورائها قائلاً: ""في تلك الأيام كان للديموقراطية معنى وللدستور حصانة وللقانون سطوة. كان العميد اده في مقدمة رجال الدولة في الحكم أو في المعارضة، ثم دخل الاغتيال السياسي من قبل الأنظمة الكلية وأتت الحرب ثم تسوية الطائف بدستور لا يطبق، وبالأمس انتهى الطائف."

وتابع: "أتساءل ما هو معنى حكومة الوحدة الوطنية؟"

وكان جنبلاط حضر مساء أول من أمس اجتماع "اللقاء النيابي الديموقراطي" الذي يترأسه تيمور جنبلاط. وانتهى الاجتماع إلى بيان تناول الوضع المالي والإقتصادي في البلاد. وأشار إلى "المعطيات المقلقة التي تمت مناقشتها في لجنة المال والموازنة وأراء الخبراء المختصين، كلّها تنذر بأننا نتجه بخطى سريعة نحو الإنهيار ما لم يصار إلى إحداث صدمةٍ توقف المسار الإنحداري، تجنّبنا الإنزلاق إلى الهاوية، خصوصاً في ظل النمو المضطرد للدين العام وازدياد نسبة العجز بشكل غير مسبوق، وانخفاض معدل النمو وإزدياد نسبة البطالة، وفي ظلّ تفلّتٍ في الأداء المالي لمؤسسات الدولة، وغياب حكومةٍ قادرةٍ على مواجهة التحديات".

وإزاء الانتقادات التي وجهها السبت الماضي الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله لجنبلاط بعد أن اعتبر أن "إيران تعاقبنا" عبر تعطيل الحكومة، طلب جنبلاط وقيادة حزبه من المحازبين والمناصرين التهدئة وعدم الدخول في سجالات بسبب موقف نصر الله، خصوصا أن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت انفلات التعليقات والمشاحنات بين مؤيدي الفريقين.

«سيدة الجبل»: نصرالله نسف اتفاق الطائف

اعتبر «لقاء سيدة الجبل» في اجتماعه الأسبوعي أمس، أن الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله «واصل العمل بنسف الدستور في خطابه الأخير وذكر من يحاول التناسي أنه المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية، غير آبه بالأضرار الإضافية الهائلة التي تلحقها مواقفه الحادة هذه بمصالح لبنان وشعبه في أصعب ظروف حياته».

وحمّل اللقاء «قوى التسوية» مسؤولية الإعلان الرسمي للوصاية الايرانية على لبنان»، داعياً الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى أن يبادر فوراً إلى تقديم التشكيلة الحكومية التي يراها مناسبة إلى رئيس الجمهورية إنقاذاً لما تبقى من للدستور، وعلى رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور تحمّل مسؤولياته الوطنية أمام الشعب اللبناني».

ونصح «اللقاء» في بيان «المتباكين على ما آلت إليه الأحوال بعد الخطاب الأخير لنصرالله، بأن يعودوا إلى المواقف التي كان أطلقها بخصوص «التسوية القاتلة» التي انخرطوا بها»، مؤكداً أنه «سيتابع على رغم كل ما تعرض له، في الخط الوطني الساعي إلى استعادة لبنان حريته واستقلاله وسيادته من الوصاية الايرانية المهيمنة عليه حالياً».

الراعي: لا لحكم لبنان بذهنية «ميليشيات سياسية»

اعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي أنه «إذا كانت الميليشيات العسكرية في معظمها قد توقفت، فلا يمكن القبول بأن يحكم لبنان بذهنية ميليشيات سياسية».

وشدد على «ضرورة التربية على ذهنية أخرى لدى شبابنا وأجيالنا الطالعة». وأكد أن لبنان «عامل استقرار في محيطه، كما يشهد له الجميع، ولهذا السبب تعصف به رياح خارجية تؤثر في تكوين مؤسساته الدستورية وسيرها».

وقال الراعي خلال ترؤسه الدورة العادية الـ 52 لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان حول موضوع «شرعة التعليم المسيحي للكنائس الكاثوليكية في لبنان» إن «مؤسساتنا تدرك أكثر من سواها حجم الفقر المتزايد عند شعبنا، بسبب الأزمة الإقتصادية والمعيشية الخانقة، وبسبب اتساع رقعة البطالة، وارتفاع كلفة المعيشة، طعاما وكسوة واستشفاء وأدوية وتربية». ولفت إلى أن «ما يؤلم شعبنا ويؤلمنا بالعمق إهمال المسؤولين في الدولة، واهتمامهم بمصالحهم الخاصة، والظهور كأنهم لا يريدون بناء دولة القانون والعدالة الإجتماعية، لأنها تتنافى ومكاسبهم ونفوذهم وزعاماتهم، ولهذا السبب ضعف الولاء للبنان». وإذ أشار إلى أن «كنائسنا ومؤسساتنا تعمل على تنمية الشخص البشري بكل أبعاده وتصقل شخصيته»، أسف لأن «في المقياس السياسي عندنا، لا يحدد المواطن بما هو ومن هو كإنسان، ولا يحدد بفكره وعقله وأخلاقه ونظافة يده وولائه للبنان، بل يحدد بانتمائه إلى الحزب والدين والطائفة، ويحدد أيضا بما هو أكثر إذلالا بانتمائه إلى هذا الزعيم السياسي أو الطائفي».

ورأى أنه «أمام هذا الواقع، يبقى من واجب الكنيسة الراعوي الدفاع عن الشعب، لا سيما الفقراء والمظلومين، وإعلان المبادئ الدستورية والديموقراطية والثقافية التي تنظم العمل السياسي وتنقذه من انحرافه، ومن أخطاره على الوطن والمواطنين، إذا ما انحرف».

ونقل السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتاري الذي شارك في افتتاح الدورة، للحضور «تحيات البابا فرنسيس الذي يؤكد لكم صلواته لأرض الأرز». وقال: «وسط التحديات الكبيرة أمام المجتمع الذي يتغير بسرعة، فإن مهمة الكنيسة في نقل الايمان وتعليم الحياة الصادقة تصبح اصعب كل يوم في لبنان بسبب عوامل عدة، منها الجراح الناتجة من الحرب ومحاولات المصالحة والصراعات المسلحة في المنطقة التي سببت عدم الاستقرار وخروج مئات الالوف من سكان بلاد مجاورة، والصعوبات السياسية والاقتصادية على الصعيد الوطني».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة