الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٢, ٢٠١٨
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
فتح معبر نصيب مصدر رزق لمقاتلين معارضين سابقين
نصيب (سورية) - أ ف ب
بعدما حمل السلاح لسنوات في صفوف فصيل معارض في مدينة درعا (جنوب دمشق)، يحمل بهاء اليوم علب البرازق والحلويات الشامية ويبيعها للزبائن الأردنيين الذين يقبلون بكثافة على سورية بعد نحو شهر من إعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي.

ويبدي أردنيون تحدثت اليهم وكالة «فرانس برس» عند المعبر دهشتهم من انخفاض أسعار السلع والخدمات في سورية، بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب مقارنة بواقع الأسعار في بلدهم.

واستعادت قوات النظام السوري في تموز (يوليو) الماضي معبر نصيب وكل الحدود الأردنية بعد عملية عسكرية، أعقبها اتفاقات تسوية مع الفصائل المعارضة في محافظة درعا الجنوبية. وافتتح الجانبان السوري والأردني المعبر رسمياً منتصف الشهر الماضي بعد نحو ثلاث سنوات من إغلاقه.

ويقول بهاء (26 عاماً) وهو يحصي علب الحلويات المتبقية في صندوق بلاستيكي ثبّته على دراجته النارية، «أحضر منذ أسبوعين حلويات تصلني يومياً من دمشق وأبيعها للأردنيين الذين يأتون لشرائها هنا لأنها أقل ثمناً» من بلادهم. ويضيف: «أبيع يومياً ما بين 27 الى ثلاثين علبة بسعر ثلاثة دنانير (أربع دولارات) لكل منها».

ويأتي بهاء يومياً الى استراحة قريبة من معبر نصيب، تضيق باحة واسعة أمامها بصناديق موضّبة من الفواكه لا سيما الرمان والبرتقال والخضار وحتى السجائر التي يقبل الأردنيون على شرائها بكثافة.

ويحضر الى هذا المكان يومياً أيضاً، وبناء على تنسيق بين تجار من الطرفين، سائقون أردنيون يطلقون على أنفسهم تسمية «بحارة» وينقلون ما تسنى لهم من بضائع من سورية الى الضفة الأخرى من الحدود.

ويوضح بهاء ذو البشرة السمراء والذقن السوداء القصيرة: «الحمدلله عندما فتحت الحدود باتت هناك فرص عمل، بعدما أمضيت نحو ست سنوات تقريباً عاطلاً من العمل».

ولدى سؤاله عن مورد رزقه خلال تلك السنوات، يجيب: «كنت مقاتلاً في صفوف فصيل مسلح، حملت السلاح لكي نأكل ونعيش قبل أن ننضم الى المصالحة».

وبرغم إجلاء الآلاف من المقاتلين المعارضين وأفراد من عائلاتهم من رافضي المصالحة من جنوب البلاد قبل أشهر، فضل بهاء البقاء في مدينته وتسوية وضعه مع النظام، وينتظر أن يتم استدعاؤه قريباً إلى الخدمة العسكرية.

عند معبر نصيب، تزدحم السيارات الوافدة من الأردن في خطوط طويلة، وبعضها محمل بالفرش والبطانيات والحقائب لسوريين عائدين إلى بلادهم. وإلى جانبها شاحنات نقل وتبريد متوقفة بدورها بانتظار انتهاء معاملات اجتيازها الحدود.

وتقدم السلطات السورية خدماتها من خلال غرف جاهزة الصنع وضعت متراصّة بعضها إلى جانب بعض قرب صالة القدوم الرئيسة التي تضررت بفعل الحرب وانطلقت ورش إصلاحها. وينهمك عمال في نقل الأتربة والردم من داخلها وكذلك من قاعة المنطقة الحرة، حيث لا يزال شعار أحد الفصائل مكتوباً عند مدخلها.

وفي أول نقطة أمنية في المعبر، الموجودة تحت قناطر مرتفعة، تم طلاء العلم السوري الرسمي فوق راية المعارضة ذات النجوم الثلاث على جدران عدة.

وبانتظار ختم جوازه قبل عبوره نحو سورية، يقول الأردني محمد السايس (25 عاماً)، الذي يرتدي قميصاً أزرق اللون: «قبل الأحداث، كنا نأتي يومياً الى سورية وأحياناً لتناول الفطور فقط».

ويقصد الشاب القادم من مدينة الرمثا الحدودية والمتخصص في الإدارة السياحية دمشق للمرة الثانية منذ افتتاح المعبر «من أجل السياحة والسهر وتناول الطعام»، مبدياً دهشته لكون الأسعار «متدنية جداً بالنسبة إلى الأردني».

ويوضح بحماس: «صحيح أن سورية شهدت حرباً لكننا نحن الأردنيين أيضاً عشنا حصاراً، وعندما فتحت الحدود كأن الجنة فتحت لنا».

ينتظر السائق مفلح الحوراني (53 عاماً) بين العشرات في صف طويل أمام شباك ختم الجوازات، قبل أن يكمل طريقه الى دمشق بطلب من عائلة أردنية تنتظره لإعادتها إلى بلدها.

ويتردد هذا السائق بشكل شبه يومي الى سورية منذ افتتاح المعبر لنقل الركاب والتسوق لعائلته وأقربائه.

ويقول لـ «فرانس برس»: «آخذ معي الفواكه والخضار لا سيما البطاطا والبصل والثوم وألبسة الاطفال القطنية وأملأ سيارتي بالوقود»، مضيفاً: «كلفة ليتر البنزين في الأردن (تعادل) 500 ليرة سورية بينما ثمنه أقل من النصف هنا رغم الحرب».

وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، شكّل المعبر منفذاً تجارياً حيوياً بين سورية والأردن، تنقل عبره البضائع من سورية الى السوق العربية، كما من تركيا ولبنان الى الدول العربية وبالعكس.

وتأمل دمشق أن تنعكس اعادة افتتاح المعبر مباشرة على الاقتصاد، ويتوقع محللون أن يكون بمثابة خطوة لـ «تطبيع» علاقات سورية مع دول الجوار بعد الأزمات الديبلوماسية والسياسية إثر اندلاع النزاع.

ويقول مدير المعبر العقيد مازن غندور لـ «فرانس برس»: «تزداد أعداد القادمين يوماً بعد يوم ووصل عددهم إلى 33 ألفاً و282» على الأقل بينما قارب عدد المغادرين 29 ألفاً. ويوضح أن «النسبة الأكبر من القادمين هم من الأردنيين».

وأحصى مصدر أمني أردني في الثاني من الشهر الحالي مغادرة ستة آلاف سوري من الأردن الى سورية، بينهم 517 لاجئاً مسجلاً.

ويتحدث غندور عن تعليمات «للتعامل بإيجابية مع القادمين من الجنسيات كافة»، لافتاً الى أن «معظم الاردنيين يأتون من أجل التسوق كما للسياحة في دمشق وهم متعطشون اليها».

على بعد أمتار عدة، تبتسم سيدة سورية مقيمة في الأردن منذ سنوات، وهي تنتظر انتهاء معاملات عبورها مع أفراد عائلتها الى دمشق في زيارة لأسبوعين. وتقول: «دمشق بركة، ولذلك يود الجميع زيارتها بعد طول انقطاع».
 


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة