الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ٢٣, ٢٠١٨
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
انفتاح روسي على التعاون مع واشنطن
القاهرة – أحمد رحيم{ موسكو، لندن - «الحياة»
أظهرت موسكو أمس انفتاحاً على تعاون «فاعل» مع واشنطن لحل الأزمة السورية، بالتزامن مع زيارة مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون، في وقت تصاعد صراع داخل «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) محوره الاتفاق الروسي- التركي حول مدينة إدلب ومحيطها (شمال غربي سورية)، وسط توقعات بمعركة مفتوحة بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، إن موسكو «مستعدة لتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في شأن الملف السوري، لكن واشنطن ترفض هذا الأمر». وأوضح في مؤتمر صحافي: «لدينا قناة لتفادي الحوادث في سورية، وكنا مستعدين لمزيد من التعاون الجوهري لإيجاد طرق لحل الصراع السوري بأكبر مقدار ممكن من الفاعلية، وقبل كل شيء بدء عملية عودة اللاجئين والمفاوضات السياسية وضمان القضاء على الإرهاب. ولكن حتى الآن الولايات المتحدة ليست مستعدة لهذا التعاون الكامل».

وأفادت السفارة الأميركية في موسكو بأن بولتون ناقش مع أمين مجلس الأمن الروسي نيقولاي باتروشيف الملف السوري ومحاربة الإرهاب، فيما قال مصدر روسي لـ «الحياة» إن محادثات بولتون مع المسؤولين الروس «فرصة للوقوف بدقة على التغيرات في استراتيجيا أميركا حول سورية». وأكد المصدر المطلع على تفاصيل الأزمة السورية، أن «موسكو منفتحة على زيادة التعاون مع واشنطن»، لكنه لفت الى أن «الخلافات تتناول عدداً من القضايا، على رأسها الوجود الإيراني في سورية، ورعاية واشنطن الأكراد».

وأشار إلى أن «موسكو التزمت إبعاد الإيرانيين عن الجولان المحتل، وأعادت تشغيل معبر القنيطرة»، لكنها «لا تستطيع فرض خروج الإيرانيين من سورية، وهذه نقطة خلافية يجب أن يتفهمها الجانبان الأميركي والإسرائيلي». وأشار الى أن «موسكو ستطلب توضيحاً من الأميركيين في شأن أهدافهم شرقَ الفرات، وتأكيد أنها لا تشجع أي مشروع انفصالي».

وكان الموفد الأميركي إلى سورية جيمس جيفري زار أمس مدينة منبج وريفها (شمال سورية) واجتمع مع إدارتها المدنية، غداة زيارته الرقة (شمال شرقي سورية)، وبالتزامن مع إعلان واشنطن تسيير دوريات أميركية- تركية في منبج قريباً لـ «تعزيز الأمن والاستقرار».

وقال المصدر الروسي إن موسكو «ترغب في ألا تضغط واشنطن على حلفائها لتعطيل عودة اللاجئين والإعمار»، وتأمل في «ألا تقتصر مساهمتها على الإعمار في شرق الفرات».

ومع ارتياح موسكو إلى أن «الولايات المتحدة لم تَعد تطرح شرط رحيل بشار الأسد عن الحكم للحل السياسي»، قال المصدر إن «المسؤولين الروس مهتمون بمعرفة تفاصيل أكثر عن الاستراتيجيا الأميركية الجديدة». ولم يُخف المصدر مخاوف من أن «واشنطن يمكن أن تعمل على تعطيل اتفاق إدلب، ومنح تركيا إغراءات أكبر في مقابل التخلي عن مسار آستانة».

إلى ذلك، تواصل أمس القصف المتبادل بين قوات النظام وفصائل مسلحة في المنطقة العازلة بإدلب ومحيطها، ما استدعى تحذيراً روسياً من مغبة «استمرار انتهاكات الفصائل المسلحة»، في وقت بات الصراع بين فصيلين في «هيئة تحرير الشام» على خلفية اتفاق إدلب، مفتوحاً على كل الاحتمالات بعدما وصل إلى حد الاستهداف الشخصي.

ويبرز المسلحون المصريون المنخرطون في «تحرير الشام» كرقم مهم في هذا الصراع، كونَ الفريق المعارض الاتفاق الروسي– التركي، يضم عدداً كبيراً من المصريين. لكن خبراء توقعوا ألا يقود هذا الصراع إلى عودة المصريين من سورية إلى مصر، مرجحين انضمامهم الى تنظيمات سورية موالية لتنظيم «القاعدة»، أبرزها فصيل «حراس الدين».

وأوضح الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أحمد كامل البحيري، أن هذا الصراع بدأ منذ شهرين، قبل اتفاق إدلب، مشيراً الى انشقاقات كبيرة داخل الهيئة حتى أنه لم يعد متبقياً فيها إلا «تنظيم الأقصى»، و «جند الشام»، و «فتح الشام»، أما التنظيمات الموالية لـ «القاعدة»، فخرجت من الهيئة، وشكلت تنظيم «حراس الدين». وتوقع أن تحل الهيئة نفسها خلال الفترة المقبلة، وأن تُشكل تنظيماً جديداً ينضوي لاحقاً ضمن «الجبهة الوطنية للتحرير» التي تضم فصائل مدعومة من أنقرة.

ولفت البحيري إلى وجود أعداد كبيرة من المصريين داخل «تحرير الشام»، بينها قيادات توافق على الاتفاق وأخرى ترفضه. وتوقع أن استهداف القياديين المصريين، أبو الخير المصري وأبو الفرج المصري، بغارة أميركية قبل أسابيع، تم ببلاغ من زعيم «تحرير الشام» أبو محمد الجولاني الذي بدأ بتصفية الجناح المناهض له، وبتصعيد القيادات التي تقر توجهاته والأقرب إليه.

واستبعد البحيري أن يؤدي هذا الصراع إلى محاولة المصريين في التنظيم العودة إلى بلادهم، بل سينضمون بشكل أكبر إلى التنظيمات التابعة لـ «القاعدة»، لافتاً إلى أن عملية الانتقال مرتبطة باقتحام إدلب، وفي هذه الحال، تكون الساحة المصرية في خطر لأن أعداد المصريين في هيئة «تحرير الشام» وتنظيم «حراس الدين»، كبيرة نسبياً.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة