الجمعه ٢٩ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ٢٤, ٢٠١٨
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
أميركي يبث نشرات أخبار سورية من إدلب مباشرة
بيروت - أ ف ب
يستعين الأميركي بلال عبدالكريم بخريطة لمحافظة إدلب (شمال غربي سورية) ليشرح باللغة الإنكليزية لمشاهديه في مقطع فيديو قصير الاتفاق التركي- الروسي الأخير حول آخر معاقل الفصائل المسلحة في سورية حيث يعيش منذ سنوات.
خلال السنوات الست الأخيرة، عكف عبدالكريم واسمه داريل لامونت فيلييس قبل اعتناقه الإسلام، على نقل أخبار المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سورية من حلب سابقاً إلى إدلب حالياً.

ويبث الأميركي الأسود (47 عاماً) أخباره من مناطق استهدفتها الغارات أو من خطوط الجبهات الأمامية، أو يجري مقابلات مع مسلحين من الفصائل ومن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

وتمكن عبدالكريم من إنشاء شبكة علاقات مع الفصائل و «تحرير الشام» أتاحت له التنقل بسهولة في منطقة يتجنبها المراسلون الأجانب خشية عمليات الخطف. وأثار الأمر اتهامات له بأنه «مروج للإرهابيين» أو «متعاطف» معهم وخصوصاً مع «الهيئة» التي تصنفها واشنطن تنظيماً «إرهابياً»، لكن عبدالكريم نفى في حديث مع وكالة «فرانس برس» عبر تطبيقات «سكايب» و «واتساب» و «فايسبوك» ذلك، متهماً في المقابل الحكومة الأميركية بمحاولة اغتياله في سورية، ما دفعه إلى رفع دعوى ضدها.

ويصنف عبدالكريم نفسه بأنه «الرجل الأسود والأصلع في وسط سورية»، ويبث الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي من «تويتر» إلى «يوتيوب» و «فايبسوك» ولديه 80 ألف متابع.

وفي فيديو بثه قبل أيام على صفحته «أخبار من الأرض»، يخرج عبدالكريم لتحليل الاتفاق الروسي- التركي الذي ينص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب تجنبها عملية عسكرية لقوات النظام السوري.

وينظر عبدالكريم مرتدياً بزة رسمية إلى الكاميرا، ويتوجه إلى المشاهدين بالقول «في هذا الاتفاق، هذا الاتفاق تحديداً، لا يستطيع أحد القول إن الفصائل ليسوا فائزين».

ونشأ عبدالكريم قرب منطقة البرونكس في مدينة نيويورك. وكان أكثر ما يحب القيام به هو مشاهدة فيلم «روكي» للممثل الأميركي سيلفستر ستالون وتناول الوجبات في المطاعم الإيطالية.

قبل نحو 15 عاماً، اعتنق الإسلام لينتقل في العام 2002 إلى الشرق الأوسط قبل أن يتزوج في مصر وينجب أطفالاً يرفض الكشف عن مكانهم لأسباب أمنية. في العام 2012، ومع تحول حركة الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى نزاع مسلح، انتقل إلى سورية قادماً من ليبيا.

عمل عبدالكريم في بادئ الأمر مع محطات تلفزيونية مهمة بينها «سي أن أن»، قبل أن يؤسس في 2015 شبكة «أخبار من الأرض» مع تزايد «الشكوك» حول مواقفه السياسية، على حد قوله.

ويوضح: «لدي علاقات عمل جيدة مع كل الفصائل، وهذا لا يعني أنني أتفق مع كل شيء يقومون به أو أنهم يتفقون مع كل ما أقوم به».

ويبدأ يومه عند الساعة الرابعة والنصف صباحاً مع صلاة الفجر، قبل أن يخرج للتحقق من أن أحداً لم يزرع في سيارته عبوة ناسفة، ثم ينطلق إلى عمله الذي تحدده مجريات الأحداث.

قد يجد نفسه أحياناً يتنقل على متن دراجة نارية إلى خطوط الجبهة الأمامية واضعاً في قميصه مذياعاً صغيراً من دون أن يرتدي سترة حماية، أو قد يقتصر يومه على شرب كأس من الشاي مع مسلحين متشددين.

ويقول عبدالكريم: «أذكر أنني خضت نقاشات عميقة جداً مع عناصر في تنظيم القاعدة حول أميركا والأميركيين والنظام الديموقراطي».

وعرض عبدالكريم أن يلعب دور الوسيط بين القوى الغربية والمسلحين في إدلب، مشدداً على أن «ليست لديهم أنياب ترشح دماً ولا يريدون أن يأكلوا أطفال أميركا». وعبدالكريم ليس الأميركي الوحيد في إدلب، بل يقول «يوجد بعض الأميركيين هنا وجميعهم من المسلحين».

ويصر على البقاء في إدلب حتى اللحظة الأخيرة. ويتذكر تجربته في مدينة حلب حيث كان برفقة آلاف المسلحين المعارضين والمدنيين الذي خرجوا من أحياء المدينة الشرقية نهاية عام 2016 إثر عملية عسكرية، ثم اتفاق مع القوات الحكومية. وفي حال تكرر السيناريو ذاته في إدلب، يقول عبدالكريم: «سأكون بين آخر المغادرين».

بعد 16 عاماً على مغادرته الولايات المتحدة، يشتاق عبدالكريم لأمور بسيطة جداً بينها التحدث باللغة الإنكليزية وحبوب الإفطار المليئة بالسكر. لكنه يخشى اليوم أنه لم يعد يعرف بلده أساساً بعد وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في 2016. ويقول «يبدو أن أميركا اليوم ليست أميركا التي نشأت فيها».

وأكثر ما يربط عبدالكريم اليوم ببلاده هو شقيقته والدعوى التي رفعها في العام 2017 ضد ترامب وعدد من المسؤولين الأميركيين متهماً إياهم بمحاولة اغتياله خمس مرات.

ويروي أنه في إحدى المرات «جرى استهداف سيارتي بغارة من طائرة مسيرة»، مضيفاً «طارت السيارة من مكانها وسقطت على جانبها». ويطالب عبدالكريم الحكومة الأميركية بالكفّ عن استهدافه. ويتهم واشنطن بـ «تشويه» الحقائق في سورية، مشيراً إلى أن «على الأميركيين أن يعلموا ماذا تفعل حكومتهم».

ويقول الرجل الملتحي «أنا لست في أميركا لأن ما أقوم به في سورية (...) هو باعتقادي الأمر الصحيح». ويضيف: «إذا كان باستطاعتي القيام بشيء يساعد الناس على رؤية الحقيقة، فلم أعود إلى أميركا اليوم؟».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة