الخميس ١٨ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ١٩, ٢٠١٨
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
أكثر من 52 قتيلاً... الجسر البري بين طهران وبيروت في مرمى نيران إسرائيل
موناليزا فريحة
بعد ساعات على اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اتخاذ اجراءات ضد محاولات ترسيخ الوجود العسكري لإيران ووكلائها قرب الحدود وفي داخل العمق السوري، وفي الوقت الذي لم يحسم بعد مصير الصفقة التي تشرف عليها روسيا والولايات المتحدة لابعاد الميليشيات الايرانية عن الحدود الاسرائيلية في درعا خصوصاً، استهدفت غارة جوية رتلاً عسكرياً لمقاتلين موالين للنظام السوري في محافظة دير الزور، في هجوم اتهم به الاعلام السوري التحالف الدولي، وهو ما نفته وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون"، الامر الذي وضع الدولة العبرية في دائرة الشبهات، وخصوصاً أن المنطقة المستهدفة تعتبر اسراتيجية للجسر البري الذي أنشأته طهران بينها وبين بيروت مروراً بسوريا والعراق.

وارتفع الى أكثر من 50 مسلحاً غالبيتهم من المقاتلين الموالين لقوات النظام، عدد ضحايا ضربة جوية استهدفت ليلاً موقعاً عسكرياً في محافظة دير الزور في شرق سوريا.   

وأورد موقع "دير الزور 24" أن القصف استهدف بلدة الهري بريف مدينة البوكمال في شرق ديرالزور، مما تسبب بمقتل العشرات من قوات الأسد، غالبيتهم من الميليشيات المساندة لها من"حركة النجباء" العراقية و"حزب الله”" اللبناني.

وفي بغداد، أفاد مسؤولون عراقيون أن ميليشيات شيعية تعرضت لهجوم جنوب مدينة القائم على الجهة العراقية من معبر البوكمال. ومن دون الادلاء بتفاصيل عن الغارة، قالوا إن القتلى هم خصوصاً من كتائب "حزب الله" العراقي، و"سيد الشهداء". 

وسارعت وسائل إعلام سورية رسمية الى الاعلان أن طائرات تابعة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة قصفت "أحد مواقعنا العسكرية" في شرق سوريا، ما أدى إلى سقوط قتلى ومصابين، ولكن الميجر جوش جاك ، وهو ناطق باسم القيادة المركزية الأميركية أبلغ الى "رويترز" أن "أحداً في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لم ينفذ ضربات قرب البوكمال". 

وللقوات الأميركية وجود في التنف جنوب غرب البوكمال في الصحراء السورية قرب الحدود مع العراق والأردن.

وكان النظام السوري نجح العام الماضي مدعوماً من الفصائل العراقية المدعومة من ايران و"حزب الله" في توسيع نفوذه عند الحدود العراقية، من التنف إلى البوكمال، وهو ما وفّر لطهران جسراً برياً على طول طريق عام دمشق- بغداد

ومذذاك، حرصت طهران على العمل من أجل سيطرة الميليشيات التابعة لها على الحدود من الجهتَين. لكن "داعش" جدد هجماته على المنطقة أخيراً.

وفي معلومات نشرها "المرصد السوري لحقوق الانسان" أن "داعش" يعمد الى حشد عناصره وآلياته في المنطقة الممتدة بين البوكمال والميادين، عند الضفاف الغربية لنهر الفرات استعداداً لهجوم ضد قوات النظام والقوات الإيرانية و"حزب الله" والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية.

وأبلغ مدير المرصد رامي عبد الرحمن "النهار" أن ثمة تخوفاً لدى القوات الإيرانية من أن يتمكن داعش من قطع الطريق الاستراتيجي الأهم لديها، وهو طريق طهران - بيروت البري، "الذي تزعم قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في أواخر 2017 الهجوم لتطهيره من التنظيم".

ولكن الى "داعش"، يبدو قطع هذا الطريق هدفاً اساسياً للسياسة الاميركية في سوريا.

وأقر المرشح لشغل منصب مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شنكر في جلسة استماع له في مجلس الشيوخ الخميس الماضي إن الاستراتيجية الاميركية حيال ايران يجب أن تشمل الحفاظ على وجود عسكري في سوريا لمنع ايران من اقامة جسر بري الى المتوسط.

ولكن بالنسبة الى الغارة الاخيرة، نفى "البنتاغون" أن يكون التحالف الدولي وراءها. ويقول عبدالرحمن: "إذا لم يكن التحالف هو الذي نفذها، فإنه بالتأكيد يعرف الفاعل". وتوقع تسخيناً للمنطقة هذا الصيف. 

ومع أن الاعلام السوري أصر على تحميل التحالف الدولي مسؤولية الغارة، يقول نيكولاس هيراس، وهو زميل في "مركز لأمن أميركي جديد" إن الغارة تحمل كل بصمات هجوم اسرائيل، لافتاً الى أنها نفذت بدقة.

وكانت اسرائيل نفذت عشرات الغارات الجوية في سوريا على مدى الحرب الأهلية الدائرة منذ أكثر من سبع سنوات، استهدفت عمليات يشتبه في أنها لنقل الأسلحة إلى "حزب الله " ومواقع انتشار إيرانية.

من هذا المنطلق، يقول هيراس إن هدف الغارة الاخيرة لم يكن متوقعاً، مع أنها استهدفت قوات معادية للدولة العبرية، وسط مفاوضات مستمرة بين اسرائيل وروسيا والولايات المتحدة لابعاد ميليشيات ايران عن الحدود السورية-الاسرائيلية.

وتضغط اسرائيل على روسيا لضمان عدم ترسيخ "حزب الله" وإيران وجودهما العسكري في سوريا.

وفي كلام أخير له عن الخطط الاسرائيلية في سوريا، أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمجلس الوزراء إنه "كرر وأوضح" سياسته حيال سوريا في مكالمتين هاتفيتين أجراهما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو. ونقل بيان لمكتبه الاحد أنه قال "أولا يجب أن تخرج إيران من سوريا بالكامل... ثانيا سنتخذ إجراءات.. نحن بالفعل نتخذ إجراءات ضد محاولات ترسيخ الوجود العسكري لإيران ووكلائها قرب الحدود وفي داخل العمق السوري".

 والى هذا الكلام يضيف هيراس نفي واشنطن مسؤولية التحالف الدولي عن الغارة. ويبرز أهمية الرسالىة الجيوسياسية التي تنطوي عليها هذه الغارة، وخصوصاً أنها نفذت في عمق سوريا وعلى الحدود العراقية. "ففي هذا رسالة واضحة للرئيس السوري بشار الاسد وزعيم كتلة الفتح هادي العامري وسليماني ومفادها أن الجسر البري لطهران من ايران الى لبنان عبر العراق وسوريا هو في مرمى النيران الاسرائيلية، وأن اسرائيل تحمل كلاً من حكومتي العراق وسوريا مسؤولية اية تهديدات من "الحرس الثوري" وحزب الله".

الغارة على الهري السوريّة: ارتفاع حصيلة القتلى إلى 52، غالبيتهم مسلّحون عراقيّون
المصدر: "ا ف ب"
قتل أكثر من 50 مسلحاً، غالبيتهم من المقاتلين الموالين لقوات النظام، في ضربة جوية استهدفت ليلاً موقعاً عسكرياً في محافظة #دير_الزور في شرق #سوريا، واتهمت دمشق التحالف الدولي، بقيادة أميركية، بتنفيذها، الأمر الذي نفاه الأخير. 

وتُعد هذه الضربة من بين "الأكثر دموية" ضد مقاتلين موالين للنظام، وفقا لـ#المرصد_السوري_لحقوق_الإنسان الذي لم يتمكن من تحديد هوية الطائرات التي نفذتها.

وتُشكل محافظة دير الزور مثالاً على تعقيدات النزاع السوري، إذ تشهد عمليات عسكرية تنفذها أطراف عدة ضد تنظيم "الدولة الاسلامية". وتحلق في أجوائها طائرات لقوى متنوعة تدعم العمليات العسكرية ضد الجهاديين.

وأفاد المرصد اليوم بارتفاع حصيلة قتلى هذه الغارة الى "52، بينهم 30 مقاتلاً عراقياً على الأقل، و16 من الجنسية السورية"، بينهم عناصر من الجيش والمجموعات الموالية له.

وكانت حصيلة أولية أفادت بمقتل 38 مسلحاً موالياً للنظام.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة "فرانس برس" إن الغارة استهدفت رتلاً عسكرياً خلال توقفه عند نقطة تابعة لقوات النظام وحلفائها في بلدة الهري الواقعة في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، والمحاذية للحدود العراقية.

وأسفرت الضربة عن اصابة آخرين بجروح، وفقا له، مشيرا الى نقل "البعض منهم إلى مدينة البوكمال القريبة، وآخرين إلى العراق" المجاور.

وأفاد مراسل "فرانس برس" في مدينة الناصرية، كبرى مدن محافظة ذي قار العراقية، عن وصول جثث 3 قتلى من شرق سوريا، ينتمون الى كتائب "حزب الله" العراقي.

وقد اتهمت قوات "الحشد الشعبي" العراقية الولايات المتحدة بقتل 22 من عناصرها في الضربة الجوية. وقالت في بيان: "الساعة 22 (19,00 ت غ) من مساء الاحد، ضربت طائرة اميركية مقرا ثابتا لقطعات الحشد الشعبي من لوائي 45 و 46، والمدافعة عن الشريط الحدودي مع سوريا بصاروخين مسيرين، مما ادى الى استشهاد 22 مقاتلا، واصابة 12 بجروح".

واتهمت دمشق ليلاً التحالف الدولي بتنفيذ الضربة. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري إن "التحالف الأميركي اعتدى على أحد مواقعنا العسكرية" في بلدة الهري، "ما أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء، وإصابة آخرين بجروح".

وقال مصدر عسكري في دير الزور لـ"فرانس برس" اليوم إن الضربة الجوية طالت "مواقع مشتركة سورية عراقية في منطقة الهري".

في المقابل، أكد المكتب الاعلامي للتحالف الدولي، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، رداً على سؤال لـ"فرانس برس" أنه "لم تكن هناك غارات للولايات المتحدة أو قوات التحالف في هذه المنطقة".

ويسيطر مقاتلون موالون للنظام على بلدة الهري الواقعة جنوب خط فض الاشتباك الذي أنشأته موسكو وواشنطن، تفادياً لأي تصعيد بين الطرفين والقوات المدعومة من قبلهما المنتشرة على طرفي نهر الفرات. 

ولم يمنع هذا الخط الحوادث بين الطرفين.

وفي 24 أيار الماضي، قتل 12 مسلحاً موالياً للنظام، وفقا لحصيلة للمرصد، في ضربات جوية جنوب البوكمال. واتهمت دمشق التحالف الدولي بتنفيذها، الأمر الذي نفته وزارة الدفاع الأميركية حينها.

ويسيطر الجيش السوري ومقاتلون موالون له من جنسيات ايرانية وعراقية وأفغان ومن "حزب الله" اللبناني على الضفة الغربية لنهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور جزئين. وتعرضت مواقع الجيش وحلفائه جنوب مدينة البوكمال، خلال الأسابيع الماضية، لهجمات عدة شنها تنظيم "الدولة الاسلامية" المتطرف انطلاقاً من نقاط تحصنه في البادية.

ويدعم التحالف الدولي قوات سوريا الديموقراطية (فصائل كردية وعربية) في معاركها ضد التنظيم المتطرف الذي تحاول طرده من آخر جيب يسيطر عليه شرق نهر الفرات.

وإضافة إلى الطائرات الروسية والسورية وتلك التابعة للتحالف، تشن القوات العراقية بين الحين والآخر ضربات جوية ضد التنظيم في محافظة دير الزور.

وشاركت فصائل من الحشد الشعبي العراقي، الى جانب قوات النظام السوري، في معاركها ضد التنظيم في دير الزور العام الماضي. وكان عناصرها من أولى القوات التي دخلت مدينة البوكمال بعد طرد الجهاديين منها.

وخسر التنظيم الجزء الأكبر من محافظة دير الزور عام 2017، على وقع هجومين منفصلين، الأول قاده الجيش السوري بدعم روسي عند الضفة الغربية لنهر الفرات، والثاني شنته قوات سوريا الديموقراطية بدعم أميركي شرق الفرات. 

وشنّ التحالف الدولي ضربات عدة ضد قوات النظام في المنطقة. وفي شباط الماضي، أعلنت القيادة المركزية للقوات الأميركية مقتل نحو 100 عنصر من القوات الموالية للنظام، بينهم روس، في ضربات شنها التحالف الدولي في شرق دير الزور.

وفي إطار المعارك المستمرة ضد آخر جيوب التنظيم المتطرف، وسعت قوات سوريا الديموقراطية نطاق عملياتها العسكرية اخيرا، لتشمل ريف الحسكة الجنوبي المحاذي لدير الزور.

وسيطرت تلك القوات الأحد على بلدة دشيشة التي كانت تعد معقلاً للتنظيم المتطرف في محافظة الحسكة، وتقع على "ممر حيوي" كان يربط مناطق سيطرة الجهاديين في سوريا بتلك الموجودة في العراق.

وكتب بريت ماكغورك، مبعوث الولايات المتحدة إلى التحالف الدولي، على حسابه على "تويتر": "للمرة الأولى خلال أربع سنوات، لم تعد الدشيشة، بلدة شكلت معبراً سيئ السمعة للسلاح والمقاتلين والانتحاريين بين العراق وسوريا، تحت سيطرة ارهابيي تنظيم الدولة الإسلامية". 

وبعد خسارته الجزء الأكبر من مناطق سيطرته في سوريا، لم يعد التنظيم موجودا الا في جيوب محدودة موزعة بين البادية السورية ومحافظة دير الزور وجنوب البلاد.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة