الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيار ٢٤, ٢٠١٨
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
لبنان
الحريري "الثالث" بعد بري "السادس" والتأليف سريع؟
إذا كانت السرعة التي اتسمت بها مسارعة رئاسة الجمهورية الى تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الوزراء اليوم غداة انتخاب مجلس النواب رئيسه ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس تعكس دلالة سياسية معينة، فهي أن ثمة توافقاً عريضاً على استعجال كل الاجراءات الدستورية لاستكمال المرحلة الانتقالية بعد الانتخابات وصولاً الى تأليف سريع للحكومة الجديدة. وعلى أي حال، هذا ما تسرّب من الاتصالات واللقاءات والمشاورات الرئاسية والنيابية والسياسية التي أجريت بكثافة أمس متزامنة مع الجلسة الأولى التي عقدها مجلس النواب وجدّد خلالها انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً له للمرة السادسة وانتخب النائب إيلي الفرزلي نائباً للرئيس وأعضاء هيئة مكتب المجلس اذ حدّدت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية على الفور مواعيد الاستشارات للكتل النيابية والنواب المستقلين ابتداءً من العاشرة قبل ظهر اليوم وحتى الخامسة عصراً لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة. ولم يشكّل حجم التصويت الذي ناله الرئيس بري في إعادة انتخابه والذي بلغت حصيلته 98 نائباً مجمل الأوساط النيابية والسياسية، بينما ستتجه الأنظار اليوم الى حجم التصويت الذي سيصب حتماً لمصلحة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الثانية في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، علماً أنها ستكون المرة الثالثة يتولى الحريري هذه المهمة . وعلم أن الحريري حدد يوم السبت المقبل موعداً للاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة وليوم واحد. 

في أي حال، لن يحجب تركيز الاهتمامات من اليوم على الاستحقاق الحكومي الدلالات السياسية البارزة التي تصاعدت من الجلسة الأولى لمجلس النواب المنتخب والتي يمكن اعتبارها بمثابة مؤشرات سلبية في جوانب عدّة منها لجهة رسم ملامح اختلال في التوزانات كانت "النهار" أشارت اليها أمس وجاءت وقائع عدّة في الجلسة وخلفياتها ورمزياتها لتؤكد هذا الاختلال. وبدا من خلال استبعاد "القوات اللبنانية" بفعل مدروس مسبق أن طلائع مشهدية مختلفة ارتسمت فعلاً في أفق الواقع النيابي الجديد. ثم أن انتخاب نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي لم يمر من دون إثارة الدلالات المتصلة بوصول عدد من النواب المعروفين بعلاقاتهم الوثيقة مع النظام السوري سابقاً وحالياً. وفجّر هذا البعد خصوصاً وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي انسحب من الجلسة بعد تصويته للرئيس بري معلناً رفضه "انتخاب غازي كنعان" مجدداً في هذا الموقع، في اشارة الى المرجعية السياسية التي انتمى اليها الفرزلي قبل انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005. وهو الأمر الذي انسجم مع موقف نسب الى مصدر في "القوات اللبنانية" في الاتجاه نفسه وصف ما حصل أمس في مجلس النواب بأنه مهزلة كبيرة ودق لناقوس الخطر بفعل ارتباط الأكثرية كما قال بـ"حزب الله" والنظام السوري. كما أن النائب "القواتي" فادي سعد أعلن أنه فضل الانسحاب من الترشح لهيئة مكتب المجلس "عندما لاحظنا أن ثمة تسوية ركبت عشية الجلسة واستبعدتنا".

وعلّق النائب جورج عدوان على استبعاد "القوات" عن هيئة مكتب المجلس، فقال لـ"النهار": "هناك محاولة لعزل القوات أو استبعادها لأنها لم تدخل في تسوياتهم، لكن ما جرى لن يؤثر في تشكيل الحكومة لأن هناك ارادة شعبية قالت كلمتها وفرضت نفسها وأنتجت كتلة نيابية لن يستطيعوا إبعادها".

وكشف النائب الكتائبي الياس حنكش أن نواب الكتائب الثلاثة اقترعوا بورقة بيضاء لرئاسة مجلس النواب وللنائب أنيس نصار لنيابة الرئاسة، فيما رفض كشف وجهة تصويتهم بالنسبة الى أميني السر.

يشار الى أن الفرزلي نال 80 صوتاً مقابل 32 لمنافسه أنيس نصار. ثم جرى انتخاب أميني السر وترشّح ثلاثة نواب هم: آلان عون، مروان حمادة وأسطفان الدويهي. ونال كل من النائبين عون 84 صوتاً وحمادة 76 صوتاً، بينما حصل النائب الدويهي على 42 صوتاً. ثم انتخب المفوضون الثلاثة النواب: سمير الجسر، ميشال موسى وأغوب بقرادونيان بالإجماع.

ورأت مصادر "تكتل لبنان القوي" أن "التوفيق كان واضحاً من أعضاء التكتل بين الميثاقية والمبدئية لناحية انتخاب رئيس مجلس النواب كما تمّ الاتفاق عليه في اجتماع التكتل، اذ أننا أمّنا الميثاقية واحترام اختيار طائفة كريمة ممثلها وبالتالي أكملنا ارساء معادلة الأقوياء في طوائفهم التي بدأناها مع انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. أما المبدئية فهي بالمعاملة بالمثل أحياناً".

من جهة أخرى ، أكدت المصادر نفسها "اننا سنرى ورشة نيابية وتشريعية ينتظرها اللبنانيون، وخصوصاً مع انتخاب ثلاثة من أعضاء التكتل في هيئة مكتب المجلس بعد غياب ١٣ سنة، مما يساهم اكثر في الإنتاجية وفِي تحقيق الشراكة الفعلية. بالاضافة الى سعي التكتل لترؤس أربع لجان نيابية أساسية أبرزها رئاسة لجنة المال والموازنة التي تعتبرها المصادر محسومة للتيار الوطني الحر. وبالتالي أن ما رأيناه اليوم في انتخابات المجلس يشكّل انعكاساً لنتائج الانتخابات النيابية".

في بعبدا  

ومساء أمس جمع الافطار الرئاسي في بعبدا كل وجوه الدولة وعكس التوافق الحاصل حول جلسة الانتخاب في مجلس النواب وتكليف الحريري اليوم. وعقدت خلوة بين الرؤساء عون وبري والحريري قبل الافطار وكان لافتاً ان الحريري اصطحب الى القصر السيد نادر الحريري وتوجّها الى مكتب الرئيس عون ثم غادر نادر المكتب قبيل خلوة الرؤساء. وتناول الرئيس عون في كلمة ألقاها خلال الافطار الاستحقاق الحكومي فشدّد على أن "الخطوة التالية هي تشكيل حكومة وحدة وطنية تقدر على مواجهة التحديات، ويمكنها التعامل مع الوضع الإقليمي والدولي مع المحافظة على الاستقرار الداخلي، حكومة تمضي بالإصلاحات وتضع نصب عينها مكافحة الفساد وتحديث إدارات الدولة، وتسير بخطة اقتصادية تستكمل مسيرة النمو في الوطن ونهضته". ودعا الجميع الى "تسهيل تأليف الحكومة العتيدة في أسرع وقت، فالوضع الضاغط لا يسمح بإضاعة الوقت، ومعايير التأليف معروفة وليس علينا إلا التزامها وتطبيقها".

بومبيو  

وسط هذه الأجواء، نقل مراسل "النهار" في واشنطن عن وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو أن حكومته ستراجع برامج مساعداتها للبنان بما في ذلك المساعدات العسكرية في ضوء نتائج الانتخابات والدور المتنامي لـ"حزب الله" في لبنان وسوريا. وقال بومبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب "أن حزب الله ليس فقط مشكلة في لبنان ولكنه أصبح أيضاً مشكلة في سوريا وتستهدف استراتيجيتنا قدراته على ايجاد الفوضى والقيام بعمليات ارهابية في جميع أنحاء العالم".

ورداً على سؤال عن تأثير الانتخابات النيابية الأخيرة على الوضع في لبنان، قال بومبيو. "بالتأكيد غيّرت الانتخابات الوضع. ولكن في نهاية المطاف تقديرنا الراهن هو أن مجمل توازن القوى لن يتغيّر عملياً نتيجة لذلك". وأضاف مبتسماً: "هذا شيء جيّد وسيئ في الوقت ذاته، لأن توازن القوى الراهن ليس جيداً. ولهذا السبب أمامنا تحديات تتعلّق بما يمكن أن تقوم به أميركا، وكيف يمكن أن تستخدم نفوذها لجعل لبنان يتقدم في الاتجاه الذي يستحقه هذا البلد العظيم".

وأشار بومبيو الى أن "الولايات المتحدة كانت حتى الآن تعتمد على مؤسستين بما في ذلك القوات اللبنانية المسلحة لمساعدتنا على تحقيق الأهداف الأمنية لجهودنا هناك". ولم يذكر المؤسسة الثانية. وأضاف: "علينا الآن مراجعة ذلك لكي نضمن أننا نستخدم أموال دافع الضرائب الأميركي بشكل سليم في دعم الأطراف الذين يمكن أن يساعدونا على تحقيق أهدافنا" في لبنان.

وكانت وزارة الدفاع الاميركية قالت عقب الانتخابات النيابية إن نتائجها لن تؤثّر سلباً على العلاقات والمساعدات العسكرية للبنان. لكن العداء المتزايد في الكونغرس لسياسات ايران و"حزب الله"، ووجود مسؤولين متشددين أمثال بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون في مراكز حسّاسة دفعاً بعض المحللين الى توقع موقف رسمي أكثر تشدداً حيال لبنان بما في ذلك إعادة النظر في مجمل برامج المساعدات الأميركية للبنان.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة