الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٢٢, ٢٠١٨
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
«إبادة» في الغوطة ودعوات دولية إلى هدنة
موسكو، بيروت، القاهرة – سامر إلياس، «الحياة»، رويترز 
أكّدت تركيا عزمها على مواصلة عملية «غصن الزيتون» في عفرين شمال غربي سورية، على رغم إصرار قوات رديفة تابعة للنظام على الانتشار في المنطقة. وألمحت أنقرة إلى تواصل غير مباشر مع استخبارات النظام السوري، نظراً إلى «الوضع الاستثنائي» في عفرين.

أما في غوطة دمشق الشرقية، فتواصلت حملة القصف العنيف، ما أدّى إلى ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 300 شخص على الأقل خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، واصفاً الهجوم الذي تشنّه القوات النظامية بـ «الإبادة».

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف الضربات التي حوّلت الغوطة «جحيماً على الأرض» بالنسبة إلى المدنيين. وقال أمام مجلس الأمن أمس: «أوجه نداء إلى كل الأطراف المعنيين من أجل تعليق فوري للأعمال الحربية كافة في الغوطة الشرقية لإفساح المجال أمام وصول المساعدة الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها».

كما دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسن إلى وقف «حملة الإبادة الوحشية» في الغوطة الشرقية، فيما طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهدنة في المنطقة التي تعتبر المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب دمشق، وندد بشدة بهجوم النظام على المدنيين.

ودخلت القاهرة على خط الوساطة، وأعلنت الخارجية المصرية بذل مساعيها واتصالاتها مع كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية من أجل إيجاد مخرج للوضع الإنساني المتأزم في الغوطة الشرقية. وأعربت الخارجية المصرية في بيان عن «قلق مصر العميق من التطورات الأخيرة في منطقة الغوطة، وتداعياتها الخطرة على الأوضاع الإنسانية وأوضاع المدنيين». ولفت البيان إلى إدانة مصر أي قصف للمناطق المدنية في الغوطة ودمشق وسائر أنحاء سورية.

وأجرى رمزي عز الدين نائب المبعوث الدولي إلى سورية محادثات أمس مع ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي. ونقلت وكالة «تاس» عن وزارة الدفاع الروسية، أن «الجانبين بحثا خطوات إضافية لتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي»، وأكدا ضرورة تفعيل الجهود لتشكيل اللجنة الدستورية. غير أنّ مصادر في موسكو ذكرت أن المسؤول الأممي نقل إلى العاصمة الروسية قلق الأمم المتحدة على العملية السياسية نتيجة التصعيد في الغوطة الشرقية المدرجة ضمن مناطق «خفض التوتر»، وفق مسار آستانة.

ووجه سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي انتقادات إلى الدور الأميركي في سورية، متهماً واشنطن بـ «ازدواجية المعايير» في القضايا الإنسانية. ورداً على سؤال حول إمكان التوصل إلى هدنة في الغوطة، أشار إلى بحث مسألة الهدنة الإنسانية في الأمم المتحدة، وذلك «في إطار العمل على مشروع قرار دولي في هذا الشأن».

وأعلنت وسائل إعلام رسمية سورية دخول «دفعة ثانية» من «القوات الشعبية» إلى منطقة عفرين أمس، فيما توعّد إبراهيم قالن الناطق باسم الرئاسة التركية، بأن هذه القوات «ستكون هدفاً مشروعاً» لقوات بلاده في حال دعمت الأكراد في المعركة التي يقودها الجيش التركي بدعم من «الجيش السوري الحر».

وأكّد قالن أن بلاده ليست لديها اتصالات رسمية مباشرة مع النظام السوري، لكنه أضاف: «يمكن مؤسساتنا المعنية، وأقصد هنا أجهزتنا الاستخباراتية، الاتصال مباشرة أو في شكل غير مباشر معه في ظروف استثنائية لحل مشكلات معينة عند الضرورة»، وفق ما نقلت عنه وكالة «الأناضول».

وفي وقت أصرّت تركيا على أن «طلقاتها التحذيرية» أجبرت قافلة «القوات الشعبية» على الانسحاب خارج عفرين الثلثاء، أكّد الأكراد و «المرصد»، إضافة إلى قيادي في التحالف الداعم للنظام، انتشار عدد من هذه القوات في عفرين أمس. وشدّد ريزان حدو الناطق باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية، على أن «القوات الشعبية دخلت عفرين بنجاح، على رغم قصف المدفعية التركية». ولفت «المرصد» إلى أن القوات الرديفة للنظام السوري بدأت انتشارها منذ ليل الثلثاء- الأربعاء، على «خطوط التماس» مع قوات عملية «غصن الزيتون». وقال قائد في التحالف العسكري المؤيد لدمشق لم يكشف عن هويته، إن القوات تراجعت بعد تعرّضها لإطلاق النار ثم استأنفت تقدمها وهي الآن في عفرين.

وحضّت روسيا دمشق على بدء حوار مع الأكراد. وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن على «الحكومة السورية أن تسترشد بمبدأ السيادة على كامل أراضيها. وهذا ما يعني ضرورة الحوار مع كل ممثلي المجموعات العرقية والدينية، بمن فيهم الأكراد». كما جدّد في شكل غير مباشر دعوة تركيا إلى الحوار مع النظام السوري، قائلاً: «لا بد لجميع اللاعبين الخارجيين، من دون استثناء، خصوصاً أولئك الموجودين في سورية، من الاعتراف بالحاجة إلى بدء الحوار مع الحكومة السورية».

قنابل وصواريخ تنهمر على الغوطة وسكانها ينتظرون الموت
بيروت، لندن – «الحياة»، رويترز 
يبدي المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تنديداً كبيراً إزاء تعرض الغوطة الشرقية المعقل الأخير لفصائل المعارضة في ريف دمشق، لوابل من قنابل النظام السوري، إلا أن الدول المؤثرة عجزت حتى الساعة عن تبنّي موقف موحد يضع حداً للقصف المتواصل الذي يطاول المدنيين منذ ليل الأحد، والذي أدّى إلى مقتل أكثر من 296 شخصاً بينهم 71 طفلاً، في أعلى حصيلة منذ الهجوم الكيماوي على المنطقة عام 2013.

وقال سكان في الغوطة إنهم «ينتظرون دورهم في الموت» في واحدة من أعنف عمليات القصف بالغارات والصواريخ والبراميل المتفجرة التي تنفذها القوات النظامية منذ بداية الأزمة. ووصف مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن ما يجري في المنطقة بأنه «إبادة»، لافتاً إلى وجود ١٤٠٠ جريح في حاجة للعلاج في ظل شح بالمواد الطبية واستهداف ممنهج للمستشفيات.

وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس بالسماح لفرقها الدخول إلى المنطقة لعلاج الجرحى. وقالت رئيسة بعثة اللجنة الدولية في سورية ماريان غاسر في بيان «يبدو أن القتال سيسبب المزيد من المعاناة في الأيام والأسابيع المقبلة، ويجب أن يُسمح لفرقنا بدخول الغوطة لمساعدة الجرحى»، مضيفة أن «الجرحى من الضحايا يلقون حتفهم فقط بسبب عدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب».

ولوّح قائد في تحالف يقاتل لصالح النظام السوري بأنّ الهجوم الجوي قد تعقبه حملة برية، مشيراً إلى أن القصف يهدف إلى منع المعارضين من استهداف الأحياء الشرقية من دمشق الخاضعة لسيطرة النظام بقذائف «مورتر». وقال: «حاليا تمهيد ناري.. لم يبدأوا هجوم بعد»، مضيفاً: «الهدف الأول منع المسلحين من الاستمرار في استهداف أحياء دمشق الشرقية».

واتّهمت وسائل إعلام سورية رسمية مقاتلي المعارضة بإطلاق قذائف على أحياء في دمشق، ما أسفر عن إصابة شخصين أمس ومقتل 6 على الأقل الثلثاء.

وفي أوّل تعليق روسي رسمي على التصعيد، نفى الكرملين مشاركة طائرات روسية في قصف المدنيين. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف «هذه اتهامات لا أساس لها من الصحة، ومن غير الواضح إلى أي أسس استند فيها أصحابها. هذه الاتهامات غير معززة ولو بدليل واحد، ونحن نرفضها جملةً وتفصيلاً».

سبق ذلك إعلان «المرصد» استهداف طائرات روسية «بصواريخ ارتجاجية» مستشفى رئيسي في المنطقة ما أدّى إلى خروجه عن العمل، موضحاً أنها «المرة الأولى التي تنفذ فيها روسيا غارات على الغوطة الشرقية منذ ثلاثة أشهر». وندّدت الأمم المتحدة بتعرّض 6 مستشفيات للقصف في المنطقة خلال يومين، معتبرة أن أي اعتداء متعمّد ضد مباني طبية «قد يرقى لجريمة حرب».

إلى ذلك، كشف نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف أن موسكو تعمل في مجلس الأمن على مشروع قرار متعلّق بـ «المسائل الإنسانية» في الغوطة الشرقية، من دون أن يقدّم تفاصيل إضافية. وقال في تصريحات صحافية نقلتها وكالة «سبوتنيك» أمس: «في ما يتعلق بالهدنة الإنسانية، فهذا يعتمد على كيفية سير إعداد مشروع القرار هذا، أعتقد أن هذه المسألة ستحلّ أيضاً. إنه قرار حول المسائل الإنسانية بشكل عام».

يأتي ذلك فيما تتواصل المفاوضات في مجلس الأمن حول مشروع قرار كويتي- سويدي يطالب بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً للسماح بتسليم مساعدات إنسانية عاجلة وبإجراء عمليات إجلاء طبي، وهي الهدنة التي اعتبرتها موسكو «غير واقعية».

وندّدت الإدارة الأميركية بالهجوم على الغوطة ودعت إلى وقفه فوراً. وأعربت الناطقة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت أمس، عن «بالغ قلقها» إزاء تصاعد الهجمات السورية والروسية على المنطقة، منتقدة «سياسة الحصار والتجويع» التي يمارسها نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أعلن الثلثاء أنه سيتوجّه إلى موسكو وطهران حليفتا دمشق، بناء على طلب من الرئيس إيمانويل ماكرون، للبحث في التطورات السورية. وحذّر لودريان في كلمة أمام البرلمان من أن «الوضع في سورية يتدهور بشكل ملحوظ»، منبهاً من أنه «إذا لم يطرأ عنصر جديد فإننا نتوجّه نحو فاجعة إنسانية».

بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه العميق» من تصاعد العنف. وحضّ الأطراف جميعها على التزام المبادئ الأساسية للقانون الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين.


أهالٍ مفجوعون يبحثون عن أطفالهم في مستشفيات الغوطة الشرقية
آخر تحديث: الأربعاء، ٢١ فبراير/ شباط ٢٠١٨ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش) دوما (سورية)- أ ف ب 
في مشرحة أحد مستشفيات مدينة دوما يبكي نضال إلى جانب جثة ابنته، قبل أن يلتفت بحرقة إلى من يقف حوله ويقول لهم «لا يزال لدي خمسة أطفال لا أعرف مكانهم». ويتكرر هذا المشهد في مستشفيات أخرى في الغوطة الشرقية بدمشق التي اكتظّت بالأطفال وبأهل يبحثون عن أبنائهم.

واستهدفت قوات النظام بالغارات والصواريخ والمدافع مدناً وبلدات عدّة في الغوطة المحاصرة أمس، أسفرت عن مقتل 194 مدني على الأقل، وإصابة أكثر من 600 آخرين بجروح، وفق حصيلة «المرصد السوري لحقوق الإنسان». ويأتي ذلك بعد تصعيد جديد لقوات النظام بدأ مساء الأحد، ويتزامن مع تعزيزات عسكرية تنذر بهجوم بري وشيك على المعقل الأخير للفصائل المعارضة قرب دمشق.

وفي مشرحة مستشفى مدينة دوما، 11 جثة ممددة على الأرض لُفّت بأغطية سوداء اللون. يدخل نضال إلى المشرحة وبعد لحظات يجد ابنته الطفلة فرح بين الضحايا. يجلس على الأرض إلى جانبها وهو يجهش بالبكاء، ثم يسأل العاملين من حوله «هل يوجد براد لنضعها فيه؟». يأتيه الجواب بالنفي.

يضع يده على جثة ابنته التي قتلت في قصف جوي على بلدة مسرابا قبل أن يقلّها المسعفون إلى مستشفى دوما، ويقول «لدي خمسة أطفال لا أعرف عنهم شيئاً، خمسة ووالدتهم». ولا يجد المتطوع في الدفاع المدني شيئاً يقوله له لمواساته سوى «الله يصبرك».

في المشرحة ذاتها، ينتحب رجل لفّ رأسه بكوفية ويلطم وجهه حزناً قبل أن يعانق جثتي طفليه، من دون أن يقوى على الكلام. يدخل رجل آخر من عائلة محجوب، فيتعرّف على جثة طفله الرضيع، الذي لم يتجاوز الأسبوع من العمر، وضعت أرضاً على غطاء بنفسجي اللون إلى جانب بقعة كبيرة من الدماء.

في غرفة الطوارئ في المستشفى، طفل يجلس بهدوء غريب وهو بحالة ذهول، فيما يقوم أحد الممرضين بمعالجة إذنه ووجهه. وعلى سرير آخر، يجلس طفلان، أحدهما لف وجهه وعيناه بضمادات بيضاء اللون، وآخر لف جبينه بقطعة قماش، فيما بدت أثار الدماء على وجهه.

وفي زاوية أخرى، ينهمك حوالى خمسة عاملين في علاج طفل يصرخ من شدة الوجع، ولا يمكن رؤية معالم وجهه من كثرة الدماء.

في مدينة حمورية، التي قتل فيها 20 مدنياً على الأقل جراء الغارات، تكرر المشهد ذاته، مستشفيات مكتظة بالجرحى وعاملون طبيون لا يقوون على معالجة جميع الجرحى. ويواجه عمال الإنقاذ والمسعفون والأطباء في الغوطة صعوبة في إتمام مهماتهم جراء ارتفاع أعداد الضحايا والنقص في الإمكانات والمعدات، نتيجة الحصار المحكم الذي تفرضه قوات النظام منذ العام 2013.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة