الأربعاء ٢٤ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٤, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
لبنان
عون ينتظر الحريري «لمعالجة الهواجس»
باريس - رندة تقي الدين؛ بيروت - «الحياة» 
شكل الحديث التلفزيوني لرئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري ليل الأحد، والمواقف التي أطلقها، محور المشهد السياسي اللبناني أمس، فضلاً عن التعليقات والاتصالات الخارجية المتواصلة لمعالجة تداعيات الاستقالة على الاستقرار. وترك إعلان الحريري أنه عائد إلى لبنان خلال أيام، وتأكيده أنه هدَفَ إلى «تصويب الأمور» بدعوة «حزب الله» وسائر الفرقاء إلى التزام النأي بالنفس، ارتياحاً سياسياً وشعبيأ ومالياً، فيما توزعت ردود الفعل المحلية الإيجابية بين التظاهرات الليلية السيارة في شوارع بيروت وإطلاق المفرقعات في مناطق عدة تأييداً له، وبين إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون أنه ينتظر عودته «للبحث معه في أسباب الاستقالة وظروفها والهواجس التي تحتاج إلى معالجة»، وقول رئيس البرلمان نبيه بري إن «العدول عن الاستقالة فيه عدالة»، ووصف رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الحريري بأنه «رجل حوار ورجل دولة». وقال مصدر ديبلوماسي عربي لـ «الحياة» إن إطلالة الحريري «خلّفت أجواء تهدئة، خصوصاً أنه رد على كل الإشاعات والترويج المغرض عن وضعه في المملكة، وهو سيعود قريباً لأن عودته قراره هو».

إلا أن تهديداً أمنياً برز أمس بتلقي السفارة السعودية في بيروت اتصالين هاتفيين واتصالاً ثالثاً على الرقم الموحد لوزارة الخارجية السعودية الذي يتم الاتصال عبره من أنحاء العالم، هدد خلالها مجهولون يطلقون على انفسهم اسم «ملثمون»، بأنهم سيخطفون 15 مواطناً سعودياً في لبنان. وقال مصدر مسؤول لـ «الحياة» إن السفارة أبلغت على الفور الجهات الأمنية المختصة ويتم التأكد مما إذا كان التهديد مرتبطاً بالجهة التي اختطفت المواطن السعودي علي بشراوي يوم الجمعة الماضي (طالب خاطفوه بفدية مالية مقابل الإفراج عنه). وأوضح المصدر أن السفارة في بيروت تتحقق أيضاً مما إذا كان أي من المواطنين السعوديين الذين يحتمل أن يكونوا ما زالوا في لبنان قد تعرض لخطف أو احتجاز. وأشار المصدر المسؤول إلى أن السفارة «تعاملت مع اتصالات التهديد بجدية لأنه لا مجال للاستخفاف بأي اتصال في هذه الظروف الحرجة والدقيقة وهي تتابع الأمر مع الجهات الأمنية».

وسألت «الحياة» القائم بالأعمال السعودي في بيروت الوزير المفوض وليد بخاري، عما إذا كان هناك أي تهديد لديبلوماسيي السفارة، فنفى نفياً قاطعاً «أن يكون أي ديبلوماسي أو مسؤول يعمل في السفارة في بيروت أو في أي من الملحقيات الفنية والمكاتب التابعة للسفارة تعرض لأي خطف».

وواكبت عواصم القرار التعليقات المحلية على كلام الحريري، وقالت مصادر الرئاسة الفرنسية في لقاء صحافي إن الرسالة التي حملها الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرياض لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كانت أن تشارك السعودية في حماية استقرار لبنان بسبب الأزمات في المنطقة. وقالت المصادر الرئاسية إن من المهم جداً لفرنسا اعتماد النأي بالنفس بالنسبة إلى لبنان عن الدول التي تريد زعزعة استقراره، نظراً إلى توترات المنطقة. وكي لا تزداد هشاشة لبنان، تنبغي حماية أمنه وسيادته. وذكرت المصادر أن اللقاء كان مهماً جداً بين الرئيس وولي العهد. وأوضحت أن الرئيس اللبناني اتصل بماكرون ليتحدث عن أزمة استقالة الحريري من دون أن يعود إلى لبنان لتقديمها. وقرر إرسال وزير الخارجية جبران باسيل مع رسالة إلى ماكرون الذي سيستقبله بعد ظهر اليوم. وكشفت المصادر أن ماكرون اتصل بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وقررا اللقاء في بون الأربعاء للبحث في المبادرات الممكنة لحماية أمن لبنان والحفاظ على النأي بالنفس عن أزمات المنطقة، وأن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يزور السعودية الخميس لمناقشة الموضوع. وقالت المصادر إن أهم موقف تريد فرنسا إظهاره هو أنها لن تنحاز إلى أي طرف في المواجهة الشيعية- السنية في المنطقة.

وقالت الرئاسة إن الأمم المتحدة «إطار طبيعي لحل الأمور، لكن الأمور لم تصل إلى هذا الحد إذ كان الرئيس عون تحدث عن اللجوء إلى مجلس الأمن بعد فترة لكن ينبغي انتظار تطورات هذا الأسبوع». وأشارت إلى أن السفير الفرنسي في السعودية اختلى بالحريري في منزله، وقد يلتقيه مجدداً، مؤكدة أن فرنسا «تعارض أي تدخلات من كل الأنواع في لبنان. وهي مصرة على نأي لبنان بنفسه عن أزمات المنطقة». وتابعت المصادر أن فرنسا توجه باستمرار رسائل لجميع الدول حول ضرورة عدم التدخل في لبنان، وإنها أوضحت باستمرار أن تدخل إيران في العراق ولبنان وسورية واليمن يزيد زعزعة الاستقرار في المنطقة. وقالت المصادر الرئاسية إن رسالة ماكرون إلى ولي العهد السعودي أنه تنبغي حماية لبنان من أي تصعيد أمني، وأن الحريري يبقى رئيس حكومة لبنان طالما لم يسلم استقالته إلى الرئيس وفق اللبنانيين أنفسهم والدستور.

وردت الخارجية الإيرانية على اتهام الحريري طهران بالتدخل في الدول العربية بالقول إنها «لا تتدخل في الشأن اللبناني». وأجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاً بالرئيس عون وأكد دعم بلاده جهوده لمعالجة الأزمة.

وفي بروكسيل (أ ف ب)، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرني أن الاتحاد الأوروبي يطالب بـ «ألا يكون هناك أي تدخل خارجي» في لبنان بعد استقالة الحريري. وقالت موغيريني التي ستلتقي باسيل صباح اليوم في بروكسيل: «من الضروري تجنب استجلاب نزاعات إقليمية وتفاعلات إقليمية وتوترات إقليمية إلى لبنان، ولا بد من إبقائها خارج هذا البلد». وعبّر وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عن «مخاوف من أن يصبح هذا البلد ألعوبة بيد دول إقليمية». وانجذبت الأنظار مساء أمس، إلى وصول البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الرياض، في أول زيارة تاريخية لبطريرك ماروني إلى المملكة. ويلتقي الراعي اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ثم ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ثم الرئيس الحريري.

في غضون ذلك، تجنب «حزب الله» التعليق على مطالبة الحريري إياه بوقف تدخله في الدول العربية، لا سيما اليمن، ودعوته إلى اعتماد النأي بالنفس».

عون مرتاح لإعلان الحريري قرب عودته : الحملة الوطنية والديبلوماسية أعطت نتائجها

أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن «التماسك الذي أظهره اللبنانيون خلال الأيام الماضية في أعقاب إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من الخارج، حمى الوحدة الوطنية وأكد لدول العالم أن لبنان وطن سيد ومستقل وقراره حرّ ما جعل هذه الدول تجدد حرصها على استمرار الاستقرار الأمني والسياسي فيه وعدم السماح لأي جهة بالتدخل في شؤونه وقراراته وخطواته السيادية».

وعبّر عون، وفق بيان المكتب الإعلامي للرئاسة، عن «سروره لإعلان الحريري قرب عودته إلى لبنان». وقال إنه «ينتظر هذه العودة للبحث مع رئيس الحكومة في موضوع الاستقالة وأسبابها وظروفها والمواضيع والهواجس التي تحتاج إلى معالجة»، لافتاً إلى أن «الحملة الوطنية والديبلوماسية التي خاضها لبنان لجلاء الغموض حول وضع الرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية أعطت نتائجها الإيجابية». وتوقف عون «عند ما أعلنه الرئيس الحريري من أن التسوية السياسية لا تزال قائمة (في مقابلة أجرتها محطة «المستقبل» معه في الرياض)، وأن مسألة عودته عن الاستقالة واردة من ضمن خياراته».

والتقى عون أمس، وفد «الهيئة الوطنية لحماية الدستور والقانون» برئاسة وزير العدل سليم جريصاتي. ونقلت إليه موقفها الدستوري والقانوني من الاستقالة التي أعلنها الحريري من الرياض، مؤكدة أن «أداء الرئيس عون شكل ممارسة رفيعة لدوره المنصوص عليه في المادة 49 من الدستور كرئيس للجمهورية ورئيس للدولة ورمز لوحدة الوطن وحام للدستور، وقاد إلى استيعاب الأزمة وحماية الاستقرار وترسيخ الوحدة الوطنية». وشددت على أن «استقالة أي مسؤول في الدولة من مركزه لا يصح أن تتم إلا داخل الاراضي اللبنانية لأنها عمل سيادي وداخلي محض، ولم يسجل العرف الدستوري أي استقالة حكومية من الخارج». وأكدت أن «العرف الدستوري يوجب أن يتسلم رئيس الجمهورية الاستقالة خطية من رئيس الحكومة خلال لقاء بينهما ليبتها رئيس الجمهورية». وأكدت الهيئة، وفق بيان مكتب الإعلام الرئاسي أن «الملابسات والظروف التي رافقت إعلان الاستقالة المزعومة تشكل قرينة على أنها تمَّت بالإكراه، ما يبطل كل عمل ويحيله كأنه لم يكن، وفي ظل الملابسات والظروف إياها المتمادية، فإن كل ما صدر ويصدر عن الرئيس الحريري من مواقف لا يمكن الاعتداد به».

ولفتت الهيئة إلى أنه «في جميع الأحوال ومهما تكن ظروف الاستقالة، فهي لا ترتب أي نتائج قانونية أو دستورية قبل أن يعلن رئيس الجمهورية قبولها وهو حر في اختيار التوقيت الذي يراه مناسباً لبتّها، على أنه ما دام الرئيس لم يبت الاستقالة المزعومة أو أنه يعتبرها كأنها لم تكن، فمؤدى ذلك أن الحكومة لا تزال حكومة قائمة وعاملة ومكتملة المواصفات الدستورية وليست حكومة تصريف أعمال، ولا يجوز بالتالي القفز إلى الحديث عن استشارات نيابية لتسمية رئيس مكلّف». وشددت على أن «رئيس الحكومة وفق اتفاقية فيينا يتمتَّع بالحصانة الديبلوماسية».

وإلتقى عون بطريرك أنطاكية والمشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة