الجمعه ٢٩ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٢, ٢٠١٧
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
مصر
قانون "تجريم المثلية" بمصر... علاج أم إنعاش لها في السجون؟
القاهرة- ياسر خليل
اقترح نواب مصريون، مؤخرا، مشروع قانون يجرم المثلية الجنسية بصورة صريحة، لأول مرة في تاريخ البلاد. وتقضي مسودة الاقتراح بالسجن مدة قد تصل إلى 15 عاماً لمن يدانون في قضايا متعلقة بالمثلية الجنسية. ويأتي هذا الاقتراح في وقت تتهم فيه السجون بأنها بؤرة لممارسة المثلية الجنسية، بين بعض السجناء، خاصة الذين يقضون فترات احتجاز طويلة. 

وجاء مشروع القانون عقب ضجة إعلامية ومجتمعية أحدثها رفع بعض الشباب علم المثلية في حفل فريق "مشروع ليلى" بالقاهرة، يوم 22 أيلول الماضي. ومنذ ذلك الحين شنت السلطات المصرية حملات أمنية مكثفة، القي خلالها القبض على عشرات الشباب والفتيات، وزج بهم داخل السجون. 

قال النائب رياض عبد الستار، صاحب فكرة مشروع القانون لـ"النهار": "إن المشروع عرض على مجلس الشعب بالفعل، وأحيل على اللجنة التشريعية". وحصل النائب الذي ينتمي لحزب "المصريين الأحرار" الليبرالي، على توقيع أكثر من 60 نائباً يدعمون المشروع. وأكد بلهجة واثقة أن "أغلب مجلس النواب، مُجمع على هذا المشروع الذي يجرم المثلية الجنسية".

وحول ما إذا كان القانون سوف يقدم حلا في ظل الاتهامات التي تشير إلى ممارسة بعض السجناء للمثلية، رد رافضاً بشدة لهذه الاتهامات: "من قال إن السجون فيها ممارسات شاذة، هذا الكلام غير صحيح، هذه منظمات دولية تسيء لمصر، وسمعة مصر، ومهمتها التشهير، لكن هذا الكلام غير حقيقي".

وأضاف عبد الستار: "أولا المثيلة محرمة شرعاً بنص كل الأديان، وهي تنشر الفاحشة في المجتمع، بالإضافة إلى أنها تنقل الأمراض، وتترك أثارًا سلبية على الشعوب والشباب والمجتمعات التي يجب أن تتحلى بالفضيلة والأخلاق، وفي دولة مثل مصر ترسي كل القيم الأصيلة التي تربى عليها الشعب المصري، يجب أن نحافظ على مجتمعنا من كل ما هو دخيل عليه، ومن بينها المثلية الجنسية التي تعد فاحشة ضمن الفواحش وفسوق وفجور، وأعتقد أن هذا العمل لا يرضي الله ولا رسول الله ولا كل الأديان".

المثلية بالسجون

وبينما ينفي النائب البرلماني وجود ممارسات مثلية داخل السجون في مصر، أكدت مصادر عدة، من بينهم سجناء سابقون، ومصادر أمنية وحقوقية أن فترات الاحتجاز الطويلة تدفع بنسبة غير قليلة من السجناء إلى ممارسة المثلية الجنسية، كوسيلة لتلبية حاجاتهم.

ويزيد حدة المشكلة عدم السماح بوجود "خلوة شرعية" بين السجناء وزوجاتهن منذ عام 2005، وفقا لتصريحات العميد جمال دياب مدير إدارة التخطيط والبحوث بقطاع السجون لموقع "مصراوي".

وتشير المصادر، وأعمال سينمائية مصرية عدة، إلى أن تلك الممارسات تحدث في سجون الرجال والنساء على حد سواء، وإن كانت تقع بصورة أكبر بين الذكور، ويصعب السيطرة عليها داخل مجتمع السجناء الذي تحكمه أعراف وتقاليد خاصة.

ويؤكد سجين سابق في لقاء بإحدى حلقات برنامج "سكوب" على قناة LTC المصرية، بثت في حزيران الماضي، أن المدانين في قضايا المثلية، يرسلون إلى "عنابر السجناء المحبوسين في قضايا قتل"، وهم غالبا ما يكونون من عتاة المجرمين، الذين قد يهددون حياة من يتصدى لرغباتهم"، مؤكدا أن السجناء الذين يرغبون في العيش بسلام داخل مقرات احتجازهم، يجب ألا يتحدثوا عما يرونه أو يعترضوا عليه، (يشوفوا ويسكتوا).

وتقدر "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" عدد من تم القبض عليهم بتهم تتعلق بالمثيلة الجنسية منذ العام 2013 وحتى اليوم، بقرابة 300 شخص. ويحدث هذا على الرغم من عدم وجود نص صريح يجرم المثلية، ولكن توجه السلطات في هذه القضايا تهماً بنشر الفسق والفجور والإضرار بالمجتمع.

الضغوط والتخفي

وبينما تستخدم الدولة -كالمعتاد- الحلول الأمنية لمواجهة أزمة المثليين، ويواجههم قطاع كبير من المجتمع بعقوبات تتراوح بين توجيه الإهانات اللفظية والإيذاء البدني، لا يبدو أن الأزمة في طريقها للحل، خاصة في ظل غياب إحصائيات رسمية ومؤشرات علمية تقيس نتائج السياسات التقليدية التي تنتهجها الدولة منذ عقود، في مواجهة هذه الميول التي تعتبرها المواثيق الدولية ضمن الحقوق الشخصية للأفراد.

وتؤكد الدكتورة هبة قطب، المتخصصة في العلاقات الجنسية، أن "الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 70% من المثليين هم من الذكور، و30 منهم من الإناث"، لافتة إلى أن النسبة لديها في عيادتها تختلف عن هذا، حيث يوجد "48 حالة لذكور، وحالتين فقط لإناث من بين كل 50 شخص يأتيها على أمل العلاج من المثلية الجنسية".

ودانت منظمة العفو الدولية المشروع، وقالت في بيان لها، الخميس: "إذا ما أقر مشروع القانون، فسيفاقم من العزلة الاجتماعية والانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص بسبب ميولهم الجنسية الفعلية أو المتصورة. ولا ينبغي أن يواجه أحد التمييز أو الترويع أو السجن بسبب ميوله الجنسية الحقيقية أو المفترضة. كما يتعين على السلطات إلغاء مشروع القانون هذا على وجه السرعة، ووضع حد لهذه الموجة المروعة من الاضطهاد القائمة على كراهية المثلية الجنسية".

وتدفع العقوبات الرسمية والاجتماعية أغلب المثليين إلى التخفي، وإنكار ميولهم الجنسية علنا، وليس تغيير سلوكهم، أو طبيعتهم، التي يقول علماء إنها خارجة عن إرادتهم، وتخضع لجينات وأمور لا يمكنهم التحكم بها. ويتجه قطاع كبير من المثليين إلى الانترنت، واستخدام تطبيقات للهواتف الجوالة أشهرها Grind، لكن غالبيتهم يتجنبون تحميل تلك التطبيقات على هواتفهم خشية إثارة الشكوك حول هويتهم الجنسية، ويفضلون استخدام مواقع للتعارف والمحادثة والإعلانات المبوبة خاصة Craigslist الذي يضم لحظة كتابة هذه السطور أكثر من 240 إعلان لمثليين ذكور يبحثون عن شركاء لهم في مصر.

وعلى موقع تويتر، يستخدم أستاذ جامعي مصري اسما مستعارا، وهو محمود، ويشير مدونون إلى أنه مثلي الجنس. وقال محمود لـ"النهار": "أنا طبعا ضد أي قانون يقيد الحريات الجنسية، ومع ذلك لا أرى أن القانون سيكون له تأثير على المثلية الجنسية، سلبا أو إيجابا"، مضيفا "المثلية ليست داءً ولا مرضاً ولا شيئاً يجب مقاومته أو دعمه، الأمر لا يتعدى الحرية الشخصية".


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة