الأربعاء ٢٤ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ١٧, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
العراق
بغداد تستعيد كركوك وتصد «حلم الانفصال»
فرضت القوات العراقية وفصائل «الحشد الشعبي»، سيطرتها أمس على كركوك بسهولة، وأنزلت علم كردستان عن مبنى المحافظة، بعد ليلة طويلة من الترقب، وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي القضاء على «حلم الانفصال» عن البلاد، فيما شهدت الطرق إلى مدينتي أربيل والسليمانية موجة نزوح كبيرة للسكان، وسط اتهامات بـ «الخيانة» بين الأحزاب الكردية.

وفيما رحبت إيران بالعملية، أعلنت تركيا إغلاق مجالها الجوي إلى كردستان، مؤكدة أنها ستسلم المعابر الحدودية إلى السلطة المركزية، ودعا الجيش الأميركي بغداد وأربيل إلى عدم التصعيد، ورفض الناطق باسم وزارة الدفاع الكولونيل روبرت مانينغ تأكيد أو نفي قطع الدعم العسكري والتدريب عن القوات العراقية في حال نشوب صراع كبير. وقال: «سنبحث كل الخيارات... ونحض الطرفين على الحوار».

وكانت أرتال من قوات مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة الاتحادية و «الحشد الشعبي»، تقدمت بعد منتصف ليل الأحد– الإثنين، باتجاه كركوك من محاور عدة لتفرض سيطرتها بعد ساعات قليلة على آبار النفط والمطار، كما سيطرت صباح أمس على مبنى المحافظة وأنزلت العلم الكردي.

وتمت العملية من دون مواجهة تذكر بعد انسحاب «البيشمركة»، خصوصاً تلك التابعة لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» من مواقعها، لتخلي الطريق أمام تقدم القوات الاتحادية، ما أثار موجة من اللغط والاتهامات المتبادلة بين «الاتحاد» والحزب «الديموقراطي»، بزعامة رئيس كردستان مسعود بارزاني. وقالت النائب الكردية في البرلمان الاتحادي آلا طالباني: «لسنا مستعدين لأن نبذل نقطة دم واحدة من أجل مصالح فردية»، في إشارة إلى بارزاني.

وتشير العملية وتوقيتها إلى فشل جهود قادها رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لإيجاد حل للأزمة، في موازاة فشل جهود أميركية في إقناع بارزاني بحلٍ من ثلاث نقاط، يتضمن إشراك المحكمة الاتحادية في إيجاد حل لمسألة الاستفتاء على الانفصال، وإدارة مشتركة للمنافذ الحدودية والمناطق المتنازع عليها، وسقف زمني جديد لتطبيق المادة 140 من الدستور. وأكد مطلعون على أجواء الاجتماع الذي حضر جانباً منه قائد «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني، أن خلافات حادة نشبت بين حزب «الاتحاد الوطني» وحزب بارزاني، لم يخففها بيان توافقي نُشر بعد الاجتماع.

وكرست وسائل إعلام مقربة من بارزاني تغطياتها طوال أمس لاتهام عائلة الرئيس الراحل جلال طالباني وقوات «البيشمركة» التابعة له، ويطلق عليها اسم «القوة 70»، بالخيانة وعقد اتفاق سري مع الحكومة وإيران لتسليم كركوك، فردّ قياديون في «الاتحاد» بينهم لاهور طالباني، ابن أخي الرئيس الراحل الذي يحتل مركزاً أمنياً مرموقاً في السليمانية، بالقول إنه «لا يعترف ببارزاني رئيساً للإقليم، وإن الأكراد لن يسيلوا الدماء دفاعاً عن كرسيه»، ودعت حركة «التغيير» إلى تشكيل حكومة إنقاذ في كردستان للسيطرة على الموقف.

لكن خريطة الأحداث وشهادات أهالي كركوك تؤكد أن القوات التابعة لبارزاني انسحبت أيضاً في التوقيت ذاته، ما أطلق تكهنات بوجود اتفاق ضمني لتجنب خوض حرب في هذه المرحلة، خصوصاً أن الموقف الأميركي أيّد ضمناً تحرك بغداد.

في موازاة ذلك، أعلن «التحالف الدولي» ضد «داعش» في بيان، أن «التحركات العسكرية في محيط كركوك تمت بالتنسيق (معه) ولم يقع أي هجوم»، وأن «اشتباكات حدثت نتيجة سوء تفاهم».

ووسط مخاوف من أعمال انتقامية، اضطر الآلاف من سكان كركوك الأكراد إلى مغادرتها باتجاه السليمانية وأربيل، وساهم عدم تحرك القوى المختلفة لطمأنتهم في تفاقم النزوح الجماعي خلال ساعات.

من جهة أخرى، لم يستبعد مراقبون تقدم القوات العراقية للسيطرة على سهل نينوى بعد نجاح عملية كركوك.

في طهران، أفادت وكالة «تسنيم» بأن مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، أكد أن «هزيمة الأكراد في كركوك أفشلت مؤامرة بارزاني ومن خلفه الكيان الصهيوني».

وفي أنقرة، قال الناطق باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، خلال مؤتمر صحافي، إن «الطائرات المتجهة من إقليم كردستان وإليه لن تتمكن من استخدام مجالنا الجوي». وأضاف: «قرر مجلس الوزراء بدء العمل لتسليم السيطرة على معبر الخابور الحدودي إلى الحكومة العراقية».

وشددت تركيا القيود على المعبر بعد إجراء الاستفتاء مباشرة، وأوقفت رحلات الطيران إلى شمال العراق. وأجرت كذلك تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات العراقية على الحدود. لكنها لم تنفذ بعد تهديداتها بفرض عقوبات أوسع نطاقاً على نفط كردستان.

بغداد تؤكد «حماية البلاد من خطر التقسيم»

آخر تحديث: الثلاثاء، ١٧ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش) بغداد – حسين داود 
أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الجيش دخل كركوك «لحماية وحدة البلاد التي تعرضت لخطر التقسيم نتيجة الإصرار على إجراء استفتاء الانفصال»، فيما حملت القيادة العامة لقوات «البيشركة» الحكومة مسوؤلية «الحرب ضد شعب كردستان»، متعهدة أن «تدفعها ثمناً باهظاً لهذا الاعتداء»، طالب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بوقف «النزاع».

وقال العبادي في بيان، بعد ساعات على دخول القوات فجر أمس إلى كركوك، إن «واجبي هو العمل وفق الدستور لخدمة المواطنين وحماية وحدة البلاد التي تعرضت لخطر التقسيم نتيجة الإصرار على إجراء الاستفتاء الذي نظمه المتحكمون بإقليم كردستان من طرف واحد»، موضحاً أن «ذلك جاء فيما نخوض حرباً وجودية ضد الإرهاب المتمثل بعصابة داعش».

وأضاف: «حاولنا ثني المتصدرين في الإقليم عن إجراء الاستفتاء وعدم خرق الدستور والتركيز على محاربة داعش ولم يستمعوا إلى مناشداتنا ثم طالبناهم بإلغاء نتائجه من دون جدوى أيضاً، وبينا لهم حجم الخطر الذي سيتعرض له العراق وشعبه، لكنهم فضلوا مصالحهم الشخصية والحزبية على مصلحة العراق بعربه وكرده وبقية أطيافه». وتابع أنهم «تجاوزوا الدستور وخرجوا عن الإجماع الوطني والشراكة الوطنية، إضافة إلى استخفافهم بالرفض الدولي الشامل للاستفتاء ولتقسيم العراق وإقامة دولة على أساس قومي عنصري». وطمأن العبادي «أهلنا في كردستان وفي كركوك خصوصاً، إلى أننا حريصون على سلامتهم ومصلحتهم ولم نقم إلا بواجبنا الدستوري ببسط السلطة الاتحادية وفرض الأمن وحماية الثروة الوطنية في هذه المدينة التي نريدها أن تبقى مدينة تعايش سلمي لكل العراقيين بمختلف أطيافهم»، ودعا «جميع المواطنين إلى التعاون مع القوات المسلحة الملتزمة توجيهاتنا المشددة بحماية المدنيين بالدرجة الأولى وفرض الأمن والنظام وحماية منشآت الدولة ومؤسساتها».

وطالب قوات «البيشمركة» بـ «أداء واجبها تحت القيادة الاتحادية باعتبارها جزءاً من القوات العراقية المسلحة»، داعياً «جميع الموظفين في كركوك إلى الاستمرار في أعمالهم في شكل طبيعي وعدم تعطيل مصالح المواطنين».

واعتبرت القيادة العامة لقوات «البيشمركة» العبادي «المسؤول الأول عن إثارة الحرب ضد شعب كردستان، ويجب أن يدفع وحكومته ثمناً باهظاً لهذا الاعتداء»، وأكدت أن «الهجوم على كركوك نفذته قوات الحشد الشعبي التابعة للحرس الثوري الإيراني».

وأوضحت البيشمركة في بيان أمس، أن «قوات الحشد بقيادة إقبال بور وبالتعاون مع القوات العراقية بدأت في وقت مبكر صباح اليوم (امس)، هجوماً واسعاً على كركوك والمناطق المحيطة بها، وهذا الهجوم يعتبر في شكل صريح إعلان حرب على شعب كردستان». واعتبرت «الهجوم انتقاماً من شعب كردستان الذي طالب بالحرية، ومن أهالي كركوك الأحرار الذين أبدوا موقفاً شجاعاً (...) وللأسف تعاون بعض مسؤولي الاتحاد (حزب آل طالباني) في هذه الأمور وارتكبوا خيانة تاريخية كبرى ضد كردستان والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم تحت راية حزبهم، وهؤلاء المسؤولين أخلوا بعض المواقع الحساسة لقوات الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني من دون مواجهة وتركوا الأخ كوسرت رسول وحده».

وأشارت إلى أن «هذا الاعتداء من الحشد الشعبي والقوات العراقية ينفذ بأسلحة التحالف الدولي ومدرعات أبرامز الأميركية والأسلحة الأخرى للتحالف الذي يزود الجيش والحشد الشعبي بها، تحت مسمى الحرب على داعش، في حين لم تمنح البيشمركة الأسلحة الكافية لمواجهة الإرهاب».

وأضاف البيان: «نطمئن شعب كردستان إلى أنه على رغم خيانة بعض المسؤولين ومؤامرة الحكومة والحرس الثوري الإيران ستدافع قوات بيشمركة عن كردستان في شكل بطولي ومعنويات عالية في كل المواقع، ونؤكد أنه من غير الممكن كسر إرادة الشعب والسماح بانتصار خصومه من خلال تنفيذ هذه المؤامرة». وطالب «كل بيشمركة الشعب والوطن الحقيقيين والجماهير الصامدة وقاهرة الأعداء بفعل كل ما يمكن للمقاومة وصد المعتدين».

إلى ذلك، دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم خلال لقائه أمس، السفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان إلى «وقف النزاع في محافظة كركوك والعودة الفورية إلى الحوار»، وشدد على ضرورة ابتعاد كل الأطراف من التصعيد والخطابات المتشنجة. وأوضح بيان للرئاسة أنه «تم خلال اللقاء التركيز على المستجدات السياسية والأمنية في البلاد، لا سيما التطورات الأخيرة في محافظة كركوك». وأنه عبر عن أمله «بتفهم كل القوى السياسية في البلاد خطورة تفاقم الأوضاع التي من شأنها أن تنعكس سلباً على مستقبل العراقيين جميعاً». كما «ركز على ضرورة شروع القيادات السياسية في العمل لإيجاد أرضية مقبولة وتفاهمات وطيدة تساهم في وضع حلول فورية للمشاكل المندلعة في كركوك، لا سيما بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان»، مشيراً إلى «أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية وحياة المواطنين».

وأكد السفير سيليمان «حرص الولايات المتحدة على استقرار العراق»، واستعدادها «لتقديم أي دعم لمساعدة العراقين في تجاوز هذه المشكلة»، مؤكداً «دعم بلاده العراق في حربه ضد الإرهاب».

من جهة أخرى، أعلن رئيس البرلمان سليم الجبوري من موسكو تأييده نشر القوات الاتحادية في كركوك، وقال إن نشرها «سيؤدي إلى استقرار إقليم كردستان»، وحذر من «تصرفات يمكن أن تندلع شرارتها، وتؤثر في شكل كبير في الأمن والاستقرار».
 
دعوات دولية إلى التهدئة والحوار
في المواقف الدولية، قالت الناطقة باسم وزارة الدفاع الأميركية لورا سيل إن واشنطن «ترفض العنف أياً كان مصدره»، محذرة من «التصعيد الذي قد يصرف الانتباه عن الحرب ضد داعش ويهدد استقرار العراق». وأكدت «دعم وحدة العراق (...) فعلى رغم القرار المؤسف لحكومة كردستان بعقد استفتاء أحادي الجانب، يبقى الحوار هو الخيار الأمثل لحل القضايا العالقة، وفق الدستور العراقي».

وعلق الكرملين على الخلافات بين بغداد وأربيل بالدعوة إلى أن الخلافات يجب أن تحل من طريق الحوار، وأضاف في بيان إن «الخلافات بين بغداد وأربيل يجب حلها انطلاقاً من وحدة العراق، واحترام حقوق الأكراد».

وأعلنت الحكومة التركية استعدادها للتعاون مع الحكومة لإنهاء «حزب العمال الكردستاني» في العراق. وأضافت أن «أنقرة ستساند بغداد في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، بعد استعادة القوات المواقع قرب كركوك من مقاتلين أكراد».

وأفاد بيان للخارجية المصرية بأن «القاهرة» تطالب الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بضبط النفس وعدم الانجراف إلى مواجهات من شأنها أن تزيد من تعقيد الموقف وتأجيج التوتر وحال عدم الاستقرار في المنطقة».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة