الأربعاء ١٧ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ١٠, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
مصر
مصر: انتخابات 2018 في ظل حراك سياسي مغمور وشعب ينتظر «البحبوحة»
القاهرة – أمينة خيري 
أطول شوارع حي مصر الجديدة (شرق القاهرة) ارتدى حلة جديدة. أعمدة إنارة شاهقة تنبئ أن الشارع – مسار الحكام والطريق المؤدي إلى الوزارات القديم منها في وسط القاهرة والمنقول منها في عصر مبارك إلى حي مدينة نصر المتاخم والمستعد للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة- قد دخل عصر الإنارة بالطاقة الشمسية. ومع الطاقة الشمسية تأتي الشعارات السياسية حيث عبارة «تحيا مصر» مذيلة صور الرئيس تارة، ومسيطرة على اللافتات المرفرفة تارة أخرى.

باعة الأعلام المتراصين بكثافة على طول الطريق- لأغراض كروية– ينفون محدودية بضاعتهم. يقول أحدهم: «احتفل بنصر أكتوبر، أو شجع المنتخب، أو خليه في البيت لانتخابات الرئاسة». انتخابات الرئاسة التي باتت على مرمى عام تقريباً لا تستحوذ على اهتمام الشارع بقدر كبير. وعلى غير العادة، قلما يتحدث أحدهم عن توقعات من سيفوز ومن سيخسر، أو هل أصاب الرئيس أم أخفق، أو حتى هل تتوافر الإرادة الشعبية لاستمرار الرئيس أو لا تتوافر.

الوفرة الوحيدة المتاحة في الشارع هي أحاديث الشكوى من نيران الغلاء، والتأوه من جدوى الاعتراض على إجراءات الاقتصاد، والتفكر في ما ستحمله الأيام العجاف من مزيد من القرارات، وهي وفرة تصب في شكل أو آخر في الانتخابات الرئاسية المتوقعة في العام المقبل.

نسبة قبول الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيساً لفترة رئاسية ثانية أو قبول مقترح (أو جس نبض) تم تداوله قبل أسابيع عن تعديل الدستور لتكون الفترة الرئاسية ست سنوات بدلاً من أربع، غير معروفة. يعرف مستخدمو الإنترنت ومتصفحو المواقع الخبرية وناشطو مواقع التواصل الاجتماعي أن معايير القياس العنكبوتية مسيسة بين رفض وقبول، أو مؤدلجة بين موافقة مشروطة ومعارضة محمومة، أو مموهة بين لجان إلكترونية «وطنية» وأخرى «غير وطنية»، أو لا تخرج عن إطار كونها مقتصرة على شريحة مستخدمي الإنترنت في بلد يعاني نحو 23 في المئة من سكانه أميّة أبجدية (بحسب نتائج التعداد الرسمي المعلن قبل أيام).

ومن ثم فإن الموافقين على تمديد الفترة الرئاسية البالغة نسبتهم 13.3 في المئة في مقابل الرافضين ونسبتهم 80.1 في المئة بحسب استطلاع للرأي يجريه موقع جريدة يومية لا يكفي كمؤشر. كذلك الحال بالنسبة إلى استطلاع فردي عمن سيفوز في انتخابات 2018 أجراه أستاذ جامعي وناشط سياسي معروف بمعارضته للنظام عبر صفحته على «تويتر». فقد حصل السيسي على 61 في المئة من الأصوات، والمرشح الرئاسي السابق ورئيس الوزراء ووزير الطيران الأسبق الفريق أحمد شفيق على 13 في المئة. وقال 26 في المئة إنهم سيقاطعون الانتخابات. لكن تظل النتيجة غير ممثلة ومنزوعة العلمية وغائبة عنها الجماهيرية.

المؤتمر «الجماهيري» الذي تعلن عنه حملة «معك من أجل مصر» عبر رسائل مكثفة لوسائل الإعلام يندرج هو الآخر تحت بند البعد عن الشارع. وبحسب منظمي الحملة، فإن المؤتمر الذي سينعقد يوم الجمعة المقبل في مدينة الإسكندرية لدعم الرئيس السيسي في انتخابات الرئاسية (التي لم يعلن عنها أصلاً) ستحضره قيادات الأحزاب والقوى السياسية والشعبية في مصر. رؤساء أحزاب «شباب مصر» و «الأحرار» و «حقوق الإنسان والمواطنة» و «المواجهة» و «الحق المصري» و «الاستقلال المصري»، إضافة إلى تحالفي «الدفاع عن قضايا المرأة» و «الدفاع عن الوطن ومواجهة الإرهاب» أعلنوا مشاركتهم.

وبسؤال مواطنين منتظرين باصاً للنقل العام عن الحملة والمشاركين فيها، قال أحدهم «مين دول؟» في حين جاء رد الآخر أكثر كياسة وأعمق حصافة، إذ أكد «عظمة الفكرة» و «فخامة المعنى». وبسؤاله عن الأحزاب المشاركة قال: «مش واخد بالي والله».

بال المواطنين العاديين المنصب على الأحوال الاقتصادية يصعب التكهن بتوجهاته المستقبلية، وذلك باستثناء العاقدين العزم على إعادة انتخاب الرئيس بغض النظر عن كينونة البرنامج الانتخابي الجديد أو تقييم البرنامج القديم، وكذلك العاقدين العزم على عدم انتخابه بغض النظر أيضاً عن حجم إنجازاته ومقدار التحديات ومعايير مثل الإرهاب والمؤامرات وألعاب التركيع ومناورات التوقيع.

الفريق الأول، ويحوي كيانات سياسية أو شبه سياسية ومواطنين غير مسيسين يؤمنون أن المصلحة الوطنية تحتم التوحد والتكاتف حول الرئيس السيسي. والفريق الثاني يؤمن أن المصلحة الوطنية تحتم التوحد والتكاتف حول رئيس آخر غير السيسي. وبينهما قاعدة شعبية عريضة يستحيل التكهن بتوجهاتها.

توجهات أخرى واضحة جلية تظهر بين الحين والآخر في مراكز بحثية وأوراق سياسية يصفها البعض بـ «المدسوسة التآمرية» ويتمسك بها البعض الآخر باعتبارها مضمونة وحقيقية. فمثلاً على سبيل المثال لا الحصر، نشرت نشرة «صدى» الإلكترونية التابعة لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي مقالاً عنوانه «سلطة السيسي المتوسعة» اعتبر كاتبها أن انتخاب السيسي لفترة رئاسية ثانية «أمر محتوم» بسبب ما وصفه بحملات القمع وضعف المعارضة وتعرضها للضغط من النظام تارة وعدم جاذبيتها شعبياً تارة أخرى. وعرج كاتب المقال إلى المرشح الرئاسي الوحيد الذي سمع عنه المصريون من قبل والذي يتردد اسمه خلسة على سبيل التنكيت تارة والتبكيت تارة، ألا وهو حمدين صباحي.

وفي صباح كل يوم تخرج الجرائد والمواقع محملة بتصريحات لكيانات سياسية وتكتلات برلمانية تقول قياداتها إن السيسي هو الأقدر لفترة رئاسية ثانية. ويخرج المعارضون للتهليل العنكبوتي والصياح الافتراضي مطالبين برئيس آخر في ظل خواء سياسي وغيبوبة حزبية واضحة. كما يخرج المواطنون إلى أعمالهم متمسكين بتلابيب الأمل في بحبوحة اقتصادية نسبية ولحلحة مالية إيجابية من دون النظر إلى هوية القائم على البحبحة أو المتولي ملف اللحلحة.



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة