Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : تصفيات متشابكة وتحقيقات تُدرج الفاعل في خانة المجهول
الخميس ٢٨ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ٢٥, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
تصفيات متشابكة وتحقيقات تُدرج الفاعل في خانة المجهول
محمد فارس 
احتفالاً بإعلان وادي بردى في ريف دمشق «منطقة آمنة»، رفع اللواء أوس أصلان، قائد الفيلق الثاني في الجيش السوري الحكومي، العلمَ الرسمي في ساحة قرية دير قانون في 2 نيسان (أبريل). وفيما كانت فاطمة، 37 عاماً، تراقب المشهد من شرفة منزلها، تذكرت أن الساحة ذاتها شهدت جرائم هزّت المنطقة منذ بداية 2012 حيث كانت مسرحاً لاشتباكات بين الجيش الحكومي ومسلحين معارضين قُتل فيها مدنيون وعسكريون. «من يريد أن يحاسب المذنبين، سيكون كمن يبحث عن إبرة في بيادر قش»، تقول فاطمة بحسرة.

وعلى مقربة من الساحة، وفي حزيران (يونيو) 2013، أعدم عدنان حيدر، «أمير حركة أحرار الشام» المعارضة في الوادي، مقاتلاً معارضاً من غير محاكمة، ثم انشق عن الحركة التي شجبت الجريمة. وعلى إثر ذلك، عاد «الأمير» إلى «حضن الوطن»، وقاد ميليشيات محلية موالية للرئيس بشار الأسد، إلى أن قتله مجهولون في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015.

وفي 14 كانون الثاني (يناير) الماضي وعلى بعد أمتار صعوداً جنوب الساحة، اغتيل اللواء المتقاعد أحمد الغضبان (1944 - 2017)، قائد سابق للفرقة 14 قوات خاصة، عند حاجز رأس العامود العائد للجيش النظامي. وكان الغضبان لسنوات ممثلاً عن الوادي في جولات مفاوضات مع الرئيس الأسد ومسؤولين آخرين. وتبادل النظام والمعارضة الاتهام في شأن مقتله.

ويستمر القتل الذي حصد أرواح كثيرين من سكان الوادي أثناء حصار القوات الحكومية بين 2012 و2017. ومع أن الجُناة الذين يقفون خلف بعض الجرائم لا يزالون مجهولين، يبقى آخرون معلومين، لكنهم بعيدون من الحساب. وتبدو حكومة دمشق مقبلة على ملفات جنائية معقدة في الوادي، وفيما لو قاربتها بمهنية فستواجه تحديات كبيرة.

لجان وخلايا

وتتابع فاطمة أن «حزب الله» اللبناني قبض على شقيقها الأصغر إثر دخوله في شكل غير شرعي إلى لبنان عام 2014 وسلمه إلى السلطات السورية ولا يعرف مكانه حتى الآن. كما خطف مسلحون مجهولون شقيقه الآخر إثر مساهمته في تشكيل ميليشيات موالية للأسد في العام ذاته. «نتعلق بأمل أن يكونا حيين ونريد الكشف عن مصيرهما على أي حال»، تتابع فاطمة باكية.

وفي 25 آذار (مارس) 2017، أصدر وزير العدل السابق نجم الأحمد قراراً بتشكيل لجنة «لتوثيق الجرائم التي ارتكبتها التنظيمات المسلحة في وادي بردى». وقال المحامي العام في ريف دمشق ورئيس لجنة توثيق الجرائم في الوادي عبدالمجيد المصري أن القضاء «لن يحاكم من سوّوا وضعهم واستفادوا من مراسيم العفو باعتبار أنهم كانوا أداة، وبالتالي فإنه ستتم مقاضاة من كان يدعمهم».

وأضاف: «إن اللجنة [التي ستعمل من دير قانون] ستعتمد في التوثيق على الوقائع الحية وشهادات الأهالي والضبوط والكشوف القضائية والوثائق ولو كانت إعلامية» وأنها «ستوثّق جريمة قطع المياه [في قرية عين الفيجة] عن دمشق وريفها [في كانون الأول (ديسمبر) 2016]». وقالت لجنة أممية في آذار أنه، وفي كانون الأول 2016، قصفت القوات الجوية السورية عمداً مصادر المياه في عين الفيجة [التي يزود نبعها مع نبع بردى دمشقَ بأكثر من 80 في المئة من حاجتها إلى مياه الشرب]، مُعتبرةً ذلك «جريمة حرب» كان لها «تأثير مدمر في أكثر من 5 ملايين مدني حُرموا من مياه الشرب لأكثر من شهر».

وشكّل الأسد في 31 آذار 2011، «لجنة التحقيق القضائية الخاصة المكلفة إجراء تحقيقات في الأحداث التي تشهدها سورية» برئاسة القاضي أحمد زاهر البكري، المحامي العام في ريف دمشق.

وتتمثل مهمة اللجنة في إجراء تحقيقات فورية في جميع الحالات التي أودت بأرواح أو إصابة مدنيين أو عسكريين، إضافة إلى الجرائم المرتبطة بتلك الحالات.

وفي آب (أغسطس) 2012، قال القاضي البكري: «المشكلة تكمن في أن معظم الشكاوى تتعلق بجرائم غامضة ارتكبها مجرمون مجهولون. ولا يمكن الوصول إلى الشهود في المناطق الساخنة».

إلا أن وقائع في وادي بردى تقول عكس ذلك. فقد نشرت فصائل معارضة في آب 2016، شهادات على تنفيذ المخابرات عمليات إرهابية في الوادي. وفي تسجيل مصوّر اعترف رامي المصري، أحد عناصر «داعش» في قرية سوق وادي بردى، بمشاركته في هجوم بسيارة مفخخة في تشرين الأول (أكتوبر) 2013 أودى بحياة أكثر من 250 شخصاً. كما أشارت تحقيقات نشرتها فصائل معارضة في شباط (فبراير) 2014، إلى وقوف «المقدم علي الشيخ علي من المخابرات» خلف العملية إلى جانب إدخال المخابرات سيارتين مفخختين أخريين بالتزامن معها. واتهمت الحكومة «إرهابيين» بالتفجير. ورفضت جبهة النصرة، وفق مصادر محلية، عرضاً من اللواء جميل حسن، رئيس إدارة المخابرات الجوية، قيمته 100 مليون ليرة سورية (نحو 193,000 دولار أميركي) مقابل إطلاق أحد المتهمين. لكن النصرة أعدمت متهَمَين وأطلقت اثنين آخرين «لعدم كفاية الأدلة».

وأثناء حصار الجيش الحكومي الوادي، شكّل تنظيم «داعش» خلايا اغتيالات سرية مؤلفة من عناصر محلية نفّذت اغتيالات من دون أن تُتَّخذ إجراءات بحق الجُناة حتى اليوم. و «سوّى» بعض عناصر التنظيم السابقين «أوضاعهم» والتزموا البقاء في الوادي. وفي 4 و5 تشرين الأول 2015، اغتال محمد الحناوي، 24 عاماً، والذي بايع «داعش» سابقاً، اثنين من زملاء دراسته بحجة أن أحدهما شرطي حكومي والآخر اعترض على مقتل الأول. وفرّ الحناوي إلى لبنان في شباط 2016 بعد أن قضى تحالف للفصائل المسلحة المعارضة على تنظيم «داعش» في الوادي.

واستمرت الاغتيالات عام 2016، حيث اغتال مجهولون أحمد محمود الحناوي، في الأربعينات من عمره، في 9 تشرين الأول 2016. وكان الحناوي عضو قيادة فرع ريف دمشق لحزب الشباب الوطني، العامل تحت «تحت مظلة سورية والوطن، والرئيس الأسد».

ويقول سكان محليون أن النظام شكّل أخيراً «خلية اغتيالات» داخل الوادي بقيادة شاب قتل مجهولون أخاه المقرّب من «حزب الله» في نيسان. وتهدف الخلية وفقاً لسكان محليين إلى «القضاء على مسلحين سابقين ممن سوّوا أوضاعهم وبقوا في الوادي» بعد خروج آخرين إلى إدلب. بيد أن المفارقة أن شقيقين آخرين لقائد «الخلية» قُتِلا عامي 2013 و2014 أثناء قتالهما ضد القوات الحكومية في الوادي، بينما خرج شقيق رابع له مع مسلحي المعارضة إلى إدلب.

تشابك الهويات

وفشلت الحكومة في حماية موظفيها على مدار سنوات حصار الوادي. وفي أيار (مايو) 2014، هدّد مسلّحو «داعش» بالقتل موظفين حكوميين، خصوصاً في وزارتي الدفاع والداخلية في حال لم يستقيلوا من أعمالهم.

واستمر ضغط التنظيم طيلة الأشهر اللاحقة. وفي اجتماع مع القرويين في مسجد محمد الأمين في كفير الزيت في 10 كانون الأول 2014، شدد مسلحو «داعش» على استقالة الموظفين الحكوميين، وطلبوا من الفصائل المسلحة المعارضة، وعلى رأسها جبهة النصرة، أن تُبايع أبو بكر البغدادي قائد التنظيم «خليفةً للمسلمين». إلا أن قائد كتيبة القعقاع التابعة للجيش الحر محمود الحناوي، في الأربعينات من عمره، رفض تهديد «داعش» الموظفين وماطل في شأن «البيعة» إلى أن قضى تحالف فصائل معارضة على «داعش» في الوادي في شباط 2016.

ومع ذلك، قُتِل لاحقاً عدد من سكان الوادي على خلفيات مختلفة كان منهم محمود الحناوي نفسه الذي لقي حتفه بتفجير سيارته في 20 كانون الثاني 2017، عند خروجه من مسجد محمد الأمين. ولا يزال منفذ الاغتيال مجهولاً. في المقابل قُتِل شخصان بالاسم ذاته ومن سكان القرية ذاتها من دون وضوح تفاصيل مقتلهما وأسبابه. فقد عَلِم ذوو حدّاد يُدعى محمود الحناوي، نحو 60 عاماً، بمقتله في 26 تموز (يوليو) 2013 «تحت التعذيب في أحد الفروع الأمنية». وظهرت صورة لجثته في 16 كانون الأول 2015 ضمن ما بات معروفاً باسم «ملف قيصر». وأثناء محاولته إصلاح بئر في القرية، قُتِل نحّال وموظف سابق في مصلحة المياه يُدعى محمود الحناوي، نحو 60 عاماً، بصاروخ أطلقه الجيش الحكومي في 5 كانون الثاني 2017.

وفيما يلتزم كثر من سكان وادي بردى الصمت حيال انتهاكات لا تزال تقع بحقهم من قتل واعتقال وتعذيب وتدمير ممتلكات، لا يأخذ كثيرون إجراءات الحكومة لمحاسبة الجُناة على محمل الجد.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة