الأربعاء ٢٤ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ١٩, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
استمرار التهدئة الموقتة ... ودرعا تترقب مصيراً مجهولاً اليوم
شهدت مدينة درعا هدوءاً ملحوظاً أمس في ثاني أيام «التهدئة الموقتة»، والتي سبقها تصعيد غير مسبوق منذ آذار (مارس) 2011. ولا يزال وقف إطلاق النار وفقاً للاتفاق الروسي– الأميركي– الأردني، ساري المفعول لليوم الثاني على التوالي. و «علم المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الهدوء لا يزال يسود درعا إجمالاً، وإن تخلله إطلاق نار متبادل بين القوات النظامية وفصائل المعارضة وسقوط عدة قذائف عند منتصف ليل السبت– الأحد.

وجاء الهدوء الموقت بعد أعنف معارك شهدتها مدينة درعا منذ بدء اتفاق «خفض التصعيد» في 6 أيار (مايو) الماضي، حيث اندلع القتال العنيف بين القوات النظامية والمسلحين الموالين لها وحزب الله اللبناني من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى على محاور في درعا البلد ومحيط مخيم درعا، في الثالث من حزيران (يونيو) الجاري، واستمرت حتى 17 من الشهر ذاته. وهو أعنف تصعيد شهدته مدينة درعا منذ أشهر، إذ استهدفتها قوات النظام والطائرات الحربية والمروحية بأكثر من 2000 غارة وبرميل متفجر وصاروخ (يعتقد أنه من نوع أرض– أرض) وقذيفة مدفعية وصاروخية، ما تسبب في دمار كبير بالبنى التحتية والمباني ومنازل المدنيين، إضافة إلى سقوط خسائر بشرية في صفوف المدنيين، فيما قتل عشرات العناصر من فصائل المعارضة والقوات النظامية في هذه المعارك.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوجود أجواء حذر لدى الفصائل من تطبيق هذا الاتفاق في هذا التوقيت، وبخاصة أن الاتفاق محدود لمدة 48 ساعة. كما أنه جاء بعد وصول تعزيزات عسكرية استقدمتها القوات النظامية للمشاركة في معركة درعا. وكانت فصائل المعارضة أطلقت في النصف الأول من شباط (فبراير) الماضي معركة «الموت ولا المذلة» والتي تهدف من خلالها إلى السيطرة على درعا البلد في مدينة درعا. وتمكنت هذه الفصائل من تحقيق تقدم واسع والسيطرة على كتل أبنية ومواقع قوات النظام، وقضي وقتل وأصيب العشرات من عناصر الطرفين خلال هذه الاشتباكات والقصف الذي رافقها.

في موازاة ذلك، أفاد موقع «عنب بلدي» الإخباري المعارض بانخفاض وتيرة التوتر بشكل كبير، موضحاً أنه لم يتم «تسجّيل أي غارات أو براميل أو قصف بصواريخ الفيل، باستثناء غارات بعد ربع ساعة من بدء التهدئة، علاوة على تبادل قذائف الهاون بشكل محدود كل بضع ساعات». وأشار إلى أن كثيراً من الأهالي استغلوا الهدوء الملحوظ، وعادوا إلى المدينة لتفقد منازلهم المدمرة، ومحاولة إخراج بقايا ممتلكاتهم.

ولم تعلن غرفة عمليات «البنيان المرصوص» التي تقود معركة «الموت ولا المذلة» في حي المنشية، موقفها من «التهدئة الموقتة»، لكنها تبدو ملتزمة على الأرض من خلال وقف المعارك.

وأعلنت القوات النظامية عن تهدئة تستمر 48 ساعة في مدينة درعا، وقالت إنها تأتي في إطار «دعم جهود المصالحة الوطنية». وقد بدأت ظهر أول من أمس وتنتهي اليوم.

تترقب مدينة درعا مصيراً مجهولاً بعد انتهاء التهدئة اليوم، وذلك بسبب انتظار حشود القوات النظامية والميليشيات الرديفة، وسط صورٍ ضجت بها وسائل التواصل، تحضيراً لمعركة «كبرى» في المدينة.

وبحسب مصادر متطابقة في المعارضة، فإن التهدئة الموقتة قام بها وفد «مجهول الانتماء» انطلق من مناطق سيطرة المعارضة، واجتمع مع ممثلين عن الحكومة السورية الخميس 8 حزيران (يونيو) الجاري، ليُغادر ظهر اليوم ذاته من دون معرفة طبيعة اللقاء السري أو نتائجه.

وتزامنت الزيارة مع توقف شبه كامل لعمليات القصف، على رغم تحليق طيران الاستطلاع بشكل مكثف في سماء المدينة، إلا أن الأيام التالية شهدت عودة القصف، حتى توقّفت العمليات القتالية في الساعة الثانية عشرة والربع من ظهر السبت. ومع الهدوء الذي بدأ يسود المدينة، أعلنت القيادة العامة للقوات النظامية السورية وقف العمليات القتالية لمدة 48 ساعة، «دعماً لجهود المصالحة الوطنية».

وأشارت في بيانٍ إلى أن «الحكومة السورية تحرص على تعزيز المصالحات المحلية، في مختلف المناطق، توازياً مع عمليات اجتثاث الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى عموم سورية».

ومع توقف القصف والمعارك، بدأت مفاوضات بين الحكومة السورية والوفد المجهول، الذي يعمل بهدف حماية المدينة من التدمير الكامل، وفق مصادر المعارضة.

وعزت المصادر سبب المفاوضات «إلى ترك بصيص أمل يتيح للأهالي أن يسكنوا المدينة ولو سيطر النظام عليها، بدلاً من تدميرها خلال القصف»، مشيرةً إلى أن طلباً وجهه الوفد للنظام ووافق عليه بشرط الانضمام إلى مناطق «المصالحات».

ومن شروط التهدئة إيقاف المعارك وإرسال التعزيزات، على أن تكون خطوة أولى تضمن استمرار المفاوضات لتكون أكثر شمولية، في حال التزم الطرفان.

وتوقعت المصادر أن يُطالب النظام المعارضة بالانسحاب من المدينة، بينما يحمل الوفد مطالب بتشكيل لجنة مشتركة تضمن عودة الأهالي إلى المدينة، على أن تضمن روسيا النظام لمنع أي خرق.

الأيام الماضية التي عاشتها المدينة تُظهر تحييد روسيا سلاحها الجوي، وتحديداً مع الحديث عن الحشود العسكرية، بعد زيارة العميد ماهر الأسد قائد «الفرقة الرابعة» مدينة إزرع في محافظة درعا.

وبحسب «عنب بلدي»، فإن عدداً من ضباط الفرقة رافقوا الأسد في الزيارة المفاجئة، وبقوا في مدينة إزرع، في إطار حشود للقوات النظامية لاستعادة السيطرة على كامل درعا البلد.

وعلى رغم أن الطائرات الروسية ساهمت في استهداف المنطقة، مع بداية المعارك قبل أشهر، إلا أنها سحبت سلاح الجو، وفق مراقبين توقعوا أنها بداية لتكون روسيا طرفاً ضامناً للتهدئة، بضوء أخضر من الأردن.

إثر الحشود أعلن أكثر من فصيل في «الجيش الحر»، تجهيز قواتهم لصد أي هجوم محتمل، كما شكّلت بعض الفصائل، وعلى رأسها «جيش الثورة» و «فوج المدفعية»، غرفة عمليات مشتركة تحت اسم «رص الصفوف» للغرض ذاته.

كما أطلق ناشطون حملة «تحرك لأجل درعا»، في محاولة للفت النظر إلى ما يجري في المدينة، وسط دعواتٍ للمجتمع الدولي بضرورة «عدم تكرار نموذج حلب» التي هجر سكانها، منتصف كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة