الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ١٣, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
مصر
مناقشات صعبة لاتفاق تيران وصنافير في البرلمان المصري
القاهرة – أحمد رحيم 
ترسّخ أمس، الاعتقاد بأن مناقشات البرلمان لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، الذي أُبرم في نيسان (أبريل) من العام الماضي خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر وآلت بمقتضاه ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، لن تكون سهلة، في ظل تصاعد وتيرة الخلاف بين فريقين ولهجته، فأحدهما مؤيد لمناقشة الاتفاق والثاني يعارض طرحه في البرلمان ابتداء، لصدور حكم قضائي من المحكمة الإدارية العليا بإلغائه، ويطلب إرجاء المناقشات البرلمانية لحين صدور قرار من المحكمة الدستورية العليا، عن أحقية القضاء الإداري للتصدي للاتفاق.

وإن تجاوز الواقع هذا الخلاف، وبدأت إجراءات البرلمان لبحث الاتفاق، إلا أن نقاشات اليوم الثاني للجنة التشريعية أظهرت أيضاً أن الخلافات بين الفريقين قد تخرج عن السيطرة، إذ كادت المشادات الكلامية بين النواب أمس تتطور إلى تراشق بالأيدي، حتى إن رئيس البرلمان علي عبدالعال اضطر إلى رفع جلسة اللجنة إلى المساء، وقصر الحضور فيها على أعضاء اللجنة فقط، بعد أن كان سمح لأي من الراغبين من النواب بحضور نقاشات اللجنة.

وحسم رئيس البرلمان الخلاف حول حق البرلمان في مناقشة الاتفاق، بأن أكد أن مجلس النواب «لن يعتد بأي حكم قضائي» بخصوص الاتفاق، مشدداً على أن مناقشة الاتفاقات الدولية حق أصيل للبرلمان، الذي لن يقبل الجور على سلطاته.

كما حسم رئيس اللجنة التشريعية المستشار بهاء أبو شقة مسألة الاحتكام لاستفتاء شعبي لتمرير الاتفاق، بأن أكد أن المادة 151 من الدستور لا تسري أحكامها على هذه الاتفاقية.

وتنص المادة 151 من الدستور على: «يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفي كل الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة». وكان رئيس «المؤسسة المصرية لحماية الدستور» عمرو موسى دعا البرلمان إلى مراعاة هذا النص الدستوري.

لكن أبو شقة قال في اجتماع اللجنة أمس: «لا يجوز (دستورياً) التنازل عن أرض مصرية، وإذا كانت الأرض كمبدأ عام غير مصرية، فالاتفاق جائز، وفي هذه الحالة لا تحتاج لاستفتاء شعبي، لأن هناك فرقاً بين السيادة والإدارة».

وترأس رئيس البرلمان أمس، ثاني اجتماعات اللجنة التشريعية لمواصلة مناقشة الاتفاق، واستهل الاجتماع بالتعليق على ما شهدته جلسة الأمس، من مشادات بين النواب، وتعليقات غاضبة وتلويح خلال المناقـــــــشات طاول ضباطاً كباراً من وزارة الدفاع حضروا الجلسة الأولى لمــــناقشات اللجنة، للرد على استفسارات النواب، واستعراض الاتفاق المصري– السعودي فنياً.

لكن يبدو أن المداولات الحادة التي شهدتها الجلسة أغضبت ممثلي وزارة الدفاع.

وقال رئيس البرلمان أمس: «أرفض ما شهدته الجلسة (أول من أمس) من تطاول في حق من ارتدوا الزي العسكري. يجب أن يحترم الجميع القوات المسلحة لأنها لا تعرف البيع أو التفريط».

وشدد على أن فرض الأمر بالقوة خلال المناقشة «أمر غير مقبول»، مضيفاً: «من يرتدي الزي العسكري يجب أن يحظى بالتقدير والاحترام، لا بالمقاطعة والتلويح، هؤلاء العظام قدموا الشهداء، وارتوت أرضنا بدمائهم، وعلى كل من يقترب منهم أن يقدم الاحترام لهم، لا أن يلوح بالأيدي. من حارب وقدم الشهداء وبذل الدماء لا يعرف البيع والتفريط، والذين يعرفون البيع والتفريط معروفون ومرصودون».

وأوضح أن التقرير الذي وصله عن رصد الصحافة العالمية لجلسة اللجنة أول من أمس «مؤلم». وقال: «علينا احترام كل الآراء وفي النهاية يحسم الأمر بالتصويت»، لافتاً إلى أنه سيضطر إلى طرد أي عضو يخرج عن آداب الحوار.

ومع اشتداد حدة الحوار، طلب عبدالعال طرد أحد النواب من القاعة، ولما أخذ تصويت النواب، رفضوا طرد زميلهم من المناقشات.

وبعد أن تمكن رئيس البرلمان من السيطرة على مشادات في أعقاب كلمته، التي عبر بعض النواب عن رفضهم لمضمونها، قال وزير شؤون مجلس النواب المستشار عمر مروان إن الحكومة أودعت لدى أمانة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالمجلس نسخة من محاضر جولات التفاوض الـ11 التي تمت بين مصر والسعودية قبل توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية.

وأوضح مروان أن محاضر جولات التفاوض كانت متاحة أمام القضاء، لافتاً إلى أن تلك المحاضر ترد على ما أثير عن أنه كانت هناك ثمة اعتراضات من الجانب المصري في المفاوضات مع الطرف السعودي بخصوص تحديد نقاط الأساس لترسيم الحدود البحرية. وأشار إلى أنه يوجد فريق من الحكومة للرد على استفسارات النواب بهذا الخصوص لتكون الأمور أكثر شفافية.

وقال ممثل وزارة الخارجية في الاجتماع السفير محمود سامي إن اللجنة الفنية المعنية بالاتفاق تضم خبراء فنيين فقط، وما يحكمها نقاط الأساس واتفاقية قانون البحار، مشدداً على أن اللجنة ليس لها أي اختصاص سياسي.

وأشار إلى أنه في العام ٢٠١٠ تقدمت السعودية بنقاط الأساس الخاصة بها، أما مصر فأعلنت أنها ستتـــعامل مـــــع نقاط الأساس «بما لا يمس الـــموقف المصري»، معتبراً أن ذلك «لم يكن اعتراضاً»، ولم تكن توجد تحفظات لدى الطرف المصري.

وحدث سجال بين النواب حول مسائل فنية مثارة في الاتفاق، وزادت حدة النقاشات بين رئيس البرلمان ونواب في تكتل «25 – 30» المعارض، إذ رأى نواب في التكتل أن رئيس البرلمان يُلمح إلى تلقي معارضي الاتفاق تمويلات من الخارج، مطالبين إياه بالاعتذار.

وتداخل نواب تكتل «دعم مصر» المؤيد للحكومة في النقاشات، وكادت المشادات تتحول تراشق بالأيدي، وسط الهتاف المتواصل من نواب تكتل «25 – 30»: «مصرية .. مصرية»، ما اضطر رئيس البرلمان إلى رفع اجتماع اللجنة، وقرر أن يعقد مساء بحضور أعضاء اللجنة فقط دون بقية النواب.

وأوضح التكتل البرلماني المعارض في بيان أن «المناقشات كشفت بجلاء أن البرلمان قام باستدعاء خبراء مخــــتارين بعناية من الفريق الذي أقر بعودة الجزيرتين (إلى السعودية) ولم يستدع خبيراً واحداً من أصحاب وجهة النظر التي تدافع عن مصرية الجزيرتين، ما يؤكد تــــعمد إدارة المجلس إثبات صحة موقف الحكومة».

وحدد التكتل أسماء عدد من الخبراء القانونيين طلب استدعاءهم إلى اللجنة لطرح رؤيتهم. وأضاف: «هالنا أن يتطاول رئيس البرلمان على النواب الذين يقولون بمصرية الجزيرتين، وأن يوجه لهم اتهامات صريحة بالعمالة والعمل لغير مصلحة البلاد ولمصلحة جهات تمول وتدفع، ونطالب بالتحقيق مع رئيس البرلمان في الاتهامات الموجهة للنواب».

وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان اللواء كمال عامر إن الاتفاق سيُحال إلى اللجنة لدراسته عقب انتهاء لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية من نظر الجانب القانوني فيه.

وأضاف عامر: «الوثائق المقدمة لمجلس النواب تقول إن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان. الجزيرتان وديعتان لدى مصر من السعودية بناء على اتفاق بين الجانبين.

وفي جميع الأحوال ستستخدم الجزيرتان لحماية الأمن القومي المصري».

وشدد على أن مصر لن تخسر أي شيء بإعادة الجزيرتين، اللتين لا تتواجد فيهما أي قوات مصرية أو سعودية، وإنما تدخلان ضمن المنطقة «ج».

في غضون ذلك، هدد معارضون للحكم الحالي، غالبيتهم محسوبون على التيار اليساري، بالتظاهر في ميدان التحرير في حال أقر البرلمان هذا الاتفاق.

وقال المعارض اليساري البارز والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي في مؤتمر صحافي: «لحظة تمــــرير الاتفاق، هي لحظة نزولنا إلى ميدان التحرير».

ودعا عدد من الصحافيين إلى التظاهر اليوم أمام مقر النقابة، وتنفيذ اعتصام رمزي داخلها لإعلان رفضهم اتفاق ترسيم الحدود، لكن نقيب الصحافيين عبدالمحسن سلامة قال إنه لن يسمح بأي تظاهرات أمام النقابة.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة