الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ١, ٢٠١٧
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
سوريا
معركة "سوريا غير المفيدة" تشتعل... على إرث "داعش" و"البدر الشيعي"
موناليزا فريحة
صارت "سوريا غير المفيدة" نقطة الثقل في المرحلة التالية للحرب السورية. فيها تدور رحى المعركة الكبرى. فبينما يسعى النظام وحلفاؤه الى السيطرة عليها لفتح طريق الإمداد بين العراق وسوريا، يبدو أن أميركا بدأت تكثّف دعمها للفصائل لتقطيع أوصال "البدر الشيعي".  

للمرة الاولى منذ تشرين الثاني 2016، تدخلت أمس بارجة وغواصة روسيتان في المعركة التي تخوضها قوات النظام السوري ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).

وعلى الجبهة المقابلة، باشرت الولايات المتحدة تسليم المقاتلين الاكراد الذين يحاربون التنظيم في شمال سوريا أسلحة. وأكد مسؤولون لـ"رويترز" وصول مزيد من الاسلحة الى فصائل مقاتلة في جنوب سوريا، لصد هجوم جديد للميليشيات التي تدعمها ايران في اتجاه جنوب شرق البلاد.

وأطلق الاربعاء مقاتلو فصائل "قوات أحمد العبدو" و"جيش أسود الشرقية" التابعين لـ"الجيش السوري الحر" عملية ما يسمى "الأرض لنا" ضد مواقع الجيش السوري وحلفائه في البادية السورية، في التطور الميداني الاخير هناك. وكانت القوات السورية بدأت قبل أسابيع عمليات في وسط سوريا وشرقها وجنوبها ضد معاقل "داعش" وفصائل سورية معارضة.

وأتاح هذا الهجوم لقوات النظام استعادة نحو ستة آلاف كيلومتر مربع (أكثر من نصف مساحة لبنان) من البادية السورية في ريفي دمشق وحمص، منذ التاسع من أيار، وذلك على حساب "داعش" وفصائل معارضة سورية مدعومة أميركياً.

وامتدت المناطق المستعادة من منطقة المحسة ومحيطها جنوباً، إلى تلال محيطة بمنطقة الباردة شمالاً، وصولاً إلى السكري شرقاً، وحتى مثلث ظاظا جنوباً. كما تقدمت قوات النظام من حاجز ظاظا وصولاً الى منطقة الشحمي وزركا على الطريق المؤدي إلى معبر التنف الدولي. وفي آخر عملياتها، تتقدم قوات النظام مع حلفائها من الميليشيات الشيعية في اتجاه السخنة التي يسيطر عليها "داعش" والواقعة على مسافة 60 كيلومتراً شمال شرق تدمر. والواضح أن عملية "الارض لنا" ترمي الى استعادة المناطق التي سيطر عليها النظام، ومواصلة التقدم في اتجاه السخنة، نقطة الاتصال الاستراتيجية في الصحراء السورية والتي تعتبر نقطة انطلاق مهمة في اتجاه دير الزور، أحد آخر المنافذ التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا.

ويشارك في هذه العملية في البادية الجنوبية الشرقية لحمص، مقاتلون من "جيش أسود الشرقية" و"قوات أحمد العبدو" وفصائل أخرى تدعمها الولايات المتحدة ودول غربية. وتأتي هذه المعارك بعد أيام من ابلاغ الولايات المتحدة الحكومة السورية وحلفاءها وجوب الابتعاد من المنطقة قرب الحدود الاردنية حيث يدرب التحالف الدولي قوات سورية. وكانت القوات الاميركية قصفت قبل أسبوعين قافلة لقوات تابعة للنظام لم تلتزم تحذيرات مماثلة في تلك المنطقة. وكانت مقاتلات تابعة للتحالف الدولي ألقت في عطلة نهاية الاسبوع مناشير على مناطق يسيطر عليها النظام على الطريق الذي يربط مثلث تدمر - بغداد - الأردن ومعبر التنف الحدودي مع العراق، وتضمنت تحذيرات للنظام والمسلحين الموالين له من الاقتراب، ومطالبة بالانسحاب.

 وجاء في المناشير التي حملت خريطة منطقة التماس بين قوات المعارضة وقوات النظام: "أي تحركات في اتجاه التنف تعتبر عدائية وسندافع عن قواتنا...أنتم ضمن المنطقة الآمنة، غادروا هذه المنطقة الآن".

البادية إلى الضوء

وبعدما ظلت البادية طويلاً من المناطق المنسية في الحرب السورية، صارت استعادتها منذ أشهر أولوية للنظام. وشكلت تدمر نقطة البداية، لأن المدينة هي القاعدة الرئيسية لأي عمليات يقوم بها النظام في وسط سوريا.

وكان مئات من المقاتلين عبروا في آذار الماضي الحدود من الأردن بدعم من التحالف الدولي واستولوا على التنف. وأعقب ذلك استعادة السيطرة على معبر الوليد العراقي في آب 2016 (وهو المعبر الذي كان تنظيم "داعش" قد اجتاحه في العام السابق)، وإعادة فتح الطريق من بغداد إلى عمّان. ومن التنف، حاول المتمردون الارتباط بألوية أحمد العبدو (2500 مقاتل) في الغوطة الشرقية بريف دمشق. ومع أن ثمة مدناً كالضمير وجيرود تخضع لسيطرة المتمردين، ثمة حلقة شاسعة من قوات النظام تفصلها عن الغوطة الشرقية. وسعى المتمردون في التنف أيضاً إلى الحصول على موطئ قدم في وادي الفرات إلى الشرق، لأن معظمهم يتحدرون من تلك المنطقة. وفي 29 حزيران 2016، انطلقت عملية إنزال جوي أميركية من التنف للاستيلاء على البو كمال وإثارة انتفاضة قبلية على "داعش" في الوادي، لكن العملية فشلت وتمكن الناجون من التراجع.

ومذذاك، اقتصر دور الفصائل المعارضة إلى حد كبير على السيطرة على الحدود بين التنف وجبل الدروز لمنع تسلل تنظيم "داعش" إلى الأردن. وعندما بدأ "داعش" يضعف تحت وطأة ضربات التحالف، اغتنمت الفصائل الفرصة من خلال زيادة سيطرتهم على البادية.

سباق على إرث "داعش"

وتحدث الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فابريس بالانش لـ"النهار" عن السباق بين الفصائل المعارضة المدعومة أميركياً وقوات النظام والميليشيات التي تدعمها للسيطرة، معتبراً أنه معركة على ارث "داعش" ولمنع ايران من توصيل مناطق نفوذها.

وقال إن المقاتلين في التنف باتوا يشكلون تهديداً لدمشق، إذ تقدموا عشرات الكيلومترات من مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة وقد جهد النظام سنوات لتطويقها. كذلك، باتوا مستعدين لعرقلة عودة النظام إلى وادي الفرات. وفي رأيه أن الهدف الرسمي لهذه الهجمات هو السيطرة على مناطق "داعش" ودعم قبائل الفرات للوقوف في وجه التنظيم. وإذا نجح مقاتلو المعارضة في مسعاهم هذا، فانهم سيوقفون عملياً هجوم الجيش السوري المتواصل نحو دير الزور.

معركة ما بعد "داعش"

في الخلاصة، تحوّلت الحدود الجنوبية لسوريا بؤرة توتر كبيرة - من التنف إلى سنجار في العراق، إذ بات مشاركون في الحرب يتنافسون عليها نيابة عن رعاتهم الإقليميين.

ويتحدث بالانش عن "الإعداد لساحة معركة ما بعد داعش، وأصبح الجزء الشرقي غير المفيد سابقاً من سوريا يكتسب أهمية إستراتيجية أكبر بكثير في المنافسة بين "المحور الشيعي" الشرقي - الغربي و"المحور السنّي" الشمالي - الجنوبي. ولا بدّ من النظر إلى الهجوم الأخير الذي شنه النظام بين تدمر والحدود الأردنية من هذا المنطلق".

وخلص الى أن اتفاقاً دولياً على كيفية ادارة مناطق "داعش" صار المسألة الأكثر إلحاحاً. فمن دون قيام تفاهم كهذا، يواجه الأطراف خطر المواجهة المباشرة بين القوات الروسية والأميركية". 


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة