الجمعه ٢٩ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيار ١٩, ٢٠١٧
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
لبنان
لبنان: التسوية "تحت الصفر"... وشهر أخير
وسط الشلل التام الذي أصاب التحركات والمشاورات السياسية في شأن ازمة قانون الانتخاب والذي لا يبدو مضموناً ان يكسره أي تطور قبل الاسبوع المقبل على الاقل، تتجه الانظار والاهتمامات الداخلية في اليومين المقبلين الى الحدث الاقليمي الاستثنائي المتمثل بالقمة الاميركية – العربية – الاسلامية التي تعقد في الرياض السبت والاحد المقبلين. يعنى لبنان بهذه القمة التي ستتميز بمشاركة أكثر من خمسين دولة بكونه أولاً مدعواً اليها بوفد سيرأسه رئيس الوزراء سعد الحريري الذي تلقى الدعوة السعودية الى المشاركة في القمة وسيرافقه الوزراء جبران باسيل ونهاد المشنوق وملحم الرياشي. وعلمت "النهار" انه سيتسنى للرئيس الحريري ان يعقد لقاء جانبياً مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب على هامش اللقاء العام. كما علم ان السفير الايراني محمد فتحعلي طلب موعدا على عجل من وزير الخارجية وسيلتقيه اليوم لمفاتحته في ما سيكون موقف لبنان من مجريات قمة الرياض.

وتتابع اوساط لبنانية باهتمام بارز هذا الحدث لجهة ما يمكن ان يتركه من تداعيات ونتائج على المنطقة وعلى لبنان باعتبار ان لبنان معني مباشرة بملفات أساسية ستطرح في القمة، منها أولاً المواجهة مع الارهاب وثانياً مسألة طرح النفوذ الايراني والذي يمكن ان يشمل ملف "حزب الله" أيضاً، وثالثا مستقبل العلاقات والتطورات في المنطقة في ظل هذه القمة. وتقول هذه الاوساط إن مشاورات هادئة اجريت بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري اتفقا خلالها على التنسيق المستمر في شأن موقف الجانب اللبناني من مجريات القمة وان هذا التنسيق اراح "حزب الله" الى حدود معينة باعتبار ان الحزب ينظر بتوجس الى انعقاد هذه القمة ويرصد بدقة الموقف الرسمي منها.

في غضون ذلك، بدا المأزق السياسي الداخلي الى مزيد من الجمود وسط تصاعد المخاوف من سقوط مهلتي 29 أيار و19 حزيران من دون التوصل الى تسوية على قانون انتخاب جديد. وعلى رغم التفاؤل الذي عممه قبل يومين رئيس مجلس النواب نبيه بري بالتوصل الى قانون جديد قبل نهاية ولاية المجلس والذي كرره أمس نواب من كتل عدة فإن مصادر وزارية بارزة قالت لـ"النهار" ان الواقع الحقيقي للمأزق هو في أشد مستوياته تأزماً وان الامور لم تعد الى نقطة الصفر بل الى ما تحت الصفر وتالياً لا مكان الآن لاي طمأنة الى مناخ ايجابي وربما من هذا المنطلق رمى الرئيس بري بتفاؤله الى القول ان كرة التأزيم ليست في ملعبه. وأعربت المصادر عن تخوفها من المضي في تبادل رمي الكرة بما يعقد العودة الى المعايير القليلة التي اتفق عليها الافرقاء السياسيون لدى طرح المشاريع الانتخابية المتعاقبة وذلك في ظل الاقتراب من مهلة الشهر الاخيرة الفاصلة عن 19 حزيران بدءاً من اليوم. وقالت إن هذا الشهر المتبقي قبل نهاية ولاية مجلس النواب سيتسم بأهمية مصيرية بالنسبة الى الاستحقاق الانتخابي النيابي وتاليا بالنسبة الى النظام كلاً وما بينهما بالنسبة الى العهد العوني والحكومة الحريرية الاولى في هذه العهد، وهي جميعاً عوامل يتوقف عليها مصير البلد كلاً. وحذرت من ان بلوغ 19 حزيران من دون تسوية سيعني ان العهد والقوى السياسية ستحاصر بمعادلة قانون الستين النافذ قسراً أو التسليم للفراغ باعتبار ان التمديد "لن يرى النور مهما حصل" كما يجزم بذلك أكثر من مرجع. وأضافت ان الاسبوع المقبل سيشهد معاودة التحركات السياسية بقوة وخصوصاً بعد انتهاء قمة الرياض التي يرصدها الجميع لتبين ما اذا كانت ستترك آثاراً فورية على لبنان.

ويشار في سياق المواقف من المأزق السياسي الى ان "كتلة الوفاء للمقاومة" اعتبرت أمس ان "القبول بصيغة النسبية الكاملة من قبل كل الافرقاء مؤشر ايجابي جدا يحتاج الى استكمال النقاش الذي لا بد منه حول عدد الدوائر وحجمها وضوابط تحقيق الانصاف وحسن التمثيل". ودعت الى مواصلة النقاش "بعقلية وطنية منفتحة للتوافق النهائي خلال المهلة القصيرة المتبقية". 

الجيش و"الحسم"؟

في سياق آخر، اشاعت الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليل الاربعاء لقيادة الجيش انطباعات قوية عن ازدياد مؤشرات حسم عسكري للواقع الميداني ضد الارهابيين في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك. ومعلوم ان الرئيس عون تابع الى جانب قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الدفاع يعقوب الصراف في غرفة العمليات وقائع غارة عسكرية استباقية كان ينفذها الجيش في جرود البقاع الشمالي. وقالت مصادر متابعة للاجراءات العسكرية التي ينفذها الجيش إن الغارة التي نفذها ليل الاربعاء هي جزء من هالدف الأساسي للعملية وهو تدمير البنية التحتية للارهابيين تماماً وان الغارة استهدفت ملاجئ ومغارة كان يختبئ فيها الارهابيون في جرود رأس بعلبك وأوقع اصابات عدة في صفوفهم. واشارت المصادر الى ان العمليات الجارية تهدف الى قطع طرق الامدادات عن الارهابيين وضرب أي محاولات لاعادة تنظيم صفوفهم فلا يبقى أمامهم سوى الانسحاب الى الوراء أو الاستسلام أو الموت في مواقعهم.

ليست نهائية

الى ذلك، التقى الوفد البرلماني اللبناني الى واشنطن أمس رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس اد رويس الذي كان تقدم بمسودة لتشديد العقوبات الاميركية على "حزب الله". ونقلت موفدة "النهار" سابين عويس عن مصادر الوفد ان رويس أكد له ان المسودة التي سربت غير دقيقة ومن سرّبها سبب أذى كبيراً ولفت الى ان المسودة ليست نهائية وهي لم تعد صالحة لتكون الاساس للقانون. وفهم الوفد من ذلك ان ثمة تفهما للموقف اللبناني وان هذا التفهم أصبح واقعياً. 

قاسم هاشم: قانون الستين شئنا أم أبينا لا يزال نافذا

اكد النائب قاسم هاشم "ان الاتصالات مستمرة لتذليل العقبات والتفاهم بين الاطراف للوصول الى صيغة انتخابية تعتمد النسبية"، موضحا "أن هناك نقاطا تحتاج تفاهما وتكثيف الجهد حولها".

وقال، في حديث لاذاعة" صوت لبنان 93,3" أن :"الملاحظات حول الصيغ جوهرية، ولكن المقاربات تحمل طابعا طائفيا أو مذهبيا لا وطنيا"، مشددا على "وجوب العمل لتحصين الواقع الداخلي والإنصهار الوطني، من خلال القانون الذي يعبر عن هذه الإرادة الداخلية".

وحذر من "الوصول الى نهاية المهل من دون الإتفاق على قانون، لأن الفراغ يمكن أن يدخل البلد بحال من الفوضى، يصعب الخروج منها".

ورأى هاشم "ان قانون الستين شئنا أم أبينا لا يزال نافذا"، داعيا ل"البحث عن تسوية تحفظ الإستقرار الداخلي وتحصين البلد، بعيدا عن رغبات كل الأفرقاء". 

باسيل: نرفض اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النظام النسبي

نظم معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، ندوة خاصة عن "النظم الانتخابية المطروحة للنقاش على الساحة السياسية"، عرض فيها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مقاربة "التيار الوطني الحر" لمسألة القانون الانتخابي، مفندا "المعايير التي يستند عليها لمعالجة الموضوع".

 وطرح باسيل "المشاريع المتعددة التي تقدم بها التيار، لا سيما التأهيل في المرحلة الاولى واعتماد النظام النسبي في المرحلة الثانية".

وأسف لـ"رفضها جميعا"، مشيرا إلى أنه "مقتنع بأن قانونا جديدا سيعتمد، ولو بعد حين".

وأبدى باسيل رفضه لـ"اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النظام النسبي"، معتبرا "ان ذلك يؤدي الى الديمقراطية العددية"، وقال: "إن المعضلة الاساسية التي تواجهنا لا تكمن في التفاصيل التقنية للقانون المرتجى، بل في القرار السياسي وتفسير فحوى المناصفة". 

سامي الجميل بين "الصمود" و"الغيريلا": نتجه نحو "الفراغ والستين والتمديد"

محمد نمر المصدر: "النهار"
الآمال بولادة قانون انتخاب جديد بالنسبة إلى رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل باتت شبه مستحيلة، ولا يرى في الأفق سوى قانون "الستين"، ويقول: "يبدو انهم اتفقوا على هذا القانون قبل ولادة الحكومة"، واصفاً الأخيرة بـ"الفاشلة، وكان يجب أن تستقيل منذ نحو شهرين". واعتبر أننا نتجه نحو "الفراغ والستين والتمديد"، عكس ثلاثية العهد الشهيرة. 

ملامح التعب على وجه الجميل كانت واضحة في لقاء مصغر مع عدد من الاعلاميين، فمعارضة السلطة السياسية ليست عملية سهلة ولا تقتصر على التصريحات واللقاءات بل التمعن بكل صغيرة وكبيرة تعري الطبقة الحاكمة. كل المؤشرات بالنسبة إلى الجميل توحي ان هناك اتفاقا مسبقاً على الوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم، ويسأل: "لماذا لم يبدأ العمل على قانون جديد فور تشكيل الحكومة؟"، ويذكّر بأنه "الاشهر الاربعة الاولى بعد ولادة الحكومة لم نشهد فيها حركة تجاه اقرار القانون، وذلك كان دليلاً على ان القوى الشريكة بالسلطة لا تريد قانونا جديدا، ولو ارادوا ذلك لكانوا أقله شكلوا اللجنة بمنذ البداية، لماذا تم تشكيلها بعد تطيير المهل؟ ولماذا لا تجتمع؟"، ويضيف: "للوقاحة حدود".

ينتقد الجميل اسلوب النقاش بقانون الانتخاب عبر اجتماعات ثنائية، ويرى في ذلك مشكلتين: "الأولى تدل على أن المجتمعين يخجلون من تسجيل النقاش الحاصل في الاجتماعات، مثلما يحصل في محاضر مجلسي النواب والوزراء، في ظل خوف لدى الجميع من فضح مضمون هذه المجالس، الثانية أن القوى هذه لا تريد قانونا جديداً بل يريدون قانوناً يسهل تعيين نواب ما قبل الانتخابات، تكون نتائجه محسوبة سلفاً وبالتالي نكون أمام قانون تعيين النواب".

ماذا عن ثلاثية العهد "لا للستين، لا للفراغ، لا للتمديد"؟ يجيب: "إننا نتجه نحو عكس هذه الثلاثية، نحو الفراغ أولاً، من ثم انتخابات وفق قانون الستين وبالتالي انتاج المجلس نفسه ما يعني تمديداً بطريقة غير مباشرة، وضمن حسابات الفوز والخسارة فإن للجميع مصلحة بالستين، أما معنوياً أو إذا كان يشكل الستين نكسة للعهد فإنهم سيعملون قدر الامكان على التخفيف من وطأة الخسارة المعنوية لكننا لن نعطيهم الفرصة".

طالما انكم ترفضون الستين لماذا توافقون على خوض المعركة وفقه؟ يرد: "سنواجههم لأن المقاطعة تعني التسليم، وفي حال ساروا بقانون الستين يكون عنوان معركتنا الصمود ومواجهة محاولة الغاء القوى التغييرية"، ماذا عن التحالفات مع النائب سليمان فرنجية واللواء أشرف ريفي؟ "إنها مفتوحة مع اي طرف يريد منع حصر المجلس بقوى معينة وعلاقتنا ممكنة مع كل معارض لهذه الحكومة ولن نسمح بالغاء صوتنا ونرفض الجلوس في منازلنا وتأكدوا اننا لن نتنغنج، وسنشارك بانتخابات وفق الستين نحملهم مسؤولية الجريمة التي ارتكبوها"، واصفا السير بقانون الستين بـ"اعلان فشل"، ماذا عن زحلة حيث يقع "الكتائب" بين خلافين الثنائي المسيحي وآل سكاف؟ يجيب: "لا تعطلوا هم الانتخابات ولا التحالفات".

بالنسبة إلى هذا الشاب فإن كل قانون له معركته: "عبر النسبية نخوض انتخابات من اجل تغيير وجه لبنان أما وفق الستين فنخوض معركة صمود"، ويقول مازحاً: "لكل قانون استراتجية دفاعية، واستراتيجية النسبية استرتيجية "غيريلا" (ميليشيات) أما في الستين فنخوض حرب جيش نظام".

الجميل "يشكر ربه" لأنه أخذ القرار برفض دخول الحكومة، ويقول: "لم نكن شركاء إلا في الحكومة الاخيرة، وتم تطويقنا فاتجهنا إلى الاستقالة، اما الحكومات السابقة فلم تتجاوز حكومتنا أكثر من وزير واحد وبالتالي لا نعتبر شركاء فيها أمام جهات لديها وزراء عدة، واليوم كل من هو شريك بالحكومة يتحمل مسؤولية فشلها باجراء الانتخابات واقرار قانون جديد، ومن هو منزعج من هذا الحال عليه ان يستقيل"، وبرأيه "فإن الاستقالة كان يجب ان تكون منذ نحو شهرين عند تطيير اول مهلة في 11 آذار (تشكيل هيئة اشراف على الانتخابات)، ويتم بعدها تشكيل حكومة تكنوقراط، لكننا تأخرنا على هذا الخيار، وتم تططير اول مهلة والثانية في 21 آذار (دعوة الهيئات الناخبة) لهذا فإن الحكومة فشلت"، متسائلاً: "لماذا انتظرت الحكومة تطيير المهل لتشكل اللجنة؟".

لم يخلو الحديث من ملف البواخر، الذي يرى خلفه الجميل "صفقة"، ويقول: "تم تحددي اسم الشركة من دون مناقصة منذ تموز 2016، وبالتالي إنهم يريدون بواخر من شركة معينة وأي خيار ثان مرفوض بالنسبة لهم"، وعرض مجموعة من الوثائق والمستندات تظهر أن خيار الحكومة في البواخر غير بريئة. 


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة