الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٢٩, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
مصر
البابا فرنسيس يدعو إلى الانفتاح بين الأديان... ووقف العنف والبربرية
القاهرة – أحمد مصطفى 
حظي البابا فرنسيس، في زيارته الأولى إلى مصر، بحفاوة رسمية ودينية وشعبية كبيرة، وأطلق دعوة إلى الانفتاح والحوار بين الأديان، مشدداً على ضرورة «وقف العنف والبربرية»، وسط إجراءات أمنية تولاها الجيش المصري لتأمين الزيارة التي تُختتم اليوم.

وهبطت طائرة البابا فرنسيس في مطار القاهرة الدولي ظهر أمس، حيث كان في استقباله رئيس الحكومة شريف إسماعيل وعدد من قيادات الطائفة الكاثوليكية في مصر، وتوجه بعدها إلى قصر الاتحادية الرئاسي، وكان في استقباله الرئيس عبدالفتاح السيسي حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمية وعزف السلام الرسمي، دخل بعدها السيسي والبابا فرنسيس إلى بهو القصر حيث صافحا وفدي البلدين، وعقدا جلسة محادثات، أعقبتها محادثات موسعة ضمت وفدي البلدين، وفقاً للناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، الذي أوضح أن السيسي، رحب خلالها بالبابا، مشيداً بحرصه على إتمام الزيارة «المهمة التي توجه رسائل عدة وعميقة الدلالة، في وقت عصيب يمر به العالم كله».

وأكد البابا فرنسيس «أهمية الدور الذي تقوم به مصر في الشرق الأوسط، وجهودها من أجل التوصل إلى تسويات للمشاكل الملحة والمعقدة التي تتعرض لها المنطقة والتي تتسبب في معاناة إنسانية كبيرة للبشر». وأشار إلى دعمه لجهود مصر في «وقف العنف والإرهاب، فضلاً عن تحقيق التنمية».

وذكر السفير علاء يوسف أنه تم خلال اللقاء البحث في «سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات بين مصر والفاتيكان، وعرض السيسي عدداً من الملفات، مشيراً إلى ما يتحمله الشعب المصري من أعباء في إطار مواجهة التطرف والإرهاب، مؤكداً أن مصر ستظل دوماً مستعدة للاضطلاع بدورها كنموذج للإسلام المعتدل».

وأكد السيسي أن المصريين المسيحيين «هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني المصري، وأن الدولة تتعامل مع أبناء مصر كافة على أساس المواطنة والحقوق الدستورية والقانونية، فضلاً عن ترسيخ ثقافة المساواة والانتماء الوطني، الأمر الذي حصّن مصر بنسيج اجتماعي متين تمكنت بفضله من دحر قوى التطرف والظلام».

وأشار البيان الرئاسي إلى أن السيسي والبابا فرنسيس تبادلا في ختام اللقاء الميداليات التذكارية، حيث قدم البابا ميدالية تذكارية أصدرها الفاتيكان بمناسبة زيارته إلى مصر، تم فيها إبراز لجوء العائلة المقدسة إلى مصر، بينما قدم السيسي لوحة تذكارية تُمثل احتفاء مصر بالعائلة المقدسة على أرضها.

وعقب ذلك توجه البابا فرنسيس إلى مشيخة الأزهر حيث كان في استقباله وكيل الأزهر عباس شومان، قبل أن يشارك مع شيخ الأزهر أحمد الطيب في الجلسة الختامية لمؤتمر السلام الذي نظمه الأزهر.

وألقى شيخ الأزهر كلمة دعا في بدايتها إلى الوقوف دقيقة صمت على ضحايا الإرهاب في مصر والعالم، قبل أن يرحب بـ «الضيف والأخ البابا فرنسيس»، وألقى الطيب بمسؤولية المآسي التي يعيشها العالم خلال الفترة الأخيرة على «تجارة السلاح وتسويقه وضمان تشغيل مصانع الموت»، منتقداً «تجاهل الحضارة الحديثة للقيم الدينية»، ورأى أنه لا حل إلا «إعادة الوعي بالرسالات السماوية»، مشيراً إلى أن الأرض باتت «ممهدة لأن تأخذ الأديان دورها في إبراز قيم السلام»، قبل أن ينبه إلى ضرورة «تصحيح صورة الأديان... وألا نحاكم الأديان بمسؤولية جرائم قلة عابثة»، مشدداً على أن الأزهر «لا يزال يعمل على تعزيز التعاون بين الأديان، وترسيخ فلسفة التعايش والعمل معاً بين المؤمنين بالأديان».

وألقى البابا فرنسيس كلمة أمام المؤتمر بدأها بـ «السلام عليكم»، منبهاً إلى أنه «لن يكون هناك سلام من دون تعليم جيد للشباب يعتمد على تشكيل الهوية غير المنغلقة على نفسها والانفتاح على الجميع». وشدد على أننا «مقتنعون بأن مستقبلنا جميعاً يعتمد على الحوار بين الأديان والثقافات»، موضحاً أنه «لا يمكن بناء حوار على الغموض وغياب الصراحة، مع ضرورة الشجاعة على الاختلاف لأن اختلاف الدين لا يعني وجود عداوة، نحن مقتنعون بأن الخير يجب أن يطاول جميع الأطراف»، داعياً إلى «إستراتيجية لتحويل التنافسية إلى تعاون، فلا يوجد بديل عن اللقاء والحوار»، مشدداً على ضرورة «وقف البربرية والعنف وتنشئة الأجيال على زيادة الخير».

وقال: «نحن منفتحون مسلمين ومسيحيين للمساهمة في ذلك الأمر... نحن نعيش على أرض الإله نفسه لذلك يمكن أن نسمي أنفسنا أخوة وأخوات»، وشدد على ضرورة «أن يتكرر رفضنا الواضح ضد أي شكل من أشكال العنف الذي يرتكب باسم الدين أو باسم الله». قائلاً: «الله هو السلام». وأضاف: «نحن مسؤولون عن العنف الذي يقدم نفسه تحت إطار ديني، ولا بد من الحديث بين الدين والسياسة»، مشيراً إلى أن «الدين ليس هو المشكلة بل هو حل المشكلة». وشدد البابا على أن مستقبل البشرية يعتمد على الحوار بين الثقافات المختلفة.

وعقب انتهاء كلمته توجه البابا فرنسيس بصحبة شيخ الأزهر إلى أحد الفنادق في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) حيث كان في انتظاره الرئيس السيسي، وأقيم للضيف حفل استقبال، قبل أن يتوجه إلى الكاتدرائية المرقسية في العباسية حيث التقى بطريرك الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني وترأسا صلاة لأرواح ضحايا الكنيسة البطرسية.

وأحيطت الزيارة بإجراءات أمنية مكثفة، حيث عهد إلى الجيش تأمين البابا، وكثفت أجهزة الأمن من إجراءاتها في محيط الكنائس، خشية تعرضها لأي اعتداء، وأغلقت الطرق المحيطة بسفارة الفاتيكان في حي الزمالك، أمام حركة السير، وانتشر فيها عدد كبير من عناصر الشرطة والجيش، وكان الناطق باسم الجيش أعلن قبل وصول البابا، الانتهاء من إجراءات التنسيق مع أجهزة الشرطة لتأمين زيارة البابا والوفد المرافق له، مشيراً إلى أن عناصر الجيش رفعت درجة الاستعداد والانتشار، ونفذت عدداً من المكامن والدوريات الأمنية الثابتة والمتحركة لتهيئة المناخ الملائم للأمن والاستقرار خلال الأنشطة والفعاليات التي من المقرر أن يشارك فيها البابا مع إحكام السيطرة الأمنية الكاملة على الطرق والمحاور الرئيسية باستخدام أحدث الأنظمة والوسائل التكنولوجية الحديثة.

وكان البابا فرنسيس أكد لصحافيين رافقوه على طائرته أن زيارته إلى مصر هي «رحلة وحدة وإخوة»، مشيراً إلى أن «هناك انتظارات خاصة (من هذه الزيارة)، لأن الدعوة جاءت من الرئيس المصري ومن بطريرك الأقباط الكاثوليك ومن إمام الأزهر الأكبر، إنها رحلة وحدة وإخوة». وتابع أنها تستغرق «أقل من يومين لكنها مكثفة للغاية».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة