الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٢٢, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
لبنان
الحريري عند الخط الأزرق: الجيش وحده مكلف حماية الحدود ونلتزم القرار 1701
الضجة التي أثارتها الجولة التي نظمها «حزب الله» (أول من أمس) لإعلاميين محليين وأجانب من بيروت إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وظهور عناصر من الحزب خلالها باللباس العسكري المرقط، وحمل أحدهم قاذفاً صاروخياً في صورة التقطتها كاميرات الإعلام المحلي والأجنبي، دفعت أمس، رئيس الحكومة سعد الحريري ومعه وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزيف عون إلى القيام بزيارة مفاجئة (تقررت ليل أول من أمس) إلى مقر قيادة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) في الناقورة وزيارة موقعين للجيش اللبناني على الخط الأزرق في اللبونة والنمر حيث يوجد أقرب موقع إسرائيلي عند الحدود.

والمنطقتان كانتا من ضمن جولة «حزب الله» الإعلامية. وحرص الحريري على تأكيد أن «الجيش اللبناني وحده المكلف حماية الحدود والذي يدافع عنا بصفته القوة الشرعية التي لا قوة فوق سلطتها». والحريري هو أول رئيس حكومة لبنانية يزور الخط الأزرق.

وكانت جولة الحزب أثارت كثيراً من التساؤلات عن أهدافها، خصوصاً مع ظهور صورة المقاتل الذي يحمل القاذف على مواقع إخبارية والصفحات الأولى من صحف محلية، إذ إنها تعتبر خرقاً للقرار 1701. وقال مصدر عسكري لـ «الحياة» إن الحزب أراد من جولة الإعلاميين «إظهار أن الجبهة هادئة من الجهة اللبنانية وأن لا تحضيرات عسكرية لحرب، خلافاً لما يروج له الإسرائيليون».

وأقر المصدر العسكري بـ «أن ظهور أحد المسؤولين وهو يشرح للإعلاميين على الشريط الشائك المواقع في الجهة الإسرائيلية، باللباس المرقط ونشر صورة المقاتل الذي يحمل قاذفاً صاروخياً، هما مظهران يدلان على وجود خرق للقرار 1701 الذي ينص على منع المظاهر المسلحة في منطقة عمليات يونيفيل والجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني»، لكنه أوضح أن الزيارة «في حد ذاتها ليست خرقاً للقرار لكن ظهور العسكريين من الحزب يشكل خرقاً».

ورداً على سؤال لـ «الحياة» قال المصدر، إن الجيش منح الصحافيين الأجانب الذين شاركوا في الجولة الإعلامية تراخيص دخول تقتضيها الأصول وأن دخولهم إلى المنطقة حصل إلى المساحة التي تعود إلى «يونيفيل».

ونســــبت وسائل إعلام عدة إلى مسؤولين في «حزب الله» (منهم مسؤول الإعلام محمد عفيف) تفسيراً آخر للجولة على الحدود أكــدوا فيها أنها للرد على حملة تهويل إسرائيلية ضد لبنان، ولتأكيد أن انشغال الحزب في الحرب في سورية لم يشغله عن الجاهزية للدفاع عن لبنان في مواجهة الأطماع والتهديدات الإسرائيلية.

وأعطت أوساط قريبة من الحزب تفسيراً آخر لهدف الجولة وهو «الرد على التهديدات الأميركية بمزيد من العقوبات ضد حزب الله والتصعيد ضد إيران، وبإمكان إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لشن حرب على الحزب».

يذكر أن إعلاميين كانوا ضمن جولة الحزب استنتجوا خلال الزيارة أن الحزب أراد منها القول أيضاً أن مقاتلي «حزب الله» قريبون جداً من الخط الأزرق.

انتقل رئيس الحكومة سعد الحريري يرافقه وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش جوزيف عون من بيروت إلى الناقورة بواسطة مروحية تابعة للجيش اللبناني. وكان في استقبالهم في المقر قائد «يونيفيل» الجنرال مايكل بيري. وعقد اجتماع في مقر القيادة جرى خلاله استعراض الأوضاع العامة في الجنوب والمهام التي تقوم بها قوات «يونيفيل» مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية لتثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة»، بحسب المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة.

وقال الحريري بعد الاجتماع إنه أراد «في الدرجة الأولى زيارة الجنوب والضباط المرابطين على الحدود، لكي أقول لهم «يعطيكم العافية»، لأن الجيش اللبناني وحده المكلف حماية الحدود والذي يدافع عنا بصفته القوة الشرعية التي لا قوة فوق سلطتها، وبصفته أيضاً النموذج الوطني الناجح والجامع خارج كل فئوية أو مناطقية».

وأوضح أنه بدأ زيارته من مقر قوات «يونيفيل» لكي «أوجه لكل الدول المساهمة فيها شكر كل اللبنانيين على العمل الذي يقومون به لحفظ السلام على حدودنا الجنوبية، وأؤكد التزام لبنان كل قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701. نحن كدولة، رئيس الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، واجبنا الأساسي حماية السيادة والحدود والحفاظ على الأمن والاستقرار لأهلنا في هذه المنطقة العزيزة، والقرار 1701 والتزامنا به من الوسائل الحيوية لحفظ الحدود وأمن أهلنا واستقراراهم، ودور يونيفيل أساس في هذا المجال».

وأضاف الحريري: «إسرائيل تنتهك القرار 1701، ونحن كحكومة نرفع الانتهاكات للأمم المتحدة من ناحية، ونذكر بضرورة الانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار لوقف هذه التعديات من ناحية أخرى. الجيش اللبناني المرابط هنا لحماية السيادة يقوم بدوره الوطني على أكمل وجه، ونحن نقوم أيضاً بكل الجهود لتأمين مستلزمات التسليح والتدريب للجيش والقوى الأمنية الشرعية. والدولة في لبنان أيضاً، من فخامة الرئيس إلى الحكومة وكل المؤسسات، إرادتنا حاسمة بتحرير ما تبقى من أراضينا المحتلة، وهذه مهمة يعززها عملنا الديبلوماسي اليومي والتزامنا الشرعية الدولية والقرار 1701».

وشدد على أن «الدولة اللبنانية لكل اللبنانيين، والجيش اللبناني لكل اللبنانيين، وليس لديه أي أجندة سوى مصلحة كل اللبنانيين وأمن واستقرار كل اللبنانيين وسيادتهم على أرضهم. ولا سلطة في لبنان فوق هذه السلطة ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة، وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع».

وخلص إلى القول إن «في لبنان اليوم عهداً جديداً، وهناك سياسة جديدة بأن تتحمل الدولة مسؤولياتها، وأنا أتيت إلى هنا لكي أؤكد هذا الموضوع وأننا حكومة ودولة مسؤولون عن السلام في الجنوب. وأقول إن هذا الواجب سنقوم به وسنتابعه، وأنا على تواصل دائم مع فخامة الرئيس ورئيس المجلس النيابي ووزير الدفاع وقائد الجيش».

وعن الجولة الإعلامية التي قام بها «حزب الله» والكلام الأمني عن الجاهزية على الحدود، قال الحريري: «ما حصل بالأمس في مكان ما هو أمر، نحن كحكومة، غير معنيين به ولا نقبل به بكل صراحة. لذلك أتيت إلى هنا لكي أؤكد أن دورنا كحكومة الحفاظ على القرار 1701. لا شك أن الجميع يعلم أن هناك اختلافاً في بعض الأماكن بالسياسة، لكن هذا لا يعني أن تذهب الحكومة بناء على هذا الاختلاف إلى مكان آخر. ونشدد على أن البيان الوزاري لهذه الحكومة يؤكد تنفيذ القرار 1701. أنتم تعرفون جيداً جداً، أن هناك خلافات سياسية نضعها جانباً، وهذه إحداها. لذلك وجودي هنا لكي أؤكد أن البيان الوزاري الذي أقررناه في المجلس النيابي ننفذه هنا في الجنوب بالشكل الذي تم إقراره».

وعن «تصريحات أميركية أخيرة تتحدث عن «حزب الله» وإيران، وما إذا كان يخشى من حرب يكون لبنان أو المنطقة مسرحها»، قال: «ما دمنا ننفذ البيان الوزاري الذي التزمنا به في هذه الحكومة فلا أخاف من حرب. السبب الأساسي لمجيئي إلى هنا هو أن هذه الحكومة تتحمل مسؤولياتها. أريد أن أقول للبنانيين ألا نضخم الأمور ولا نعطيها أكبر من حجمها، هناك حدود لهذه الأمور».

وعما إذا كان يعتبر أن «حزب الله» خرق البيان الوزاري، اكتفى الحريري بالقول: «قلت أن هناك بعض الأمور التي نختلف عليها في السياسة، ونحن متفقون على وضع هذه الخلافات جانباً، نحن كحكومة نقوم بواجبنا».

وسئل: «أنت كلبناني وعدوك إسرائيل، هل يعقل ألا يطمئنك «حزب الله» بأنه إلى جانب الجيش اللبناني في حال حصل أي عدوان؟». فرد قائلاً: «ما يطمئنني هو البيان الوزاري الذي وافق عليه كل الأفرقاء السياسيين وأعطوا الحكومة الثقة على أساسه، تطمئنني وحدة اللبنانيين الأساس في أي مشكل يمكن أن يحصل في لبنان، إن كان من الإرهاب أو من عدوان أو غير ذلك. هناك خلافات وأنتم تعرفون موقفي. لن أقنع حزب الله ببعض الأمور ولن يقنعني في بعض الأمور. نحن كقوى سياسية وكدولة وكحكومة نقوم بواجبنا، لن نضع البلد في مكان آخر. لذلك أردت أن آتي إلى هنا لكي أؤكد أن هذه الدولة وهذه الحكومة مع فخامة الرئيس مسؤولة عن الحفاظ على القرار 1701 وعلى تطبيقه. وآن الأوان أيضاً إن تفهم إسرائيل ضرورة الانتقال إلى وقف إطلاق نار، فمنذ 11 سنة ونحن على الموال نفسه، والحمد لله لم يحصل شيء. علينا أن نصل إلى وقف إطلاق نار. وفي الاجتماعات الدورية التي تحصل، أوضح لبنان بالأمس بكل وضوح موقفه وقال هذه الخلافات التي لدينا معكم، تفضلوا قولوا ماذا لديكم لكي نصل إلى وقف إطلاق النار. لا يجوز أن يبقى لبنان في هذا الطريق لأن علينا أن نطمئن أهلنا في كل لبنان بأن ينتهي هذا الموضوع، ونستعيد شبعا والغجر ونحدد حدودنا وننتهي من هذا الأمر».

ودوّن الحريري في سجل الشرف كلمة شكر باسم لبنان لـ «يونيفيل وكل الدول المشاركة فيها على دورها في إبقاء حدودنا الجنوبية سالمة وآمنة».

جولة على الخط الأزرق واستراحة

ثم انتقل إلى موقع الجيش اللبناني في اللبونة في خراج بلدة علما الشعب مروراً بالخط الأزرق، يرافقه الصراف والعماد عون. ولدى وصوله كان في استقباله قائد اللواء الخامس الذي ينتشر في المنطقة العميد رينيه حبشي، حيث استمع إلى شرح مفصل عن مهمات الجيش في تلك المنطقة.

ثم اجتمع الوفد مع الضباط فـي الموقع. وتفقد الثلاثة موقع النمر، حيث يوجد أقرب موقع إسرائيلي عند الحدود اللبنانية - الفلسطينية.

وفي الثالثة والنصف بعد الظهر انتقل الحريري براً إلى استراحة صور تلبية لدعوة وزير المال علي حسن خليل إلى مأدبة غداء أقامها على شرفه، حضرها الصراف ووزير الشباب والرياضة محمد فنيش (حزب الله) والعماد عون والنائبان علي خريس وعبد المجيد صالح، مفتي صور وجبل عامل الجعفري حسن عبدالله، ومفتي صور مدرار حبال والمطارنة نبيل الحاج، الياس كفوري ومخايل أبرص، وقيادات أمنية وعسكرية ورؤساء بلديات.

ولدى عودة الحريري الى بيروت، زاره في السراي الكبيرة السيناتور الديموقراطي في الكونغرس مايكل بانيت على رأس وفد ترافقه السفيرة الاميركية لدى لبنان اليزابيث ريتشارد.

ردود فعل

وكانت جولة «حزب الله» تفاعلت ليل أول من أمس، واعتبر «تيار المستقبل» أن الحزب قدم «مشهداً استفزازياً لأكثرية اللبنانيين الذين تابعوا العراضة التي نظمها. ولم يكن غريباً أن يقف جيش العدو الإسرائيلي موقف المتفرج، وربما المرحب بتنظيمها، بصفتها دليلاً مضافاً من الأدلة التي يتمناها، على غياب الدولة اللبنانية وسلطاتها عن مسؤولياتها في المناطق الحدودية».

ورأى «ألتيار» أن هذه التحركات «المرفوضة وظيفتها الفعلية الإعلان عن وجود جهة تعلو سلطتها على سلطة الدولة ومؤسساتها الشرعية»، مؤكداً «التزام الدولة بكل مكوناتها الشرعية السياسية والعسكرية القرار ١٧٠١، الضامن الأساس لسلامة الأوضاع في المناطق الحدودية، وخلاف ذلك يقع في نطاق الخروج على الدولة خدمة لأجندات خاصة داخلية أو خارجية».

وتساءلت الهيئة المركزية في «14 آذار- مستمرون» عن «موقف رئيس الجمهورية من الخرق الفاضح لصلاحياته الدستورية باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهل هو الذي أعطى الأمر لحزب الله بالقيام بهذه العراضة؟ وما هي الخطوات التي اتخذها أو سيتخذها في إطار مشروعه لـ «استعادة» حقوق المسيحيين التي تمت مصادرتها في أوقات سابقة ومن بينها دور القائد الأعلى للقوات المسلحة؟». ورأت أن «حزب الله يمعن في توريط لبنان واللبنانيين في المزيد من المواجهات مع المجتمع الدولي تنفيذاً للاستراتيجية الإيرانية الهادفة إلى إخراج لبنان من مظلة الشرعيتين العربية والدولية وإلحاقه بالهلال الإيراني».



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة