الأربعاء ٢٤ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ٢٩, ٢٠٢٠
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
الجزائر

الملف: دستور
«مجتمع السلم» يطلق «لا» ضد استفتاء الدستور الجزائري
محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على «تسيير القضاء بالأوامر»
الجزائر: بوعلام غمراسة
بينما أعلنت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية الجزائرية بدء حملة للدعوة إلى التصويت بـ«لا» على الدستور الجديد، الذي سيعرض على الاستفتاء في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، صرَح رئيس هيئة تنظيم الانتخابات محمد شرفي بأن حملة الترويج للمشاركة في الاستفتاء ستنطلق في السابع من الشهر المقبل.

وأكد عبد الرزاق مقري رئيس «مجتمع السلم»، أمس، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة أن حزبه «لا يريد خوض حرب مع أي كان، وسيستعمل الوسائل السلمية المتاحة لديه لشرح موقفه من الدستور»، بخصوص إقناع الناخبين برفض التعديلات الدستورية، التي قال عنها إنها «لا تراعي هوية وقيم الشعب الجزائري، ولا تستجيب لمطلب التغيير الذي أراده الحراك الشعبي». ولمّح مقري إلى أن «حملة التصويت بـلا» على الدستور ستعتمد بشكل أساسي على وسائط التواصل الاجتماعي، وتواصل مناضلي الحزب مع الناخبين في الميدان، «طالما أن وسائل الإعلام الحكومية والخاصة أيضاً، لن تكون متاحة لأصحاب الموقف غير الإيجابي من الدستور»، حسبه. مبرزاً أنه «يتفهم الضغط الشديد الذي تواجهه وسائل الإعلام من طرف السلطة، ولذلك فنحن لا نلومها».

ووصف مقري دستور الرئيس عبد المجيد تبون بأنه «غير توافقي، بدءاً بطبيعة اللجنة التي صاغته، والتي كانت من تيار واحد (علماني)، زيادة على أن الكثير من المواد التي يتضمنها فرضها تيار معروف»، وذكر منها قضية الهوية بوضع اللغة العربية في نفس الدرجة مع اللغة الأمازيغية، وحديث الدستور عن إبعاد المدرسة عن الآيديولوجيات، التي يرى مقري أنها «معادية للقيم الإسلامية المتجذرة في المجتمع الجزائري». مشيراً إلى أن الدستور «وضع لمسات علمانية على مؤسسة المسجد، فهو يمنع الإمام من الخوض في الشأن العام كالخيارات المالية التي تتجه إليها الحكومة، والتي يمكن أن تتسم بالربا».

كما أظهر مقري اعتراضاً على «الصلاحيات المضخمة» للرئيس في الدستور، «وهي موروثة من عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة»، وذكر منها كونه رئيس «المجلس الأعلى للقضاء»، وأنه هو من يعيّن رؤساء هيئة محاربة الفساد، وكل آليات الرقابة على المال العام، كما أنه هو أيضاً من يعين رئيس «المحكمة الدستورية»، التي استحدثها التعديل الدستوري، زيادة على رئيس «السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات».

وبحسب مقري فإن الجزائر «أخفقت في تحقيق التوافق بين أبنائها بمناسبة الدستور الجديد، فقد تمنّينا ألا نضيّع الفرصة مجدداً بأن نضع دستوراً لكل الجزائريين، لأننا لا نريد العداوة ولا الصراع، لكن للأسف... النظام السياسي أراد غير هذا». وفي السياق نفسه، ذكر رئيس «لجنة الانتخابات» محمد شرفي للإذاعة الحكومية، أمس، أن التجمعات الشعبية خلال الحملة الانتخابية للدستور «لن تكون بالنظر إلى الظرف الصحي الذي تمر به البلاد»؛ في إشارة إلى أزمة كورونا التي عرفت تراجعا من حيث عدد الوفيات والإصابات مقارنة بالأشهر الماضية. وتحدث شرفي عن «خصوصية» الاستفتاء، الذي لا يكتسي، حسبه، منافسة بين مترشحين وأحزاب، داعياً إلى «تركيز الحملة على جانب تحسيس الناخب للقيام بواجب المواطنة، وشرح مضمون مشروع الدستور».

ويبدي رافضو الدستور خوفاً من منعهم من خوض حملة ميدانية لشرح مبررات موقفهم. ودأبت الحكومة خلال المواعيد الانتخابية على الحيلولة دون تمكين مقاطعي الاستحقاقات من الترويج لآرائهم، وبلغ الأمر حدَ اعتقال بعضهم في «تشريعيات» 2017.

وأكد شرفي أن 160 ألف شخص، تابعون للهيئة التي يرأسها، سيشرفون على تأطير عملية التصويت. وتحصي وزارة الداخلية 55 ألف مكتب اقتراع في كامل مناطق البلاد.

محامو الجزائر يضربون احتجاجاً على «تسيير القضاء بالأوامر»
رفعوا شعارات الحراك الشعبي خلال مظاهرة

الاثنين 28 سبتمبر 2020 
رفع عشرات المحامين الجزائريين، خلال مظاهرة أمس أمام مدخل محكمة الاستئناف بالعاصمة، شعارات تقول «دولة مدنية ماشي (ليست) عسكرية» و«الشعب يريد قضاء مستقلا»، وذلك تعبيرا عن احتجاج حاد على «إهانة» رئيس نقابتهم عبد المجيد سليني، الذي أغمي عليه داخل المحكمة، إثر ملاسنة حادة مع قاض خلال محاكمة رجل أعمال بارز.

وتجمَع المحتجون فوق سلالم محكمة الاستئناف، مؤكدين تقيدهم بقرار اتخذته «منظمة محامي ناحية الجزائر العاصمة»، يوم الجمعة الماضي، يرتبط بتعليق المرافعات في المحاكم الست بالعاصمة لمدة أسبوع. ولقي الإضراب دعما من عدد كبير من المحامين في بقية الولايات، حيث توقف نشاط المحاكم نهائيا.

ودامت المظاهرة ساعات طويلة، صاح المحتجون خلالها مطالبين بـ«احترام حق الجزائريين في الدفاع»، وانتقدوا «القضاة الخاضعين للأوامر الصادرة إليهم عن طريق الهاتف»، في إشارة ضمنا، إلى أحكام قاسية بالسجن، بحق نشطاء الحراك ومناضلين سياسيين وصحافيين، يعتبرون خصوما للسلطة السياسية، وأبرزهم الصحافي مراقب «مراسلون بلا حدود»، خالد درارني الذي حكم عليه بالسجن النافذ لعامين، بسبب نشاطه الإعلامي في إطار تغطية الحراك الشعبي المتوقف منذ قرابة أشهر، بسبب أزمة كورونا.

كما رفع المحتجون شعارات، تداولها الآلاف خلال مظاهرات الحراك طوال عام 2019. منها «لا زلنا لا زلنا ثوَار» و«بركات بركات (ضقنا ذرعا) بقضاء التعليمات»، و«نريد دولة مدنية لا عسكرية»، وهو شعار مزعج كثيرا لمؤسسة الجيش، كان سببا في سجن عدد كبير من النشطاء العام الماضي، اتهموا بـ«إضعاف معنويات الجيش». ويعكس هذا الشعار، في نظر الكثيرين، «سطوة العسكر على المدنيين في السلطة».

ويعود سبب الاحتجاج، إلى رفض قاض بمحكمة الاستئناف طلب سليني تأجيل محاكمة رجل الأعمال المعروف مراد عولمي، الذي رافع لصالحه الخميس الماضي. واحتج المحامي بحدَة على رئيس جلسة المحاكمة، الذي أمر رجال الشرطة بطرده فوقع سليني مغشيا عليه ونقل إلى المستشفى، بحسب رواية محامين. وتعد الحادثة، حسب المحامين الغاضبين، «بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس»، على أساس أن الدفاع حسبهم، «يواجه منذ سنوات طويلة قضاة غير مستقلين» بشأن الأحكام والقرارات التي ينطقون بها، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بمحاكمة سياسيين.

ويوجد في السجن، منذ قرابة 30 عاما، أكثر من 100 ناشط إسلامي دانهم القضاء مطلع تسعينيات القرن الماضي بأحكام ثقيلة، بسبب انتمائهم إلى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. ويقول محاموهم إنهم مساجين سياسيون «عاقبتهم السلطة بسبب مواقفهم السياسية»، وأغلبهم اتهم بالإرهاب على إثر تدخل الجيش لمنع «جبهة الإنقاذ» من الوصول إلى البرلمان، بعد فوز حققته في انتخابات نهاية 1991 الشهيرة.

من جهته، كتب رئيس نقابة القضاة يسعد مبروك، بحسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص الحادثة، فقال إن نقيب محامي العاصمة، عبد المجيد سليني، طلب مساء الخميس الماضي، تأجيل محاكمة رجل الأعمال ليوم السبت «بسبب التعب وضمانا لمحاكمة عادلة وهو ما تم رفضه من محكمة الاستئناف، التي قررت مواصلة المرافعات مما أثار غضب النقيب الذي بدأ بالصراخ وغادر القاعة رفقة بعض المحامين. وفي البهو تصادم مع عون مؤسسة وقاية موظف بالسجن واتهمه بأنه يتجسس عليه. وعند عودته للقاعة ركل الباب بعنف مخاطبا رئيس الجلسة بقوله: ترغبون في مواصلة الجلسة... سيكون ذلك على جثتي. حينها خاطبه الرئيس بأنه محام وعليه التقيد بواجب احترام المحكمة، والحفاظ على حسن سير الجلسة وإلا فإن الرئيس سيكون مضطرا لتطبيق القانون لفرض ما يجب أن يكون».

أنباء عن تعديل حكومي «عميق» بعد الاستفتاء على الدستور
ترقب إقالة وزراء بسبب فشلهم في تسيير قطاعات حساسة

الأحد 27 سبتمبر 2020 
يتوقع مراقبون بالجزائر إحداث تغيير عميق على التشكيل الحكومي، بعد الاستفتاء على تعديل الدستور، المقرر في فاتح نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، الذي يرتقب أن يكون بمثابة رهان شخصي للرئيس عبد المجيد تبون لقياس مدى «شعبيته» بعد انتخابه نهاية العام الماضي، وسط مقاطعة شاملة لمنطقة القبائل الأمازيغية، ورفض حاد للاستحقاق من طرف الحراك الشعبي.

وتشير تكهنات داخل الأوساط السياسية إلى احتفاظ تبون برئيس الوزراء عبد العزيز جراد، على الأقل إلى غاية تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة متوقعة في الثلاثي الأول من العام المقبل. فيما يجري حديث عن الاستغناء عن وزراء «أثبتوا فشلاً في تسيير قطاعاتهم»، حيث تحملهم السلطة أزمات مرتبطة بالعيش اليومي للمواطنين، كانقطاع المياه الصالحة للشرب، ومشاكل في السيولة النقدية في مراكز البريد، المستمرة منذ شهور، والتي حالت دون تسلم الملايين أجورهم ومعاشاتهم، زيادة على اضطرابات متكررة في شبكة الإنترنت تسببت في تعطيل عمل الشركات والهيئات الإدارية.

ومن الوزراء الذين يوجدون في «عين الإعصار»، وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية إبراهيم بومزار، ووزير الموارد المائية أرزقي براقي، ووزير المالية أيمن بن عبد الرحمن. في حين تتوفر مؤشرات عن الاحتفاظ بوزراء «محل ثقة» لدى الرئيس تبون، من بينهم وزراء الداخلية والخارجية والطاقة، كمال بلجود، وصبري بوقدوم، وعبد المجيد عطار.

ويقول مقربون من السلطة المنبثقة عن انتخابات الرئاسة، التي جرت نهاية العام الماضي، إن الدستور الذي سيعرض على الاستشارة الشعبية «سيكون بمثابة انتقال إلى جزائر جديدة». لكن أحزاب معارضة تبدي تحفظا شديدا على هذا المفهوم بسبب مضايقات تواجهها في ممارسة أنشطتها، كرفض الترخيص لعقد اجتماعاتها، واستمرار اعتقال وسجن نشطاء الحراك المطالبين بالتغيير. وهذه الأحزاب ترى أن «جزائر قمع الحريات ما زالت هي السائدة». وقد أعلنت «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض، أمس في بيان رفضها مسعى تعديل الدستور، ووصفته بـ«الانقلاب على الإرادة الشعبية».

ويعيب ملاحظون على الرئيس أنه يحمّل وزراءه أخطاء في التسيير، كانت سبباً في إثارة غضب شعبي، كانقطاع المياه والإنترنت والسيولة، في حين أنه ينبغي، حسبهم، أن يتحمل هو ما يعتبرونه «فشلاً سياسياً» في التخفيف من حدة أزمة متعددة الأوجه، منذ وصوله إلى الحكم قبل تسعة أشهر. فيما يسعى موالون له إلى البحث عن مبررات له، أهمها أن أزمة وباء كورونا «عطّلت مشروعات كانت ستترك أثراً طيباً على حياة الجزائريين، لو تم إطلاقها في وقتها».

في سياق ذلك، صرّح بوزيد لزهاري، رئيس «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» (مقرب من الحكومة)، لوكالة الأنباء الحكومية بأن التعديل الدستوري «أحدث نقلة نوعية كبيرة في مجال الحقوق والحريات، كما جعل من شعار الجزائر الجديدة، الذي حمل مطالب الحراك الشعبي الأصيل، واقعا مدسترا». وقال إن قضية حقوق الإنسان «حظيت باهتمام كبير، بدءاً من ديباجة الدستور، التي أضيفت لها فقرة جديدة تنص على تمسك الجزائر بحقوق الإنسان كما هو معمول به في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، إلى جانب التأكيد على احترام ثلاثية حقوق الإنسان، وهي السلم والتنمية». مشيراً إلى أن ديباجة الدستور الجديد «تعطي دلالات قوية على أن فلسفة الحكم في الجزائر تقوم على أساس احترام حقوق الإنسان وترقيتها».

وبحسب لزهاري فإن العديد من الحقوق التي لها صلة بمجال حقوق الإنسان «كانت موجودة سابقاً. غير أن الدستور الجديد حرص على تقويتها، ومنها التأكيد على حرية التنقل إلى خارج التراب الوطني، وتعزيز عناصر حرية الصحافة، بما في ذلك الصحافة الإلكترونية، إلى جانب تعزيز واجب الدولة تجاه الفئات، واعتماد نظام التصريح بدل الترخيص بشأن التظاهر السلمي، وإنشاء الجمعيات، وهو أمر معمول به في الكثير من الدول المتقدمة».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
انطلاق «تشريعيات» الجزائر اليوم وسط أجواء من التوتر والاعتقالات
بعد عامين من اندلاعه... ماذا تبقى من الحراك الجزائري؟
لوموند: في الجزائر.. انتخاباتٌ على خلفية القمع المكثف
انتخابات الجزائر... الإسلاميون في مواجهة {المستقلين}
انطلاق حملة انتخابات البرلمان الجزائري وسط فتور شعبي
مقالات ذات صلة
فَراغ مُجتمعي خَانق في الجزائر... هل تبادر النُخَب؟
الجزائر... السير على الرمال المتحركة
"الاستفتاء على الدستور"... هل ينقذ الجزائر من التفكّك؟
الجزائر وفرنسا وتركيا: آلام الماضي وأطماع المستقبل - حازم صاغية
الجزائر بين المطرقة والسندان - روبرت فورد
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة