السبت ٢٠ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ٢٦, ٢٠٢٠
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
لبنان
«لقاء بعبدا» يعدّ الأزمة الحالية أخطر من الحرب ودعوات لعودة لبنان إلى سياسة «النأي بالنفس»
مظاهرات رافضة لقمع الحريات تعم المناطق اللبنانية
بيروت: نذير رضا
لم يخلُ «اللقاء الوطني» الذي عُقد في قصر بعبدا أمس، من انقسامات بين صفوف الحاضرين حول قضايا جوهرية؛ أبرزها طرح مسألة «النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة من خلال الدعوة إلى «العودة الفورية» إلى «إعلان بعبدا». ولم يختلف الحاضرون على أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية ومعيشية «أخطر من الحرب»، حسبما ورد في البيان الختامي الذي لم يوافق عليه الرئيس اللبناني الأسبق ميشال سليمان، كما خرج رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط من الجلسة قبل تلاوته، بعدما قدّم مذكرة مقدمة من «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«اللقاء الديمقراطي» تشمل جميع «العناوين الأساسية التي لا بد من مقاربتها للخروج بحلول حقيقية للأزمة الراهنة».

وفي غياب أركان المعارضة المسيحية، الرئيس الأسبق أمين الجميل وحزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» و«تيار المردة»، وبمقاطعة رؤساء الحكومات السابقين وكتلة «المستقبل»، افتتح الرئيس اللبناني ميشال عون اللقاء قائلاً إن الدعوة إليه تنطلق من التفلت الأمني والتوتر الطائفي والمذهبي «غير المسبوق، وشحن النفوس، والعودة إلى لغة الحرب البائدة التي دفع لبنان ثمنها غالياً في الماضي»، وذلك «لوضع حد نهائي لهذا الانزلاق الأمني الخطير».

وإذ تحدث عن الأزمة الاقتصادية والمعيشية؛ أكد أن الإنقاذ غير ممكن «إذا ظل البعض مستسهلاً العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية، ووضع العصي في الدواليب، والتناغم مع بعض الأطراف الخارجية الساعية إلى جعل لبنان ساحة لتصفية الحسابات، وتحقيق المكاسب، عبر تجويع الناس، وترويعهم، وخنقهم اقتصادياً».

وقال عون: «أمام التحديات المصيرية التي يعيشها لبنان، وفي ظل الغليان الإقليمي والأمواج العاتية التي تضرب شواطئنا، والمخاطر التي قد تنشأ عما يعرف بـ(قانون قيصر)، فإن الوحدة حول الخيارات المصيرية ضرورة. وما هدفنا اليوم من هذا الاجتماع إلا تعزيز هذه الوحدة ومنع الانفلات».

وركز رئيس مجلس النواب نبيه بري في مداخلته على أهمية الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى أنه لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة. وعدّ بري أنه على الحكومة في المرحلة المقبلة أن تركز على الإصلاحات. وأيد دعوة الوزير السابق جبران باسيل إلى ضرورة الوصول إلى الدولة المدنية التي عدّ أنها ليست ضد الدستور، بل يمكن من خلال «دستور الطائف» تطوير الأوضاع للوصول إلى الدولة المدنية. كما أيد بري ما قاله رئيس الجمهورية حول الاستقرار الأمني والسلم الأهلي.

بدوره؛ قال رئيس الحكومة حسان دياب إن «البلد ليس بخير»، من غير أن ينفي أن الجوع يداهم المواطنين. وقال: «العلاج هو مسؤولية وطنية، وليس فقط مسؤولية حكومة جاءت على أنقاض الأزمة، وتمكنت من تخفيف الوطأة على الاحتياطي واحتواء تداعياته»، وأضاف أن هذه الحكومة «جاءت لتكشف بجرأة وشفافية أرقام الخسائر المالية المتراكمة في سياق خطة مالية إنقاذية هي الأولى في تاريخ لبنان».

ولفت إلى «أننا نمر في مرحلة مصيرية من تاريخ لبنان، وهي تحتاج منا إلى تضافر الجهود، وتقديم مصلحة البلد، وتعويم منطق الدولة، كي نتمكن من تخفيف حجم الأضرار التي قد تكون كارثية».

وأعاد سليمان طرح ملف «إعلان بعبدا» الذي تم إعلانه في يونيو (حزيران) 2012 خلال ولايته الرئاسية، ويتركز حول «النأي بالنفس» عن أزمات المنطقة، داعياً إلى تبنيه في هذه الظروف. وقال في مداخلته إن «حزب الله» ‎ نقض الاتفاق؛ «ما حال دون تنفيذ تعهدات الدولة وتسبب بعزلتها القاتلة، وبفقدان مصداقيتها وثقة الدول الصديقة وأهلنا في الانتشار والمستثمرين اللبنانيين والأجانب والمودعين والسياح بحكوماتها، ما ساهم في تراجع العملة الوطنية».

وأعلن سليمان بعد انتهاء «اللقاء الوطني» أن «لب مطالبتي يكمن بالعودة إلى (إعلان بعبدا) وأنا معترض على بيان حوار اليوم (أمس)». وأكد أنه «لا حل على المستوى الاقتصادي والأمني، إلا بالعودة إلى (إعلان بعبدا)، ولا أحد يريد أي مشكل أمني جديد في البلاد».

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل هاجم خصومه الذين قاطعوا الجلسة، وعدّ أن «من يعتقد أنّه برفضه حواراً، يعرّي حكومة أو عهداً أو مجموعة، إنمّا يعرّي لبنان من جوهر وجوده، خصوصاً إذا كان هدف الحوار منع الفتنة، من خلال الاتفاق على وقف التحريض الطائفي ووقف التلاعب بالأمن، ومن يرفض الحوار إنما يدل على نواياه بتعطيل الإنقاذ».

وكان النائب جنبلاط تحدث داخل الجلسة قبيل مغادرته، قائلاً: «لقد وضعنا تصوراتنا للإنقاذ في وثيقة سياسية اقتصادية اجتماعية معيشية فيها رؤيتنا للمبادئ الأساسية التي من الضروري التركيز عليها؛ ومنها الحفاظ على (اتفاق الطائف) وعروبة ووحدة لبنان ضد كل المحاولات الداخلية والخارجية لتقسيمه. ومن الضروري أيضاً التركيز على المعالجات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤمن العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة».

- البيان الختامي

وفي ختام «اللقاء»، صدر بيان تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي، دعا «إلى وقف جميع أنواع الحملات التحريضية التي من شأنها إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي وزعزعة الاستقرار الأمني الداخلي». ورأى المجتمعون أن لبنان «يمر بأزمة معقدة ومتفاقمة؛ سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية وصحية مستجدة»، عادّين أنها «أزمة أخطر من حرب»، و«في زمن الأزمات الكبرى علينا جميعاً أن نرتقي بالعمل السياسي إلى المستوى الوطني، متجاوزين الاعتبارات والرهانات السلطوية». كما دعا إلى السعي «لتوحيد المواقف أو تقاربنا بشأنها؛ أقلّه حول المسائل الكيانية والوجودية التي تتعلق بوحدة وطننا وديمومة دولتنا» وتندرج ضمن ذلك «معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية وتداعياتها الاجتماعية، عبر اعتماد مسار نهائي للإصلاحات البنيوية، واعتماد برنامج صندوق النقد الدولي في حال وافقنا على شروطه الإصلاحية لعدم تعارضها مع مصلحتنا وسيادتنا، وعبر مكافحة الفساد»، وعبر «التطوير الواجب اعتماده في نظامنا السياسي ليكون أكثر قابلية للحياة والإنتاج، وذلك في إطار تطبيق الدستور وتطويره لناحية سد الثغرات فيه، وتنفيذ ما لم يتحقق من (وثيقة الوفاق الوطني)».

مظاهرات رافضة لقمع الحريات تعم المناطق اللبنانية

بيروت: «الشرق الأوسط»
خرج مواطنون لبنانيون إلى الساحات أمس، في اعتصامات وتحركات سلمية، دفاعاً عن حرية التعبير، وبهدف الضغط لإطلاق سراح موقوفين شاركوا في احتجاجات سابقة، فضلاً عن تحرك شهده محيط القصر الجمهوري في بعبدا بالتزامن مع انعقاد «اللقاء الوطني».

ومنذ الصباح تجمع عدد من المحتجين على طريق بعبدا المؤدية إلى القصر الجمهوري واضعين كمامات كتب عليها علامة «x»، التزاماً بالدعوة لاعتصامات صامتة تحت عنوان: «لا ثقة».

وانقسم المحتجون على طريق بعبدا إلى مجموعتين؛ ركّزت إحداهما على المطالب الاقتصادية ومكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، فيما رفعت المجموعة الثانية شعار «حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وتنفيذ القرار الدولي رقم 1559» الذي يدعو إلى بسط سيطرة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها.

وفي العاصمة بيروت؛ نفذ عدد من المتظاهرين وقفة احتجاجية أمام قصر العدل حيث افترشوا الأرض وقطعوا الطريق، عادّين أن «قرار توقيف الناشطين وإحالتهم إلى قاضي التحقيق، قرار سياسي بامتياز». وردد المعتصمون شعارات طالبت بتوقيف السارقين ومحاكمتهم، مؤكدين أن تحركهم «قانوني»، وأن الموقوفين هم «خريجو جامعات وليسوا قطاع طرق؛ بل مدافعون عن حقوقهم وحقوق الشعب اللبناني ولقمة عيشهم». وطالب المحتجون بإطلاق سراح 21 ناشطاً كانوا قد أوقفوا خلال التحركات الاحتجاجية الأخيرة.

وحدثت مواجهات بين المتظاهرين أمام قصر العدل والقوى الأمنية المولجة حماية المكان، ما أدى إلى سقوط جريح من المتظاهرين نتيجة تدافع بينهم وبين القوى الأمنية. وحاول أحد المحتجين أمام قصر العدل إحراق نفسه، ما أثار حالة من الهلع بين صفوف المحتجين، وحضرت فرقة من الصليب الأحمر اللبناني إلى المكان لإسعافه وسط تدافع بين المتظاهرين والقوى الأمنية.

وفي الوقت الذي أكّد فيه البيان الختامي لـ«اللقاء الوطني» على أن «حرية التعبير مصانة في الدستور على أن تمارس بحدود القانون الذي يجرم التحقير والشتيمة»، شهدت «ساحة سمير قصير» في بيروت وقفة احتجاجية رفضاً للتوقيفات والاستدعاءات التعسفية بحق الناشطين والإعلاميين، وتنديداً بقمع الحريات الإعلامية. وأكّد المحتجون أن الصحافيين ليسوا مكسر عصا، محملين السلطة وأركانها مسؤولية أي اعتداء على أي وسيلة إعلامية.

وشهدت مدينة صيدا في الجنوب مظاهرات، ونفذت «جمعية تجار صيدا وضواحيها» اعتصاماً عند مدخل السوق التجارية احتجاجاً على ارتفاع سعر الدولار وتردي الأوضاع المعيشية، كما قام التجار بإغلاق متاجرهم منذ الصباح؛ ومنهم من قرر الإقفال حتى إشعار آخر.

وفي مدينة صور، قطع عدد من الأهالي والشبان بالإطارات المشتعلة الطريق العامة عند مدخل المدينة مقابل مركز شركة الكهرباء، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع سعر صرف الدولار. وعملت القوى الأمنية والجيش على إعادة فتح الطريق. وللأسباب نفسها؛ قطع محتجون طريق المصنع - راشيا ببلدة عيتا الفخار (في البقاع) بشكل كامل.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة