الجمعه ٢٩ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ١٦, ٢٠٢٠
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
تونس

الملف: فساد
الحكومة التونسية تحقق مع «مسؤولين نافذين» بتهمة «الاحتيال»
احتجاجات اجتماعية ضد نقص مواد أساسية مدعومة من الدولة
تونس: المنجي السعيداني
باشرت الحكومة التونسية تحقيقات بالجملة ضد عشرة مسؤولين في الدولة، من بينهم رؤساء بلديات ومعتمدون، ومسؤولون حكوميون في المناطق الريفية في ثماني ولايات (محافظات) على الأقل، بتهمة «التلاعب بأموال الدولة المخصصة للإعانات، والمنح الموجهة للعائلات الفقيرة، إضافة إلى التلاعب في مبالغ مالية قدمت لدعم المستشفيات ومساعدتها على مواجهة وباء (كورونا) المستجد».

وتلاحق الحكومة نحو أربعة آلاف موظف، استولوا على مساعدات كانت موجهة للأسر الفقيرة، بعد استغلالهم ثغرة في قوائم المنتفعين بحوالات مالية، لمواجهة ومكافحة فيروس «كورونا». وجاء ذلك بعد أن وجهت منظمات حقوقية، على غرار منظمة «أنا يقظ»، و«هيئة مكافحة الفساد»، وهي هيئة دستورية، قوائم بأسماء المتهمين إلى رئاسة الحكومة، لاتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم.

وفي السياق نفسه، أعلنت الحكومة عن إقالة والي (محافظ) مدينة سوسة (وسط شرقي)، نتيجة فشله في إدارة أزمة جائحة «كورونا»؛ حيث أضحت سوسة من المناطق الأكثر تأثراً بانتشار هذا الوباء القاتل، بعد تسجيل 64 إصابة وخمس وفيات، وقد تم تعويضه برجاء الطرابلسي التي تشغل المنصب نفسه في ولاية منوبة، والتي أصبحت بذلك أول امرأة يتم تعيينها على رأس السلطة الجهوية في ولاية سوسة.

وفي هذا السياق، تشير معطيات إلى أن «فضيحة» تهريب رجل أعمال تونسي وزوجته من الحجر الصحي، بعد الكشف عن إصابتهما بفيروس «كورونا» من فندق بمحافظة سوسة، وتورط إطار أمني وسياسيين في التغاضي عن عملية التهريب، ساعدت في الإسراع بإقالة أعلى مسؤول حكومي في مدينة سوسة، ذات الوزن الاقتصادي والسياسي المهم. وقد خلَّفت هذه الحادثة التي وقعت في 22 من مارس (آذار) الماضي، وتورط مسؤول أمني وسياسيين فيها، استياءً شعبياً كبيراً، مما دفع قيادات سياسية معارضة إلى الاحتجاج، تعبيراً عن رفضها خرق القانون، وضرورة تطبيقه على الجميع.

ويرأس محافظ الجهة لجنة مجابهة الكوارث، وهو أيضاً رئيس الخلية الحكومية المتابعة لانتشار وباء «كورونا»، والمسؤول الأول عن عملية إخضاع العائدين من الخارج إلى الحجر الصحي الإجباري، ولذلك وقع تحميله مسؤولية تهريب رجل الأعمال وزوجته.

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في الرابع من الشهر الحالي إقالة 3 معتمدين بمحافظات الكاف ومنوبة وسليانة، وقالت إن هشام المشيشي، وزير الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ، قرر إعفاء هؤلاء المسؤولين الحكوميين بسبب سوء إدارتهم لأزمة «كورونا» على المستوى المحلي، سواء من خلال تجاهل تنفيذ الحجر الصحي وحظر الجولان، أو سوء توزيع المواد الغذائية المدعومة من قبل الحكومة على مستحقيها.

من ناحية أخرى، شهدت منطقة حاسي الفريد الحدودية، التابعة لمحافظة القصرين (وسط غربي) موجة من الاحتجاجات الاجتماعية ضد نقص مادة السميد، المدعومة من الحكومة، وغياب التزويد بعدة مواد أساسية أخرى منذ انطلاق الحجر الصحي العام، وحظر التجوال في تونس.

وطالب المحتجون بتدخل السلطات على مستوى وزارة التجارة والمحافظة بشكل عاجل، من أجل توفير المواد الناقصة، ومن المنتظر أن تسعى السلطات الجهوية إلى نزع فتيل الاحتجاجات بالانطلاق في توزيع عدة مواد أساسية، بالاعتماد على عناصر الجيش، خشية انفلات اجتماعي يقوض جهود الحكومة في تطبيق الحجر الصحي.

نقابة العمال ترفض قرارات الحكومة لـ «تقليص الإنفاق»
مخاوف من عودة الاحتجاجات في حال المساس برواتب الموظفين

الأربعاء 15 أبريل 2020 
كشف «الاتحاد التونسي للشغل»، كبرى نقابات العمال في تونس، عن رفضه سياسة حكومة إلياس الفخفاخ الرامية إلى «الضغط على المصاريف وتقليص النفقات والإنفاق العمومي ونظام التأجير»، مشددا على ضرورة احترام الحقوق المكتسبة للموظفين العموميين وأجراء القطاع العام، وعلى سحب مقترحات الحكومة المتعلقة بتأجيل الانتدابات المبرمجة خلال السنة الحالية في الوظيفة العمومية، مع النظر في إمكانية تأجيل انتدابات السنة المقبلة، علاوة على إرجاء برنامج الترقيات المهنية لسنتي 2020 و2021، وترشيد إسناد مِنح الإنتاج وربطها بالأداء الفعلي للموظفين، والتراجع عن منح الساعات الإضافية للسنة الحالية.

وقال نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، إن الأولوية بالنسبة للطرف النقابي خلال هذه الفترة «ضمان أجور العاملين في القطاع الخاص لشهر أبريل (نيسان) الحالي، إثر توقف النشاط الاقتصادي»، وذلك بعد التأكد من أن الحكومة لم تتخذ قرارا بالاقتطاع من أجور موظفي القطاع العام. ومن المنتظر عقد اجتماع ثلاثي، يشمل وزارة الشؤون الاجتماعية (الطرف الحكومي) واتحاد الشغل (نقابة العمال)، واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال) بهدف متابعة الوضع الاجتماعي في القطاع الخاص عن كثب.

من جهته قال سامي الطاهري، المتحدث باسم نقابة العمال، إن أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد «عبروا عن قلقهم الشديد إزاء الوضع الهش، الذي يعيشه عمال القطاع الخاص، سواء فيما يتعلق بظروف عملهم، أو بضمان سلامتهم، أو فيما يتعلق بأجورهم». مبرزا أن الاتحاد «وبقدر حرصه على ديمومة المؤسسات، وعمله على خروجها من الأزمة الحالية، فإنه يؤكد على وجوب ضمان أجور العمال». داعيا الدولة إلى المساهمة في ذلك بما يخفف الأعباء عن العمال، ويحد من خطر تعرضهم للبطالة.

وكان الطاهري قد أكد في تصريح سابق أن «توقف عدد كبير من الموظفين عن العمل ليس امتناعا من جانبهم، ولم يكن برغبتهم، بل فرضته القوة القاهرة». في إشارة إلى وباء «كورونا»، وهو ما قد يخلق توترات إضافية بين الحكومة والطرف النقابي، إذا ما اتخذت الحكومة قرارا بتقليص أجور الموظفين، أو التراجع عن حقوقهم المهنية.

ودعا الطرف النقابي إلى تجنب خضوع قرار رفع الحجر العام للضغوط، وأن يتم فقط اتباع رأي الجهات الصحية المختصة، مع ضرورة الإعداد مسبقا لهذه المرحلة الجديدة، من حيث التدرج والتوقي والحماية والضمانات الاجتماعية.

وانتقد الطاهري «التصريحات الاستفزازية»، التي أدلى بها بعض أصحاب المؤسسات الصناعية والصحية الخاصة تجاه الموظفين والعمال وعموم التونسيين، وقال في بيان إنها «تؤكد غربة هؤلاء وبعدهم عن الوعي بالمصلحة العامة، في وقت تعيش فيه البلاد حاجة ماسة إلى تكاتف الجهود وتقاسم التضحيات».

وفي هذا الشأن، قال ناجي العباسي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن النبرة التي تحدث بها الطرف النقابي «تخفي رفضا لسياسة الحكومة، وقد يلجأ إلى الصدام والاحتجاجات الاجتماعية، في حال تم تنفيذ إجراءات تمس ما يعتبره حقوقا مكتسبة للموظفين والعمال».

وتوقع العباسي أن تلجأ جميع الأطراف الاجتماعية إلى الحوار لتجاوز الخلافات، على اعتبار أن الصدام في مثل هذه الظروف لا يخدم أي طرف.

في غضون ذلك، أصدرت الحكومة إثر عقد اجتماع لمجلس الوزراء، 12 مرسوما حكوميا، في إطار تطبيق القانون المتعلق بتفويض البرلمان لرئيس الحكومة بإصدار المراسيم، واختصار الآجال لتسريع تنفيذ إجراءات مكافحة انتشار فيروس «كورونا».

ومن بين هذه المراسيم مرسوم يتعلق بسن إجراءات جبائية ومالية للتخفيف من حدة تداعيات «كورونا»، وإحداث مساهمة ظرفية استثنائية لفائدة ميزانية الدولة. علاوة على إجراءات اجتماعية استثنائية وظرفية لمرافقة المؤسسات، والإحاطة بأجرائها المتضررين من تداعيات تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل، وهي مراسيم من المنتظر أن تترك جدلا كبيرا، خاصة مع الطرف النقابي الذي أبدى تحفظات عدة تجاه السياسة المنتظرة من الحكومة.

خطة طوارئ عسكرية بعد تقدّم حكومة السراج في غرب ليبيا
الأربعاء 15 أبريل 2020 
تونس: كمال بن يونس

كشفت مصادر رسمية تونسية لـ«الشرق الأوسط»، بعد إعلان حكومة فايز «الوفاق» الليبية سيطرتها على كامل غرب ليبيا، وخاصة على مدينتي صبراتة وصرمان، أن القوات العسكرية التونسية عززت قواتها على الحدود مع ليبيا برا وبحرا.

وأعلنت وزارة الدفاع التونسية في بلاغ رسمي، أمس، أن «التشكيلات العسكريّة تتابع الوضع الأمني في المناطق الليبية، المتاخمة للحدود التونسية البريّة والبحرية، مع التحلّي بأعلى درجات اليقظة، والاستعداد لكل التحركات المشبوهة». مبرزا أن القوات المسلحة التونسية «مستعدة للمواجهة الصارمة لكل طارئ، بالتعاون الوثيق مع قوات الأمن والحرس الوطنيين والجمارك».

وقال رشاد بالطيب، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، التابعة لرئاسة الحكومة التونسية، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الأمن والجيش الوطني تراقب عن قرب التطورات على حدود البلاد الشرقية الجنوبية مع ليبيا، وهي في حالة استعداد كامل للتحرك بنجاعة، والتصدي لكل سيناريوهات هروب إرهابيين، أو مسلحين من بؤر القتال في ليبيا، إلى التراب الوطني برا أو بحرا».

من جهته، أوضح رفيق الشلي، رئيس المركز التونسي لدراسة الأمن الشامل ووزير الدولة للأمن سابقا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الأمن والجيش عززت منذ فترة مواقعها في الجنوب التونسي والمناطق الحدودية لضمان أمن البلاد، واستبعاد كل سيناريوهات تسلل عناصر من الميليشيات المسلحة الى تونس.

وأوضح الشلي، الذي شغل سابقا منصب قنصل عام لتونس في ليبيا لمدة خمس أعوام، أن المعطيات الميدانية كانت توحي قبل أسابيع «بسيطرة قوات حفتر على مواقع مهمة، قرب البوابة البرية التونسية - الليبية في رأس الجدير، لكن يبدو أن ميزان القوى تغير نتيجة تدخل أطراف أجنبية في القتال، ومن بينها تركيا».

ولم يستبعد الشلي أن تتغير المعطيات ميدانيا مجددا لصالح «الجيش الوطني» الليبي. لكنه اعتبر أن الأهم هو «التصدي بقوة لسيناريو المس بالأمن الداخلي في تونس».

في نفس السياق، حذر اللواء محمد المؤدب، المدير العام السابق للأمن العسكري وللجمارك التونسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من سيناريو تعقد الحرب الأهلية في ليبيا مستقبلا، لكنه توقع عدم انخراط رجال السياسة في تونس مجددا في «الخلافات الليبية - الليبية»، ودعا إلى مزيد من اليقظة في مواجهة عصابات تهريب السلع، والأسلحة والمجموعات الإرهابية، التي قد تستغل انشغال العالم بالحرب على وباء «كورونا» من أجل تشجيع التهريب، وإرباك الأوضاع الأمنية والاقتصادية أكثر في بلدان شمال أفريقيا، وبقية دول المنطقة.

بدوره، حذر الحبيب بن يحيى، وزير خارجية تونس سابقا، والأمين العام السابق لاتحاد دول المغرب العربي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من «التعقيدات الأمنية والعسكرية والاقتصادية غير السارة» في ليبيا، ومن مضاعفاتها الاقتصادية والسياسية والأمنية على تونس. معتبرا أن «كل مؤشرات الأمن والاستقرار والتنمية في تونس رهينة باستتباب الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي في جارتيها ليبيا والجزائر»، ومسجلا أن «بعض الأطراف قد تستغل انشغال العالم بوباء (كورونا) لخلط الأوراق في الدول العربية، التي تعاني منذ مدة من النزاعات المسلحة، وبينها الشقيقة ليبيا».

من جانبه، اعتبر الأميرال كمال العكروت، مستشار الأمن القومي في رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، أن تونس «ما زالت عرضة لخطر هجمات الإرهابيين الذين يفرون من ليبيا، وبينهم محسوبون على (جماعات الإسلام السياسي) داخل ليبيا وفي المنطقة». وتوقع أن تستفيد المجموعات الإرهابية من «فشل السياسيين الفاسدين»، وتزايد الغضب الشعبي على السلطات، في مرحلة تنامي فيها تأثير «الصحوة الدينية المغشوشة، التي أدت إلى تراجع البعد المعرفي لدى الشباب، الذي انسدت أمامه الآفاق المهنية والسياسية والثقافية».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
احتجاجات ليلية قرب العاصمة التونسية ضد انتهاكات الشرطة
البرلمان التونسي يسائل 6 وزراء من حكومة المشيشي
البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»
الولايات المتحدة تؤكد «دعمها القوي» لتونس وحزب معارض يدعو الحكومة إلى الاستقالة
«النهضة» تؤيد مبادرة «اتحاد الشغل» لحل الأزمة في تونس
مقالات ذات صلة
أحزاب تونسية تهدد بالنزول إلى الشارع لحل الخلافات السياسية
لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟ - حازم صاغية
محكمة المحاسبات التونسية والتمويل الأجنبي للأحزاب...
"الديموقراطية الناشئة" تحتاج نفساً جديداً... هل خرجت "ثورة" تونس عن أهدافها؟
حركة آكال... الحزب الأمازيغيّ الأوّل في تونس
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة