الخميس ٢٥ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ٤, ٢٠١٨
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
العراق
إجماع سياسي نادر في العراق بمباركة أميركية وإيرانية غوتيريس يأمل في تأليف حكومة "شاملة" سريعاً
موناليزا فريحة 
بعد خمسة أشهر من التجاذبات السياسية الداخلية، ارتفع دخان أبيض كثيف في العراق مع انتخاب السياسي الكردي المخضرم برهم صالح رئيساً وتكليفه بعد ذلك بساعات عادل عبد المهدي تشكيل حكومة، في خطوتين حظيتا باجماع سياسي عراقي للمرة الاولى ربما منذ اطاحة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. ومع ذلك، يبقى الرهان الاكبر تشكيل حكومة تواجه التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد بعد حرب ضد "داعش "خلفت أضراراً بمليارات الدولارات، وهجرت ملايين العراقيين وزادت الضغط على الاقتصاد الذي يعتمد خصوصاً على النفط.

وأنهى العراق جموداً سياسياً استمر أشهراً منذ الانتخابات العامة غير الحاسمة في أيار الماضي. فمع أن منصب الرئيس الذي يشغله عادة كردي، هو شرفي الى حد كبير، الا أن هذا التصويت كان خطوة رئيسية قبل تشكيل حكومة جديدة.

ويعتبر صالح، الحائز شهادة في هندسة الكومبيوتر من جامعات بريطانية،الشخصية الكردية الأكثر قبولاً في بغداد، وسبق له أن شغل مناصب عليا عدة، وإن يكن محور خلاف بين الأكراد المنقسمين، بعد عام من استفتاء على الاستقلال ادى الى تداعيات كارثية.

وأمكن انتخابه رئيساً للعراق بعدما فاز بـ 219 صوتاً على منافسه فؤاد حسين، الرئيس السابق لديوان رئاسة كردستان العراق والمدعوم من مسعود البارزاني، والذي لم يحصل الا على 22 صوتاً، مما يشير إلى دعم ساحق في البرلمان للسياسات التصالحية التي يعرف بها هذا السياسي الكردي.

ويمكن لصالح البالغ من العمر 58 عاما أن يتباهى بسيرة سياسية طويلة، سواء في إقليم كردستان ذات الحكم الذاتي منذ عام 1991، أم في قلب السلطات الاتحادية بعيد سقوط نظام صدام حسين.

في أول كلماته بعد أداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب الذي كان رفض مشروع الاستفتاء الكردي، قال صالح إن مهمته هي "الحفاظ على وحدة العراق".

ومع أن الدستور يعطي الرئيس مهلة 15 يوماً لاختيار رئيس للوزراء، سارع خلال ساعتين الى تسمية عبدالمهدي، الذي لا ينتمي إلى حزب، لتشكيل حكومة، في خطوة عكست تسوية بين الفائزين في الانتخابات العامة التي أجريت أيار والتي حل فيها تكتل "سائرون" بقيادة القيادي الشيعي مقتدى الصدر أولاً وتكتل "الفتح" بقيادة هادي العامري ثانياً.

ونسبت صحيفة "واشنطن بوست" الى نائب عراقي شارك في المفاوضات قوله إن عبدالمهدي حظي أيضاً بدعم نواب أكراد، وسنة ووافق عليه المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني.

الواضح أن عبدالمهدي يحظى بتوافق عريض على رغم عدم انتمائه إلى أي حزب. وقال الناطق السابق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ لـ"النهار" إن اختياره يكاد يكون إجماعا نادراً من طرفي صراع على تشكيل الكتلة الكبرى، وانتقال سلس لأول مرة لرئاسة الوزراء في العراق بعد ثلاث حكومات ولدت كلها بعمليات قيصرية عسيرة. وأشار أيضاً الى أنها المرة الاولى في تاريخ العراق الحديث يهنئ رئيس الوزراء السابق خلفه، و"هذا يوحي بأن هناك فرصة حقيقية لبداية تحقيق حكم رشيد يفتقده العراق بعد فشل متواصل بإعطاء أمل للعراقيين الذين يتوقعون الكثير".

ولا ينتمي عبد المهدي (76 سنة) الى أي تكتل سياسي الا أنه ذو باع طويل في السياسة العراقية، كشخصية مستقلة قادرة على مسك العصا من الوسط في العلاقة بين الأطراف الداخلية والخارجية الحاضرة بقوة على الساحة السياسية العراقية.

وعن هذا الامر، يؤكد الدباغ إن رجل الاقتصاد والسياسي العتيق سيعتمد على خبرته للحفاظ على الثقة بادارته، وخصوصاً أن ليس وراءه حزب يتكئ عليه إذا فشل كما كان يحدث سابقاً.

ولكن ثمة من يرى أن عدم انتمائه الى حزب قد يجعل مهمته أكثر صعوبة.

ويقول الباحث مصطفى حبيب أن مهدي هو الشخص الوحيد الذي يتمتع بمواصفات رئيس وزراء نظراً الى الوضع العراقي المعقد، الا أن عدم انتمائه الى أي حزب يوفر له السلطة داخل البرلمان، قد يشكل عائقاً له ويضطره الى تقديم تنازلات اذا هددته الكتل الكبيرة بسحب الثقة منه .

وأمام عبدالمهدي 30 يوماً بحسب الدستور العراقي لتأليف حكومة وعرضها على البرلمان للحصول على الثقة. وسيكون عليه أن يشكل حكومته بالتعاون مع شخصيات سبق له عمل معها في الماضي. وهو سيلتقي حتماً هادي العامري، القيادي القوي لـ"منظمة بدر" المقربة من إيران، وزعيم تحالف "الفتح" الذي حل ثانيا في الانتخابات التشريعية. ففي الثمانينيات والتسعينيات، كانا معاً في المجلس الأعلى الإسلامي، معارضين لنظام صدام حسين.

وسيتعاون عبد المهدي أيضا مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي كاد أن يكون مكانه عام 2010.

كذلك سيكون عليه التعاون خصوصاً مع الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر الذي لم يتوان عن إبرام تحالفات وكسر أخرى منذ حل ائتلافه أولا في الانتخابات التشريعية.

وفي رد على رسالة تهنئة من سلفه حيدر العبادي، أقر عبد المهدي بـ"ثقل المسؤولية" التي تنتظره في بلاد تسعى إلى النهوض بعد مرحلة دحر تنظيم الدولة الإسلامية.

ويقول الدباغ إن عبد المهدي يتمتع بميزة التشاور، مما يجعله متقبلاً للأفكار المخالفة له، كما يتميز بقدرة قوية على عرض أفكاره ويمتلك برؤية للعقد التي يعاني منها العراق، بما فيها الفساد ورموزه وملفاته الكبيرة، ونقص فرص العمل والخدمات الأساسية.

ومن نقاط القوة الاضافية التي يتمتع بها لتحقيق رؤيته، أشار الدباغ الى الدعم القوي من المرجعية الشيعية العليا التي تعطي دعماً ضمنياً " عبر إشارات ذكية في خطب الجمعة من مدينة كربلاء والانحياز الى المواطن الفقير والشارع الذي يشكل عنصرا مسانداً أو عنصراً غاضباً على الأداء الحكومي".

والى التسوية الداخلية التي أوصلت عبدالمهدي، يبو أن الرجل يشكل نقطة التقاء بين واشنطن وطهران اللتين تتنازعان على النفوذ في العراق.

ويقول مصطفى حبيب أن كلا من صالح وعبدالمهدي معتدل وبراغماتي، وأفضل من الشخصيات المتطرفة المقربة من طهران.

ومن جهته، يرى الدباغ قبولاً إيرانياً واميركياً لترشيح عبد المهدي، ويعتبر أن الجميع رابح في هذه التسوية " وأولهم الإرادة الوطنية التي هي أساس اختياره وترشيحه".

وفي دلالة اضافية على مباركة أميركية للتسوية، أفاد مسؤول أميركي بارز رفض ذكر اسمه أن "الخطوات التاريخية التي اتخذت في العراق مشجعة. الرئيس صالح ورئيس الوزراء المعين عبدالمهدي، زعيمان يتمتعان بخبرة ومحترمان في العراق وحول العالم".

 الواضح أن العراق الذي شهد أنواعاً مختلفة من العنف الدموي منذ اطاحة صدام، خطا خطوة أولى مهمة في بداية طريق طويل وشاق، الا أن الخيار يعكس أمراً مهماً آخر يتمثل في انحسار نسبي لولاءات الطائفية التي سادت الحياة السياسية في العراف منذ الغزو الأمريكي في 2003، لتحل محلها تحالفات أكثر براغماتية تتجاوز الخطوط الطائفية.

غوتيريس يأمل في تأليف حكومة "شاملة" سريعاً

المصدر: "ا ف ب"
أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الامل بـ"تشكيل سريع" لـ"حكومة شاملة" في #العراق مع "احترام المواعيد الدستورية" وذلك بعد تسمية المستقل عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء.
وفي بيان، "هنأ" الأمين العام ايضا برهم صالح على انتخابه رئيساً لجمهورية العراق.
وقال البيان "يأمل الأمين العام في أن يمهد انتخاب الرئيس، الطريق لتشكيل سريع لحكومة شاملة".


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة