الجمعه ٢٩ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ١٩, ٢٠١٧
المصدر : جريدة الحياة
سوريا
انتصارات أكراد سورية محفوفة بالمخاطر
لندن - «الحياة» 
بعد تحرير الرقة من «داعش» سيكون على الجماعات الكردية أن تخوض بحذر في عملية سلام معقدة لتفادي التوترات العرقية مع الأغلبية العربية في المدينة ولتأمين مساعدات أميركية ضرورية.

كما تواجه «قوات سورية الديموقراطية»، التي يهيمن عليها الأكراد، عبئاً ثقيلاً لإعادة بناء المدينة التي حولتها المعارك المستعرة والضربات الجوية الكثيفة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى أنقاض. ولا يقل التحدي السياسي صعوبة في مدينة تقع خارج نطاق المناطق التي يهيمن عليها الأكراد في شمال سورية.

ويقول محللون إنه في ظل درايتها بالحساسيات العرقية والقبلية في الرقة، فإن «سورية الديموقراطية» تعمل جاهدة لوضع العرب في قلب الخطط للحكم المحلي والقيام بمهام الشرطة في حقبة ما بعد «داعش».
 
مستقبل «اتحادي»؟
لم تكن الرقة هدفاً لـ «وحدات حماية الشعب» في مرحلة مبكرة من الحرب لكنها أصبحت كذلك في شكل تدريجي مع ظهور الفصيل الكردي كشريك سوري أساسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

ويقول «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن إن المقاتلين العرب الذين يحاربون تحت لواء «قوات سورية الديموقراطية» شكلوا غالبية القوات في حملة الرقة. لكن بدا أن القادة والمقاتلين الأكراد من «وحدات حماية الشعب» المنظمة في شكل جيد هم القوة الرائدة على مدى الحملة التي استمرت أربعة أشهر.

وربما يأمل «حزب الاتحاد الديموقراطي»، الحزب الكردي الرئيسي في سورية، وحلفاؤه بأن تنضم الرقة في نهاية المطاف لنظام «اتحادي» جديد من مناطق خاضعة لحكم ذاتي يعكف الأكراد على إقامته في الشمال.

لكن قادة الأكراد يقولون إن من السابق لأوانه مناقشة ذلك الآن، مشيرين إلى الحساسيات المحلية والدولية المحيطة بالمشروع السياسي الذي تعارضه حليفتهم واشنطن وجارتهم تركيا.

وعلى رغم أن أكراد سورية يقولون إنهم يريدون البقاء جزءاً من سورية فإن المخاوف في المنطقة من النزعة الانفصالية لدى الأكراد تفاقمت منذ أن صوت أكراد العراق لمصلحة الاستقلال، ما أدى إلى تحرك عسكري من العراق وإجراءات صارمة من تركيا وإيران.

وتعتبر تركيا على وجه التحديد تنامي النفوذ الكردي السوري على حدودها تهديداً لأمنها وضغطت على واشنطن لكي تتخلى عن تحالفها مع «وحدات حماية الشعب الكردية» قبل هجوم الرقة، لكن مساعي أنقرة باءت بالفشل.

وتستضيف تركيا مجلساً مدنياً منافساً للرقة يعتبر «وحدات حماية الشعب» قوة احتلال أجنبية. ويقول ساسة أكراد إن مستقبل الرقة في أيدي سكانها.

قالت فوزة يوسف وهي سياسية كردية بارزة في مقابلة إنه حتى الآن لا يوجد رد فعل يشير إلى عدم القبول بـ «قوات سورية الديموقراطية» أو مجلس الرقة المدني.

وأضافت أن قوات الأمن الداخلية ومجلس الرقة المدني هم من سيبقون في الرقة، مشيرة إلى أن كل أفراد الأمن الذين يجري إعدادهم هم متطوعون من الرقة.
 
خطر «التدخل الخفي»
وطبقت «قوات سورية الديموقراطية» نموذجاً مشابهاً في مدينة منبج بشمال البلاد العام الماضي بعد أن انتزعتها من «داعش».

وقال نواه بونسي كبير المحللين بمجموعة «إدارة الأزمات الدولية» إن مجلس الرقة المدني «لا يزال مرتبطاً في شكل وثيق بهياكل السلطة في وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديموقراطي، لكنهم بذلوا مزيداً من الوقت والجهد في التشديد على عدم الإقصاء أكثر مما شهدناه في بعض المناطق الأخرى».

لكن خطر الاضطرابات سيظهر إذا بدا أن الجماعات الكردية تتحكم في إدارة المدينة. وأضاف: «هناك أيضاً خطر التدخل الخفي من الخارج. الخلايا النائمة لداعش والنظام السوري قد تكون لهما مصلحة في استخدام شبكات الموالين لزعزعة استقرار الأوضاع. كل هذه المعطيات قد تؤجج التوتر العرقي». وقال ياسر السيد (43 عاماً) وهو تاجر سيارات سابق من الرقة إن الناس «سعداء بقوات سورية الديموقراطية الآن لأنهم تحرروا من داعش... لكن ينبغي أن يتبع ذلك» المساعدات وإعادة الإعمار والوظائف.

ونشرت الولايات المتحدة فريقا من الدبلوماسيين في سورية للعمل على المساعي الإنسانية وإرساء الاستقرار.

وقال بريت مكغورك المبعوث الأميركي للتحالف المناهض لـ «داعش» في الشهر الماضي: «هذا لضمان أنه بعد طرد داعش ستكون لدينا الأجواء الملائمة لعودة الناس إلى منازلهم». لكن محللين يتساءلون إلى متى سيستمر الدعم الأميركي.

وقال مسؤول أميركي مشارك في عملية التخطيط لمرحلة ما بعد الرقة إن الدعم لا يمكن أن يوجه نحو «مشروع سياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي للتوسع في تلك المنطقة من البلاد» وإن الولايات المتحدة لن تدعم «مشروع حزب الاتحاد الديموقراطي لإقامة إدارة تتمتع بالحكم الذاتي».

وذكر المسؤول الأميركي على سبيل المثال أن المدارس لن تحصل على المساعدات إلا إذا كانت تدرس شكلاً من أشكال منهج الدولة السورية وليس منهجا جديداً بالكامل. وقال «لن ندعم كياناً انفصالياً... هذا أمر محسوم».

وعلى رغم أن مكغورك قال إن لا أحد ممن يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها «قوات سورية الديمقراطية» يريد عودة سيطرة الدولة السورية فإن دمشق ربما تخطط لبسط نفوذها.
وتوقع مسؤول في الحكومة السورية أن تواجه «سورية الديموقراطية» مشكلات في المستقبل في الرقة والمناطق الأخرى التي يغلب على سكانها العرب في سورية.

وقال مسؤول سوري طلب عدم نشر اسمه إن «هناك تناقضاً لأن القوة البشرية مع العرب بينما القوة العسكرية مع الأكراد».

على المدى القصير، على «مجلس الرقة المدني» الذي تشكل تحت رعاية «سورية الديموقراطية» أن يسارع بتوفير الأمن وإصلاح البنية التحتية وتقديم المساعدات لنيل تأييد السكان الذين استنزفهم الصراع وللسماح بعودة سكان الرقة إلى منازلهم.

وعلى المدى الأبعد، فإن مصير الرقة السياسي مرتبط بالمصير الأكبر للحرب التي فتتت سورية إلى مناطق نفوذ على مدى السنوات الست الأخيرة بما في ذلك مناطق في الشمال تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب الكردية».

وفي نهاية المطاف، تريد الدولة السورية أن تستعيد السيطرة على المدينة المطلة على نهر الفرات، ما يعني أن المدينة قد تصبح ساحة لصراع جديد مع دمشق أو ورقة مساومة في مفاوضات لاحقة في شأن احتمال الحكم الذاتي للأكراد.

وقال رجل من الرقة خارج مقر مجلس الرقة المدني في عين عيسى شمالي المدينة: «أياً كان من سيقودنا.. سواء أكانوا العرب أم الأكراد.. نريد منهم أن يوفروا لنا الخدمات». وأضاف الرجل الذي كان موظفاً حكومياً قبل الحرب «الأمن والأمان هما أهم شيء».



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة