Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : بعد ثلاث سنوات على التدخّل في سوريا ... قوة موسكو إلى انكماش؟
الخميس ٢٥ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ٢, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
بعد ثلاث سنوات على التدخّل في سوريا ... قوة موسكو إلى انكماش؟
جورج عيسى
في بدايات أيلول 2015، كانت تقارير محدودة قد بدأت تشير إلى نقل روسيا عتاداً وأسلحة إلى الداخل السوريّ. بقي مراقبون مشكّكين بإمكانيّة تدخّل عسكريّ مباشر لموسكو في سوريا لأسباب عدّة من بينها ما كان يسمّى ب "متلازمة أفغانستان" ورفض الشعب الروسيّ للحروب الخارجيّة وصولاً إلى الصعوبات الاقتصاديّة واللوجستيّة. اللافت للنظر في ذلك التحليل، أنّه لم يستغرق وقتاً طويلاً حتى يتمّ تبيان خطئه. ففي 30 أيلول من السنة نفسها، بدأت رسميّاً العمليّات العسكريّة الروسيّة في سوريا مفتتحة خريطة جديدة من التوازنات والتحالفات داخل المنطقة.

تمكّنت روسيا خلال ثلاث سنوات من حماية نظام الرئيس السوريّ بشّار الأسد من السقوط بعدما كانت المعارضة المسلّحة قد اقتربت من معاقله في الساحل السوريّ. غير أنّ بدايات هذا التدخّل لم تكن سلسة. فبعد حوالي أسبوع واحد، تعرّضت الدبابات السوريّة لوابل من صواريخ "التاو" في السابع من تشرين الأوّل الذي عُرف بيوم "مجزرة الدبابات" بغضّ النظر عن اختلاف بعض التقديرات حول هذا الموضوع. وبعد شهر ونصف، أسقطت تركيا مقاتلة روسيّة قالت إنّها خرقت أجواءها ممّا أدّى إلى مقتل طيّار روسيّ وجنديّ آخر كان في مهمّة البحث عنه فتوتّرت العلاقات بين أنقرة و موسكو قبل أن ينجح الكرملين لاحقاً بإعادة تطبيعها.

ما هي الكلفة البشريّة للانتصار الروسيّ؟

بقيت مسألة تحديد أعداد القتلى الروس في المعارك أمراً صعباً، بعدما قال متابعون إنّ الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين وضع الخسائر العسكريّة الروسيّة على قائمة "أسرار الدولة" وحتى بالنسبة إلى الذين يسقطون "خلال العمليّات الخاصّة" في أوقات السلم. كانت وزارة الدفاع الروسيّة تعلن عن بعض القتلى بين الحين والآخر، لكنّ العدد الإجماليّ التقريبيّ سيظلّ صعب التقدير خصوصاً أنّ المقاتلين الروس لا يقتصرون على الجنود النظاميّين. فهنالك المتعاقدون ضمن شركات روسيّة خاصّة مثل "فاغنر" والتي ظهرت إلى الواجهة في شباط الماضي، بعدما أشارت تقارير إلى أنّ حوالي 100 من عناصرها قُتلوا حين كانوا يحاولون السيطرة على بلدة خشام الواقعة تحت نفوذ "قوّات سوريا الديموقراطيّة" المدعومة من واشنطن. أمّا وزارة الخارجيّة الروسيّة فقد أعلنت عن مقتل وجرح "عدّة عشرات" من الروس. ويوم أمس الأحد، قال فيكتور بونداريف، رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتّحاد الروسيّ، إنّ عدد القتلى الروس بلغ 112 منذ بدء العمليّات العسكريّة. ووفقاً لوكالة "تاس" الروسيّة، قارن بونداريف بين التدخّل العسكريّ السوفياتيّ في أفغانستان بالتدخّل الروسيّ في سوريا، فأشار إلى أنّ موسكو كانت قد خسرت 4800 جنديّ في أفغانستان خلال السنوات الثلاث الأولى لها في الحرب.

الكلفة الاقتصاديّة

من ناحية الكلفة الاقتصاديّة للتدخّل العسكريّ، نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسيّة في أيلول 2017 بعضاً ممّا كتبه الكولونيل الفرنسيّ ميشال غويا على مدوّنته حول أسباب نجاح موسكو في هذه العمليّات. فقد كتب أنّ موسكو حقّقت ما حقّقته بواسطة موارد محدودة جدّاً تتألّف بطريقة أساسيّة من 4 إلى 5 آلاف مقاتل ومن 50 إلى 70 مقاتلة مع كلفة بلغت 3 مليون يورو في اليوم الواحد. وأضاف غويا أنّ هذه الأرقام تساوي ربع أو خمس الجهد الذي تبذله الولايات المتّحدة في المنطقة. وذكر أنّ كلفة العمليّات الفرنسيّة في المشرق (1200 شخص و 15 مقاتلة تقريباً) تكلّف مليون يورو في اليوم الواحد وتجسّد بالمعدّل ستّ طلعات جوّيّة يوميّاً مقابل 33 للروس.

تسويق السلاح

في سياق مماثل، استفادت موسكو كثيراً من الساحة السوريّة على صعيد تسويق أسلحتها. وهذا ما عبّر عنه المسؤولون الروس صراحة فيما كانت أرقام مبيعات أسلحتهم قد وضعتهم في المرتبة الثانية على مستوى التصدير العالميّ سنة 2016 بحسب وكالة "أسوشييتد برس". لكن على الرغم من التقدّم العسكريّ الذي حصل على الأرض بفعل السلاح الروسيّ، يبدي البعض تشكيكاً في أنّه قد تمّ التأكّد بالفعل من الدليل الذي يربط ازدياد الطلب على السلاح الروسيّ باستخدامه فوق الميدان السوريّ. فبالنسبة إلى مركز "المقاربات الاستراتيجيّة للشرق الأوسط"، هنالك حاجة لمزيد من الوقت كي تتمّ صياغة تحليل مناسب لهذا الموضوع، علماً بأنّ المركز خلص إلى أنّ روسيا طوّرت جاذبيّتها في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

بين القتلى المدنيّين والمتطرّفين

منذ بداية الانخراط الروسيّ في الحرب السوريّة، تمّ تسليط الضوء غالباً على الضحايا المدنيّين الذين سقطوا بسبب الغارات. فقد أعلن المرصد السوريّ لحقوق الإنسان يوم أمس أنّ أكثر من 18 ألف شخص قتلوا بسبب الغارات الروسيّة نصفهم من المدنيّين. بالتالي، وبحسب أرقام المرصد، قتل الروس من المدنيّين (7988) أكثر ممّا قتلوا من تنظيم داعش (5233) أو ما يعادل مقاتلي داعش مضافاً إليهم عناصر أخرى من الإسلاميّين والجهاديّين. ويُعتبر هذا الرقم مرتفعاً أيضاً بالنسبة إلى عدد المدنيّين الذين سقطوا بسبب الغارات الجوّيّة التي شنّها التحالف الغربيّ على تنظيم داعش في سوريا والذي بلغ 3300 قتيل.

وفي جميع الأحوال، تجسّد هذه الأرقام مثلاً واضحاً عن الفرق في التقديرات التي يقدّمها الروس وتلك التي يقدّمها مراقبون آخرون. فبونداريف أكّد أنّ روسيا قتلت حوالي 85 ألف إرهابيّ منذ بداية عمليّاتها، فيكون المتابعون أمام فرق يبلغ حوالي عشرة أضعاف بين الأرقام التي ذكرها المرصد وتلك التي أوردها الجنرال الروسيّ السابق.

حدود القوّة الروسيّة

تمكّنت روسيا من حماية نظام الأسد بطريقة فعّالة قامت على أساس تقسيم الأجزاء التي تسيطر عليها المعارضة المسلّحة إلى مناطق خفض تصعيد قبل أن تقوم بحصارها وضربها ثمّ إجلاء مقاتليها إلى إدلب. ولم تحيّد حتى المناطق التي اتّفقت حولها مع الأميركيّين كما حصل في محافظتي درعا و القنيطرة. لكن على الرغم من كلّ ذلك، ظهرت مؤشّرات توحي بأنّ للقوّة الروسيّة حدودها.

فعندما عقدت الإدارة الأميركيّة عزمها على ضرب قواعد عسكريّة ومراكز أبحاث سوريّة بسبب استخدام الجيش السوريّ للسلاح الكيميائيّ، لم تُظهر روسيا رغبة بمواجهة الأميركيّين أكان في نيسان 2017 أو في نيسان 2018. حتى بعد مقتل مئات أو "عدّة عشرات" من الروس المنتسبين لشركة "فاغنر" في شباط الماضي، امتنعت روسيا عن أيّ ردّ فعل. وإذا كانت موسكو مدركة للعدد الكبير من اللاعبين المؤثّرين والفاعلين في سوريا، فإنّ كيفيّة ضبط قواعد اللعبة بينهم هي التي شكّلت التحدّي الأكبر أمامها. فهي استطاعت مثلاً أن تجلب إيران وتركيا إلى طاولة المفاوضات نفسها وهو أمر بدا صعباً خلال السنوات الأولى للصراع. لكنّ مهمّة مواصلة الحفاظ على هذا التوازن هي شاقّة داخل التحالف نفسه فكيف بين التحالفات المتواجهة.

خلافات روسيّة-إيرانيّة

في آب 2015، أرسلت طهران قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني إلى موسكو لطلب المساعدة. علمت إيران أنّ خياراً كهذا سيكون صعباً لأنّه سيكلّفها خسارة الجزء الأكبر من نفوذها لصالح روسيا. ففي 17 أيّار، استقبل بوتين الأسد في سوتشي وقال حينها إنّ الانتصارات في الميدان السوريّ ستؤدّي إلى "انسحاب القوّات الأجنبيّة المسلّحة من سوريا". وأوضح الموفد الروسيّ الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أنّ المقصود بهذه القوّات "كلّ المجموعات العسكريّة الأجنبيّة الموجودة على أراضي سوريا، بمن فيها الأميركيّون والأتراك وحزب الله والإيرانيّون". وهذا استدعى ردّاً من وزارة الخارجيّة الإيرانيّة جاء فيه أن "لا أحد يستطيع إجبارنا على الخروج، فوجودنا شرعيّ وبطلب من الحكومة السوريّة". وسبق للباحث علي ألفونه أن ذكر في "معهد الشرق الأوسط" وجود امتعاض إيرانيّ كبير من قدرة موسكو على الاستفادة من عقود إعادة الإعمار في سوريا أكثر بكثير من قدرة طهران على ذلك.

مواجهات متشابكة

في هذا الوقت، تسير روسيا وسط حقل ألغام كبير فوق الأراضي السوريّة حين تحاول إيجاد توازن في علاقتيها مع إيران وإسرائيل. فمنذ شباط الماضي، تاريخ إسقاط المقاتلة الإسرائيليّة، تكثّفت غارات الطيران الإسرائيليّ ضدّ مواقع وأهداف إيرانيّة في سوريا ممّا أدّى إلى سقوط 113 قتيلاً من الإيرانيّين وحلفائهم في الفترة المتراوحة بين أوائل نيسان الماضي وحتى 17 أيلول، بحسب "المرصد السوريّ لحقوق الإنسان". ودخلت سوريا منعطفاً جديداً منذ حوالي أسبوعين، مع إسقاط الدفاعات السوريّة عن طريق الخطأ طائرة إيل-20 الروسيّة حين كانت تتصدّى لغارات إسرائيليّة على اللاذقيّة ممّا أدّى إلى مقتل 15 جنديّاً روسيّاً. وردّت موسكو بنشر صواريخ "أس-300" في سوريا، أمر وصفه مستشار الأمن القوميّ جون بولتون ب "التصعيد الخطير".

أوراق احتياطيّة؟

بعد ثلاث سنوات، وصلت طاقة روسيا في تغيير المعادلات الميدانيّة والسياسيّة إلى حدودها القصوى أو تكاد. إلى الآن، نجح بوتين في دفع الروس إلى تخطّي "متلازمة أفغانستان" بفعل إبقاء أعداد القتلى الروس بحدودها الدنيا على الأقلّ بحسب الإعلام المحلّيّ. بيد أنّ الانتصار العسكريّ الذي لم يتحقّق بالكامل أساساً، لا يمكن تحصينه بدون انتصار سياسيّ يتجلّى في دفع الغربيّين للمساهمة بإعادة الإعمار وفقاً لتسوية سياسيّة قائمة على الاعتراف ببقاء الأسد في السلطة في المدى المتوسّط. وحتى قبل الوصول إلى مرحلة متقدّمة كهذه، لا يزال أمام موسكو المهمّة الشاقّة بتجنيب سوريا صراعاً إقليميّاً قد يطيح أوّلاً وآخراً بالمكاسب الروسيّة المحقّقة في سنوات ثلاث. فهل تحتفظ موسكو ببعض أوراق القوّة الاحتياطيّة لإنجاز مهمّة شائكة كهذه؟


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة