Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : هل يجوز، ذوْقاً، أن نقول لدى مصر ما هو أهم من الديموقراطية؟... يجوز - جهاد الزين
الخميس ٢٨ - ٣ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ٢٩, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
هل يجوز، ذوْقاً، أن نقول لدى مصر ما هو أهم من الديموقراطية؟... يجوز - جهاد الزين
القول أن لدى مصر الكثير من المشاغل غير الاهتمام بالديموقراطية هو قول متعارض مع "الذوق العام" لدى المؤسسات البحثية الغربية وطبعا الصحافة الغربية الأوروبية والأميركية؟ بل ماذا لو قيل أن لدى المصريين ما هو أهم من الديموقراطية؟! بما سيصبح متعارضا مع حساسية مشروعة نخبوية مصرية شبابية مقيمة ومهاجرة؟ 

كلما أقرأ تقريرا أو دراسة لمؤسسة بحثية غربية عن الحالة السياسية الداخلية في مصر يواجهني هذا النوع من الأسئلة ويطرح عليّ كما على كثيرين ضرورة التفكير بالصوت العالي.

في بلد المائة مليون شخص هناك شاغل استراتيجي يمكن اعتباره وحده فقط أهم من مطلب تكريس الديموقراطية. هو الحرب مع الأصولية التكفيرية ومن يقف وراءها. فإحدى أكبر إيجابيات الوضع المصري الراهن بل الإيجابية الجوهرية في هذا الوضع أن مصر تُشكِّل اليوم خط الدفاع الأول والأهم عن تماسك "الدولة الوطنية" العربية. هذه الدولة التي تتعرّض لانهيارات في بُناها وحدودِها دفعة واحدة منذ سنوات: سوريا، اليمن، ليبيا، العراق.

لقد اختبر النظام الإقليمي العربي سابقاً انهيار الدولة والمجتمع اللبنانيّين ولكنه استطاع محاصرة الحالة اللبنانية حتى عندما أفلتت منه مؤقتا خلال الاجتياح الإسرائيلي، وجزئيا قبله وبعده، ولكنه (أي النظام الإقليمي) عاد وسيطر عليها عبر علاقاته ومواقعه الدولية وقواه الداخلية فيها فأنهى هذه الحرب وأعاد توحيد لبنان وأدار عبر تكليف الدولة السورية بإدارة السلم اللبناني المستمر حتى بعد انتهاء التفويض السوري عام 2005. الأزمة الحالية المستمرة منذ سنوات والتي تطال مباشرة أربع دول عربية هي أخطر بكثير.

الدولة الخامسة، وهي الكبرى والأكثر شرعية تاريخية، أي مصر، منعت وصول الانهيار لها، بل منعت اجتياح الانهيار لها، عبر قوة الجيش - الدولة المدعومة بما أُصِر على تسميته الثقافة السلمية العميقة للشعب المصري.

لا شك أن الثمن الداخلي الذي تدفعه مصر في حرب مشبوهة على أكثر من صعيد هو ثمنٌ هائل، ضحايا الإرهاب الأصولي والجو المرتاب والضاغط الذي تعيشه مناطق مصرية عديدة، ناهيك عن الكلفة الاقتصادية الهائلة لمجتمع يقترب عدده، للتكرار، من المائة مليون شخص.

إحدى الكِلَف الرئيسية: الكلفة الديموقراطية.

هذه الكلفة، أي الضغط السلطوي على الحياة السياسية، يثير الكثير من اللغط، ويبدو أحيانا في الغرب وكأنه الباب الرئيسي الذي يجب الدخول منه إلى تقييم الوضع المصري. وهذا بحد ذاته غير موضوعي قياسا بالحرب الضروس التي يعانيها. مع كل ضرورة متابعة مراقبة معايير التطبيق الديموقراطي في كل البلدان هناك معضلة في تقييم الحالة المصرية: فما هي الخيارات الواقعية أمام سلطة سياسية عسكرية تواجه معركة تكاد تكون وجودية ويتوقف عليها مصير مصر الدولة والمجتمع؟

الرأي القائل أن هذه المعركة الشاملة لا تبرر نسبة المبالغة في عمليات الضغط السلطوي خصوصا حيال التيارات الشبابية الليبرالية والعلمانية المناقِضة لـ"الإخوان المسلمين"... هو رأي صحيح لكن من الصعب عدم توقع هذه العمليات في الحالة الأمنية الشرسة والتي يتحمّل فيها الإصرار التعبوي لـ"الإخوان المسلمين" على تأجيج الصراع السياسي مسؤولية كبيرة.

في مصر ومنذ بدأ الجيل الجديد الذي تولى السلطة بعد سقوط الملكية هناك جدل دائم حسب لغة كل مرحلة بين أولوية الضغط الاقتصادي الاجتماعي وأولوية الضغط الديموقراطي.

بدا مرة واحدة أن الأولوية الديموقراطية حسمت الموقف لصالحها بعد 1952، وليس قبلها، حصل ذلك عبر ثورة ميدان التحرير عام 2011 وأيامها الحالمة. لكن سرعان ما تلاشى هذا التحول تحت وطأة مشاريع الأسلمة السياسية الأصولية والمشاريع المرتبطة بها فعادت مصر إلى حضن أولوية أخرى هي منع الانهيار الدولتي والمجتمعي، بالتوازي طبعا مع ما سيكون دائما الضغط الذي يشبه اللعنة على مصر وهو ضغط الهم المعيشي الاقتصادي الذي تندرج ضمنه وبشكل عميق مكافحة الفساد.

ضعف مصر هو عامل أساسي في ضعف المنطقة. هذا مسلَّم به. لكن بالتأكيد ما لا تزال تقدمه مصر للمنطقة العربية هو المساهمة في منع الانهيار الكامل أو وقفه على حدودها بما يتيح إعادة تماسك دولنا الوطنية لاحقا؟!


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة