الأربعاء ٢٤ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ٢٢, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
ما سرّ توقيت المساعدات الخليجيّة للأردن؟ - محمد عرسان
تحيط بآليّة توزيع المساعدات الخليجيّة، التي تعهّدت المملكة العربيّة السعوديّة، الكويت، والإمارات العربيّة المتّحدة تقديمها إلى المملكة الأردنيّة في قمّة مكّة، التي عقدت في السعوديّة الإثنين في 11 حزيران/ يونيو لمساعدة الأردن للخروج من أزمته الاقتصاديّة... حالةٌ من الضبابية. 

حزمة مساعدات بقيمة 2,5 مليار دولار على 5 سنوات جاءت على شكل وديعة في البنك المركزيّ الأردنيّ، إلى جانب ضمانات للبنك الدوليّ تمكّن الأردن من الاقتراض وتمويل مشاريع تنمويّة، إلاّ أنّ السلطات الأردنيّة لم تنشر قيمة الوديعة وشروطها وكيفيّة توزيع المبلغ بين ضمانات البنك الدوليّ وحصّة المشاريع التنمويّة منها. 

وتأتي هذه المساعدات الخليجيّة، عقب احتجاجات شعبيّة عمّت المملكة الأردنيّة خلال الأيّام الماضية، ضدّ سياسات الحكومة الاقتصاديّة، ورفضاً لمشروع قانون ضريبة الدخل، ومطالبة بتغيير النهج الاقتصاديّ والتوقّف عن الاقتراض وفكّ العلاقة مع صندوق النقد الدوليّ.

توقفت الاحتجاجات في 6 حزيران/يونيو بعد استقالة حكومة هاني الملقي ووعد رئيس الوزراء المكلف عمر الرزاز بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل.

توقيت أثار شهيّة محلّلين سياسيّين للتساؤل: لماذا تدعم السعوديّة الأردن بعد أن توقّفت عن تقديم المساعدات منذ عام 2017؟ وفي هذا السياق، ربط المحلّل السياسيّ بسّام بدارين مدير مكتب صحيفة القدس العربي في عمان في حديث لـ"المونيتور" بين عودة المساعدات الخليجيّة إلى الأردن وبين "خشية النادي السعوديّ من انتشار فيروس الاحتجاجات السلميّة التي شهدها الأردن إلى دول الخليج على غرار انتشار الثورة التونسيّة وتحوّلها إلى بداية انطلاق ربيع عربيّ في عام 2011".

وسبق لدول خليجيّة أن قدّمت دعماً ماليّاً إلى المملكة في عام 2012 إبان الربيع العربيّ، تضمّنت هذه المساعدات، تخصيص دول مجلس التعاون الخليجيّ 5 مليارات دولار لتمويل مشاريع تنمويّة في الأردن لمدّة 5 سنوات لتعزيز أداء الاقتصاد الأردنيّ، انتهت في عام 2017، وسط تلميحات لمسؤولين أردنيّين إلى أنّ هذا التوقّف يأتي عقاباً للأردن بسبب مواقف إقليميّة تتقاطع مع الموقف السعوديّ.

وقال الكاتب والمحلّل الاستراتيجيّ الدكتور عامر السبايلة لـ"المونيتور": "إنّ التعاطي السعوديّ مع الأردن، جاء مختلفاً عن التعاطي مع مصر التي حصلت على حصّة أكبر من المساعدات، بسبب حجم التباعد بين الأردن والسعوديّة، انطلاقاً من ملفّات أبرزها: ملف القدس والوصاية الهاشميّة على المقدّسات، وعدم حظر الأردن لجماعة الإخوان المسلمين، والموقف الأردنيّ من مقاطعة قطر، بعد أن اكتفت المملكة بخفض التمثيل الديبلوماسيّ فقط في عام 2017".

ورأى أنّ التحرّك الخليجيّ لتقديم المساعدات إلى الأردن "يأتي على خلفيّة الاحتجاجات الشعبيّة التي شهدتها المملكة، لمساعدة الأردن في أزمته الاقتصاديّة على قاعدة أنّه بلد صديق وليس عدوّاً، وفي الوقت نفسه هو ليس حليفاً للنادي السعوديّ، بدليل أنّ التحرّك وقيمة المساعدات لم تكونا بالمستوى المطلوب".

واستبعد الربط بين المساعدات الخليجيّة المقدّمة إلى الأردن وبين قبوله بصفقة القرن، خصوصاً أنّ "الأردن على أرض الواقع يمنح اللاّجئين الفلسطينيّين الجنسيّة الأردنيّة، فما هو الضغط الذي سيمارس على الأردن، لا سيّما أنّ موافقته أو رفضه لن يقدّما أو يؤخّرا شيئاً".

يشكل اللاجئون الفلسطينيون في الأردن أعلى نسبة من مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في مناطق عمليات الأونروا الخمس، بمجموع 2.275 مليون بحسب دائرة الشؤون الفلسطينية، ترفض المملكة صفقة القرن بسبب تخوفها من إسقاط حق العودة، والضغط على المملكة للقبول بكونفدرالية مع الضفة من دون القدس مما يعني وطناً بديلاً للفلسطينيين على حساب الأردن، هذا الطرح سيواجه غضبا من السكان الاصليين.

ولا يتّفق معه لبيب قمحاوي الكاتب في الشؤون السياسية في صحيفة الرأي اليوم اللندنية، الذي رأى أنّ "هناك دولاً عربيّة شعرت بخطأ حصارها الماليّ للأردن وخطر ذلك على استقراره، وبالتالي على استقرار المنطقة ومستقبل المخطّطات المرسومة لها من خلال ما يسمّى بصفقة القرن، والتي تتطلّب نسبة عالية من الاستقرار في فلسطين والأردن"، وقال لـ"المونيتور": "هذا الاستقرار يعتبر شرطاً أساسّياً لنجاح وتمرير ما يدعى بصفقة القرن، مهما كان معناها كونها حتّى الآن عنواناً لمجموعة أفكار ما زالت تُتَداول بين كلّ الأطراف". وقال الملك الأردنيّ عبد الله الثاني خلال لقائه طلاّب كليّة الأمير الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدوليّة: إنّ الوضع الاقتصاديّ والضغط الذي يمارس على الأردن ناجمان عن مواقفه السياسيّة، لا سيّما موقف المملكة من القدس.

من جهته، استبعد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن زكي بني ارشيد أيضاً أن تكون المساعدات الخليجيّة التي أقرّت في قمّة مكّة مرتبطة بقبول الأردن بـ"صفقة القرن"، رابطاً في حديث لـ"المونيتور" بين هذه المساعدات وبين الاحتجاجات الشعبيّة التي شهدتها المملكة، وقال: "كلّ الحلول والفزعات والمنح والمساعدات والاقتراض الداخليّ والخارجيّ، إنّما هي جرعات مسكّنة وتلبيس طواق في محاولة للهروب من ضغط اللحظة الراهنة نحو المجهول".

وتأتي حزمة المساعدات الخليجيّة على وقع أزمة اقتصاديّة خانقة تعيشها الممكلة، بعد أن ارتفعت مديونيّة البلاد إلى أرقام قياسيّة في عام 2018 بنسبة 96 في المئة من الناتج المحليّ، بمجموع 39 مليار دولار، إلى جانب ارتفاع معدّلات البطالة بنسبة 18 في المئة.

ولا يرى المحلّل الاقتصاديّ خالد الزبيدي أنّ حزمة المساعدات التي أقرّتها قمّة مكّة ستنهض بالاقتصاد الأردنيّ كون "حجمها ليس كبيراً"، واصفاً توزيع المنحة بين الودائع والضمانات بـ"غير الواضح والضبابيّ"، وقال لـ"المونيتور": "إنّ المبلغ المقدّم متواضع مقارنة بحجم موازنة الأردن، والتي تبلغ 11 مليار دولار. وكان من المتوقّع أن يكون الدعم الخليجيّ أكبر من ذلك. ولذا، ما قدّمته قمّة مكّة هو دعم معنويّ أكثر من كونه ماديّاً".

AlMonitor


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
العاهل الأردني يكلف لجنة للإصلاح... ويتعهد تبني توصياتها ومنع التدخلات
الأردن: 18 موقوفاً بتهمة محاولة زعزعة استقرار البلاد في قضية «الفتنة»
مجلس النواب الأردني يقر موازنة البلاد بالأغلبية
العاهل الأردني: ليس مقبولاً خسارة أي مواطن نتيجة الإهمال
الأردن: توقيف 5 مسؤولين بعد وفاة مرضى بكورونا جراء انقطاع الأكسجين
مقالات ذات صلة
مئوية الشيخ المناضل كايد مفلح عبيدات
الأزمة اللبنانية والتجربة الأردنية - مروان المعشر
انتفاضة نيسان 1989: أين كنا وكيف أصبحنا ؟
حقوق المراة الاردنية 2019 - سليمان صويص
يوميات حياة تشهق أنفاسها في البحر الميت - موسى برهومة
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة