الأربعاء ١٧ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ١٤, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
النخب الأوروبية مسؤولة عن الاستياء الشعبي - أوبير فيدرين
ليس انتخاب حكومة إيطالية جديدة تطعن في الاتحاد الأوروبي ما دق ناقوس الخطر، بل بلوغ البرلمان الإيطالي قبل أربعة أشهر أغلبية مشككة في الاتحاد والشعبويين. وتنتشر انتشار النار في الهشيم فكرة أن هيئات عليا غير منتخبة، سواء كانت هيئات السوق أو هيئات أوروبية، تملك سلطة نقض قرارات الناخبين الذين ينتفضون على مصادرة قرارهم. وهذه الفكرة بدأت تسري في أوصال أوروبا منذ اتفاقية لشبونة. ويُؤخذ على أوروبا (الاتحاد الأوروبي) شح الديموقراطية فيها وكأنها تعاني من «نقص في الديموقراطية». ولكن والحق يقال، الاتفاقات الأوروبية كلها صادقت عليها حكومات منتخبة ديموقراطياً وصادقت البرلمانات المنتخبة عليها. والعملة الموحدة لم تفرض على دول الاتحاد فرضاً، فالدول التي اعتمدتها قبلت معايير مايستريخت الذائعة الصيت، التي لم تبتكرها المفوضية الأوروبية ولا «أنغيلا مركل الشريرة». والأكاذيب كثيرة تتناول المسألة هذه المسألة. ولكن لا ريب في أننا نقشنا شطراً راجحاً من المعاهدة الدستورية في اتفاق لشبونة في 2009، على رغم أن الفرنسيين والهولنديين رفضوها في استفتاءين في 2005. وبرزت تناقضات في البنية الأوروبية. ولا ننسى أن معاهدة مايستريخت فازت بفارق 1.5 نقطة فحسب. فثمة 48.5 في المئة من الفرنسيين الذين اقترعوا ضدها. ولكننا لم نحتسب فعلاً أصوات هذا الشطر من السكان. ولذا، مسألة بُعد الشعوب عن أوروبا قديمة (وليست طارئة وجديدة)، ولم تعالج النخب الموالية لأوروبا هذه المسألة.

وحين تحليل الانتخابات في أوروبا، يجلو من غير لبس أن الشعوب تريد الحفاظ على نوع من هوية خاصة بها وعلى مستوى من السيادة، وطمأنتها إلى أمنها. وثمة رغبة في الجنوب الأوروبي في ليونة اقتصادية في المراحل الانتقالية. ولكن المشكلة هي ميل النخب في شطر راجح منها، إلى أوروبا، وعدم احتساب النخب هذه مطالب هذا الشطر من الشعوب. وهذه النخب على قناعة بأن مستقبل أوروبا هو رهن ترسيخ الاندماج الأوروبي (وشد أواصر الاتحاد). وطوال أعوام، دانت النخب السياسية والإعلامية إدانة متغطرسة المطالب الشعبية واستهزأت بها. والنتيجة فشو التمرد الانتخابي. ويتحمل مؤيدو أوروبا لائمة كبيرة في مآل الأمور اليوم في أوروبا. فإذا لم نعالج مطالب الطبقات الشعبية، ولو كانت سائرة (تافهة)، انقلبت على أوروبا. وليست في محلها الدعوة إلى تقسيم أوروبا إلى مستويات، أوروبا صلبة وأوروبا لينة. ولا يسع أي دولة طرد أخرى. وثمة خلافات في صفوف نواة أوروبا الصلبة. وتمس الحاجة إلى إرساء حدود فعلية في منطقة شنغن.

* وزير الخارجية الفرنسية السابق، عن «لكسبريس» الفرنسية، 6/6/2018،إعداد منال نحاس


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
من "ثورة الياسمين" إلى "الخلافة الإسلامية"... محطّات بارزة من الربيع العربي
لودريان: حرب فرنسا ليست مع الإسلام بل ضد الإرهاب والآيديولوجيات المتطرفة
نظرة سوداوية من صندوق النقد لاقتصادات الشرق الأوسط: الخليج الأكثر ضغوطاً... ولبنان ‏الأعلى خطراً
دراسة للإسكوا: 31 مليارديرًا عربيًا يملكون ما يعادل ثروة النصف الأفقر من سكان المنطقة
الوباء يهدد بحرمان 15 مليون طفل شرق أوسطي من الحصول على لقاحات
مقالات ذات صلة
المشرق العربي المتروك من أوباما إلى بايدن - سام منسى
جبهات إيران الأربع والتفاوض مع الأمريكيين
إردوغان بوصفه هديّة ثمينة للقضيّة الأرمنيّة
إيران أو تحويل القضيّة فخّاً لصاحبها - حازم صاغية
عن تسامح الأوروبيين ودساتيرهم العلمانية الضامنة للحريات - عمرو حمزاوي
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة