الخميس ١٨ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: آب ٢٨, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
عن تعديل الدستور المصري - حسين معلوم
منذ انتخاب البرلمان المصري، مطلع العام الماضي، بدا أن ثمة توجهاً نحو إجراء بعض التعديلات على مواد الدستور، خصوصاً تلك المعنية بمدة الولاية الرئاسية وصلاحيات الرئيس. ظهر هذا التوجه، في البداية، على هيئة دعوات خجولة لزيادة مدة الولاية والصلاحيات، ثم تصاعدت الوتيرة حتى تبدى بوضوح أن الهدف أكبر من ذلك، وأنه يعكس رؤية لتعديلات أشمل تمتد لتغيير طبيعة النظام السياسي نفسه. وعلى رغم أن ملف تعديل الدستور يبدو شائكاً، ويثير جدلاً سياسياً وقانونياً عنيفاً، إلا أن هذا لم يمنع رئيس مجلس النواب (البرلمان) علي عبدالعال من أن يكون صاحب الإطلالة الأولى في تصاعد النبرة إلى التعديل، بتصريحات تفيد بأن الدستور الحالي وُضع في ظروف عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد، خلال سنوات فائتة، ما ترك تأثيرات واضحة على بعض مواده، وطالما أن الوضع استقر، فإن هذا يستدعي إعادة النظر في تلك المواد.

ويلاحظ أن تلك التصريحات، تُثير علامات استفهام عدة، لجهة أنها تأتي قبل أشهر من نهاية الولاية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي. وهي تنطوي على حجج غير مُقنعة، على المستوى السياسي أو القانوني، وبالتالي تطرح التساؤل حول مدى نضوج الفكر السياسي الذي يقف وراء طرحها وإثارتها في هذا التوقيت. فمن جهة، يبدو أن التوجه نحو تعديل الدستور، بحجة أنه وضع في ظروف عدم الاستقرار، غير مُبرر، فوضع الدستور في ظروف استثنائية، كان يتطلب قبضة أكثر إحكاماً للسلطة، وزيادة في مدة ولاية الرئيس، وعندما يعود الاستقرار، يمكن التعديل لتقصير مدة الولاية، وتخفيف قبضة الإحكام على السلطة. ومن ثم تبدو حجة التعديل معكوسة، قياساً إلى مُبرر طرحها لأجل التعديل. من جهة أخرى، يبدو أن التوجه نحو تمديد فترة ولاية الرئيس، بحجة أن المدة الحالية غير كافية لإنجاز المشاريع الوطنية طويلة الأمد، يبدو أيضاً، غير مُقنع. إذ، على العكس، إن إنجاز مثل هذه المشاريع يستدعي تقوية مؤسسات الدولة، و «تنقيتها» مما يشوبها من نواقص.

ومن جهة أخيرة، يبدو أن التوجه نحو تغيير علاقة الرئيس بمجلس الوزراء، لجهة طريقة تعيين الوزراء وإقالتهم، في ظل ما تواجهه البلاد من تحديات تتعلق بمكافحة الإرهاب، غير مُبرر، كذلك، لأن التجربة لم تُكمل سوى أربع سنوات من عمر هذا الدستور. فأين هي هذه «التجربة» التي أثبتت الحاجة إلى التعديل، ثم، إن مصر ليست الدولة الوحيدة في العالم التي تواجه إرهاباً، والدول الأوروبية الكبرى، خير مثال على ذلك، لكننا لم نر دعوة في هذه الدول إلى تعديل دساتيرها بناءً على هذه الحجة.

في هذا الإطار، إطار الملاحظات الثلاث السابقة، يبدو التوجه إلى تعديل الدستور المصري وكأنه محاولة «التفاف» واضحة على إرادة المصريين، الذين وافقوا على هذا الدستور، بل هو محاولة في تغيير مبدأ تداول السلطة الذي قام المصريون من أجله بثورتين. وبدلاً من أن يحاول بعضهم إلغاء المقارنة بين مصر وأميركا، من حيث كون الأخيرة دولة مؤسسات، وأن مصر ليست أميركا، وأنه لهذا يجب تمديد فترة ولاية الرئيس، كان من الأوجب الدعوة إلى تقوية الدولة المصرية، عبر تقوية مؤسساتها، للسير بها إلى أن تُصبح، هي الأخرى، «دولة مؤسسات».

وما سبق من ملاحظات، وغيرها كثير، إنما نطرحها على هيئة رؤوس أقلام تشير إلى ما نود أن نقوله. وإذا كان هناك ما تمكن إضافته، فهو أن مصر في حاجة إلى تعميق الاستقرار، من خلال احترام الدستور وليس عبر التشكيك فيه، سواء كان هذا التشكيك «مجاملة» أو لـ «أهداف» أخرى.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة