Deprecated: Optional parameter $Href declared before required parameter $Img is implicitly treated as a required parameter in /home/ademocr/public_html/Arabic/include/utility.inc.php on line 254
الشبكة العربية : تنتهي معركة الموصل ولا ينتهي تنازع العراقيين عليها - رستم محمود
الجمعه ٢٦ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون ثاني ١٣, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
تنتهي معركة الموصل ولا ينتهي تنازع العراقيين عليها - رستم محمود
فشلت الحكومة والقوى والنُخب السياسية العراقية المركزية في إيجاد مساومات وحلولٍ معقولة للتناقضات الداخلية مُنذ ثلاثة عشر عاماً، على رُغم آلاف السيارات المُفخخة وتحطيم البُنية التحتية وتهجير مئات الآلاف من سُكان بعض المُدن، والقضاء على بعض الأطياف المجتمعية كالمسيحيين، إلا أن شيئاً واضحاً لم يتغير في عوالم السياسة والحُكم في العراق المركزي، فالتناقضات الطائفية والقومية والسياسية، ومعها الفساد المريع والولاء للقوى الإقليمية بقيت كما هي تماماً.

أغلب الظن أن كُل المساعي ستفشل في شأن المُستقبل السياسي لشكل السُلطة وتوزيعها على مناطق الموصل، التي تُشكل بؤرة مُكثفة للتناقضات العراقية والإقليمية، ورُبما الدولية. ستفشل بالذات في ما يخص العلاقات البينية وإعادة توزيع السُلطة والثروة المادية والرمزية بين العرب السُنة والأكراد والمسيحيين واليزيديين والشبك والتُركمان الشيعة. فالمسألة الموصلية لا تتوقف فقط على موضوع التحرير من قبضة داعش، بل أيضاً على مُستقبل العلاقة المعقدة بين مُختلف مكوناتها الأهلية. حيث كان الصِراع بينها مدخلاً مُهماً - ورُبما وحيداً - لاهتراء البنية السُكانية في المدينة ومُحيطها، وبذا قابليتها للاحتلال السريع من تنظيم كـ «داعش».

مسألة المناطق المُتنازع عليها تُشكل مادة نموذجية لفشل النُخب الحاكمة في تفكيك التناقضات والصراعات العراقية وحلها، التي تبدو سهلة للغاية، فيما لو استطاعت هذه النُخب النظر إليها من دون شبكة واسعة ورهيبة من مصالحها الضيقة والصغيرة. ففي العراق ثمة إقليمان واضحا المعالم، واحدٌ مركزي «عربي»، وآخر كُردي، وثمة مناطق مُختلطة عرقياً على طول الحدود بين الإقليمين، وثمة صراع تقليدي على تابعية هذه المناطق لأيٍ من هذين الإقليمين، لكن لسوء طالعٍ عراقي، فإن هذه المسألة لم تحل منذ ثلاثة عشر عاماً، على رغم أن الدستور العراقي وضع خطوات وأدوات واضحة المعالم للمسار الذي يجب أن تُحل به هذه القضية عبر المادة 140 من الدستور.

خلال تلك السنوات، كانت القضية من أهم مصادر الاحتقان بين الكُتل السياسية والجماعات الأهلية العراقية. تحطمت بيئة المناطق المُتنازع عليها، ولم تجر بها أية تنمية عُمرانية أو اقتصادية تُذكر. وفي النهاية «سُلمت» تلك المناطق لتنظيم «داعش» خلال ليلة وضُحاها، وقد فظّع بالسُكان والمناطق اليزيدية والمسيحية، ثم اُستعيدت المناطق ذات الغالبية السُكانية الكُردية الواضحة من تلك المناطق المُتنازع عليها بدماء آلاف قوات البيشمركة الكُردية، بعدما تخلت قوات الحكومة المركزية عنها في شكل واضح لمصلحة «ذئاب داعش». لكن، فوق كل ذلك فإن أصواتاً في الحكومة المركزية ما زالت تُطالب بأن تُستعاد تلك المناطق إلى الحكومة المركزية، ولا غرابة أن تقوم تلك القوى في الحكومة المركزية بتسليم هذه المناطق مرة أخرى إلى تنظيم مثل داعش، ولا غرابة أيضاً بأن تعلو تلك الأصوات، فقط حينما تقوم بزيارات مطولة إلى إيران.

راهناً ثمة «مفاوضات ما» حول مُستقبل العراق وكذلك مُحافظة الموصل بُعيد القضاء على تنظيم «داعش»، لكنها جوهرياً «مفاوضات تناحرية»، يسعى كُل طرف من خلالها إلى تحقيق مصالحه الأضيق فحسب، من دون رؤية عامة تسعى إلى تجاوز ما كان سبباً لما غرق ويغرق فيه العراق من دماء.

وإذا فشلت المفاوضات - وهو ما سيحدث في أغلب الظن - بين الجهات السياسية المحلية والإقليمية على مرحلة ما بعد معركة الموصل، وتوجت معركة الموصل في شكل مفاجئ نتيجة اهتراء «داعش» الداخلي، أو من خلال حدث غير محسوب، سيؤدي ذلك لأن تتدافع قوى الحشد الشعبي للمُشاركة في المعارك الدائرة، من دون انتظار موافقة واضحة من الحكومة العراقية، وسوف تبني تدخلها على الكثير من المُبررات، مثل دعم الأقليات المحلية وحمايتها من «سطوة» التيارات السُنية الراديكالية، وفي مقدمها الجماعات اليزيدية والتُركمانية الشيعية والمسيحية، وإن كانت فعلياً ستسعى إلى الهيمنة العسكرية والأمنية على المناطق السُنية في العراق، وفرض زعامات سُنية «موالية» للتيارات الشيعية الرئيسية، وفي شكل فعلي لإيران ونفوذها في العراق.

سيؤدي ذلك إلى أن تواجه هذه الحشود الشعبية بالحشود العشائرية، أو بالكثير من تشكيلاتها، التي من المتوقع أن ينضم إليها الكثيرون من الأفراد والمجموعات التي ستنفصل عن «داعش»، والتي تملك خبرات كبيرة في القِتال، ولا يُمكنها أن تحمي نفسها إلا عبر الانضمام إلى التشكيلات العشائرية التي تملك شرعية ما ضمن المُجتمعات السُنية، وحماية نفسها من المُحاكمات وأشكال الثأر المتوقعة.

ستغرق مدينة الموصل ومُحيطها في فوضى الصراع والاستقطاب بين مُختلف القوى، وبالذات الإقليمية بين إيران وتُركيا، والمحلية بين العرب السُنة والأقليات الموصلية المدعومة من القوى السياسية والعسكرية الشيعية. وسيُعاد تأسيس تنظيم «داعش» كقوة رفض محلية للسياسات الطائفية للمركز والقوى الشيعية، وإن في شكل وشعارات مُختلفة عن التي تأسس عليها داعش. لكنها تبقى قوة رفض سلوكات المركز.

وأخيراً ستزيد فرص إقليم كردستان العراق لضم مناطق الأقليات إلى سُلطته، خصوصاً المناطق ذات الغالبية السُكانية الكردية الواضحة في شمال الموصل وغربه، وكذلك المناطق المسيحية في شمال شرقها، وسيفتح ذلك الباب واسعاً لأن تمارس القوى المركزية الحاكمة أشكالاً واسعة من حروبها الخطابية والاقتصادية والعسكرية ضد الإقليم.

* كاتب سوري


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة