الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الأول ٩, ٢٠١٤
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
تركيا تستعد لعملية بريّة؟ - سركان دميرتاس
في اليوم الأخير من عيد الأضحى، أشارت التقارير من بلدة كوباني الكردية الواقعة في الجهة السورية من الحدود، إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) يقترب من السيطرة على البلدة بعد أسابيع من الصدامات العنيفة مع "وحدات حماية الشعب"، الجناح المسلّح لـ"حزب الاتحاد الديموقراطي".
 
وقد أقرّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخطورة الوضع في السابع من تشرين الأول الجاري لدى مخاطبته اللاجئين السوريين في مخيم إصلاحية في بلدة غازي عنتاب الحدودية، قائلاً: "كوباني على وشك السقوط"، وناشد الحلفاء الغربيين التعاون مع تركيا من أجل شن عملية برية.
على الرغم من أن تركيا تعي الخطر الذي يمكن أن يترتّب على الاستقرار في المنطقة في حال سيطر تنظيم "داعش" على كوباني، إلا أنه من غير المرجّح أن تخوض أنقرة حملة عسكرية ضد الجهاديين، وذلك لسببين أساسيين:

أولاً، لا تريد تعزيز الحكم الذاتي الذي يعمل الأكراد السوريون على إرسائه في شمال سوريا منذ أواخر 2012. فنشوء كيان كردي يتمتّع بدرجة متزايدة من الحكم الذاتي في شمال سوريا، في خطوة مكمِّلة للكيان الكردي القائم في شمال العراق، لن يكون تطوراً ساراً بالنسبة إلى تركيا.
لكن إذا امتنعت تركيا عن التحرك، قد تكون لهذا الأمر تداعيات على عملية التسوية الجارية حالياً بين السلطات التركية والأكراد، إذ إن السياسيين الأكراد والرأي العام الكردي يرفعون الصوت أكثر في انتقاداتهم الحادة للحكومة. ومن شأن ذلك أن يمارس تأثيراً سلبياً على جهود بناء الثقة بين الحكومة والأكراد داخل تركيا وخارجها.

ثانياً، تعتبر أنقرة أنه في حال إرسال قوات برية تركية، سيكون عليها أن تعالج المرض بذاته وليس عوارضه. علاوةً على ذلك، تعتبر الحكومة التركية أن إضعاف "داعش" من خلال الوسائل العسكرية، من دون اتخاذ أي خطوات ضد الأسد، لا يؤدّي سوى إلى مساعدة النظام السوري على استعادة السيطرة على البلاد. ونظراً إلى اضمحلال رغبة المجتمع الدولي في إطاحة الأسد، يمكن استخدام التهديد الذي يمثّله "داعش" من أجل دفع العالم الخارجي نحو الاستمرار في إيلاء أهمية لهذه المسألة.

وقد عبّر رئيس الوزراء التركي محمد داود أوغلو بوضوح عن هذا الموقف في مقابلة مع قناة "سي إن إن إنترناشونال" في السابع من تشرين الأول الجاري، قائلاً: "نحن مستعدّون لفعل كل شيء إذا كانت هناك استراتيجيا واضحة تضمن لنا أن حدودنا ستكون محميّة بعد رحيل داعش. لم نعد نريد أن يكون النظام موجوداً عند حدودنا، ويدفع بالأشخاص إلى الهروب إلى تركيا. لا نريد أن تنشط تنظيمات إرهابية أخرى هناك".

وأبدى استعداد تركيا لشنّ عملية برية في سوريا، معتبراً أن الهدف منها "ليس فقط معاقبة تنظيم إرهابي واحد، بل أيضاً القضاء على كل التهديدات الإرهابية في المستقبل، وكذلك وضع حد لكل الجرائم الهمجية التي يرتكبها النظام ضد الإنسانية".

والتقى داود أوغلو مع أردوغان في الإشارة إلى أنه لدى تركيا ثلاثة شروط كي تقدّم دعماً فاعلاً لقوات التحالف المناهض لتنظيم "الدولة الإسلامية": بناء ملاذات آمنة في سوريا، وإقامة منطقة محظورة الطيران، وتدريب المعارضة السورية المعتدلة. المسألة هي أن شركاء تركيا لا يعتبرون مشكلة الأسد ملحّة بقدر مشكلة "داعش" وسواه من التنظيمات الجهادية. ولذلك لا يزالون متردّدين في إسقاط النظام، نظراً إلى التشوّش الشديد في المشهد الشرق أوسطي.

ما نستنتجه من كلام أردوغان وداود أوغلو هو أن القوات التركية لن تدخل سوريا لمساعدة الأكراد في كوباني أو محاربة "داعش". فسيناريو التدخّل البري لن يحدث في هذه الظروف إلا إذا كان الهدف تغيير النظام في سوريا، أي إطاحة الأسد بالقوة.

انطلاقاً من كل ما تقدّم، سوف تستغرق تركيا وشركاؤها الغربيون وقتاً إضافياً قبل أن ينسّقوا مواقفهم ويحدّدوا ما هي أولوياتهم.

"حرييت"- ترجمة نسرين ناضر 


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة