الأثنين ٦ - ٥ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون الأول ٢٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
واشنطن تنسحب... وموسكو تملأ - سمير عطا الله
من الصعب اللحاق بمفاجآت الرئيس دونالد ترمب. فالسياسة الاندفاعية المتماشية مع طبعه، لها ارتجاجات في أنحاء العالم، لكن لا شيء يمنعه عن قراراته، وآخرها الانسحاب من الصراع في سوريا. ومنذ إعلان القرار والتفسيرات تتلاحق في العواصم حول أسبابه ودوافعه. لكن التفسير الأخير سوف يبقى عنده، خصوصاً أن جميع أركانه، من وزير الدفاع إلى وزير الخارجية إلى مستشار الأمن القومي، اعترضوا عليه. وزادت في درجات الهزة استقالة وزير الدفاع، الركن الأهم في إدارته. فمع الاستقالة يكون كل منصب أساسي في إدارة ترمب قد تعرض للتغيير، في سابقة لا مثيل لها في البيت الأبيض.

لا بد أن نلاحظ قبل أي شيء أن ترمب يمارس حقه الدستوري، ولو في جو من الصخب والقلق. لكن أي قرار يتخذ في واشنطن له ارتجاجات في كل مكان. وقد انتشر خوف شديد في أوروبا المهددة بالأخطار. فهناك عشرات آلاف الداعشيين الذين يُخشى أن يصعِّدوا أعمالهم على أراضيها.

والخوف الأكبر هو أن يطلق الأكراد ثلاثة آلاف داعشي موجودين في سجونهم. وليس الوجود الأميركي في سوريا شيئاً بالمقارنة مع الروسي والإيراني والتركي، لكن الفراغ الذي يتركه قد يؤدي إلى تجدد النزاع، وربما تمدده.

مقابل المخاوف التي تنتاب حلفاء ترمب، لا بدَّ أن مشاعر معاكسة تخامر فلاديمير بوتين الذي دعا 1700 صحافي إلى المؤتمر الذي عقده في أبهة الكرملين يوم الخميس، ليبلغ العالم أن روسيا تطمح لاحتلال المرتبة الخامسة بين الدول. لا الأولى ولا الثالثة ولا حتى الرابعة.

نحن قوم واقعيون، أراد أن يقول للعالم. وفي هدوء بالغ لم يعرب عن أي ابتهاج بإعلان ترمب الخروج من سوريا، كأنما هي مسألة عادية جداً أن تكون أميركا خارج المسألة التي يتحارب حولها العالم منذ 8 سنوات.

في واشنطن وفي موسكو، نحن أمام تموجات جديدة. لم يحلم بوتين، ولا أحد قبله، أن تترك أميركا ساحة المعركة من دون قتال، فيما يتمخطر القيصر الروسي وحيداً على شواطئ المتوسط. ولن يفيد قرار الانسحاب الرئيس ترمب في معركته الداخلية والاتهامات التي تحيط به حول العلاقة مع بوتين، خصوصاً خلال الحملة الانتخابية.

لا هو قرار بسيط، ولا الضجة التي يثيرها بسيطة. وفيما تعد واشنطن خطط الانسحاب، لا بد أن روسيا تمتّن مشاريع التمرّكز. وتركيا تعد للمرحلة الأخيرة، من دون أن يكون الأكراد في حماية أحد. سوريا بعد العراق.

كاتب وصحافيّ لبناني، عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة